إلياس الكوراني إلياس بن إبراهيم بن داود بن خضر الكردي الكوراني: فقيه شافعي، من النساك. تعلم في بلاده، ودخل دمشق حوالي سنة 1070 ودرس وأفاد. وزار القدس على قدميه. وحج وجاور بالمدينة المنورة. وتوفي بدمشق. له كتب منها (الجامع القصير - خ) اختصار الجامع الصغير للسيوطي، في خزانة الرباط (441ك) وحواش ورسائل كثيرة منها (حاشية على شرح جمع الجوامع) و (حاشية على شرح ايساغوجي) و (حاشية على شرح رسالة الوضع للعصام* و (حاشية على شرح عقائد السعد) و (حاشية على شرح السنوسية للقيرواني) قال المرادي: أما تعاليقه وكتاباته فلا يمكن إحصاؤها. وكان والي دمشق الوزير رجب باشا، ممن يعتقده ويحبه، وزاره مرة وطلب منه الدعاء فقال له: والله إن دعائي لا يصل إلى السقف. وما ينفعك دعائي والمظلومون في حبسك يدعون عليك.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 2- ص: 8

إلياس الكردي الياس بن إبراهيم بن دأود بن خضر الكردي نزيل دمشق الشافعي الصوفي ولي الله تعالى العالم العامل الحجة القاطعة الورع العابد المحقق المدقق الخاشع الناسك الفقيه الحبر الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة المقبل على الله مولده كما أخبر تلميذه الفاضل الفرضي سعدي بن عبد الرحمن بن حمزة النقيب في سنة سبع وأربعين وألف هكذا رأيته بخط تلميذه المذكور وقدم دمشق بعد السبعين وألف وكان فاضلا طلب العلم في بلاده وقرأ في تلك البلاد على جماعة من الشيوخ منهم مصطفى البغدادي ابن الغراب وأخيه محمود والشيخ طاهر ابن مدلج مفتي بغداد وعلى والده وعلى عيسى الفاضل والشيخ أبو السعود القباقبي الشامي وأول أمره أخذ عن عمه الشيخ دأود وتاج العارفين البغدادي وسعد الدين البغدادي وحين قدم دمشق قرأ على جماعة من مشائخنا أيضا منهم الشيخ نجم الدين الفرضي والشيخ عبد القادر الصفوري والشيخ محمد البلباني الصالحي والشيخ إبراهيم الفتال والشيخ حيدر الكردي والشيخ عثمان القطان والشيخ يونس المصري نزيل دمشق وشيخ الحديث بها والشيخ أحمد النخلي المكي المحدث وأجازه الشيخ محمد بن سليمان المغربي والشيخ إبراهيم بن حسن الكردي نزيل المدينة المنورة والسيد محمد بن عبد الرسول البرزنجي المدني والشيخ يحيى الشأوي وغيرهم ممن يطول ذكرهم وبرع في العلوم ولازم الدروس والمطالعة والافادة والاستفادة بجد واجتهاد وآثر لذت العلم على اللذات المألوفة فلم يتخذ ولد أو لا عقال أو لا زوجة بل تزوج في دمشق في ابتداء أمره امرأة ثم طلقها ولم يضع جنبه على الأرض في ليل ولا نهار أزيد من أربعين سنة حتى في ليلة وفاته وكان يؤثر على نفسه فيلبس الثوب الخشن ويتصدق بالجديد الحسن وللناس فيه اعتقاد عظيم وله كرامات ظاهرة ودرس أولا في البادرئية ثم لم يزل بها إلى سنة ألف ومائة واثنين ففيها تحول إلى جامع العداس في محلة القنوات وقطن به داخل حجرة إلى أن مات ودرس وأفاد وأنتفع به خلق كثير لا يحصون عددا من دمشق وغيرها وله من التآءليف حاشية على حاشية الملا عصام الدين الاسفرائيني وصل فيها إلى باب الاستثناء وحاشية على شرح الاستعارات وشرح على شرح العقائد النسفية للجلال الدواني وحاشية عليه أيضا وحاشية على حاشية الملا يوسف القراباغي وحاشية على شرح العوامل الجرجانية لسعد الله وحاشية على شرح جمع الجوامع وحاشية على شرح ايساغوجي للفناري وحاشية على شرح رسالة الوضع للعصام وحاشية على الفقه الأكبر للأمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه وحاشية على شرح عقائيد السعد وحاشية على شرح السنوسية للقيرواني وغير ذلك من الحواشي وله رسائل كثيرة في علم التصوف وأما تعاليقه وكتاباته فلا يمكن احصاؤها وتردد إلى القدس مرات للزيارة ماشيا على قدم لتجريد ولزيادة الخليل أيضا عليه السلام وحج إلى بيت الله الحرام وجأور بالمدينة المنورة وكان مواظبا على نوافل العبادات من الصيام والصدقة وعيادة المرضى مشهود الجنائز وحضور دروس العلم مع قدمه الرأسخ في المعلوم وكان مقبول الشفاعة عند الحكام مع عدم تردده اليهم وصدعهم بالمواعظ إذا اجتمع بهم وعدم قبول جوائزهم حتى ان الوزير رجب باشا كافل دمشق لما كان واليها زار الشيخ مرة وكان يعتقده ويحبه فطلب منه الدعا فقال له والله ان دعاي لا يصل إلى السقف وما ينفعك دعائي والمظلومون في حبسك يدعون عليك وعرض عيه مائة دينار فأبى أن يقبلها وقال له ردها على المظلومين الذين تأخذ منهم الجرائم ولم يزل على طريقته هذه إلى أن مات وكأنت وفاته في ليلة الثلاثاء سادس عشر شعبان سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف وقد قارب المائة أو جأوزها وهو ممتع بحواسه وعقله ودفن بتربة باب الصغير ولم يشعر غاب الناس بموته وأنشد الاستاذ الأعظم الشيخ عبد الغني النابلسي في تاريخ وفاته قوله

وقد رثاه الشيخ الامام الفاضل الكامل إبراهيم المفتي بقضاء بلدة أريحا متخلصا بمدح الاستاذ عبد الغني النابلسي فقال
أمين
أمين بن محمد بن حسن بن علي القسطنطيني الأصل الدمشقي المولد الحنفي الشهير بابن الكمش أبو العون عز الدين الأمير الأديب المتفوق الفاضل الكامل الرئيس أحد أعيان الأمراء وحاجب الحجاب ولد بدمشق سنة ست وثلاثين ومائة وألف ونشأ بكنف والده وكان من أعيان الأمراء والرؤساء وصار رئيس الجأويشية بديوان دمشق في مبتدأ أمره وكان يعرف بابن الكمش بضم الكاف والميم وبعدها شين وهي الفضة باللغة التركية لقب به جده أبو والده لشدة بياضه واستوطن دمشق وتدبرها ونجب له بها أولاد منهم صاحب الترجمة ووالدته شقيقة والدة والدتي وقرأ القرآن العظيم وشرع بالأخذ والطلب وحبب إليه الاشتغال بالعلوم فأخذها وقرأ على جماعة منهم الشيخ علم الدين صالح بن إبراهيم الجنيني وأبو النجاح أحمد بن علي بن عمر المنيني والشيخ أبو الثنا محمود بن عباس الكردي وشيخنا فخر الدين خليل ابن عبد السلام الكاملي والشهاب أحمد بن محمد المعروف بالشامي والشيخ أسعد بن عبد الرحمن المجلد وسراج الدين عمر بن عبد الجليل البغدادي نزيل دمشق وأبي عبد الله محمد بن عبد الرحيم المخللاتي وأخذ علم الأوفاق والتسخيرات عن الشيخ محمود المصري نزيل دمشق وأخذ الخط المنسوب عن شيخنا الكاتب قطب الدين عبد الرحمن بن محمد العمري ابن قطب الدين والأديب أبي سعيد جعفر ابن محمد الكاتب وغيرهما وأخذ الأدب والشعر والترسل عن جماعة وصحب الأفاضل والأدباء وخالط الشعراء والنبلاء واشترى الكتب النفيسة من سائر العلوم والفنون واقتناها واستكتب أكثرها وجمع ألوفا منها وكان لا يضن بعاريتها عن طالب ويحفظ أشعار العرب ووقائعهم ويحب مطالعة الكتب القديمة المتعلقة بالأدب واللغة وإذا حضر بمجلس يورد ما يحفظه من النكات والنوادر الأدبية ورأس بدمشق وتعين بين امرائها وصار رئيس طائفة الجند الاسباهية أرباب الأقطاعات الأميرية السلطانية ولما توفي والده وأخوته تقلبت به الأحوال وذهب إلى دار السلطنة قسطنطينية لأخذ الاقطاعات الأميرية التي كأنت بيدهم من القرى ونظارة الأنهار وأعشار البساتين والغياض وغيرها وصرف لتحصيل ذلك أموالا كثيرة وركبته الديون وتنغص عيشه بعدها وكان مع ذلك لا يفتر عن تحصيل الكتب واشترائها ومطالعتها وحضور الدروس ومنها درس والدي وزيارة الأعيان والوزراء وايراد اللطائف والنكات في المحاضرات وكان كريم الطبع حسن الخصال سليم الصدر من الحفد والحنق سخي اليد يكرم الفقراء ويحسن إلى العلماء صحبته منذ ميزت وكنت أحبه ويحبني وكأنت والدتي تقول لي ان قريبك الأمير أمين من أهل الأدب والديانة والصلاح والصيانة وأنا أحب أن توده وتجتمع به وتصاحبه وما طلبت منه كتابا للعارية ألا وأرسله إلى هدية مع جملة كتب وسمع من شعري الكثير وأخبرني انه ما نظم من الشعر غير بيتين وأنشد فيها من لفظه لنفسه وهما قوله
ولما سمع ذلك صاحب العالم الأديب خليل بن مصطفى الدمشقي نظم المعنى وأنشدنا أياه من لفظه فقال
فقلت لهما هذا المعنى قديم واستعلمه بعضهم في مدح الغربة فقال
وطلب مني الكتاب المرقص والمطرب لأبي سعيد ولم يكن عندي اذ ذاك فكتبت إليه
ولمقدم دمشق الاستاذ العارف الوجيه عبد الرحمن بن مصطفى العيدروس اليمني اجتمع به صاحب الترجمة ولازم مجلسه مدة اقامته بدمشق وأخذ عنه وأجاز له بخطه وكتب الاجازة نظما كما هي محررة وجدتها بخطه رضي الله عنه
توفي صاحب الترجمة يوم السبت ثاني عشر ذي القعدة سنة مائتين وألف وصلى عليه بجامع التوبة ودفن من يومه عند والده واخوته بمقبرة مرج الدحداح خارج باب الفراديس وكأنت جنازته حاملة حضرتها رحمه الله وأموات المسلمين.

  • دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 1- ص: 272