أبو الفداء اسماعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن ايوب: الملك المؤيد، صاحب حماة. مؤرخ جغرافي، قرأ التاريخ والادب واصول الدين، واطلع على كتب كثيرة في الفلسفة والطب، وعلم الهيأة، ونظم الشعر - وليس بشاعر - واجاد الموشحات. له (المختصر في اخبار البشر - ط) ويعرف بتاريخ أبي الفداء، ترجم إلى الفرنسية واللاتينية وقسم منه إلى الانكليزية، وله (تقويم البلدان - ط) في مجلدين، ترجمة إلى الفرنسية المستشرق رينو Reinaud، و (تاريخ الدولة الخوارزمية - ط) و (نوادر العلم) مجلدان، و (الكناش - خ) في النحو والصرف، و (الموازين) وغير ذلك. ولد ونشأ في دمشق، ورحل إلى مصر فأتصل بالملك الناصر (من دولة المماليك) فأحبه الناصر واقامه سلطانا مستقلا في (حماة) ليس لاحد ان ينازعه السلطة، واركبه بشعار لملك، فأنصرف إلى حماة، فقرب العلماء ورتب لبعضهم المرتبات، وحسنت سيرته، واستمر إلى ان توفي بها.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 319
المؤيد صاحب حماة إسماعيل بن علي الإمام الفاضل السلطان الملك المؤيد عماد الدين أبو الفداء ابن الأفضل بن الملك المظفر ابن الملك المنصور صاحب حماة تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شادي، مات في الكهولة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، وتملك بعده ولده الملك الأفضل محمد -وقد تقدم ذكره في المحمدين-. كان أميرا بدمشق وخدم السلطان الملك الناصر ابن المنصور لما كان في الكرك وبالغ في ذلك، فوعده بحماة ووفى له بذلك وأعطاه حماة لما أمر لأسندمر بحلب بعد موت نائبها قبجق وجعله صاحبها سلطانا يفعل فيها ما يختار من إقطاع وغيره ليس لأحد من الدولة بمصر من نائب ووزير معه فيها حكم، اللهم إلا إن جرد عسكر من مصر والشأم جرد منها. وأركبه في القاهرة بشعار الملك وأبهة السلطنة ومشى الأمراء والناس في خدمته حتى الأمير سيف الدين أرغون النائب، وقام له القاضي كريم الدين بكل ما يحتاج إليه في ذلك المهم من التشاريف والإنعامات على وجوه الدولة وغيرهم، ولقبه الملك الصالح، ثم بعد قليل لقبه الملك المؤيد. وكان في كل سنة يتوجه إلى مصر بأنواع من الخيل والرقيق والجواهر وسائر الأصناف الغريبة، هذا إلى ما هو مستمر في طول السنة مما يهديه من التحف والطرف. وتقدم السلطان الملك الناصر إلى نوابه بأن يكتبوا إليه يقبل الأرض، وكان الأمير سيف الدين تنكز رحمه الله تعالى يكتب إليه يقبل الأرض بالمقام الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي المؤيدي العمادي وفي العنوان صاحب حماة، ويكتب السلطان إليه أخوه محمد بن قلاوون، أعز الله أنصار المقام الشريف العالي السلطاني الملكي المؤيدي العمادي بلا مولوي. وكان الملك المؤيد فيه مكارم وفضيلة تامة من فقه وطب وحكمة وغير ذلك، وأجود ما كان يعرفه الهيئة لأنه أتقنه وإن كان قد شارك في سائر العلوم مشاركة جيدة، وكان محبا لأهل العلم مقربا لهم: أوى إليه أمين الدين الأبهري وأقام عنده ورتب له ما يكفيه، وكان قد رتب لجمال الدين محمد بن نباتة كل سنة عليه ستمائة درهم. -وهو مقيم بدمشق-. غير ما يتحفه به. ونظم الحاوي في الفقه ولو لم يعرفه معرفة جيدة ما نظمه، وله تاريخ مليح وكتاب الكناش مجلدات كثيرة وكتاب تقويم البلدان هذبه وجدوله وأجاد ما شاء، وله كتاب الموازين جوده وهو صغير. ومات وهو في الستين. وله شعر ومحاسنه كثيرة، ولما مات رثاه جمال الدين محمد بن نباتة بقصيدة أولها:
ما للندى لا يلبي صوت داعيه | أظن أن ابن شاد قام ناعيه |
ما للرجاء قد استدت مذاهبه | ما للزمان قد اسودت نواحيه |
نعى المؤيد ناعيه فيا أسفا | للغيث كيف غدت عنا غواديه |
هل لا بغير عماد البيت حادثة | ألقت ذراه وأوهت من مبانيه |
هلا ثنى الدهر غربا عن محاسنه | فكان كوكب شرق في لياليه |
كان المديح له عرس بدولته | فأحسن الله للشعر العزا فيه |
يا آل أيوب صبرا إن إرثكم | من اسم أيوب صبر كان ينحيه |
هي المنايا على الأقوام دائرة | كل سيأتيه منها دور ساقيه |
ومن أبيك تعلمت الثناء فما | تحتاج تذكر أمرا أنت تدريه |
لا يخش بيتك أن يلوي الزمان به | فإن للبيت ربا سوف يحميه |
اقرأ على طيب الحيا | ة سلام صب ذاب حزنا |
واعلم بذاك أحبة | بخل الزمان بهم وضنا |
لو كان يشرى قربهم | بالمال والأرواح جدنا |
متجرع كأس الفرا | ق يبيت للأشجان رهنا |
صب قضى وجدا ولم | يقضى له ما قد تمنى |
كم من دم حللت وما ندمت | تفعل ما تشتهي فلا عدمت |
لو أمكن الشمس عند رؤيتها | لئم مواطي أقدامها لثمت |
سرى مسرى الصبا فعجبت منه | من الهجران كيف صبا إليا |
وكيف ألم بي من غير وعد | وفارقني ولم يعطف عليا |
أحسن به طرفا أفوت به القضا | إن رمته في مطلب أو مهرب |
مثل الغزالة ما بدت في مشرق | إلا بدت أنوارها في المغرب |
أوقعني العمر في لعل وهل | يا ويح من قد مضى بهل ولعل |
والشيب واف وعنده نزلا | وفر منه الشباب وارتحلا |
ما أوقح الشيب الآتي | إذ حل لا عن مرضاتي |
قد أضعفتني الستون لازمني | وخانني نقص قوة الزمن |
لكن هوى القلب ليس ينتقص | وفيه مع ذا من حرصه غصص |
يهوى جميع اللذات | كما له من عادات |
يا عاذلي لا تطل ملامك لي | فإن سمعي ناء عن العذل |
وليس يجدي الملام والفند | في من صبابات عشقه عدد |
دعني أنا في صبواتي | أنت البري من زلاتي |
كم سرني الدهر غير مقتصر | بالكأس والغانيات والوتر |
يمرح في طيب عيشنا الرغد | طرفي وروحي وسائر الجسد |
ومن صفت لي خطراتي | وطاوعتني أوقاتي |
مضى رسولي إلى معذبتي | وعاد في بهجة مجددة |
وقال: قالت: تعال في عجل | لمنزلي قبل أن يجي رجلي |
واصعد وجز من طاقاتي | ولا تخف من جاراتي |
عسى -ويا قلما تفيد عسى- | أرى لنفسي من الهوى نفسا |
مذبان عني من قد كلفت به | قلبي قد لج في تقلبه |
وبي أذى شوق عاتي | ومدمعي يوم شات |
ولا أترك اللهو والهوى أبدا | وإن أطلت الغرام والفندا |
إن شئت فاعذل فلست أستمع | أنا الذي في الغرام أتبع |
وتحتذى صباباتي | وبدعي وعاداتي |
وبي ملك في الجمال لا بشر | يظلم إن قيل: إنه قمر |
يحسن فيه الولوع والوله | وعز قلبي في أن أذل له |
خدي حذا لمن ياتي | ويرتعي حشاشاتي |
لست أذم الزمان معتديا | كم قد قطعت الزمان ملتهيا |
وظلت في نعمة وفي نعم | يلتذ سمعي وناظري وفمي |
ولا قذى في كاساتي | ومرتعي في الجنات |
وغادة دينها مخالفتي | ولا ترى في الهوى محالفتي |
وتستبيني ولست أمنعها | فقلت قولا عساه يخدعها |
ما هو كذا يا مولاتي | أجرى معي في ماواتي |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 9- ص: 0
أبو الفضل اليحصبي: عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض بن محمد بن موسى بن عياض القاضي أبو الفضل اليحصبي السبتي: أحد الأعلام ولد بسبته نصف شعبان سنة ست وسبعين وأربعمائة. وتوفي سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
استقضى بسبتة مدة طويلة، ثم نقل إلى قضاء غرناطة، وعمره لما ولي القضاء خمس وثلاثون سنة.
أخذ بقرطبة عن جماعة، وجمع من الحديث كثيرا، وكان له عناية كبيرة به، وبالاهتمام بجمعه وتقييده.
وهو من أهل التفنن والذكاء واليقظة والفهم.
ومدحه أبو الحسن ابن هارون المالقي الفقيه (المشاور) بقوله:
ظلموا عياضا وهو يحلم عنهم | والظلم بين العالمين قديم |
جعلوا مكان الراء عينا في اسمه | كي يكتموه فإنه معلوم |
لولاه ما فاحت أباطح سبتة | والروض حول فنائها معدوم |
انظر إلى الزرع وخاماته | تحكي وقد ماست أمام الرياح |
كتيبة خضراء مهزومة | شقائق النعمان فيها جراح |
الله يعلم أني منذ لم أركم | كطائر خانه ريش الجناحين |
فلو قدرت ركبت البحر نحوكم | لأن بعدكم عني جنى حيني |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 23- ص: 0
إسماعيل بن علي السلطان الإمام والعالم الفاضل الفريد المفنن الملك المؤيد عماد الدين أبو الفداء بن الأفضل بن الملك المظفر بن الملك المنصور صاحب حماة تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي.
وكان أولا أميرا بدمشق، وخدم السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون لما كان في الكرك آخر مرة، وبالغ في ذلك، فوعده بحماة، ووفى له بذلك، وأعطاه حماة لما أمر لأسندمر بنيابة حلب بعد موت نائبها قبجق، وجماله صاحبها سلطانا يفعل فيها ما يشاء من إقطاع وغيره، ليس لأحد معه كلام فيها، ولا يرد عليه مرسوم من مصر بأمر ولا نهي لأحد من نائب أو وزير اللهم إلا إن جرد عسكر من مصر والشام جرد منها.
وتوجه من دمشق إليها في جمادى الآخرة سنة عشر وسبع مئة، وأركبه في القاهرة بشعار الملك، وأبهة السلطنة، ومشى الأمراء والناس في خدمته حتى الأمير سيف الدين أرغون النائب، وقام له كريم الدين بكل ما يحتاج إليه في ذلك المهم من التشاريف والإنعامات على وجوه الدولة وغيرهم، ولقبه بالملك الصالح، ثم إنه بعد قليل لقبه بالملك المؤيد، وذلك لما حج معه في سنة تسع عشرة وسبع مئة، وعاد معه إلى القاهرة، وأذن له أن يخطب له بحماة وأعمالها على ما كان عليه عمه المنصور، وكان في كل سنة يتوجه إلى مصر ومعه أنواع من الرقيق والجواهر والخيول المسومة وسائر الأصناف الغريبة، هذا إلى ما هو مستمر في طول السنة مما يهديه من التحف والطرف.
وتقدم السلطان إلى نوابه بالشام بان يكتبوا: يقبل الأرض، وكان الأمير سيف الدين تنكر رحمه الله تعالى يكتب إليه: يقبل الأرض بالمقام الشريف العالي المولي السطلاني الملكي المؤيد العمادي، وفي العنوان صاحب حماة، ويكتب السلطان إليه أخوه محمد بن قلاوون أعز الله تعالى أنصار المقام الشريف العالي السلطاني الملكي المؤيدي العمادي، بلا مولوي. وكان الملك المؤيد يقول: ما أظن أني أكمل من العمر ستين سنة فما في أهل بيتي، يعني بيت تقي الدين من كملها.
وكان الملك المؤيد رحمه الله تعالى قد نزل في مكان المكارم، وعمر في الشجاعة بيتا في اقنا والصوارم، يتصبب جودا سماحه، ويتضبب بالبأس ذبله وصفاحه، له حنو زائد على أهل الفضائل، وتطلع إلى إنشاء الفوائد وإثارة ذبله وصفاحه، له حنو زائد على أهل الفضائل، وتطلع إلى إنشاء الفوائد وإثارة المسائل، آوى إليه أمين الدين الأبهري فبهره جوده، وغمره نائله وعمته وفوده، وتصدر في مجلسه قاعدا، ووقفت لديه جنوده، ولوى الحظ المدبر جيده إليه، ونشرت بروده، ومدحه شعراء عصر، وحملوا أبكار أفكارهم إلى قصره، ففازوا بالمهور الغالية، وحازوا الأجور العالية، ورتب لجماعة منهم في كل سنة شيئا قرره، وبذلا رتبه في ديوانه وحرره، منهم شاعره الشيخ جمال الدين محمد بن نباتة، وكان رابته في السنة عيه مبلغ ست مئة درهم لا بد من وصوله ودخوله في حوزته وحصوله، غير ما يهديه إليه في أثناء السنة، وتتضاعف فيه الحسنة، ورتب لأسد اليهودي الذي تقدم ذكره راتبا كفاه، وملأ كف رجائه وسد فاه.
وكان قد امتزج من العلوم بفنونها، وأخذ منها نخبة فوائدها وحاسن عيونها، فنظم الحاوي في الفقه، ولو لم يعرفه جيدا ما تصرف معه في نظمه، ولا اقتدر على تسيير نجمة. وله تاريخ جوده، وبيض به وجه الزمان لما سوده. وكتاب الكناش مجلدات، وفوائد العلم فيه مخلدات، وكتاب تقومي البلدان، قال الإحسان بقوله فيه ودان، وجدوله وهذبه، وجد له فأتقنه لما وضعه ورتبه، وقد أجاد فيه ما شاء، ونزل تجويده في الأفاضل في صميم الأحشاء. وله كتاب الموازين وهو صغير، وصوب إفادته غزير، وله غير ذلك.
ونظم القريض والموشح، واستخدم المعاني وأهلها ورشح. وكان يعرف علوما جمة، وفضائل يستعير البدر منها كماله وتمه، وأجود ما يعرفه الهيئة، فإذا اشتبك الجدال عليه فره إليها وفيئه.
وكانت عنده كتب نفيسة ملوكية قد حوتها خزانته، وأمده على اقتنائها انتقاؤه وفطانته، فملك منها الجواهر اليتيمة، والزواهر التي هي في أفقه مقيمة، وعلى كل حال فكان لسوق الفضل عنده نفاق، وللعلم عنده تحقيق وصدق دون نفاق، وللزمان به جملة جمال انساقت باقيا، وبدر لا يزال في مطالع السعود راقيا، وسلف سلافه من الجود يطوب بها إحسانه على العفاة ساقيا، وفضلات فضل طالما أنشدها مؤملوه:
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما | يظنان كل الظن أن لا تلاقيا |
ما للندى لا يلبي صوت داعيه | أظن أن ابن شاد قام ناعيه |
ما للرجاء قد اشتدت مذاهبه | ما للزمان قد اسودت نواحيه |
نعى المؤيد ناعيه فيا أسفا | للغيث كيف غدت عنا غواديه |
اقرأ على طيب الحيا | ة سلام ذاب حزنا |
واعلم بذاك أحبة | بخل الزمان بهم وضنا |
لو كان يشرى قربهم | بالمال والأرواح جدنا |
متجرع كاس الفرا | ق يبيت للأشجان رهنا |
صب قضى وجدا ولم | يقضى له ما قد تمنى |
كم من دم حللت وما ندمت | تفل ما تشتهي وما عدمت |
لو أمكن الشمس عند رؤيتها | لثم مواطي أقدامها لثمت |
سرى مسرى الصبا فعجبت منه | من الهجران كيف صبا إليا |
وكيف ألم بي من غير وعد | وفارقني ولم يعطف عليا |
أحسن به طرفا أفوت به القضا | إن رمته في مطلب أو مهرب |
مثل الغزالة ما بدت في مشرق | إلا بدت أنوارها في المغرب |
أوقعني العمر في لعل وهل | يا ويح من قد مضى بهل ولعل |
والشيب وافى وعنده نزلا | وفر منه الشباب وارتحلا |
ما أوقح الشيب الآتي | إذا حل لا عن رمضاتي |
قد أضعفتني الستون لا زمني | وخانني نقص قوة الزمن |
لكن هوى القلب ليس ينتقص | وفيه مع ذا من حرصه غصص |
يهوى جميع اللذات | كماله من عادات |
يا عاذلي لا تطل ملامك | لي فإن سمعي ناء عن العذل |
وليس يجدي الملام والفند | فيمن صبابات عشقه عدد |
دعني أنا في صبواتي | أنت البري من زلاتي |
كم سرني الدهر غير مقتصر | بالكاس والغانيات والوتر |
يمزج في طيب عيشنا الرغد | طرفي وروحي وسائر الجسد |
وكم صفت لي خطراتي | وطاوعتني أوقاتي |
مضى رسولي إلى معذبتي | وعاد في بهجة مجددة |
وقال: قالت: تعال في عجل | بمنزلي قبل أن يجي رجلي |
واصعد وجز من طاقاتي | ولاتخف من جاراتي |
عسى ويا قلما تفيد عسى | أرى لنفسي من الهوى نفسا |
مذ بان عني من قد كلفت به | قلبي قد ذاب في تقلبه |
وبي أذى شوق عاتي | ومدمعي يوم شات |
لا أترك اللهو والهوى أبدا | وإن أطلت الملام والفندا |
إن شئت فاعذل فلست أستمع | أنا الذي في الغرام أتبع |
وتحذى صباباتي | وبدعي وعاداتي |
بي ملك في الجمال لا بشر | يظلم إن قيل: إنه قمر |
يحسن فيه الولوع والواله | وعز قلبي في أن أذل له |
خدي حذا لمن يأتي | ويرتعي حشاشاتي |
لست أذم الزمان معتديا | كم قد قطعت الأيام ملتهيا |
وظلت في نعمة وفي نعم | يلتذ سمعي وناظري وفمي |
ولا قذى في كاساتي | ومرتعي في الجنات |
وغادة دينها مخالفتي | ولا ترى في الهوى محالفتي |
وتستبيني ولست أسمعها | فقلت قولا عساه يخدعها |
ما هو كذا يا مولاتي | اجري معي في مأواتي |
ميعاد صبري وسلوي المعاد | فالح امرأ يسليه طول البعاد |
ولا تلم من دمع أجفانه | إن ظن صرف الدهر بالقرب جاد |
فبين جفني والكرى نفرة | وبني قلبي والغرام اتحاد |
فلا تعد بالنوم جفني فما | يرجع يوما برقاك الرقاد |
إن ترد علم بديع الهوى | فأت لي عندي فعندي المراد |
جانس رعي النجم مستيقظا | لي في الدجا بين السها والسهاد |
وطابق الشوق لهيبي فما | دمعي فظلا بين خاف وباد |
فمقلتي للدمع والجسم للأسـ | ـقام والقلب لحفظ الوداد |
وفرغ الحب الضنى في الحشا | عن مقلس فيها منايا العباد |
فما ظبى أرهفها فينها | ليوم حرب من سوف حداد |
وقلت بأمضى من جفونس بدت | من كحل خالطها في حداد |
فهو كما قالوا ولكنه | يعرف ممن وده في ازدياد |
يا راكبا يفري جواد الفلا | على أمون جسرة أو جواد |
يسري فتبديه ظهور الربا | طورا وتخفيه بطوف الوهاد |
مدرعا فوق الربا بالدجا | مثل خطيب في شعار السواد |
معتسفا ليس له إن خبت | أشعة النجم سوى الشوق هاد |
بلى ونشر عاطر مر من | حماة في المسرى إلى خير ناد |
قبل ثراها إذ تراها وكر | ره فأحلى اللم لثم معاد |
حيث الندا والفضل بادي السنا | والعدل والمعروف واري الزناد |
أضحت وقد شيد أرجاءها المـ | ـولى عماد الدين ذات العماد |
حمى حماها بأسه والندى | فأهلها من عدله في مهاد |
وإن يطل عهد الربا والحيا | جدد بالجود عهود العهاد |
من حاتم يوم القرى والندا | من عامر يوم الوغى والجلاد |
من أحنف في الحلم دع ذكره | ولا تقس قسا به في إياد |
عالي المدا داني الندى باسل | أروع بسام طويل النجاد |
كأنما أسيافه إن سطا | على العدا في وقعها ريح عاد |
رؤوسهم توقن إن عاينت | سمر قناه بعصود الصعاد |
من أسرة أعلوا منار الهدى | وذللوا أعناق أهل العناد |
واسترجعت أسيافهم عنوة | ما استودعت أعداؤهم من بلاد |
وشيدوا دين الهدى فاعتلى | بين جهاد منهم واجتهاد |
وحكمت أيديهم وفدهم | فيما رجوا من طارف أو تلاد |
قد أنشر الله به ذكرهم | فقيل عاش الفضل والعدل عاد |
وازن أيامهم فضله | وجودته الهامي فأربى وزاد |
يسري على البعد مديحي له | فيلتقيه الفضل من كل واد |
ما بين فضل وندى سائغ | مع كرم يؤمنه الانتقاد |
يا ملكا أفحمني فضله | فمال بي العجز إلى الاقتصاد |
عذرا فلو أستطيع سطرتها | في أبيض الطرف بنقش السواد |
تهن عيد النحر واسعد به | وصل وانحر بالسطا كل عاد |
دم ثمالا لعفاة كفوا | ببحر نعمان ورود الثماد |
مهما أتوا بابك ألفوا به | عين ندى يروى بها كل صاد |
واجتل غيدا من ثنا زفها | في حلتي إنشادها كل شاد |
ما مال عطف الغصن أو غردت | له قيان الورق زهوا ومات |
دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 1- ص: 502
المؤيد صاحب حماة إسماعيل بن علي.
دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 5- ص: 494
إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب الملك المؤيد عماد الدين ابن الأفضل بن المظفر بن المنصور تقي الدين الأيوبي السلطان عماد الدين صاحب حماة ولد سنة بضع وسبعين وبخط المؤرخ بحلب سنة اثنتين وأمر بدمشق فخدم الناصر لما كان بالكرك فبالغ فلما عاد إلى السلطنة وعده بسلطنة حماة ثم سلطنه بعد مدة يفعل فيها ما شاء من إقطاع وغيره ولا يؤمر ولا ينهى إلا أن جرد من الشام ومصر عسكر فإنه يجرد من مدينته وأركب في القاهرة بشعار المملكة والأبهة ومشى الناس في خدمته حتى أرغون النائب فمن دونه وجهزه كريم الدين بجميع ما يحتاج إليه ولقب أولا الصالح ثم المؤيد وأذن أن يخطب له بحماة وأعمالها وقدم سنة 16 فأنزل الكبش وأجريت عليه الرواتب وبالغ السلطان في إكرامه إلى أن سافر وقدم مرة أخرى ثم حج مع السلطان سنة 19 فلما عاد عظم في عين السلطان لما رآه من آدابه وفضائله وأركبه في المحرم سنة 20 عشرين بعد العود من المنصورية بين القصرين بشعار السلطنة وبين يديه قجليس السلاح دار بالسلاح والدوادار الكبير بالدواة والغاشية والعصائب وجميع دست السلطنة فطلع إلى السلطان وجلس رأس الميمنة ولقبه السلطان يومئذ المؤيد وكان جملة ما وصل إلى أهل الدولة بسببه في هذا اليوم مائة وثلاثين تشريفا منها ثلاثة عشر أطلس وتوجه في سنة 22 مع السلطان إلى الصعيد وكان يزوره بمصر كل سنة غالبا ومعه الهدايا والتحف وأمر السلطان جميع النواب أن يكتبوا له يقبل الأرض وكان السلطان يكتب إليه أمره وكان جوادا شجاعا عالما في عدة فنون نظم الحاوي في الفقه وصنف تاريخه المشهور تقويم البلدان ونظم الشعر والموشحات وفاق في معرفة علم الهيئة واقتنى كتبا نفيسة ولم يزل على ذلك إلى أن مات في المحرم سنة 732 ولم يكمل الستين ورثاه ابن نباتة وغيره ومن شعره ما أنشدنا أبو اليسر ابن الصائغ إجازة أنشدنا خليل ابن أيبك أنشدنا جمال الدين ابن نباتة أنشدنا المقرئ محمود بن حماد أنشدنا الملك المؤيد لنفسه في وصف فرس
أحسن به طرفا أفوت به القضا | إن رمته في مطلب أو مهرب |
مثل الغزالة ما بدت في مشرق | إلا بدت أنوارها في المغرب |
مجلس دائرة المعارف العثمانية - صيدر اباد/ الهند-ط 2( 1972) , ج: 1- ص: 0
القاضي عياض هو أبو الفضل: عياض بن موسى بن عياض بن عمرون بن موسى بن عياض بن محمد بن عبد الله بن موسى بن عياض اليحصبي الإمام العلامة يكنى أبا الفضل سبتي الدار والميلاد أندلسي الأصل.
قال ولده محمد: كان أجدادنا في القديم بالأندلس ثم انتقلوا إلى مدينة فاس وكان لهم استقرار بالقيروان لا أدري قبل حلولهم بالأندلس أو بعد ذلك وانتقل عمرون إلى سبتة بعد سكنى فاس.
كان القاضي أبو الفضل إمام وقته في الحديث وعلومه عالما بالتفسير وجميع علومه فقيها أصوليا عالما بالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم بصيرا بالأحكام عاقدا للشروط حافظا لمذهب مالك رحمه الله تعالى شاعرا مجيدا ربانا من الأدب خطيبا بليغا صبورا حليما جميل العشرة جوادا سمحا كثير الصدقة دءوبا على العمل صلبا في الحق.
رحل إلى الأندلس - سنة سبع وخمسمائة - طالبا للعلم فأخذ بقرطبة عن القاضي أبي عبد الله: محمد بن علي بن حمدين وأبي الحسين بن سراج وعن أبي محمد بن عتاب وغيرهم وأجاز له أبو علي الغساني وأخذ بالمشرق عن القاضي أبي علي: حسين بن محمد الصدفي وغيره وعني بلقاء الشيوخ والأخذ عنهم وأخذ عن أبي عبد الله المازري كتب إليه يستجيزه وأجاز له الشيخ أبو بكر الطرطوشي.
ومن شيوخه: القاضي أبو الوليد بن رشد قال صاحب الصلة البشكوالية: وأظنه سمع من ابن رشد وقد اجتمع له من الشيوخ - بين من سمع منه وبين من أجاز له: مائة شيخ.
وذكر ولده محمد منهم: أحمد بن بقي وأحمد بن محمد بن مكحول وأبو الطاهر: أحمد بن محمد السلفي والحسن بن محمد بن سكرة والقاضي أبو بكر بن العربي والحسن بن علي بن طريف وخلف بن إبراهيم بن النحاس
ومحمد بن أحمد بن الحاج القرطبي وعبد الله بن محمد الخشني وعبد الله بن محمد البطليوسي وعبد الرحمن بن بقي بن مخلد وعبد الرحمن بن العجوز وغيرهم ممن يطول ذكرهم.
قال صاحب الصلة: وجمع من الحديث كثيرا وله عناية كبيرة به واهتمام بجمعه وتقييده وهو من أهل التفنن في العلم واليقظة والفهم وبعد عوده من الأندلس أجلسه أهل سبتة للمناظرة عليه في المدونة وهو بن ثلاثين سنة أو ينيف عنها ثم أجلس للشورى ثم ولي قضاء بلده مدة طويلة حمدت سيرته فيها ثم نقل إلى قضاء غرناطة في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ولم يطل أمره بها ثم ولي قضاء سبتة ثانيا.
قال صاحب الصلة: وقدم علينا قرطبة فأخذنا عنه بعض ما عنده. قال بن الخطيب: وبنى الزيادة الغربية في الجامع الأعظم وبنى في جبل المينا الراتبة الشهيرة وعظم صيته ولما ظهر أمر الموحدين بادر إلى المسابقة بالدخول في طاعتهم ورحل إلى لقاء أميرهم بمدينة سلا فأجزل صلته وأوجب بره - إلى أن اضطربت أمور الموحدين عام ثلاثة وأربعين وخمسمائة فتلاشت حاله ولحق بمراكش مشردا به عن وطنه فكانت بها وفاته.
وله التصانيف المفيدة البديعة منها: إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم
ومنها: كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم أبدع فيه كل الإبداع وسلم له اكفاؤه كفايته فيه ولم ينازعه أحد من الانفراد به ولا أنكروا مزية السبق إليه بل تشوفوا للوقوف عليه وأنصفوا في الاستفادة منه وحمله الناس عنه وطارت نسخه شرقا وغربا وكتاب مشارق الأنوار في تفسير غريب حديث الموطأ والبخاري ومسلم وضبط الألفاظ والتنبيه على مواضع الأوهام والتصحيفات وضبط أسماء الرجال وهو كتاب لو كتب بالذهب أو وزن بالجوهر لكان قليلا في حقه وفيه أنشد بعضهم:
مشارق أنوار تبدت بسبتة | ومن عجب كون المشارق بالغرب؟ |
يا من تحمل عني غير مكترث | لكنه للضنا والسقم أوصى بي |
تركتني مستهام القلب ذا حرق | أخا جوى وتباريح وأوصاب |
أراقب النجم في جنح الدجا سحرا | كأنني راصد للنجم أوصابي |
وما وجدت لذيذ النوم بعدكم | إلا جنى حنظل في الطعم أوصاب |
الله يعلم أني منذ لم أركم | كطائر خانه ريش الجناحين |
فلو قدرت ركبت الريح نحوكم | فإن بعدكم عني جنى حيني |
إن البخيل بلحظه أو لفظه | أو عطفه أو رفقه لبخيل |
انظر إلى الزرع وخاماته | تحكي وقد ماست أمام الرياح |
كتيبة خضراء مهزومة | شقائق النعمان فيها جراح |
دار التراث للطبع والنشر - القاهرة-ط 1( 2005) , ج: 2- ص: 46
إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد ابن عمر بن شاهنشاه بن أيوب الملك المؤيد صاحب حماة
عماد الدين أبو الفداء ابن الأفضل بن الملك المظفر بن الملك المنصور بن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شادي
كان من أمراء دمشق وخدم السلطان الملك الناصر لما كان في الكرك آخر أمره فوعده بحماة ووفى له بذلك
وكان المذكور رجلا فاضلا نظم الحاوي في الفقه وصنف تقويم البلدان وتاريخا حسنا وغير ذلك
توفي بحماة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وكان قد ملكها في سنة عشر وسبعمائة فأقام هذه المدة له شعر حسن ومن شعره
أحسن به طرفا أفوت به القضا | إن رمته في مطلب أو مهرب |
مثل الغزالة ما بدت في مشرق | إلا بدت أنوارها في المغرب |
أترى محبك بالخيال يفوز | ولنومه عن مقلتيه نشوز |
ميعاد صبري وسلوى المعاد | فالح امرأ يسليه طول البعاد |
لثمت ثغر عذولي حين سماك | فلذ حتى كأني لاثم فاك |
حبا لذكراك في سمعي وفي خلدي | هذا وإن جرحت في القلب ذكراك |
تيهي وصدى إذا ما شئت واحتكمي | على النفوس فإن الحسن ولاك |
وطولي من عذابي في هواك عسى | يطول في الحشر إيقافي وإياك |
في فيك خمر وفي عطف الصبا ميد | فما تثنيك إلا من ثناياك |
وما بكيت لكوني فيك ذا شجن | إلا لكون سعير القلب مأواك |
بالرغم إن لم أقل يا أصل حرقته | ليهنك اليوم إن القلب مرعاك |
يا أدمعا لي قد أنفقتها سرفا | ما كان عن ذا الوفا والبر أغناك |
ويا مديرة صدغيها لقبلتها | لقد غدت أوجه العشاق ترضاك |
مهما سلونا فما نسلو ليالينا | وما نسينا فلا والله ننساك |
نكاد نلقاك بالذكرى إذا خطرت | كأنما اسمك يا أسما مسماك |
ونشتكي الطير نعابا بفرقتنا | وما طيور النوى إلا مطاياك |
لقد عرفناك أياما وداومنا | شجو فيا ليت أنا ما عرفناك |
نرعى عهودك في حل ومرتحل | رعى ابن أيوب حال اللائذ الشاكي |
العالم الملك السيار سؤدده | في الأرض سير الدراري بين أفلاك |
ذاك الذي قالت العليا لأنعمه | لا أصغر الله في الأحوال مهناك |
له أحاديث تغني كل مجدبة | عن الحياء وتجلي كل أحلاك |
ما بين خيط الدجى والفجر لائحة | كأنها درر من بين أسلاك |
كفاك يا دولة الملك المؤيد عن | بر البرية من للفضل أعطاك |
لك الفتوة والفتوى محررة | لله ماذا على الحالين أفتاك |
أحييت ما مات من علم ومن كرم | فزادك الله من فضل وحياك |
من ذا يجمع ما جمعت من شرف | في الخافقين ومن يسعى لمسعاك |
أنسى المؤيد أخبار الألى سلفوا | في الملك ما بين وهاب وفتاك |
ذو الرأي يشكو السلاح الجم قاطعه | لذاك يسمى السلاح الجم بالشاكي |
والمكرمات التي افترت مباسمها | والغيث بالرعد يبدي شهقة الباكي |
قل للبدور استجني في الغمام فقد | محا سنا ابن علي حسن مرآك |
إن ادعيت من البشر المطيف به | غيظا فقد ثبتت في الوجه دعواك |
يا أيها الملك المدلول قاصده | وضده نحو ستار وهتاك |
وحدته في الورى بالقصد وارتفعت | وسائلي فيه عن زيغ وإشراك |
سقيا لدنياك لا لقب يخالفه | فيها لديك ولا وصف بأفاك |
من كان من خيفة الإنفاق يمسكها | فأنت تنفقها من خوف إمساك |
دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 9- ص: 403
اسمعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب
الملك المؤيد صاحب حماه ولد سنة 672 اثنتين وسبعين وستمائة وأمره الناصر فخدمه لما كان بالكرك فبالغ فلما عاد الناصر إلى السلطنة وعده بسلطنة حماه ثم سلطنه بها يفعل فيها ما يشاء من إقطاع وغير ذلك ولا يؤمر ولا ينهى أركبه الناصر شعار الملكة والسلطنة ومشى في خدمته أكابر أمراء الناصر فمن بعدهم واستقر بحماه ثم قدم إلى مصر على السلطان الناصر في سنة 716 فبالغ السلطان في إكرامه ثم قدم مرة أخرى فحج مع السلطان سنة 719 فلما عاد عظم في عين السلطان لما رآه من آدابه وفضائله وألبسه بعد العود شعار السلطنة وبين يديه جميع خواص الناصر وسائر الناس ومشى السلحدار بالسلاح والدويدار الكبير بالدواة والغاشية والعصايب وجميع دست السلطان بين يديه وكان جملة ما وصل إلى أهل الدولة بسببه في هذا اليوم مائة وثلاثين تشريفاً منها ثلاثة عشر أطلس وكان يزور السلطان في كل سنة غالبا ومعه الهدايا والتحف وأمر السلطان جميع النواب أن يكتبوا إليه يقبل الأرض وهذا لفظ يختص بالسلطان الأعظم وكان الناصر نفسه يكتب إليه ذلك وكان جواداً شجاعاً عالما بفنون عدة لاسيما الأدب فله فيه يد طولى نظم الحاوي في الفقه وصنف تاريخه المشهور ونظم الشعر والموشحات وكان له معرفة بعلم الهيئة قال ابن حجر في الدرر الكامنة ولا أعرف في احد من الملوك من المدايح ما لابن نباته والشهاب محمود وغيرهما فيه إلا سيف الدولة وقد مدح الناس غيرهما من الملوك لكن اجتمع لهذين من الكثرة والإجادة من الفحول مالم يتفق لغيرهما وكان يحب أهل العلم ويقربهم وكان لابن نباته عليه راتب في كل سنة يصل إليه سوى ما يتحفه به إذا قدم عليه وكان الناصر يكتب إليه اعز الله أنصار المقام الشريف العالي السلطاني الملكى المؤيدي وهذا وهو نائب من نوابه وكان نائب الناصر في الشام وهو أكبر النواب يكتب إلى صاحب الترجمة يقبل الأرض وأما غير نائب الشام فيكتب إليه يقبل الأرض وينهى واستمر على حاله الجميل حتى مات في شهر محرم سنة 732 ومن نظمه
أحسن به طرفاً أفوت به القضا | إن رمته في مطلب أو مهرب |
مثل الغزالة ما بدت في مشرق | إلا بدت أنوارها في المغرب |
دار المعرفة - بيروت-ط 1( 0) , ج: 1- ص: 151
القاضي عياض بن موسى بن عياض بن عمر بن موسى بن عياض العلامة عالم المغرب أبو الفضل اليحصبي السبتي الحافظ
ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة
أجاز له أبو علي الغساني
وتفقه وصنف التصانيف التي سارت بها الركبان كالشفاء وطبقات المالكية وشرح مسلم والمشارق في الغريب وشرح حديث أم زرع والتاريخ وغير ذلك
وبعد صيته وكان إمام أهل الحديث في وقته وأعلم الناس بعلومه وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم
وولي قضاء سبتة ثم غرناطة مات ليلة الجمعة سنة أربع وأربعين وخمسمائة بمراكش
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1403) , ج: 1- ص: 470
القاضي عياض
ابن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض، الحافظ، العلامة، أبو الفضل، اليحصبي، السبتي.
ولد بسبتة في سنة ست وسبعين وأربع مئة.
وأخذ عن: محمد بن حمدين، وأبي علي بن سكرة، وأبي محمد بن عتاب، وهشام بن أحمد، وأبي بحر بن العاص، وخلق.
وأجاز له الحافظ أبو علي الغساني، وكان يمكنه السماع منه، وتفقه بأبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي وغيره، وصنف التصانيف المشهورة.
روى عنه: أبو القاسم خلف بن بشكوال، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، ومحمد بن الحسن الجابري، وأبو جعفر بن القصير الغرناطي، وخلق.
قال ابن بشكوال: هو من أهل العلم والتفنن والذكاء والفهم، استقضي بسبتة مدة طويلة، حمدت سيرته فيها، ثم نقل عنها إلى قضاء غرناطة فلم يطول بها، وقدم علينا قرطبة فأخذنا عنه.
وقال الفقيه محمد بن حمادة السبتي: جلس القاضي للمناظرة وله نحوٌ من ثمانٍ وعشرين سنة، [وولي القضاء وله خمس وثلاثون سنة] ؛ فسار بأحسن سيرة، وكان هيناً من غير ضعف، صليباً في الحق، تفقه على أبي عبد الله التميمي، وصحب أبا إسحاق بن جعفر الفقيه، ولم يكن أحدٌ بسبتة في عصرٍ أكثر تواليف من تواليفه، له كتاب ’’الشفا في شرف المصطفى’’، وكتاب ’’ترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر
فقهاء مذهب مالك’’، وكتاب ’’العقيدة’’، وكتاب ’’شرح حديث أم زرع’’، وكتاب ’’جامع التواريخ’’ الذي أربى على جميع المؤلفات؛ جمع فيه أخبار ملوك الأندلس والمغرب، واستوعب فيه أخبار سبتة وعلماءها، وله كتاب ’’مشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار: الموطأ والصحيحين، إلى أن قال: وحاز من الرياسة في بلده، ومن الرفعة ما لم يصل إليه أحدٌ قط من أهل بلده، وما زاده ذلك إلا تواضعاً وخشيةً لله.
وقال القاضي شمس الدين بن خلكان: هو إمام الحديث في وقته، وأعرف الناس بعلومه، وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم، قال: ومن تصانيفه: كتاب ’’الإكمال في شرح مسلم’’ كمل به كتاب ’’المعلم’’ للمازري، ومنها كتاب ’’مشارق الأنوار’’ في تفسير غريب
الحديث، وكتاب ’’التنبيهات’’ فيه فوائد وغرائب، وكل تواليفه بديعة، وله شعرٌ حسن.
قال ابن بشكوال: توفي القاضي عياض مغرباً عن وطنه في وسط سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
وقال غيره: في جمادى الآخرة، ودفن بمراكش.
وفيها: مات العلامة أبو جعفرك أحمد بن علي بن أبي جعفر البيهقي؛ صاحب التصانيف. وقاضي تستر أبو بكر أحمد بن محمد بن حسين الأرجاني؛ شاعر وقته. والمسند أبو المحاسن سعد بن علي بن الموفق الهروي. والإمام أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد المرادي القرطبي؛ محدث حلب.
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 4- ص: 1