الدرجيني أحمد بن سعيد بن سليمان بن علي بن يخلف التمجاري الدرجيني الإباضي، أبو العباس الأديب الفقيه، المؤرح.
أصله من أسرة بربرية اباضية كانت تسكن تمجار وسط جبل نفوسة بليبيا هاجر جده الأعلى الحاج يخلف بن يخلف إلى بلاد الجريد التي كان سكانها اباضيين ويبدو أنه نزل كنومة من قرى دقاش بالجريد، واستمرت الأسرة مقيمة بهذه القرية إلى أن أخرج النكار الوهبية منها، فخرج جده الأدنى سليمان منها، وعند خروجه طعنه أحد النكار قاصدا قتله فنجا منه ونزل بربض من أرباض نفطة ثم انتقل والد المؤلف إلى درجين السفلى الجديدة قرب نفطة، وفيها نشأ المترجم واليها ينتسب. ويبدو أن الخلاف بين النكار والوهبية اشتد في دقاش وفي توزر، ثم إن التصوف والمذهب المالكي تسربا إلى توزر وكان لأبي علي النفطي السني دور في مقاومة المذهب إلى أن انقرض المذهب الإباضي من اقليم الجريد حوالي القرن الثامن نتيجة للتمزقات الداخلية.
والمترجم من أسرة انجبت شيوخا علماء في المذهب الاباضي، والمعلومات حول حياته قليلة تكاد تنحصر فيما يرويه هو من أخبار، فقد رحل في أول سن البلوغ وارجلان (واحة في الجنوب الجزائري، ويقال
عليها وارقلان على العادة في تعاقب الجيم والقاف المعقدة، وهي المعروفة الآن بورقلة بالقاف المعقدة) للأخذ عن شيوخها قال: «دخلت حلقة وارجلان - حرسها الله - وذلك في ربيع الأخير سنة 616 (1219) أول ما وجب علي الصيام». وفي وارجلان أخذ العلم عن أبي سهل يحيى بن إبراهيم أحد علمائها وائمتها المشاهير في القرن السابع. وكان المترجم ذكيا ألمعيا مقبلا بكليته على التحصيل، وعاملا بوصية أبيه الذي وجهه توجيها صادقا، ودفع به دفعا قويا بقصيدته التي حضه فيها على الجد في طلب العلم والكرع من مناهله العذبة، وفي هذه القصيدة تنويه بعلم شيخه أبي سهل:
فإن تك تلميذا نبيها وحاذقا | فشيخك بحر العلم اعظم به بحرا |
فما عذر من أستاذه بحر عصره | «أبو سهل» الحبر الذي قد علا فخرا |
حوى العلم والدين القويم وراثة | فاصبح ذلك العصر أطيبهم ذكرا |
فقيه تناهى في العلوم فحسبه | بكل فقيه ماهر فطن ازرى |
به «ورقلا» تزهو جمالا وبهجة | به اشرقت نورا به ابتسمت فخرا |
وهذه القصيدة نظمها في العام الثاني من رحلة ابنه إلى الشيخ أبي سهل إذ قال في طالعها:
مضت سنة واستقبلت بعدها أخرى | فيا ليت شعري ما تجيء به البشرى |
وكان والده في طليعة الشيوخ الذين أخذ عنهم.
وفي سنة 633/ 1235 واصل الدراسة بتوزر، وأقام مدة بجربة حيث اشتهر بين العزابة فيها بمعرفته الواسعة في الأدب واللغة والسير والفقه، واختاره عزابة الجزيرة لتأليف «طبقات المشايخ» حسب «رواية الجواهر المنتقاة» للبرادي.
مؤلفاته:
1) ديوان شعر.
2) طبقات المشايخ ذكر في هذا الكتاب أنه قسمه إلى جزءين: جزء في التاريخ، وجزء في السيرة، كما قسم كل قرن إلى قسمين الخمسين الأولى، والخمسين الثانية، على غرار أبي عمار عبد الكافي. والكتب السابقة له من طبقات الاباضية خالية غالبا من تاريخ الميلاد أو الوفاة، فكان في طريقته حصر للعصر. وترسم خطى أبي زكريا يحيى بن أبي بكر اليهراسني الوارجلاني (ق 5/ 11) وفصل ما أجمله. أبو زكريا في «سيره» هو كتاب مخطوط إلى الآن.
وفي القسم الثاني ترجم لعدد كبير من شيوخ الدعوة لم يترجم لهم أبو زكريا.
واعتمد على مصادر اباضية تعد مفقودة لحد الآن، وقدم في طبقاته معلومات ضافية عن بعض الجوانب المهمة في تاريخ الاباضية بالمغرب، مثل النظام الدقيق للعزابة، وتنظيم شؤون الدعوة في جبل نفوسة على يد الشيخ أبي عبد الله محمد بن بكر بعد انقراض الدولة الرستمية.
وهو في تراجمه يستطرد إلى إيراد محاورات علمية، فكثيرا ما يسوق مسألة علمية مؤيدا لها أو مبطلا ويختمها بتقرير القول المعتمد.
والدارس للتاريخ الإسلامي في المغرب لا يمكنه استيفاء معلوماته دون الاطلاع على هذا الكتاب. وقد اعتمد هذا الكتاب اعتمادا كليا كتب التراجم للاباضية التي ألفت بعده مثل كتاب «السير» للشماخي، واستدرك عليه البرادي في كتاب «الجواهر المنتقاة فيما أخل به صاحب الطبقات».
والكتاب طبع بقسنطينة سنة 1977 بتحقيق الأستاذ إبراهيم طلاي مصدرا بكلمة عن الكتاب لبكلي عبد الرحمن بن عمر.
3) كتاب في الرد على العمرية الاباضية اتباع عيسى بن عمر ذكره في
الطبقات 1/ 47 عند الكلام عن إمامة عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم من أيمة الدولة الرستمية الاباضية.
المراجع:
- الاباضية بالجريد لصالح باجية ص 206 - 212.
- الاباضية في موكب التاريخ الحلقة الثالثة.
- الإباضية في تونس لعلي يحيى معمر (بيروت 1385/ 1966) ص 133 - 134.
- تصدير بكلي عبد الرحمن بن عمر لكتاب طبقات المشايخ.
- الجواهر المنتقاة لأبي الفضل أبي القاسم بن إبراهيم البرادي طبعة حجرية (القاهرة 1302/ 1884 - 85) 2/ 215 - 16 - 219
- السير للشماخي، 164، 178، 453.
- دائرة المعارف الإسلامية (ط 1/) 1/ 683 بقلم ريني باسي (R.Basset) و (ط 2/) 2/ 144 - 145 بقلم لويكي (E. Le wiki)
- د/الحبيب الجنحاني: كتاب طبقات المشايخ لأبي العباس أحمد بن سعيد الدرجيني، حوليات الجامعة التونسية ع 15/ 1977 ص 161 - 177.
- محمد بو رقعة: سندات في تاريخ إباضية الشمال الأفريقي:
مجلة الثريا ع 12 س 2 محرم /1365 ديسمبر 1945 ص 12 - 14.