إبراهيم هذا ابن الكاظم عليه السلام واحد أو اثنان صرح صاحب عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب أن للكاظم عليه السلام ولدين كل منهما يسمى إبراهيم أكبر وأصغر حيث قال إن موسى الكاظم عليه السلام ولد ستين ولدا سبعا وثلاثين بنتا وثلاثة وعشرين ابنا درج منهم خمسة لم يعقبوا بغير خلاف وهم عبد الرحمن وعقيل والقاسم ويحيى وداود ومنهم ثلاثة لهم أناث وليس لأحد منهم ولد ذكر وهم سليمان والفضل وأحمد وخمسة في أعقابهم خلاف وهم الحسين وإبراهيم الأكبر وهارون وزيد والحسن ومنهم عشرة أعقبوا بغير خلاف وهم علي وإبراهيم الأصغر والعباس وإسماعيل ومحمد وإسحاق وحمزة وعبد الله وعبيد الله وجعفر هكذا قال أبو نصر البخاري وقال الشيخ تاج الدين أعقب موسى الكاظم من ثلاثة عشر ولدا رجلا منهم أربعة مكثرون وهم علي الرضا وإبراهيم المرتضى ومحمد العابد وجعفر وأربعة متوسطون وهم زيد النار وعبد الله وعبيد وحمزة وخمسة مقلون وهم العباس وهارون وإسحاق وإسماعيل والحسن ’’انتهى’’ وفي رجال بحر العلوم: ظاهر الأكثر كالمفيد في الإرشاد والطبرسي في الأعلام والسروي في المناقب والأربلي في كشف الغمة أن المسمى بإبراهيم من أولاد أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام رجل واحد فإنهم ذكروا عدة أولاده وعدوا منهم إبراهيم ولم يذكروا غير رجل واحد ثم قال: والظاهر تعدد إبراهيم كما نص عليه صاحب العمدة وغيره من علماء الأنساب فإنهم أعلم من غيرهم بهذا الشأن وليس في كلام غيرهم ما يصرح بالاتحاد فلا يعارض النص على التعدد ’’انتهى’’ ثم إنه بناء على التعدد كما هو الظاهر هل إبراهيم الملقب بالمرتضى هو الأصغر أو الأكبر؟ غير معلوم، نعم علم كما مر عن عمدة الطالب أن إبراهيم الأكبر في عقبة خلاف وإبراهيم الأصغر أعقب بغير خلاف والشيخ تاج الدين وأن عد إبراهيم المرتضى من المعقبين المكثرين إلا أن ذلك ينافي أنه مختلف لكن قد يستأنس لكون إبراهيم المرتضى هو الأصغر الذي لا خلاف في عقبه بقوله إنه معقب مكثر فإن المكثر يبعد وقوع الخلاف فيه والله أعلم.
وكذلك الذي تقلد أمرة اليمن لم يعلم أنه الأكبر أو الأصغر ففي عمدة الطالب إبراهيم المرتضى بن موسى الكاظم وهو الأصغر وأمه أم ولد نوبية اسمها نجيبة قال الشيخ: أبو الحسن العمري ظهر باليمن أيام أبي السرايا وقال أبو نصر البخاري إن إبراهيم الأكبر ظهر باليمن وهو أحد أئمة الزيدية وقد عرفت حاله وانه لم يعقب (انتهى) كما أن أقول العلماء في وصف إبراهيم المرتضى أو إبراهيم بن موسى الكاظم لم يعلم أن المراد بها أيهما نعم الذي تقلد أمرة اليمن هو الملقب بالمرتضى كما يأتي عن غاية الاختصار.
أقوال العلماء فيه
في كتاب غاية الاختصار في أخبار البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار للسيد تاج الدين بن محمد بن حمزة بن زهرة الحسيني نقيب حلب وابن نقبائها: الإمام الأمير إبراهيم المرتضى كان سيدا أميرا جليلا نبيلا عالما فاضلا يروي الحديث عن آبائه عليهم السلام. وفي إرشاد المفيد وأعلام الورى للطبرسي كان إبراهيم بن موسى شيخا كريما قال ولكل واحد من ولد أبي الحسن موسى عليه السلام فضل ومنقبة مشهورة وكان الرضا عليه السلام المقدم عليهم في الفضل (انتهى).
حاله في الوثاقة
في الوجيزة: إبراهيم بن موسى ممدوح ’’انتهى’’ وفي رجال بحر العلوم: وكأنه أخذ المدح من ههنا أي من قول المفيد ولكل واحد الخ قال وقد كان أبو الحسن موسى عليه السلام أوصى إلى ابنه علي بن موسى عليهما السلام وأفرده بالوصية في الباطن وضم إليه في الظاهر إبراهيم والعباس والقاسم وإسماعيل والعيون وإنما أردت بإدخال الذين أدخلت معه من ولدي التنويه بأسمائهم والتشريف لهم وإن الأمر على علي إن رأى أن يقر إخوته الذين سميتهم في كتابي هذا أقرهم وإن كره فله أن يخرجهم فإن آنس منهم غير الذي فارقتهم عليه فأحب أن يردهم في ولاية فذلك له قال وفي هذا الحديث أن أخوه الرضا عليه السلام نازعوه وقدموه إلى أبي عمران الطلحي قاضي المدينة وأبرزوا وجه أم أحمد في مجلس القاضي وكان العباس بن موسى هو الذي تولى خصومته وأساء الأدب معه ومع أبيه وفض خاتم الوصية الذي نهى عليه السلام عن فضه ولعن من يفضه وقال للرضا عليه السلام في آخر كلامه: ما اعرفني بلسانك وليس لمسحاتك عندي طين. وهي منتهى الذم للعباس وإخوته الذين وافقوه على خصومة الرضا عليه السلام ومخالفته ومنازعته. وفي حديث آخر في الكافي أن إخوته كانوا يرجون أن يرثوه فلما اشترى يزيد بن سليط للرضا عليه السلام أم الجواد عادوه من غير ذنب ثم كان بغيهم أنهم هموا بنفيه عن أبيه حتى قضت القافة بإلحاقه والقصة في ذلك مشهورة أوردها الكليني في الكافي وغيره فما ذكره المفيد هنا وتبعه غيره من الحكم بحسن حال أولاد الكاظم عليه السلام عموما محل نظر وكذا في خصوص إبراهيم ففي الكافي في باب أن الإمام متى يعلم أن الأمر قد صار إليه عن الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن علي بن أسباط قلت للرضا عليه السلام إن رجلا غر أخاك إبراهيم قد ذكر له أن أباك في الحياة وإنك تعلم من ذلك ما لم يعلم فقال سبحان الله يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يموت موسى قد والله مضى كما مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيه هلمجرا يمن بهذا الدين على أولاد الأعاجم ويصرفه عن قرابة نبيه هلمجرا فيعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء لقد قضيت عنه في هلال ذي الحجة ألف دينار بعد أن أشفى على طلاق نسائه وعتق مماليكه وقد سمعت ما لقي يوسف من إخوته. وفي العيون عن الهمداني عن علي عن أبيه عن بكر بن صالح قلت لإبراهيم بن أبي الحسن موسى بن جعفر ما قولك في أبيك قال هو حي قلت فما قولك في أخيك أبي الحسن قال ثقة صدوق قلت فإنه يقول إن أباك قد مضى قال هو أعلم وما يقول فأعدت عليه فأعاد علي قلت فأوصى أبوك قال نعم قلت إلى من أوصى قال إلى خمسة منا وجعل عليا المتقدم علينا. وفي الكافي في مولد الحسن العسكري عليه السلام عن علي بن محمد عن محمد بن إبراهيم المعروف بابن الكردي عن محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى بن جعفر قال ضاق بنا الأمر فقال لي أبي امض بنا حتى نصير إلى هذا الرجل يعني أبا محمد فإنه قد وصف لي عنه سماحة فقلت تعرفه قال ما أعرفه ولا رأيته قط. قال فقصدناه فقال لي أبي وفي طريقه ما أحوجنا إلى أن يأمر لنا بخمسمائة درهم مائتا درهم للكسوة ومائتا درهم للدقيق ومائة للنفقة فقلت في نفسي ليته أمر لي بثلثمائة درهم مائة أشتري بها حمارا ومائة للكسوة ومائة للنفقة وأخرج إلى الجبل قال فلما وافينا الباب خرج إلينا غلامه فقال يدخل علي بن إبراهيم ومحمد ابنه فلما دخلنا عليه وسلمنا قال لأبي يا علي ما خلفك عنا إلى هذا الوقت فقال يا سيدي استحييت أن ألقاك على هذه الحال فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي صرة فقال هذه خمسماية درهم مائتان لكسوة ومائة للدقيق ومائة للنفقة وأعطاني صرة فقال هذه ثلثمائة درهم اجعل مائة في ثمن الحمار ومائة للكسوة ومائة للنفقة ’’الخبر’’ ومع هذا يقول بالوقف قال محمد بن إبراهيم الكردي فقلت له ويحك أتربد أمرا أبين من هذا قال فقال هذا أمر قد جرينا عليه وظاهره جريانه وجريان أبيه وجده جميعا عليه ’’انتهى’’ ولا يفيد تعدد المسمى بإبراهيم من أولاد الكاظم عليه السلام لأن الذي وافق العباس على مخاصة الرضا عليه السلام إن لم يكن كل منهما فواحد منهما غير معين.
سيرته
قال المفيد في الإرشاد والطبرسي في أعلام الورى: تقلد إبراهيم بن موسى الأمرة على اليمن في أيام المأمون من قبل محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن أبي طالب عليهم السلام الذي بايعه أبو السرايا بالكوفة ومضى إليها ففتحها وأقام بها مدة إلى أن كان من أمر أبي السرايا ما كان وأخذ له الأمان من المأمون ’’انتهى’’ وقال ابن زهرة في غاية الاختصار: مضى إلى اليمن وتغلب عليها في أيام أبي السرايا ويقال إنه ظهر داعيا إلى أخيه الرضا فبلغ المأمون ذلك فشفعه فيه وتركه ’’انتهى’’ وقال أحمد بن زيني دحلان في تاريخ الدول الإسلامية إن أبا السرايا ولى اليمن إبراهيم بن موسى بن جعفر ولما قتل أبو السرايا كان إبراهيم بن موسى بمكة فسار إلى اليمن واستولى على كثير من بلاده ودعى لنفسه ’’انتهى’’ وقال علي بن أنجب المعروف بابن الساعي في مختصر أخبار الخلفاء: توفي ولي الله الإمام إبراهيم المرتضى ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام في أوائل سنة 210 ببغداد لقبه المجاب وأمه أم ولد اسمها نجيبة استولى على اليمن وامتدت حكومته إلى الساحل وآخر القرن الشرقي من اليمن وحج بالناس في عهد المأمون ولما انتصب خطيبا في الحرم الشريف دعا للمأمون ولولي عهده علي الرضا بن الكاظم عليهما السلام. مات مسموما ببغداد وقد قدم بغداد بعهد وثيق من المأمون ولكن الله يفعل ما يشاء وأنشد حين لحده ابن السماك الفقيه:
مات الإمام المرتضى مسموما | وطوى الزمان فضائلا وعلوما |
قد مات الزوراء مظلوما كما | أضحى أبوه بكربلا مظلوما |
فالشمس تندب موته مصفرة | والبدر يلطم وجهه مغموما |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 228