الأسعد بن مماتي اسعد (ابو المكارم) بن مهذب (الملقب بالخطير بن سعيد) بن مينا بن زكريا، ابن مماتي: وزير اديب. كان ناظر الدواوين في الديار المصرية. مولده بمصر ووفاته بحلب. وكان نصرانيا، فاسلم هو وجماعته في ابتداء الدولة الصلاحية. قال القفطي: من اقباط مصر في عصرنا، وكان جده جوهريا، يصبغ البلور صبغة الياقوت فلا يعرفه الا الخبير بالجواهر. له (قوانين الدواوين - ط) و (نظم سيرة السلطان صلاح الدين) و (نظم كليلة ودمنة) و (ديوان شعر) و (الفاشوش في احكام قراقوش - ط) وهو ينسب إلى السيوطي، خطأ.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 302
الأسعد بن مماتي عبد العزيز بن الخطير هو الأسعد بن المهذب بن مماتي. تقدم ذكره وذكر والده في حروف الألف والسين من الهمزة، فليكشف من هناك.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 18- ص: 0
أسعد بن المهذب بن أبي المليح مماتي أحد الرؤساء الأعيان الجلة، والكاتب الكبراء المنزلة، ومن تصرف في الأعمال، وولي رئاسة الديوان، وله أدب بارع، وخاطر وقاد مسارع، وقد صنف في الأدب وعرف، ومات بمدينة حلب في ثامن عشري جمادى الأولى سنة ست وستمائة، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
وأصله من نصارى أسيوط- بليدة بصعيد مصر- قدموا مصر وخدموا وتقدموا وولوا الولايات، وهو مع ذلك من أهل بيت في الكتابة عريق، برز جد أبيه مماتي أيام بدر الجمالي وهو كالمستولي على الديار المصرية ليس على يده يد، والمسمون بالخلافة محجوبون ليس لهم غير السكة والخطبة. وكان إلى مماتي كثير من أعماله، فحدثني الصاحب الكبير الوزير الجليل جمال الدين الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني القفطي- حرس الله علاه- بمدينة حلب قال: بلغني أن بعض تجار الهند قدم إلى مصر ومعه سمكة مصنوعة من عنبر، قد تنوق فيها وأجيد وطيبت ورصعت بالجواهر، فعرضها على بدر الجمالي ليبيعها منه فسامها من صاحبها فقال: لا أنقصها من ألف دينار شيئا، فأعيدت إليه، فخرج بها من دار بدر، فقال له أبو المليح: أرني هذه السمكة، فأراه إياها، فقال له: كم سمت فيها؟ فقال: لا أنقصها من ألف دينار درهما واحدا، فأخذ بيده وقبض ألف دينار من ماله وتركها عنده مدة، فاتفق أن شرب أبو مليح يوما وسكر وقال لندمائه: قد اشتهيت سمكا هاتم المقلى والنار حتى نقليه بحضرتنا، فجاءوه بمقلى حديد وفحم وتركوه على النار، وجاء بتلك السمكة العنبر فتركها في المقلى، فجعلت تتقلى وتفوح روائحها حتى لم يبق بمصر دار إلا ودخلتها تلك الرائحة، وكان بدر الجمالي جالسا فشم تلك الرائحة وتزايدت، فاستدعى الخزان وأمرهم بفتح خزائنه وتفتيشها خوفا من حريق قد يكون وقع فيها، فوجدوا خزائنه سالمة، فقال: ويحكم انظروا ما هذا، ففتشوا حتى وقعوا على حقيقة الخبر، فاستعظم، وقال: هذا النصراني الفاعل الصانع قد أكل أموالي واستبد بالدنيا دوني حتى أمكنه أن يفعل مثل هذا، وتركه إلى الغداة، فلما دخل إليه وهو مغضب قال له:
ويحك أستعظم أنا وأنا ملك مصر شرى سمكة من العنبر فأتركها استكثارا لثمنها فتشتريها أنت، ثم لا يقنعك حتى تقليها وتذهب في ساعة ألف دينار مصرية؟! ما فعلت هذا الا وقد نقلت بيت أموالي إليك وفعلت، فقال له: والله ما فعلت هذا إلا غيرة عليك ومحبة لك، فإنك اليوم سلطان نصف الدنيا، وهذه السمكة لا يشتريها إلا ملك، فخفت ان يذهب بها إلى بعض الملوك ويخبره بأنك استعظمتها ولم تشترها، فأردت أن أعكس الأمر وأعلمه أنك ما تركتها إلا احتقارا لها، وأنها لم يكن لها عندك مقدار، وأن كاتبا نصرانيا من كتابك اشتراها وأحرقها، فيشيع بذلك ذكرك، ويعظم عند الملوك قدرك. فاستحسن بدر ذلك منه وأمر له بضعفي ثمنها وزاد في رزقه.
وكان مماتي مع ذلك كريما ممدحا قد مدحه الشعراء، فذكر أبو الصلت في «كتاب الرسالة المصرية» له أن أبا طاهر إسماعيل بن محمد الشاعر المعروف بابن مكنسة كان منقطعا إليه، فلما مات مماتي رثاه ابن مكنسة بقصيدة منها:
ماذا أرجي من حيا | تي بعد موت أبي المليح |
ما كان بالنكس الدني | من الرجال ولا الشحيح |
كفر النصارى بعد ما | غدروا به دين المسيح |
لم يسلم الشيخ الخطير | لرغبة في دين أحمد |
بل ظن أن محاله | يبقي له الديوان سرمد |
والآن قد صرفوه عنه | فدينه فالعود أحمد |
صح التمثل في قديم | الدهر أن العود أحمد |
يا أسد الدين ومن عدله | يحفظ فينا سنة المصطفى |
كفى غيارا شد أوساطنا | فما الذي يوجب كشف القفا |
وشادن لما أتى مقبلا | سبحت رب العرش باريه |
ومذ رأيت النحل في خده | أيقنت أن الشهد في فيه |
حوى درب نور الدين كل شمردل | مشددة أوساطهم بالزنانير |
فأوله للشهد والنحل منزل | وآخره يا سادتي للزنابير |
حكى نهرين ما في الأرض | من يحكيهما أبدا |
ففي أفعاله ثورا | وفي ألفاظه بردى |
قد قلت لما رأيت الثلج منبسطا | على الطريق إلى أن ضل سالكها |
ما بيض الله وجه الأرض في حلب | إلا لأن غياث الدين مالكها |
لما رأت عيني الثلج | ساقطا كالأقاحي |
وصار ليل الثرى | منه أبيضا كالصباح |
حسبت ذلك من ذو | ب در عقد الوشاح |
أو من حباب الحميا | أو من ثغور الملاح |
فما على داخل النا | ر بعد ذا من جناح |
بسيف غياث الدين غازي بن يوسف | بن أيوب دام القتل واتصل الفتح |
وشاهدته في الدست والثلج دونه | فقلت سليمان بن داود والصرح |
مذ رأينا الصبح يزدا | ن ويزداد انفراشا |
وحسبنا نوره يط | رد من خلف الفراشا |
نثر الثلج علينا | ياسمينا وفراشا |
ورأى أن يرسل الأس | هم بالبرد فراشا |
فغدا الكافور في عنبرة | الأرض فراشا |
لما رأت عيني | الثلج خلته الياسمينا |
وقلت من عجب منه | أصبح الآس مينا |
وخلته من ثغور | الملاح للاثمينا |
فما أرادوا من الدر | قط إلا ثمينا |
لما رأيت الثلج قد | أضحت به الأرض سما |
وأنست الصبا الصبا | وأذكرت جهنما |
خفت فما فتحت من | تعاظم الخوف فما |
لما رأيت الثلج قد | غطى الوهاد والقنن |
سألت أهل حلب | هل تمطر السما لبن |
وحياء ذاك الوجه بل وحياته | قسم يريك الحسن في قسماته |
لأرابطن على الغرام بثغره | لأفوز بالمرجو من حسناته |
وأجاهدن عواذلي في حبه | بالمرهفات علي من لحظاته |
قد صيغ من ذهب وقلد جوهرا | فلذاك ليس يجوز أخذ زكاته |
يعاهدني أن لا يخون وينكث | ويحلف لي ألا يصد ويحنث |
ومن أعجب الأشياء أنك ساكن | بقلبي وأني عن مكانك أبحث |
وللحسن بل لله طرف مذكر | يتيه به عجبا وظرف مؤنث |
يا سالب الظبية لحظا وجيد | أجر لمن تهجر أجر الشهيد |
متى رأى طرفك قتل أمرئ | بأسهم اللحظ فقيد الفقيد |
يا غصن أراك حاملا عود أراك | حاشاك إلى السواك يحتاج سواك |
قل لي أنهاك عن محبيك نهاك | لو تم وفاك بست خديك وفاك |
قد نهانا عن الغرام نهانا | إذ هوانا ألا نذوق هوانا |
وهجرنا الحبيب خيفة أن | يهجر بدءا فيستمر عنانا |
وتركناه للورى فكأنا | قد أدرناه بيننا دستكانا |
وأنسنا من وحشة بفراق | فافترقنا كما ترى برضانا |
وسمعنا من العذول كلاما | فأنفنا من ضحكه لبكانا |
أي خير يكون في حب من | فوق سهما من لحظه ورمانا |
نحن لو لم نكن هجرناه من | قبل لأبدى صدوده وجفانا |
شيمة في الملاح قد أحسن الدهر | بأعلامها بنا وأسانا |
وصباح المشيب يظهر ما كا | ن طلام الشباب عنه ثنانا |
ما مشينا إلى الصبابة إلا | وخطانا معدودة من خطانا |
فأدرها معسجدات كؤوسا | مطلعات من الحباب جمانا |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 2- ص: 635
أسعد بن المهذّب بن ممّاتي.
أحد الرؤساء الأجلّة الأعيان، ولي الدواوين بمصر. وجدّه أبو المليح ممّاتي من نصارى أسيوط بصعيد مصر، وكان كاتبا لبدر الحماميّ، وهو من أهل بيت في الكتابة عريق معروف بالجود والإفضال.
ولأسعد تصانيف، منها: كتاب تلقين اليقين: في الفقه، وكتاب فرض العتاب، وكتاب درّة التاج، وكتاب ميسور النقد، وكتاب المنخّل، وكتاب إعلام البصير، وكتاب خصائص المعرفة في المعمّيات، وكتاب فصوص التفنّن، وكتاب الطيّب في شعر أبي الطيّب، وكتاب سرّ الشّعر، وكتاب علم النثر، وكتاب الشيء بالشيء، وكتاب سلاسل الذهب، وكتاب تهذيب الأفعال، وكتاب قرقرة الدّجاج في ألفاظ ابن الحجّاج، وكتاب الفاشوش في أحكام قراقوش، وكتاب لطائف الذّخيرة وطرائف الجزيرة، وكتاب الذّخيرة، وكتاب ملاذ الأفكار، وكتاب سيرة صلاح الدّين يوسف، وكتاب أخائر الذخائر، وكتاب كرم النّجار في حفظ الجار، وكتاب ترجمان الجمان، وكتاب مذاهب المواهب، وكتاب باعث الجلد عند حادث الولد، وكتاب الحضّ على الرّضى بالحظّ، وكتاب زواهر السّدف وجواهر الصّدف.
ومن شعره قوله: [السريع]
وشادن لمّا أتى مقبلا | سبّحت ربّ العرش باريه |
ومذ رأيت النّمل في خدّه | أيقنت أنّ الشّهد في فيه |
دار الغرب الإسلامي - تونس-ط 1( 2009) , ج: 1- ص: 302