الحمدوي إسماعيل بن إبراهيم، أبو علي الحمدوي: شاعر متهكم ساخر عراقي. نسبته إلى جد له يدعى ’’ ابن حمدويه’’ عرف في البصرة، يتردد بينها وبين بغداد. واشتهر بكثرة ما قاله في ’’ طيلسان ابن حرب’’ وله هجاء في الجاظ والمبرد. جمع أحمد النجدي ببغداد حوالي مئة قطعة من شعره في ’’ ديوان - ط) نشره في مجلة المورد.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 307
أبو علي الحمدوني إسماعيل بن إبراهيم بن حمدويه أبو علي الحمدوني، وجده حمدويه صاحب الزنادقة على عهد الرشيد. قال المرزباني: بصري مليح الشعر حسن التضمين، اشتهر بقوله في طيلسان أحمد بن حرب ابن أخي يزيد المهلبي وشاة سعيد وفقر الحرزي وإبط قرب جارية البرامكة وقبح أبي حازم، وكان يقول: أنا ابن قولي:
يا ابن حرب كسوتني طيلسانا | مل من صحبة الزمان وصدا |
طال ترداده إلى الرفو حتى | لو بعثناه وحده لتهدى |
كساني ابن حرب طيلسانا كأنه | فتى ناحل بال من الوجد كالشن |
تغنى لإبراهيم لما لبسته: | ذهبت من الدنيا وقد ذهبت مني |
ما أرى إن ذبحت شاة سعيد | حاصلا في يدي غير الإهاب |
ليس إلا عظامها لو تراها | قلت: هذي أزائف في جراب |
من خساس الشاء اللواتي إذا ما | أبصروهن قيل: شاء التهاب |
ستراهن كيف ينفضن في وجـ | ـه هذا المضحي بهن يوم الحساب |
أيا سعيد لنا في شاتك العبر | جاءت وما إن لها بول ولا بعر |
وكيف تبعر شاة عندكم مكثت | طعامها الأبيضان: الماء والقمر |
لو أنها أبصرت في نومها علفا | غنت له ودموع العين تنحدر |
يا مانعي لذة الدنيا بأجمعها | إني ليقنعني من وجهك النظر |
أسعيد قد أعطيتني أضحية | مكثت زمانا عندكم ما تطعم |
نضوا تغامزت الكلاب بها وقد | شدوا عليها كي تموت فيولموا |
فإذا الملا ضحكوا بها قالت لهم | لا تهزأوا بي وارحموني ترحموا |
مرت على علف فقامت لم ترم | عنه وغنت والمدامع تسجم |
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي | متأخر عنه ولا متقدم |
شاة سعيد في أمرها عبر | لما أتتنا قد مسها الضرر |
وهي تغني من سوء حالتها: | حسبي بما قد لقيت يا عمر |
مرت بقطف خضر ينشرها | قوم فظنت بأنها خضر |
فأقبلت نحوها لتأكلها | حتى إذا ما تبين الخبر |
وأبدلتها الظنون من طمع | يأسا تغنت والدمع ينحدر |
كانوا بعيدا فكنت آملهم | حتى إذا ما تقربوا هجروا |
لسعيد شويهة | سلها الضر والعجف |
قد تغنت وأبصرت | رجلا حاملا علف |
بأبي من بكفه | برء دائي من الدنف |
فأتاها مطمعا | فأتته لتعتلف |
فتولى فأقبلت | تتغنى من الأسف |
ليته لم يكن وقف | عذب القلب وانصرف |
يا طيلسان ابن حرب قد هممت بأن | تودي بجسمي كما أودى بك الزمن |
ما فيك من ملبس يغني ولا ثمن | قد أوهنت حيلتي أركانك الوهن |
فلو تراني لدى الرفاء مرتبطا | كأنني في يديه الدهر مرتهن |
أقول حين رآني الناس ألزمه | كأنما لي في حانوته وطن: |
من كان يسأل عنا أين منزلنا | فالأقحوانة منا منزل قمن |
قل لابن حرب: طليسا | نك قوم نوح منه أحدث |
أفنى القرون ولم يزل | عمن مضى من قبل يورث |
فإذا العيون لحظنه | فكأنه باللحظ يحرث |
يودي إذا لم أرفه | فإذا رفوت فليس يلبث |
كالكلب إن تحمل عليـ | ـه الدهر أو تتركه يلهث |
يا ابن حرب كسوتني طيلسانا | أنحلته الأزمان فهو سقيم |
فإذا ما رفوته قال: سبحا | نك محيي العظام وهي رميم |
قل لابن حرب: طيلسانك قد | أودى قواي بكثرة الغرم |
متبين فيه لمبصره | آثار رفو أوائل الأمم |
وكأنه الخمر التي وصفت | في يا شقيق النفس من حكم |
فإذا رممناه فقيل لنا: | قد صح، قال له البلى: انهدم |
مثل السقيم برا فراجعه | نكس فأسلمه إلى سقم |
أنشدت حين طغى فأعجزني: | ومن العناء رياضة الهرم |
طيلسان لو كان لفظا إذا ما | شك خلق في أنه بهتان |
فهو كالطور إذ تجلى له اللـ | ـه فدكت قواه والأركان |
كم رفوناه إذ تمزق حتى | بقي الرفو وانقضى الطيلسان |
يا ابن حرب إني أرى في زوايا | بيتنا مثل من كسوت جماعه |
طيلسان رفوته ورفوت الـ | ـرفو منه وقد رقعت رقاعه |
فأطاع البلى فصار خليعا | ليس يعطي الرفاء في الرفو طاعه |
فإذا سائل رآني فيه | ظن أني فتى من أهل الصناعه |
طيلسان لابن حرب جاءني | خلعة في يوم نحس مستمر |
وإذا ما صحت فيه صيحة | تركته كهشيم المحتضر |
وإذا ما الريح هبت نحوه | طيرته كالجراد المنتشر |
مهطع الداعي إلى الرافي إذا | ما رآه قال: ذا شيء نكر |
فإذا رفاؤه حاول أن | يتلافاه تعاطى فعقر |
يا ابن حرب كسوتني طيلسانا | يزرع الرفو فيه وهو سباخ |
مات رفاؤه ومات بنوه | وبدا الشيب في بنيهم وشاخوا |
أيا طيلساني أعييت طبي | أسل بجسمك أم داء حب |
ويا ريح صيرتني أتقيك | وقد كنت لا أتقي أن تهبي |
ومستخبر خبر الطيلسان | فقلت له: الروح من أمر ربي |
طيلسان لابن حرب جاءني | قد قضى التمزيق منه وطره |
أنا من خوفي عليه أبدا | سامري ليس يألو حذره |
يا ابن حرب خذه أو فابعث بما | نشتري عجلا بصفر عشره |
فلعل الله يحييه لنا | إن ضربناه ببعض البقره |
فهو قد أدرك نوحا فعسى | قد حوى من علم نوح خبره |
أبدا يقرأ من أبصره | {أئذا كنا عظاما نخرة} |
يا ابن حرب أطلت فقري برفوي | طيلسانا قد كنت عنه غنيا |
فهو في الرفو آل فرعون في العر | ض على النار غدوة وعشيا |
زرت فيه معاشرا فازدروني | فتغنيت إذ رأوني زريا: |
جئت في زي سائل كي أراكم | وعلى الباب قد وقفت مليا |
وهبت لنا، ابن حرب، طيلسانا | يزيد المرء ذا الضعة اتضاعا |
يسلم صاحبي فيفيد شتمي | لأن الروح تكسبه انصداعا |
أجيل الطرف في طرفيه طولا | وعرضا ما أرى إلا رقاعا |
فلست أشك أن قد كان قدما | لنوح في سفينته شراعا |
فقد غنيت إذ أبصرت منه | جوانبه على بدني تداعى |
قفي قبل التفرق يا ضباعا | ولا يك موقف منك الوداعا |
يا طيلسان أبي حمران قد برمت | بك الحياة فما تلتذ بالعمر |
في كل يومين رفاء يجدده | هيهات ينفع تجديد مع الكبر؟ |
إذا ارتداه لعيد أو لجمعته | تنكب الناس أن يبلى من النظر |
لو فر بغلي من اصطبلي لقلت لمن | يجري وراه: تمهل أيها الساري! |
ففي زقاق سراج الدين موقفه | أو ذلك الخط أو في حومة الدار |
وطيلسان ابن حرب قد سمعت به | من طول بعث وترداد وتكرار |
أفدي خطاك ولو كانت على بصري | لكان في ذاك تشريف لمقداري |
وإن دارك صان الله مالكها | أعز عندي من أهلي ومن داري |
وطيلسان ابن حرب في تردده | قلبي إليك من الأشواق في نار |
إذا تمزق ألفاك السري له | في رفو بال وفي حوك لأشعار |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 9- ص: 0
الحمدوني إسماعيل بن إبراهيم.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 13- ص: 0