المنصور الفاطمي اسماعيل بن محمد بن عبيد الله المهدي، أبو الطاهر المنصور بنصر الله: ثالث خلفاء الدولة الفاطمية العبيدية بالمغرب. مولده بالقيروان. قام بالامر في المهدية (بافريقية) بعد وفاة ابيه (القئم بامر الله) سنة 334 هـ ، وبويع سنة 336 بعد ان فرغ من حرب أبي يزيد النكار (مخلد بن كيداد) فبنى مدينة بقرب القيروان سماها (المنصورية) ونقل اليها حاشيته وجنده. وكان حازما خطيبا بليغا. تسلم مقاليد الامر وثورة مخلد بن كيداد (من أهل قسطيلة) في اشد غليانها، والفتن في البلاد قائمة، فقمع الاولى بقتل مخلد، ولم تفل الاخرى من عزمه. توفي بالمنصورية ودفن بالمهدية.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 322
المنصور العبيدي إسماعيل بن محمد بن عبيد الله أبو الطاهر المنصور ابن القائم ابن المهدي صاحب إفريقية، أحد الخلفاء الباطنية بايعوه يوم توفي أبوه القائم ولقب المنصور، وكان أبوه قد ولاه محاربة أبي يزيد مخلد الخارجي الإباضي وكان أبو يزيد مع كونه سيء الاعتقاد زاهدا قام غضبا لله تعالى لما انتهك هؤلاء الحرمات، وكان يركب حمارا ويلبس الصوف وقام معه خلق كثير، فحاربه القائم مرات، واستولى على جميع مدن القيروان ولم يبق للقائم إلا المهدية، فنازلها أبو يزيد فهلك القائم في الحصار، وقام المنصور هذا وأخفى موته ونهض لنفسه وصابر أبا يزيد حتى رحل عن المهدية ونزل سوسة يحاصرها، فخرج إليه المنصور والتقيا على سوسة فهزمه، ووالى عليه الهزائم إلى أن أسره يوم الأحد لخمس بقين من المحرم سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، فمات بعد أسره بأربعة أيام من جراح كانت به فأمر بسلخه وحشا جلده قطنا وصلبه، وبني مدينته موضع الوقعة وسماها المنصورية واستوطنها. وكان المنصور رابط الجأش شجاعا يرتجل الخطبة. وخرج في شهر رمضان سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة من المنصورية إلى جلولاء ليتنزه بها ومعه حظيته قضيب وكان مغرما بها، فأمطر الله عليهم بردا كثيرا وسلط عليهم ريحا عظيمة، فخرج منها إلى المنصورية فاشتد عليه البرد فأوهن جسمه ومات أكثر من معه، ووصل إلى المنصورية فاعتل بها ومات يوم الجمعة آخر شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وكان سبب علته أنه لما وصل المنصورية أراد دخول الحمام فنهاه طبيبه إسحاق بن سليمان الإسرائيلي فلم يقبل منه ودخل الحمام، ففنيت الحرارة الغريزية ولازمه السهر، فأقبل إسحاق يعالجه والسهر باق على حاله، فاشتد ذلك على المنصور فقال لبعض خدمه: أما بالقيروان طبيب يخلصني من هذا؟ فقالوا: ها هنا شاب قد نشأ يقال له إبراهيم. فأمر بإحضاره فحضر، فعرفه حاله وشكا إليه ما به فجمع له شيئا ينومه وجعله في قنينة على النار وكلفه شمها، فلما أدمن شمها نام فخرج إبراهيم مسرورا بما فعل، وجاء إسحاق إليه فقالوا: إنه نائم. فقال: إن كان صنع له شيء ينام به فقد مات. فدخلوا عليه فوجده ميتا، فأرادوا قتل إبراهيم فقال إسحاق: ما له ذنب، فإنما داواه بما ذكره الأطباء غير أنه جهل أصل المرض وما عرفتموه؛ ذلك أني كنت أعالجه وأنظر في تقوية الحرارة الغريزية. -وبها يكون النوم- فلما عولج بما يطفئها علمت أنه قد مات، ودفن المنصور بالمهدية.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 9- ص: 0
المنصور أبو الطاهر إسماعيل بن القائم بن المهدي، العبيدي، الباطني، صاحب المغرب.
ولي بعد أبيه، وحارب رأس الإباضية أبا يزيد مخلد بن كيداد الزاهد، والتقى الجمعان مرات وظهر مخلد على أكثر المغرب ولم يبق لبني عبيد سوى المهدية.
فنهض المنصور وأخفى موت أبيه، وصابر الإباضية حتى ترحلوا عنه ونازلوا مدينة سوسة فبرز المنصور من المهدية والتقوا فانكسر جيش مخلد على كثرتهم وأسر هو في سنة، فمات بعد الأسر بأربعة أيام من الجراح فسلخ وحشي قطنا وصلب.
وبنوا مدينة المنصورية مكان الوقعة فنزلها المنصور.
وكان بطلا شجاعا رابط الجأش فصيحا مفوها يرتجل الخطب وفيه إسلام في الجملة وعقل بخلاف أبيه الزنديق.
وقد جمع في قصره مرة من أولاد جنده ورعيته عشرة آلاف صبي وكساهم كسوة فاخرة وعمل لهم وليمة لم يسمع: قط بمثلها وختنهم جميعا وكان يهب للواحد منهم المائة دينار والخمسين دينارا على أقدارهم.
ومن محاسنه: أنه ولى محمد بن أبي المنظور الأنصاري قضاء القيروان وكان من كبار أصحاب الحديث قد لقي إسماعيل القاضي، والحارث بن أبي أسامة فقال بشرط أن لا آخذ رزقا ولا أركب دابة فولاه ليتألف الرعية فأحضر إليه يهودي قد سب فبطحه وضربه إلى أن مات تحت الضرب خاف أن يحكم بقتله فتحل عليه الدولة.
وأتى يوما بيته فوجد سلاف داية السلطان تشفع في امرأة نائحة فاسقة ليطلقها من حبسه، فقال مالك، قالت قضيب محبوبة المنصور تطلب منك أن تطلقها، فقال: يا منتنة لولا شيء لضربتك لعنك الله ولعن من أرسلك فولولت وشقت ثيابها ثم ذكرت أمرها للمنصور. فقال: ما أصنع به ما أخذ منا صلة ولا نقدر على عزله نحن نحب إصلاح البلد.
خرج في رمضان سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة إلى مكان يتنزه فأصابه برد وريح عظيمة فأثر ذلك فيه ومرض ومات عدد كثير ممن معه ثم مات هو في سلخ شوال من السنة وله تسع وثلاثون سنة.
وقد كان في سنة أربعين جهز جيشه في البحر إلى صقلية فهزموا النصارى وكانت ملحمة عظمى قتل فيها من العدو ثلاثون ألفا وأسر منهم ألوف وغنم الجند ما لا يعبر عنه.
وقيل: أنه افتتح مدينة جنوه ونهب أعمال سردانيه.
وحكم على مملكة صقلية، وافتتح له نائبه عليها فتوحات وانتصر على العدو وفرح بذلك المسلمون وتوطد سلطانه.
وخلف خمسة بنين وست بنات.
وذكر المشايخ أنهم ما رأوا فتحا مثله قط.
وكان المنصور محببا إلى الرعية مقتصرا على إظهار التشيع وقام بعده المعز ولده.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 11- ص: 426
المنصور بن القائم بن المهدي
هو أبو الطاهر إسماعيل بن محمد بن عبيد الله الشيعي فوض إليه أبوه عهده يوم الاثنين لسبع خلون من رمضان سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة وهو إذ ذاك ابن ثلاث وثلاثين سنة فصلى بالناس في عيد الفطر من هذه السنة وخطب خطبة بليغة
ثم توفي القائم على إثر هذا يوم الأحد لثلاث عشرة خلون من شوال فكتم المنصور موته وابتدأ بقتال أبي يزيد مخلد بن كيداد اليفرني الإباضي صاحب الحمار وقد استفحل أمره وأعضل شره حتى عجز عن مقاومته القائم فتغلب على أعمال إفريقية وحصره بالمهدية ثم انتقل إلى سوسة فهزمته بها أوائل جيوش المنصور ثم خرج بنفسه في اتباعه من المهدية يوم الأربعاء لسبع بقين من شوال وهو في قلة من عبيدة وخدمه حتى انتهى إلى سوسة فنزل بظاهرها وبلغه أن أهل القيروان لما قصدهم أبو يزيد مفلولاً سبوه ومنعوا أصحابه دخول البلد وقتلوا جماعة ممن دخل منهم فكتب إليهم كتابا يؤمنهم ولم يعد المنصور من وجهته هذه حتى أمكنه الله من أبي يزيد بعد محاصرته بالقلعة التي لجأ إليها وكان يقول في سفره كله إن أنا لم آخذ أبا يزيد وأسلخه فلست بابن فاطمة ولست لكم بإمام وأظل عيد الأضحى من سنة خمس وثلاثين وهو محيط بأبي يزيد في قلعته فركب إلى المصلى فصلى بالناس ثم خطب وعرفهم في خطبته بموت أبيه القائم ونحر بدنة بيده وانصرف إلى مضربه وانصرف الناس مسرورين بخلافته موقنين بيمن نقيبته وبركة دعوته وكتب أهل العسكر إلى من وراءهم بالقيروان والمهدية فشملهم السرور
ودخلت سنة ست وثلاثين ففي المحرم منها ظفر المنصور بأبي يزيد بعد مواقفات لا يفي بها الوصف وقيد إليه مثقلاً بالجراح فأمر بحمله إلى المضرب وهو يجود بنفسه لما به، وليلة الخميس آخر المحرم هلك عدو الله فسلخ وحشي جلده بالتبن حتى ظهرت صورته ولما فرغ من فعله ذلك بأبي يزيد وحضرت صلاة الظهر تقدم
إليه ثم قالوا السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته صلاة الظهر رحمك الله والناس في غفلة فكبروا وتباشروا وبعد صلاة العصر من ذلك اليوم دخل عليه الناس وهنوه بالفتح فبسط آمالهم ووعدهم الغنائم والأموال فأثنوا على شجاعته وسماحته دوكا ثم ارتحل يوم السبت غرة صفر إلى المسيلة ومنها توجه إلى تاهرت فنزل عليها يوم الثلاثاء لست بقين من صفر من هذه السنة وأقام بها إلى يوم الاثنين غرة شهر ربيع الأول وقد هرب أمامه الثائرون ثم كتب إلى أهل القيروان فأمنهم ووعدهم خيرا وكان وصوله يوم الاثنين غرة شهر ربيع الأول إلى قصره بالمنصورية وقد بناه فتاه مدام أثناء غيبته عند صلاة الظهر من يوم الخميس لليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين
وفي اليوم الثاني من وصوله أمر بإخراج أبي يزيد على جمل وقد ألبس قميصاً وركب وراءه من يمسكه وعليه الطرطور وقردان على كتفيه فطيف به سماطات القيروان ثلاثة أيام متواليات ثم أمر بحمله إلى المهدية فطيف هناك به إلى أن مزقته الرياح
ولم تطل مدة المنصور فتوفي ليلة الجمعة آخر شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة وغسله جعفر بن علي الحاجب المعروف بابن الأندلسي وصلى عليه ابنه وولي عهده أبو تميم معد بن إسماعيل ودفن ليلاً في قصره بالمنصورية وهو ابن أربعين سنة كاملة ومولده برقادة سنة إحدى وثلاثمائة وكانت ولايته سبع سنين وثمانية عشر يوماً
وفي كتاب أبي الحسين الروحي الإسكندري أن المنصور ولد سنة اثنتين وثلاثمائة قال وولى في شوال سنة أربع وثلاثين وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة وظفر بأبي يزيد في المحرم سنة ست وثلاثين وتوفي يوم الجمعة منسلخ شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة فكانت ولايته سبع سنين
وفي المقتبس لابن حيان أن الناصر عبد الرحمن بن محمد قدم عليه أيوب ابن أبي يزيد الخارج على المشارقة آل عبيد الله الشيعي الدعي الناجم بأرض إفريقية رسولا لوالده أبي يزيد قفي به رسلاً قبله يسأل القوة على حرب هؤلاء الملحدين المغوين للأمة وذلك يوم السبت لست بقين من ربيع الأول سنة خمس وثلاثين فقعد له الناصر قعودا فخماً وأوصله إلى نفسه وأكرم لقاءه وسمع منه وأجمل الرد عليه وأمر بإنزاله في قصر الرصافة وقدامه ما يحتفل به لأمثاله فأقام هناك تحت رعي وكرامة موصولة إلى أن ورد عليه منها قوم من ناحية إفريقية معهم رسول لأبي يزيد إلى ولده أيوب يذكر كرة أبي يزيد على المسيلة من بلاد إسماعيل المنصور حفيد أبي عبيد الشيعي المذكور وأنه يتأهب للنهود نحوه بالقيروان وأنهم بلغهم أن أبا القاسم محمد القائم بن عبيد الله بعد أن أوصى إلى ابنه في الإمارة هلك في يوم الأحد الثالث عشر من شوال من هذه السنة يعني سنة خمس وثلاثين وولى مكانه إسماعيل ابنه الملقب بالمنصور غير أنهم كتموا موته لما هم عليه من حال الحرب وطلب أبو زيد إلى ابنه أن يستصحب معه فرسان المدد فاستبصر الناصر في التوقف عن إمداد أبي يزيد إلى أن يرى مآل أمره وعلل ابنه أيوب ورسله بموعده
دار المعارف، القاهرة - مصر-ط 2( 1985) , ج: 2- ص: 2