ابن الحباب محمد بن يحيى بن عمر المعافري، المعروف بابن الحباب، التونسي، الأصولي، الجدلي، المنطقي النحوي.
أخذ عن القاضي ابن القاسم بن زيتون، وغيره، وعنه المقري التلمساني الجد، والقاضي محمد بن عبد السلام الهواري، وبينهما مناظرات، قال تلميذهما ابن عرفة: «وكنت اسمع أن عبد السلام قرأ عليه فكنت استبعد ذلك إلى أن حضرت كتب القاضي ابن عبد السلام بعد موته فعثرت على «اختصار المعالم» لابن الحباب، وألفيت بخط ابن عبد السلام على ظهره أنه استدعاه أن يبيحه روايته، وأنه قرأه عليه، فكتب ابن الحباب بخطه، ما قاله صاحبنا الفقيه محمد بن عبد السلام صحيح إلى آخره» ومن الآخذين عنه خالد البلوي، وأخذ عنه الإمام ابن عرفة الجدل والمنطق، والنحو، وكان يثني عليه بالعلم وتحقيقه، ونقل عنه في مختصره وغيره وقال الأبي في شرحه على صحيح مسلم «إكمال إكمال المعلم» «وابن الحباب هذا لم يكن عارفا بالفقه وإنما كان إماما في العقليات».
وقال ابن عرفة: «دخلت عليه داره فسألته عن شيء فقال: انظر في ذلك الكتاب وأشار لبعض كتبه، قال: فجعلت انظر كتبه فنهاني فقال: لا ينبغي للشيخ أن يطلع تلميذه على جميع أسراره».
لما توفي ابن راشد القفصي بتونس، حضر جنازته الاعلام كابن
الحباب، وابن عبد السلام، وابن هارون، وغيرهم، وكان ابن عبد السلام وابن هارون مستندين إلى حائط الجبانة، وجلس ابن الحباب إلى ظهر الحائط من الجانب الآخر، ثم ترحم ابن الحباب على ابن راشد، وذكر مآثره وتفننه في العلوم، وقال: لو لم يكن من فضله إلا ابتكاره لشرح ابن الحاجب، قال: وجاء هؤلاء السراق بعده - يشير إلى ابن عبد السلام وابن هارون - فسرقوا كلامه ونسبوه لأنفسهم، وأشار إليهما وهما يسمعان. قال عنه خالد البلوي الأندلسي في رحلته: «كان في زمن شبابه وتعلقه بطلب العلم واستفتاح بابه، رئيس إنشاء الدولة الحفصية، والمستقل لحمل الراية التونسية، فملأ الدلو ومد الرشاء وأطال الانشاء ما شاء، وأزال عن الطريقة الأدبية العماية العمياء، فلما أحرز في ذلك قصب السبق وحازه، وقطع فيه من صدر العمر واستقبل اعجازه عطف على تعليم العلوم فأفاد الأفذاذ والأفراد».والمفهوم من هذا الكلام أنه كان رئيس ديوان الانشاء في الدولة الحفصية، وكان مجددا في إنشائه بعيدا عن الأساليب المبتذلة غير الفصيحة، وأنه في نهاية طور الكهولة واعتاب الشيخوخة تصدى لبث العلم. قال الزركشي: «وحكي أنه دخل يوما على بعض أصحابه الأدباء فألفاهم قد فرغوا من أكل جدي مشوي فقال أحدهم:
- لقد فاتك الجدي يا ابن الحباب
فقال ثانيهم:
- بخبز سميد كثير اللباب
فقال ثالثهم:
- فلم يبق منه سوى عظمه.
ففطن هو لمرادهم فأكمله سريعا
- طعامكم طعامكم
فقال رابعهم: دعنا من هذا إنما هو
- لعمري طعام الكلاب
وفي «نيل الابتهاج»: «أنه دخل على سلطان وقته بتونس واظنه أبا عصيدة - فوجده قد أكل فأنشد:
لقد فاتك الجدي يا ابن الحباب | بخبز سميد كثير اللباب |
ولم يبق منه سوى عظمه | وذاك لعمري طعام الكلاب |
دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان-ط 2( 1994) , ج: 2- ص: 84
محمد بن يحيى بن عمر بن الحباب التونسي أخذ عن ابن عبد السلام المالكي، وابن زيتون، وله تآليف حسنة، وهو الذي دخل على ملك وقته من الحفصيين فأنشده الملك رحمه الله:
لقد فاتك الجدي يا ابن الحباب | توجدي سمين كثير اللباب |
ولم يبق منه سوى عظمه | فذاك - لعمري - طعام الكلاب |
دار التراث العربي - القاهرة-ط 1( 1972) , ج: 2- ص: 0