صفية بنت ثعلبة الشيبانية ترجمتها ينتهي نسبها الأعلى إلى ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. أسهمت إسهاما ضخما في جمع قومها شيبان والقبائل الأخرى ليوقعوا بالفرس في ذي قار بقيادة هاني بن مسعود. وأخوها عمرو بن ثعلبة كان على رأس الوقعة الأخيرة بين العرب والعجم.
المناسبة
استجارة بها هند بنت النعمان ’’الحرقة’’ فأجارتها وقامت إلى قومها تعلنهم هذه الإجارة ضد كسرى وجيوشه بقولها: (من الكامل)
أحيوا الجوار فقد أماتته معا | كل الأعارب يا بني شيبان |
ما العذر لقد لفت ثيابي حرة | مغروسة في الدار والمرجان |
بنت الملوك ذوي الممالك والعلى | ذات الحجال وصفوة النعمان |
أتهاتفون وتشحدون سيوفكم | وتقومون ذوابل المران |
وتسومون جنودكم يا معشري | وتجددون حقيبة الأبدان |
وعلى الأكاسر قد أجرت لحرة | بكهول معشرنا وبالشبان |
شيبان قومي هل قبيل مثلهم | عند الكفاح وكرة الفرسان؟ |
لا والذوائب من فرع ربيعة | ما مثلهم في نائب الحدثان |
قوم يجيرون اللهيف من العدا | ويحاط عمري من صروف زماني |
تراد الهياج بنو أبي لا تتقي | مسطى العدو وصولة الأقران |
إني حجيجة وائل, وبوائل | ينحو الطريد بشطبة وحصان |
يا آل شيبان ظفرتم في الدنا | بالفخر والمعروف والإحسان |
ساقت فوارس شيبان لمعشرها | خير الصنائع فيها طفرة العجم |
غنما سبايا من الديباج فرشهم | والتستري وأفنان من القسم |
ثم النضار وفيه الدر منتظم | واللؤلؤ العجم والمعرف بالنظم |
أهدي أخي عمرو خير الغنم فانتظروا | عند الصباح جباة الخيل بالخدم |
يا آل شيبان بعد اليوم لا صدر | عل الكفاح, وضرب متلف القمم |
إني وعمرا على وعد يفيء به | من الوفاء, وأسباب من الذمم |
هذا مقالي وقومي قائلون معي | ما أقول, لسان صادق بفم |
أنا الحجيجة من قوم ذوي شرف | أولي الحفاظ وأهل العز والكرم |
والعز فيهم قديم غير مقترف | الجار فاعلم عزيزا داره بهم |
قولوا لكسرى أجرنا جارة فثوت | في شامخ العز يا كسرى على الرغم |
نحن الذين إذا قمنا لداهية | لم تبتدع عندها شيئا من الندم |
نحيط جارتنا من كل نائبة | ونرفد الجار ما يرضى من النعم |
قولا لمنصور لا درت خلائفه | ما صاح فيهم غراب البين أو نعقا |
من زوج الفرس يا متبول قبلكم | من الأعارب يا مخذول أو سبقا |
اختر....عدمتك من فدم | أخاثقة فانطق فإنك شر الناس إن نطقا |
يا ويح أمك يا منصور إن لنا | خيلا كراما تصون الجار ما علقا |
بالله لا نال منصور لجارتنا | وكل جيش يجي يرجعنه فرقا |
فمت بغيظك يا منصور وأحي على | بغضاك قومي وشمر كل يوم لقا |
واحذر تمنى فما تعطى مناك بها | تلك الأماني تعيد الضعف والعرقا |
آلت بنو بكر ترضى ما كتبت به | يا ابن الدنية فاجعل إن أردت بقا |
ماذا أحاذر من عشرين يقدمهم | منصور في حي غسان على نجب |
من الجياد عليها الحي من يمن | والعجم ترفل في الماذي واليلب |
وعندي الأفقم الهماس في فئة | منهم ظليم وعمار بن ذي كرب |
وعقبة وعبادة والربيع إلى | ذي العزة الفارس الحمال بالكثب |
والصلت مع سالم والمالكان معا | ومسلم بعد بكر الفارس الأرب |
ونافع وعمير والمروح في | فرسان شيبان لا ميل ولا غضب |
والأحوصان وأعواف وأحسبهم | وابن المسيب من ذي الخيل بالقضب |
يا عمرو, عمرو أجبني يا ابن ثعلبة | يا شبه براق يوم القتل والسلب |
لأجل عشرين ألفا أضح صارخة | في آل بكر وذا شيء من العجب |
لا تكتشفوني بهذا اليوم وارتقبوا | يومي لوقت اجتماع العجم والعرب |
لله درك من نصيح صادق | والنصح رأيك أيها الإنسان |
والله يجزيك الذي أرسلته | إن المهيمن واصل منان |
أصبحت في شيبان حول صنائع | فلتستعد لحملها شيبان |
ناصحتهم وشركت في محدودهم | والسر عندك فيهم إعلان |
فلك الجزاء بمثلها في حادث | لا تأمنن, وأين منك أمان |
والدهر يأتي بالقصارى باقيا | فاعلم فديتك أنه خوان |
ولسوف يدعوني غدا فأجيبه | ولسوف تقضى فرصه ويدان |
لكن دون السلم سمرا ذبلا | لمعاشري من معشر فتيان |
وصوارم مشحوذة وسوابغ | وأبو جياد كلهن حصان |
واليوم يوم حجيجة من وائل | جاءت بها الأنباء والأزمان |
ولعمر جدك إن لحنا جنده | فمعي له الشفرات والمران |
شيبان قومي والأعارب دعوتي | وعزيزة فيهم فلست أهان |
قل للطميع: فدته فتيان الوغى | عندي لكسرى القلب والأبدان |
بالله أفزع من كثيف بجنوده | وأنا وأن تجيب لدعوتي العربان |
فليأت كسرى والأيافث بعده | والترك والأدلام والحبشان |
ولدي أبيض صارم ذو صعدة | عند الكريهة باسل مطعان |
وجني حرب في الحروب مجرب | ولدى السلامة إنه إنسان |
هزم الجيوش بجحفل من قومه | لاقيه يوم لقائه خسران |
عندي السلاهب والقواضب والقنا | ومدججون, الشمط والشبان |
وأنا الحجيجة من ذؤابة وائل | وأنا المجيرة والقنا رعفان |
يا وائل, ثوروا فذا ميقاتكم | ولكل أمر يا جليل زمان |
هذا زماني قد دنا ميقاته | هذا الأوان لما زعمت أوان |
أبلغ طميحا يا رسول وقل له: | بسيوف تغلب تغلب الأقران |
لا تجزعن ربيعة إنهم أهل النصيحة | يا فتى شيبان |
ماذا ترون بني بكر فقد نزلت | كبرى الذوائب والأخرى على الأثر |
أتصبرون لشعواء ململمة | فيها الأعاجم بالنشاب والوتر |
أم لستم أهل صبر في لوازمها | عند الحفائظ والجارات والخفر |
أني أجرت بكم يا قوم فاصطبروا | فالصبر يحلل فوق الأنجم الزهر |
إيها أجيبوا بني بكر حجيجتكم | ما عند كم ويحكم من غاية الخبر |
يا أيها الشم أنتم حافظو ذممي | وأنتم فلعمري العز من عمري |
إما صبرتم فلا أدعو لغيركم | وإن جزعتم أنادي كل ذي حضر |
بكل سام إلى الهيجاء ذي شرف | واري الزناد كريم الجلد من مضر |
ذي مرة لا يخاف الجند إن كثروا | في سادة قادة معروفة صبرة |
إيها أجيدوا الضرب يا حنيفة | فأنتم الجمجمة الشريفة |
أهل اللقا, والعمدة المعروفة | والعدة المنسوجة الموصوفة |
حامي على أعراضك النظيفة | الطاهرات ويحك العفيفة |
إنا لجنود حولكم كثيفة | فلا تهلكم وتزدكم خيفة |
لجيم قومي وبنو أبينا | ليسوا لدى الهيجا مغلبينا |
بل ظافرون وحماة فينا | العز فيهم حين يلجمون |
ويسرحون ثم يحملونا | إيها بني الأعمام فانصرونا |
الفخر فخري بسراة عجل | هم معشري في نجدهم والسهل |
هم السراة وحماة الأهل | والفائقون بشريف الفعل |
والمنعمون بشريف البذل | والناقمون بعريض الرجل |
إيها أبيدوا جمعهم بالقتل | ولا تكونوا غرضا للنبل |
اليوم يوم العز لا يوم الندم | يوم رماح وجياد وخدم |
يوم به الأرواح جهرا تصطلم | سوف ترى البيض غداة المبتسم |
للوائليات التي تحمي البهم | يا آل بكر لا تهلكم العجم |
من يحمي الخيام والنعم؟ | ومن يطاعن تحت سربال القتم |
إيها بني شيبان صفا بعد صف | من يرد العلياء لم يخش التالف |
من حاذر الموت تنحى ووقت | إن الشجاع باسل فيه الصلف |
إن تقبلوا نظفر, ونحذر ونخف | وفي الفرار يولجوا فينا الأكف |
اليوم يوم العز موصوف الشرف | إن حافظت قومي فما بي من أسف |
أنا ابنة العز وعرضي اليوم عف | بكل نصل كالشهاب المختطف |
يا عمرو يا عمرو الفتى بن ثعلبه | حالم على جارتك المستقربة |
هذا ظليم جاءكم في يشكر | بالقب والمران والسنور |
كليت غابات مهوس مخدر | يا فارسا تحت العجاج الأكدر |
هذا ظليم من كرام معشر | إحمل هديت حملة المنتصر |
احمل ظليم في العجاج الأسود | ففيه عرو كالهزبر الأربد |
يضرب بالمشطب المهند | بسعد ذي مجدة مؤيد |
أدرك فأنت غاية المستنجد | واعد على القوم كعدو الأسد |
بذي جنان كالصفاء الأصلد | باليشكريين كرام المحتد |
ليس للعجم نصرة في عشيرة | أن أراد الطميح نجل الكرام |
إن تولت لنا إياد انهزاما | كان منهم هزيمة الأعجام |
وملكنا العلو والفجر طول | الدهر حتى أواخر الأيام |
إن نصر الطميح أكرم نصر | وحنو على بني الأعمام |
يا عمرو يا من قد أجار الحرقة | يا رأس شيبان الكماة المعرقة |
يا فارس العادية المحققة | اليوم يوم ما العيون أرقة |
إذا رأت فيه دماء مهرقة | والعجم صرعى جمعهم مفترقة |
مقتولة تنقر شتى, قلقة | أدرك شهابا فهو اليوم الثقة |
إن الجنود حثها طلابها | والأرقميون فذا شهابها |
مقدامها طعانها ضرابها | زعيمها فارسها غلابها |
متلافها مخلافها كتابها | وأنت من بعد الفتى ثقابها |
إيها جداب سيد الأعراب | يا معدن الطعان والضرب |
يا طيب الأحساب والأنساب | قم لي مقام سيدي شهاب |
بالعزم والحزم وبالعذاب | شمر وقم يأويك في النقاب |
المكتبة الأهلية - بيروت-ط 1( 1934) , ج: 1- ص: 11