السيد صلاح بن أحمد بن مهدي المؤيدي
كان من عجائب الدهر وغرائبه فإن مجموع عمره تسع وعشرون سنة وقد فاز من كل فن بنصيب وافر وصار له في الأدب قصائد طنانة يعجز أهل الأعمار الطويلة عن اللحاق به فيها وصنف في هذا العمر القصير التصانيف المفيدة والفوائد الفريدة العديدة فمن مصنفاته شرح شواهد النحو واختصر شرح العباسي لشواهد التلخيص وشرح الفصول شرحاً حافلاً وشرح الهداية ففرغ من الخطبة وقد اجتمع من الشرح مجلد وله مع ذلك ديوان شعر كله غررودرر وفيه مغاني مبتكرة فمنه

وهذا تضمين يطرب له الجماد وترق لحسنه الصم الصلاد ومع هذه الفضائل التي نالها في هذا الأمد القريب فهو مجاهد للأتراك محاصر لصنعاء مع الحسن والحسين ابني الإمام القاسم كان مطرحه في الجراف يشن الغارات على الأروام في جميع الأيام وافتتح مدينة أبي عريش وغزا إلى جهات متعددة وكان منصوراً في جميع حروبه وكان مجلسه معموراً بالعلماء والأدباء وأهل الفضائل قال القاضي أحمد بن صالح في مطلع البدور رأيته في بعض الأيام خارجا إلى بعض المنتزهات بصعدة فسمعت الرهج وحركة الخيل فوقفت لأنظر فخرج في نحو خمسة وثلاثين فارساً إلى منتزه وهم يتراجعون في الطريق بالأدبيات ومنهم من ينشد صاحبه الشعر ويستنشده وكان هذا دأبه وإذا سافر أول ما تضرب خيمة الكتب وإذا ضربت دخل إليها ونشر الكتب والخدم يصلحون الخيم الأخرى ولا يزال ليله جميعه ينظر في العلم ويحرر ويقرر مع سلامة ذوقه وكان مع هذه الجلالة يلاطف أصحابه وكتابه بالأدبيات والأشعار السحريات من ذلك أبيات كاتب بها السيد العلامة الحسن بن أحمد الجلال منها
فأجابه السيد الحسن بأبيات منها
وهي أبيات طويلة وكذلك الأبيات الأولى ومن شعر صاحب الترجمة الفائق قوله في التورية
وتوفى رحمه الله في سنة 1048 ثمان وأربعين وألف وعلى هذا فيكون مولده سنة 1019 وكان موته بقلعة غمار من جبل رازج وقبر بالقبة التي فيها السيد أحمد بن لقمان والسيد أحمد بن المهدي ورثاه جماعة من شعراء عصره

  • دار المعرفة - بيروت-ط 1( 0) , ج: 1- ص: 293