التصنيفات

أبو محمد الحسن العسكري ابن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا ابن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب‏ مولده ووفاته ومدة عمره ومدفنه‏
قال المسعودي في إثبات الوصية: حملت به بالمدينة وولدته بها فكانت ولادته ومنشؤه مثل ولادة آبائه(ص)و منشئهم اه وقال المفيد ولد بالمدينة اه وقيل ولد بسامراء والصحيح الأول. يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الآخر وقيل يوم اثنين رابعه وقيل في العاشر منه وقيل في ربيع الأول سنة 231 أو 232 للهجرة وقال المسعودي في إثبات الوصية: كانت سن أبيه يوم ولادته ست عشرة سنة وشهور وشخص إلى العراق بشخوص والده إليها وله اربع سنين وشهور اه.
وتوفي بسر من رأى يوم الجمعة مع صلاة الغداة وقيل يوم الأربعاء وقيل يوم الأحد في 8 ربيع الأول وقيل أول يوم منه سنة 260 مرض في أوله وبقي مريضا ثمانية أيام وتوفي. وعمره 29 أو 28 سنة اقام منها مع أبيه 23 سنة وأشهرا وبعد أبيه خمس سنين وشهورا وقيل ثمانية أشهر و13 يوما وقيل ست سنين وهي مدة إمامته وخلافته وهي بقية ملك المعتز أشهرا ثم ملك المهتدي 11 شهرا و28 يوما وتوفي بعد مضي خمس سنين من ملك المعتمد ودفن في داره بسامراء إلى جنب قبر أبيه.
أمه‏
أمه أم ولد يقال لها سوسن وقيل حديث أو حديثة وقيل سليل. وهو الأصح وكانت من العارفات الصالحات.
كنيته‏
أبو محمد.
لقبه‏
في مناقب ابن شهرآشوب واعلام الورى: كان الحسن العسكري هو وأبوه وجده يعرف كل منهم في زمانه وقال الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي يلقب بالعسكري اه ومر في سيرة أبيه انه كان يعرف أيضا بالعسكري لسكناهما في محلة تعرف بالعسكر. وفي مناقب ابن شهرآشوب: ألقابه الصامت الهادي الرفيق الزكي التقي وفي مطالب السئول لقبه الخالص.
نقش خاتمه‏
سبحان من‏ له مقاليد السماوات والأرض*. وقيل انا لله شهيد أو إن الله شهيد.
بوابه‏
عثمان بن سعيد العمري وابنه محمد بن عثمان العمري.
شاعره‏
ابن الرومي علي بن العباس.
أولاده‏
له من الأولاد ولده المسمى باسم رسول الله(ص)المكنى بكنيته ليس له ولد غيره وهو الحجة المنتظر.
صفته في خلقه وحليته‏
في الفصول المهمة: صفته بين السمرة والبياض ووصفه أحمد بن عبيد الله بن خاقان كما يأتي بأنه رجل أسمر أعين حسن القامة جميل الوجه جيد البدن له جلالة وهيبة.
صفته في أخلاقه وأطواره‏
قال أحمد بن عبيد الله بن خاقان كما ياتي: ما رأيت ولا عرفت بسر من رأى من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا (ع) و لا سمعت به في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته والسلطان وجميع بني هاشم وتقديمهم إياه على ذوي السن منهم والخطر وكذلك القواد والوزراء والكتاب وعوام الناس وما سالت عنه أحدا من بني هاشم والقواد [و الكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس الا وجدته عندهم في غاية الإجلال والإعظام والمحل الرفيع والقول الجميل والتقديم له على أهل بيته ومشائخه وغيرهم ولم أر له وليا ولا عدوا إلا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه. وقال أبوه عبيد الله ابن خاقان في ذلك الحديث لو زالت الخلافة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غيره فإنه يستحقها في فضله وعفافه وهديه وصيانة نفسه وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه.
مناقبه وفضائله‏
(أولها) العلم- فقد روي عنه من أنواع العلوم ما ملأ بطون الدفاتر. وقد روي عنه في تفسير القرآن الكريم كتاب يأتي في مؤلفاته.
وروى الطبرسي في الاحتجاج بإسناده عن أبي محمد العسكري في قوله تعالى‏ (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني) أن الأمي منسوب إلى أمه اي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ ولا يكتب‏ (لا يعلمون الكتاب) المنزل من السماء والمتكلم به ولا يميزون بينهما (إلا أماني) الا ان يقرأ عليهم ويقال لهم ان هذا كتاب الله وكلامه ولا يعرفون ان قرئ من الكتاب خلاف ما فيه الحديث.
(ثانيها) الكرم والسخاء- قال علي بن إبراهيم بن موسى بن جعفر لابنه محمد امض بنا حتى نصير إلى هذا الرجل يعني أبا محمد فإنه قد وصف عنه سماحه فأعطاهما ثمانمائة درهم وروى الشيخ أبو جعفر الطوسي في كتاب الغيبة بسنده عن أبي هاشم الجعفري في حديث قال كنت مضيقا فأردت ان اطلب من أبي محمد دنانير فاستحييت فلما صرت إلى منزلي وجه إلي بمائة دينار وكتب إلي إذا كانت لك حاجة فلا تستح ولا تحتشم واطلبها فانك ترى ما تحب إن شاء الله. وروى فيه أيضا عن محمد بن علي من ولد العباس بن عبد المطلب قال قعدت لابي محمد (ع) على ظهر الطريق فلما مر بي شكوت اليه الحاجة وحلفت له انه ليس عندي درهم فما فوقه ولا
غداء ولا عشاء فقال تحلف بالله كاذبا وليس قولي هذا دفعا لك عن العطية أعطه يا غلام ما معك فاعطاني غلامه مائة دينار (الحديث). وروى الحميري في الدلائل عن أبي يوسف الشاعر القصير شاعر المتوكل قال ولد لي غلام وكنت مضيقا فكتبت رقاعا إلى جماعة استرفدهم فرجعت بالخيبة فقلت اجي‏ء فأطوف حول الدار طوفة وصرت إلى الباب فخرج أبو حمزة ومعه صرة سوداء فيها اربعمائة درهم فقال يقول لك سيدي أنفق هذه على المولود بارك الله لك فيه.
وروى الشيخ في كتاب الغيبة بسنده عن أبي جعفر العمري أن أبا طاهر بن بلبل حج فنظر إلى علي بن جعفر الحماني وهو ينفق النفقات العظيمة فلما انصرف كتب بذلك إلى أبي محمد (ع) فوقع في رقعته قد أمرنا له بمائة ألف دينار ثم أمرنا له بمثلها فأبى قبولها إبقاء علينا ما للناس والدخول في أمرنا فيما لم ندخلهم فيه.
(ثالثها) الهيبة والعظمة في قلوب الناس- روى الكليني في الكافي بسنده عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر قال دخل العباسيون على صالح بن وصيف ودخل عليه صالح بن علي وغيرهم من المنحرفين عن هذه الناحية عند ما حبس أبو محمد فقالوا له ضيق عليه ولا توسع فقال لهم صالح ما اصنع به وقد وكلت به رجلين شر من قدرت عليه فقد صارا من العبادة والصلاة إلى أمر عظيم ثم أمر بإحضار الموكلين به فقال لهما ويحكما ما شانكما في أمر هذا الرجل فقالا له ما نقول في رجل يصوم نهاره ويقوم ليله كله لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة وإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا فلما سمع ذلك العباسيون انصرفوا خاسئين.
أخباره وأحواله‏
يدل جملة من الأخبار على أن المتوكل كان قد حبسه ولم يذكر سبب ذلك ولا شك أن سببه العداوة والحسد وقبول وشاية الواشين كما جرى لآبائه مع المتوكل وآبائه من التشريد عن الأوطان والحبس والقتل وأنواع الأذى.
الراوون عنه‏
في أنساب السمعاني أن أبا محمد أحمد بن إبراهيم بن هاشم الطوسي البلاذري الحافظ الواعظ كتب بمكة عن امام أهل البيت أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا اه.
وفي مناقب ابن شهرآشوب: من ثقاته علي بن جعفر قيم لأبي الحسن (ع) و أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري وقد رأى خمسة من الأئمة ع. وداود بن أبي يزيد النيسابوري. ومحمد بن علي بن بلال. وعبد الله بن جعفر الحميري القمي. وأبو عمرو عثمان بن سعيد العمري الزيات والسمان. وإسحاق بن الربيع الكوفي. وأبو القاسم جابر بن يزيد الفارسي. وإبراهيم بن عبيد الله بن إبراهيم النيسابوري.
ومن وكلائه: محمد بن أحمد بن جعفر. وجعفر بن سهيل الصيقل وقد أدركا أباه وابنه. ومن أصحابه محمد بن الحسن الصفار. وعبدوس العطار وسندي ابن النيسابوري. وأبو طالب الحسن بن جعفر الفأفاء. وأبو البختري مؤدب ولد الحاج [الحجاج. وبابه الحسين بن روح النيبختي اه.
مؤلفاته‏
1- التفسير المعروف بتفسير الامام الحسن العسكري. في البحار:
أنه من الكتب المعروفة واعتمد الصدوق عليه وأخذ منه وان طعن فيه بعض المحدثين ولكن الصدوق أعرف وأقرب عهدا ممن طعن فيه. وقد روى عنه أكثر العلماء من غير غمز فيه اه وهذا التفسير يرويه الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي عن محمد بن القاسم المفسر الأسترآبادي الخطيب عن أبي يعقوب يوسف بن محمد بن زياد وأبي الحسن علي بن محمد بن سيار.
2- كتابه (ع) إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري أورده في تحف العقول.
3- ما روى عنه من المواعظ القصار أورده أيضا في تحف العقول.
4- رسالة المنقبة. في مناقب ابن شهرآشوب. خرج من عند أبي محمد (ع) في سنة 255 كتاب ترجمته رسالة المنقبة يشتمل على أكثر علم الحلال والحرام وأوله: أخبرني علي بن محمد بن علي بن موسى.
5- ما مر عن مناقب ابن شهرآشوب من أن الخيبري: ذكر في كتاب سماه مكاتبات الرجال عن العسكريين قطعة من أحكام الدين.
وقد روى عنه أصحابه من الروايات في أنواع العلوم الشي‏ء الكثير.
حكمه ومواعظه وآدابه‏
المنقول من تحف العقول‏
قال (ع) ‏: لا تمار فيذهب بهاؤك ولا تمازح فيجترأ عليك.
من رضي بدون الشرف من المجالس لم يزل الله وملائكته يصلون عليه حتى يقوم. الإشراك في الناس أخفى من دبيب النمل على المسح الأسود في الليلة المظلمة. حب الأبرار للأبرار ثواب للأبرار وحب الفجار للأبرار فضيلة للأبرار وبغض الفجار للأبرار زين للأبرار وبغض الأبرار للفجار خزي على الفجار. من التواضع السلام على كل من تمر به والجلوس دون شرف المجلس. من الجهل الضحك من غير عجب. من الفواقر التي تقصم الظهر جار ان رأى حسنة اطفاها وإن رأى سيئة أفشاها.
وقال لشيعته‏: أوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من بر أو فاجر وطول السجود وحسن الجوار فبهذا جاء محمد(ص)صلوا في عشائرهم اشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم فان الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى الامانة وحسن خلقه مع الناس قيل هذا شيعي فيسرني ذلك اتقوا لله وكونوا زينا ولا تكونوا شينا جروا إلينا كل مودة وادفعوا عنا كل قبيح فإنه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك لنا حق في كتاب الله وقرابة من رسول الله وتطهير من الله لا يدعيه أحد غيرنا الا كذاب. أكثروا ذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبي(ص)فان الصلاة على رسول الله عشر حسنات احفظوا ما وصيتكم به واستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام.
وقال (ع) ليس العبادة كثرة الصيام والصلاة وإنما العبادة كثرة التفكر في أمر الله. بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين يطري أخاه شاهدا ويأكله غائبا إن أعطي حسده وإن‏ ابتلي خذله. الغضب مفتاح كل شر. أقل الناس راحة الحقود. أورع الناس من وقف عند الشبهة. أعبد الناس من اقام على الفرائض. أزهد الناس من ترك الحرام. أشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب. انكم في آجال منقوصة وأيام معدودة والموت يأتي بغتة. من يزرع خيرا يحصد غبطة، ومن يزرع شرا يحصد ندامة، لكل زراع [زارع ما زرع. لا يسبق بطي‏ء بحظه ولا يدرك حريص ما لم يقدر له. من أعطي خيرا فالله أعطاه، ومن وقي شرا فالله وقاه. المؤمن بركة على المؤمن وحجة على الكافر. قلب الأحمق في فمه، وفم الحكيم في قلبه. لا يشغلك رزق مضمون عن عمل مفروض. من تعدى في طهوره كان كناقضه. ما ترك الحق عزيز الا ذل، ولا أخذ به ذليل الا عز. صديق الجاهل تعب. خصلتان ليس فوقهما شي‏ء الايمان بالله ونفع الاخوان. جرأة الولد على والده في صغره تدعو إلى العقوق في كبره. ليس من الأدب إظهار الفرح عند المحزون. خير من الحياة ما إذا فقدته بغضت الحياة وشر من الموت ما إذا نزل بك أحببت الموت. رياضة الجاهل ورد المعتاد عن عادته كالمعجز. التواضع نعمة لا يحسد عليها. لا تكرم الرجل بما يشق عليه. من وعظ أخاه سرا فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه. ما من بلية الا ولله فيها حكمة تحيط بها. ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذله.
المنقول من اعلام الدين‏
من مدح غير المستحق فقد قام مقام المتهم، لا يعرف النعمة الا الشاكر ولا يشكر النعمة الا العارف. ادفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك فان لكل يوم رزقا جديدا واعلم أن الإلحاح في المطالب يسلب البهاء ويورث التعب والعناء فاصبر حتى يفتح الله لك بابا يسهل الدخول فيه فربما كانت الغير نوعا من أدب الله والحظوظ مراتب فلا تعجل على ثمرة لم تدرك وإنما تنالها في أوانها وأعلم أن المدبر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك ولا تعجل بحوائجك قبل وقتها فيضيق قلبك وصدرك ويغشاك القنوط، من ركب ظهر الباطل نزل به دار الندامة، المقادير الغالبة لا تدفع بالمغالبة، والأرزاق المكتوبة لا تنال بالشره ولا تدفع بالإمساك عنها، من كان الورع سجيته والكرم طبيعته والحلم خلته كثر صديقه والثناء عليه وانتصر من أعدائه بحسن الثناء عليه، السهر ألذ للمنام والجوع أزيد في طيب الطعام‏
رغب به في صوم النهار وقيام الليل‏
إن الوصول إلى الله عز وجل سفر لا يدرك إلا بامتطاء الليل، من لم يحسن أن يمنع لم يحسن أن يعطي.
المنقول من الدرة الباهرة من الأصداف الطاهرة
إن للسخاء مقدارا فان زاد عليه فهو سرف، وللحزم مقدارا فان زاد عليه فهو جبن، وللاقتصاد مقدارا فان زاد عليه فهو بخل، وللشجاعة مقدارا فان زاد عليه فهو تهور، وكفاك أدبا تجنبك ما تكره من غيرك. لو عقل أهل الدنيا خربت. خير إخوانك من نسي ذنبك وذكر إحسانك اليه. أضعف الأعداء كيدا من أظهر عداوته. حسن الصورة جمال ظاهر وحسن العقل جمال باطن. من أنس بالله استوحش من الناس وعلامة الأنس بالله الوحشة من الناس. من لم يتق وجوه الناس لم يتق الله.
جعلت الخبائث في بيته [بيت وجعل مفتاحه الكذب. إذا نشطت القلوب فأودعوها وإذا نفرت فودعوها. اللحاق بمن ترجو خير من المقام مع من لا تأمن شره. من أكثر المنام رأى الأحلام. الجهل خصم والحلم حكم ولم يعرف راحة القلب من لم يجرعه الحلم غصص الغيظ. إذا كان المقضي كائنا فالضراغة لما ذا. نائل الكريم يجيبك إليه ويقربك منه ونائل اللئيم يباعدك منه ويبغضك إليه. من كان الورع سجيته والإفضال حليته انتصر من أعدائه بحسن الثناء عليه وتحصن بالذكر الجميل من وصول نقص اليه.
بعض إحرازه‏
في مهج الدعوات: حرز العسكري (ع) بسم الله الرحمن الرحيم يا مالك الرقاب ويا هازم الأحزاب يا مفتح الأبواب يا مسبب الأسباب سبب لنا سببا لا نستطيع له طلبا بحق لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين).
وروى الحميري في الدلائل عن أبي هاشم الجعفري قال كتب إلى أبي محمد بعض مواليه يسأله أن يعلمه دعاء فكتب إليه أن أدع بهذا الدعاء:
يا أسمع السامعين ويا أبصر المبصرين ويا انظر الناظرين ويا أسرع الحاسبين ويا ارحم الراحمين ويا أحكم الحاكمين صل على محمد وآل محمد وأوسع لي في رزقي ومد لي بعمري وامنن علي برحمتك واجعلني ممن تنتصر به لدينك ولا تستبدل بي غيري.
كيفية وفاته‏
قال المفيد في الإرشاد: مرض أبو محمد (ع) في أول شهر ربيع الأول وتوفي في الثامن منه وروى الكليني في الكافي والصدوق في كمال الدين بسنديهما عن جماعة وبين الروايتين تفاوت بالزيادة والنقصان ونحن نجمع بينهما قالوا حضرنا في شعبان سنه ثمان وسبعين ومائتين بعد وفاة الحسن العسكري (ع) بثماني عشرة سنة أو أكثر مجلس أحمد بن عبيد الله بن خاقان وهو عامل السلطان يومئذ على الخراج والضياع بكورة قم وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيت فجرى في مجلسه يوما ذكر المقيميين [المقيمين من آل أبي طالب بسر من رأى ومذاهبهم وصلاحهم واقدارهم عند السلطان فقال ما رأيت ولا أعرف بسر من رأى رجلا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن [علي بن الرضا في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته والسلطان وبني هاشم كافة وتقديمهم إياه على ذوي السن منهم والخطر وكذلك حاله عند القواد والوزراء والكتاب وعامة الناس كنت يوما قائما على رأس أبي وهو يوم مجلسه للناس إذ دخل حجابه فقالوا أبو محمد بن الرضا بالباب فقال بصوت عال ائذنوا له فتعجبت منه ومنهم من جسارتهم أن يكنوا رجلا بحضرة أبي ولم يكن يكنى عنده إلا خليفة أو ولي عهد أو من أمر السلطان أن يكنى فدخل رجل أسمر أعين حسن القامة جميل الوجه جيد البدن حديث السن له جلالة وهيئة حسنة فلما نظر إليه أبي قام فمشى اليه خطوات ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم والقواد وأولياء العهد فلما دنا منه عانقه وقبل وجهه وصدره ومنكبيه وأخذ بيده وأجلسه على مصلاه الذي كان عليه وجلس إلى جنبه مقبلا عليه بوجهه وجعل يكلمه ويفديه بنفسه وأبويه وأنا متعجب مما أرى منه إذ دخل الحاجب فقال جاء الموفق وهو أخو المعتمد الخليفة العباسي وكان الموفق إذا
دخل على أبي تقدمه حجابه وخاصة قواده فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدار سماطين إلى أن يدخل ويخرج، فلم يزل أبي مقبلا على أبي محمد يحدثه حتى نظر إلى غلمان الموفق، فقال له حينئذ: إذا شئت جعلني الله فداك أبا محمد، ثم قال لحجابه: خذوا به خلف السماطين لا يراه هذا يعني الموفق، فقام وقام أبي فعانقه ومضى، فقلت لحجاب أبي وغلمانه ويحكم من هذا الذي كنيتموه بحضرة أبي وفعل به أبي هذا الفعل فقالوا هذا علوي يقال له الحسن بن علي يعرف بابن الرضا فازددت تعجبا ولم أزل يومي ذلك قلقا متفكرا في أمره وأمر أبي وما رأيته منه حتى كان الليل وكانت عادته أن يصلي العتمة ثم يجلس فينظر فيما يحتاج اليه من الأمور وما يرفعه إلى السلطان فلما صلى وجلس جئت فجلست بين يديه، فقال أ لك حاجة قلت نعم فان أذنت سالتك عنها، قال قد أذنت قلت من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الإجلال والكرامة وفديته بنفسك وأبويك، فقال يا بني ذاك امام الرافضة الحسن بن علي المعروف بابن الرضا وسكت ساعة ثم قال لو زالت الامامة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غيره لفضله وعفافه وصيانته وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه ولو رأيت أباه [لرأيت رجلا جزلا نبيلا فاضلا. فازددت قلقا وتفكرا وغيظا على أبي وما سمعته منه فيه ورأيته من فعله به فلم تكن لي همة بعد ذلك إلا السؤال عن خبره والبحث عن أمره فما سالت أحدا من بني هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس الا وجدته عندهم في غاية الإجلال والإعظام والمحل الرفيع والقول الجميل والتقديم له على جميع أهل بيته ومشائخه، فعظم قدره عندي إذ لم أر له وليا ولا عدوا إلا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه، فقال له بعض من حضر مجلسه من الأشعريين فما حال أخيه جعفر؟ فقال ومن جعفر فيسأل عن خبره أو يقرن به ولقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن بن علي ما تعجبت منه وما ظننت أنه يكون، وذلك أنه لما اعتل الحسن بعث إلى أبي ان ابن الرضا قد اعتل فركب من ساعته إلى دار الخلافة ثم رجع مستعجلا ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته فيهم نحرير وأمرهم بلزوم دار الحسن وتعرف حاله وبعث إلى نفر من المتطببين فأمرهم بالاختلاف إليه وتعهده صباحا ومساء فلما كان بعد ذلك بيومين أو ثلاثة أخبر أنه قد ضعف فركب حتى بكر اليه وأمر المتطببين بلزوم داره وبعث إلى قاضي القضاة وأمره أن يختار عشرة ممن يوثق به في دينه وورعه وأمانته فبعث بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلا ونهارا، فلم يزالوا هناك حتى توفي، فلما ذاع خبر وفاته صارت سر من رأى ضجة واحدة: مات ابن الرضا ثم أخذوا في تجهيزه وعطلت الأسواق وركب بنو هاشم والقواد والكتاب والقضاة والمعدلون وسائر الناس إلى جنازته فكانت سر من رأى يومئذ شبيها بالقيامة فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكل فأمره بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة دنا أبو عيسى منه فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والمعدلين وقال هذا الحسن بن علي بن محمد الرضا مات حتف انفه على فراشه وحضره من خدم أمير المؤمنين فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان ثم غطى وجهه وصلى عليه وكبر خمسا وأمر بحمله فحمل من وسط داره ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه ع.
قال أحمد بن عبيد الله ولما دفن جاء جعفر أخوه إلى أبي وقال له: اجعل لي مرتبة أبي وأخي وأوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار فزبره أبي وأسمعه ما كره، وقال له يا أحمق ان السلطان أعزه الله جرد سيفه وسوطه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردهم عن ذلك فلم يقدر عليه وجهد أن يزيل أباك وأخاك عن تلك المرتبة فلم يتهيأ له ذلك، فان كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماما فلا حاجة بك إلى سلطان يرتبك مراتبهما ولا غير سلطان وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها، واستقله أبي عند ذلك واستضعفه وامر ان يحجب عنه فلم يؤذن له بالدخول عليه حتى مات أبي وخرجنا وهو على تلك الحال.
وروى الصدوق في إكمال الدين بسنده عن أبي الأديان قال كنت اخدم الحسن بن علي العسكري (ع) و أحمل كتبه إلى الأمصار فدخلت اليه في علته التي توفي فيها فكتب معي كتبا وقال تمضي بها إلى المدائن وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها ودخلت سر من رأى يوم الخامس عشر فإذا أنا بالواعية في داره وإذا انا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار والشيعة حوله يعزونه ويهنونه، فقلت في نفسي: ان يكن هذا الامام فقد حالت الامامة. ثم خرج عقيد الخادم فقال يا سيدي قد كفن أخوك فقم للصلاة عليه فدخل جعفر والشيعة من حوله فلما صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي (ع) على نعشه مكفنا فتقدم جعفر ليصلي عليه فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة بشعره قطط بأسنانه تفليج فجذب رداء جعفر بن علي وقال تأخر يا عم فانا أحق بالصلاة على أبي فتأخر جعفر وقد اربد وجهه فتقدم الصبي فصلى عليه ودفن إلى جانب قبر أبيه.
وقال الصدوق في إكمال الدين وجدت في بعض كتب التواريخ أنه لما توفي أبو محمد الحسن العسكري (ع) كان في ليلة وفاته قد كتب بيده كتبا كثيرة إلى المدينة ولم يحضره في ذلك الوقت الا صقيل الجارية وعقيد الخادم ومن علم الله غيرهما، قال عقيد فدعا بماء قد أغلي بالمصطكي فجئنا به اليه فقال ابدأ بالصلاة وبسطنا في حجره المنديل وأخذ من صقيل الماء فغسل به وجهه وذراعيه مرة مرة ومسح على رأسه وقدميه مسحا وصلى صلاة الصبح على فراشه وأخذ القدم ليشرب فاقبل القدح يضرب ثناياه ويده ترتعد فأخذت صقيل القدح من يده ومضى من ساعته(ص)و صار إلى كرامة الله جل جلاله. وروي انه (ع) مضى مسموما سمه المعتمد.
احتراق المشهد الشريف بسامراء [0 سنة 1106 من الهجرة]
ذكر المجلسي في البحار ما حاصله انه في تلك السنة وقعت داهية عظمى وفتنة كبرى في المشهد المقدس بسامراء وذلك أنه لغلبة ملوك الترك العثمانيين وأجلاف الاعراب على سر من رأى وقلة اعتنائهم بامر المشهد المقدس وجلاء السادات والاشراف من سامراء بسبب ظلم العثمانيين وضعوا ليلة من الليالي سراجا داخل المشهد في غير الموضع المناسب له فسقطت منه نار على الفرش ولم يكن أحد داخل المشهد ليطفئها فاحترقت الفرش والصناديق التي على القبور الشريفة والأخشاب والأبواب ثم أن هذا الخبر الموحش (يعني الخبر باحتراق المشهد في سامراء) لما وصل إلى سلطان المؤمنين ومروج مذهب آبائه الأئمة الطاهرين وناصر الدين المبين نجل المصطفين السلطان حسين برأه الله من كل شين ومين (وهو السلطان حسين الصفوي الموسوي) عد ترميم تلك الروضة البهية وتشييدها فرض العين فأمر بعمل أربعة صناديق وضريح مشبك في غاية الإتقان وأرسلها إلى المشهد المشرف بسامراء اه.
سرقة مشهد العسكريين (ع) ‏
في أواخر سنة 1355 ه سطا جماعة ليلا على المشهد المقدس مشهد العسكريين (ع) فاقتلعوا عدة ألواح من الذهب المذهبة به القبة الشريفة وفي شهر صفر سنة 1356 ه سطا جماعة ليلا على المشهد فكسروا القفل الموضوع على باب المشهد وأخذوا شمعدانين من الفضة الخالصة وزنهما ثمانون كيلو غنيمة باردة.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 2- ص: 40

العسكري والد الإمام المنتظر الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر الصادق بن محمد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، أبو محمد العسكري.
أحد أئمة الشيعة الذين يدعون عصمتهم؛ ويقال له: الحسن العسكري؛ لكونه نزل سامر، وهو والد منتظر الرافضة.
توفي يوم الجمعة، وقيل يوم الأربعاء لثماني ليال خلون من شهر ربيع الأول، وقيل جمادى الأولى سنة ستين ومائتين، وله تسع وعشرون سنة، ودفن إلى جانب والده.
وأمه أمة. وأما ابنه محمد الحجة الخلف الذي تدعيه الرافضة، فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل ست وخمسين. عاش بعد أبيه سنتين، ومات، عدم ولم يعلم كيف مات، وهم يدعون بقاءه في السرداب من تلك المدة، وأنه صاحب الزمان.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 12- ص: 0