المتأيد بالله إدريس بن علي بن حمود الحسني الإدريسي: رابع خلفاء الدولة الحمودية في الأندلس. بويع بمقالة بعد مقتل أخيه المعتلي بالله (يحيى بن علي) سنة 427 هـ ، وأقام إلى أن توفي بها، ودفن في سبتة.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 1- ص: 280

المتأيد بالله إدريس بن علي ابن حمود العلوي بن أبي العيش بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبد الله بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
توفي سنة 431.
قال ابن الأثير: وقيل في نسبه غير ذلك مع اتفاق على صحة نسبه إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام بويع بالخلافة في بلاد الأندلس وتلقب المتأيد بالله. قال ابن الأثير: وكان أبوه علي أول من ملك بلاد الأندلس بعد قتل سليمان بن الحاكم الأموي، ثم قتل علي بن حمود سنة 407 وولي أخوه القاسم بن حمود بقرطبة ثم سار عنها إلى أشبيلية فولي ابن أخيه يحيى بن علي قرطبة وتسمى بالخلافة، وكذلك عمه القاسم، ثم أسره يحيى وحبسه ثم مات أو قتل سنة 431 وقتل يحيى سنة 427 وخلف ولديه الحسن وإدريس، ولما قتل يحيى بن علي خاطب أبو جعفر أحمد بن أبي موسى المعروف بابن بقية ونجا الخادم الصقلبي وهما مدبرا دولة العلويين أخاه إدريس بن علي وكان له سبتة وطنجة، وطلباه فأتى إلى مالقة وبايعاه بالخلافة على أن يجعل الحسن بن يحيى المقتول مكانه بسبتة، فأجابهما إلى ذلك، فبايعاه وسار الحسن بن يحيى ونجا إلى سبتة وطنجة وتلقب إدريس بالمتأيد بالله فبقي كذلك إلى سنة 430 أو 431، فسير القاضي أبو القاسم بن عباد ولده إسماعيل في عسكر ليتغلب على تلك البلاد، فأخذ قرمونة وأخذ أيضا أشبونة وأستجة، فأرسل صاحبها إلى إدريس وإلى باديس بن حيوس صاحب صنهاجة، فاتاه صاحب صنهاجة بنفسه وأمده إدريس بعسكر يقوده ابن بقية مدبر دولته فلم يجسروا على إسماعيل بن عباد فعادوا عنه، فسار إسماعيل مجدا ليأخذ على صنهاجة الطريق فأدركهم وقد فارقهم عسكر إدريس قبل ذلك بساعة، فأرسلت صنهاجة من ردهم فعادوا وقاتلوا إسماعيل بن عباد، فلم يلبث أصحابه أن انهزموا وأسلموه، فقتل وحمل رأسه إلى إدريس، وكان إدريس قد أيقن بالهلاك وانتقل عن مالقة إلى جبل يحتمي به وهو مريض، فلما أتاه الرأس عاش بعده يومين ومات، وترك من الولد يحيى ومحمدا وحسنا.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 3- ص: 229

إدريس بن علي بن حمود الحسني الإدريسي، أخو المعتلي بالله، لما قتل أخوه بادر أبو جعفر أحمد بن موسى بن بقنة، ونجا الصقلبي الخادم، فأتيا مالقة وهي دار ملكهم، فأخبرا إدريس بن علي بقتل أخيه وكان بسبتة، فدخل الأندلس.
بويع بمالقة بالخلافة، ولقب بالمتأيد بالله، وجعل ابن أخيه حسن بن المعتلي واليا على سبتة.
ثم إنه استنجد بإدريس محمد البربري على حرب عسكر إشبيلية، فأمده بجيش عليهم ابن بقنة، فهزموا عسكر إشبيلية، وكان عليه إسماعيل ولد القاضي ابن عباد، وقتل إسماعيل، وحمل رأسه إلى إدريس بن علي، فوافاه وهو عليل، فلم يعش إلا يومين ومات، وخلف من الولد محمدا الذي لقب بالمهدي، والحسن الذي لقب بالسامي.
وكان المعتلي بالله قد اعتقل محمدا وحسنا ابني عمه القاسم بن حمود بالجزيرة الخضراء، ووكل بهما رجلا من المغاربة، فحين بلغه خبر مقتل المعتلي جمع من كان في الجزيرة من البربر والسودان، وأخرج محمدا وحسنا، وقال: هذان سيداكم، فسارعوا إلى الطاعة لهما، فبويع محمد، وتملك الجزيرة، لكنه لم يتسم بالخلافة، وأما أخوه الحسن فأقام معه مدة، ثم تزهد وليس الصوف، وفرغ عن الدنيا، وحج بأخته فاطمة.
ولما بلغ نجا الصقلبي وهو بسبتة موت إدريس، عدى إلى مالقة ومعه حسن بن يحيى بن علي، فخارت قوى ابن بقنة، وهرب، فتحصن بحصن لمارش وهو على بريد من مالقة، فبويع الحسن بن يحيى بالخلافة، وتسمى بالمستعلي، ثم آمن ابن يقنة، فلما قدم عليه قتله، ثم قتل ابن عمه يحيى بن إدريس بن علي، ورجع نجا إلى سبتة، ثم هلك حسن المستعلي بعد سنتين.
فجاز نجا ليملك البلاد، فقتله البربر، وأخرجوا من السجن إدريس ابن المعتلي، فبايعوه
وتلقب بالعالي، وكان ذا رأفة ورقة، لكن كان دنيء النفس يقرب السفل، ولا يحجب حرمه عنهم، وله تدبير سيئ. ثم إن البربر مقتوه، وأجمعوا على محمد بن القاسم بن حمود الإدريسي الكائن بالجزيرة الخضراء، فبايعوه، ولقبوه بالمهدي، وصار الأمر في غاية الأخلوقة، اجتمع في الوقت أربعة يدعون بأمير المؤمنين في رقعة من الأندلس، مقدار ما بينهم ثلاثون فرسخا في مثلها، ثم افترقوا عن محمد بعد أيام، ورد خاسئا، فمات غما بعد أيام، وخلف ثمانية أولاد.
فتولى أمر الجزيرة الخضراء بعده ولده القاسم بن محمد بن القاسم الإدريسي.
وولي مالقة محمد بن إدريس بن المعتلي، فبقي عليها إلى أن مات سنة خمس وأربعين وأربع مائة، وعزل أبوه هذه المدة، ثم ردوه بعد ولده إلى إمرة مالقة، فهو آخر من ملكها من الإدريسيين، فلما مات اجتمع رأي البربر على نفي الإدريسية عن الأندلس إلى العدوة، والاستبداد بضبط ما بأيديهم من الممالك، ففعلوا ذلك، فكانت الجزيرة وما والاها إلى تاكزونة ومالقة وغرناطة إلى قبيلة أخرى، ولم يزالوا كذلك إلى أن قوي المعتضد بالله عباد بن القاضي بن عباد، وغلب على الأندلس، فأجلاهم عنها، وذلك مذكور في تاريخ الحميدي وغيره، وغلب على كل قطر متغلب تسمى بالمأمون، ومنهم من تسمى بالمعتصم، وآخر بالمتوكل، حتى قال الحسن بن رشيق:

النوقاتي، وابن النعمان، وأبو عبيد الهروي:

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 559

ابن منده
الإمام، الحافظ، شيخ الإسلام، أبو عبد الله، محمد بن الشيخ أبي يعقوب إسحاق بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن أبي زكريا يحيى بن منده، وهو إبراهيم بن الوليد بن سندة بن بطة بن استندار بن جهار بخت، - وقيل: اسم استندار فيرزان، وهو الذي أسلم وقت افتتاح الصحابة أصبهان، وولاؤه لعبد القيس، وكان مجوسياً، وكان من النواب على بعض أعمال أصبهان - الأصبهاني، العبدي، صاحب التصانيف.
حدث منده بشيء يسير، ومات في دولة المعتصم.
وروى ابنه الحديث.
وأما حفيده فكان [من] الحفاظ. مات سنة إحدى وثلاث مئة.
يروي عنه أبو الشيخ كثيراً.
وابنه إسحاق. روى عن: عبد الله بن محمد النعمان وغيره. مات سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة.
ولد الحافظ أبو عبد الله سنة عشر وثلاث مئة، وقيل: سنة تسعٍ.
وسمع أباه، وعم أبيه عبد الرحمن بن يحيى، وأبا علي الحسن بن أبي هريرة، وطائفة بأصبهان، ومحمد بن الحسين القطان، وعبد الله بن يعقوب الكرماني، وأبا حامد بن بلال، وخلقاً بنيسابور، وأبا سعيد بن الأعرابي بمكة، والهيثم بن كليب بالشاش، وخيثمة بن سليمان وغيره بالشام، وأبا جعفر بن البختري، وإسماعيل الصفار وجماعة ببغداد، وأبا الطاهر المديني، وطبقته بمصر.
وعدة شيوخه الذين أخذ عنهم ألف وسبع مئة، وله إجازة من ابن أبي حاتم، وغيره، وكتب عن أربعة مشايخ أربعة آلاف جزء، وهم: ابن الأعرابي، والأصم، وخيثمة، والهيثم بن كليب.
وأول سماعه في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
وأول ارتحاله قبل الثلاثين أو فيها إلى نيسابور. ومدائنه التي ارتحل
إليها من إسكندرية إلى الشاش، ولم يدخل البصرة ولا هراة ولا بلاد فارس ولا سجستان ولا أذربيجان، ولما رجع من الرحلة كانت كتبه فيما قيل أربعين حملاً.
وقد قيل: إن أحداً من الحفاظ لم يسمع ما سمع، ولا جمع ما جمع.
وكان يقول: طفت الشرق والغرب مرتين.
روى عنه: أبو الشيخ - وهو من شيوخه - والحاكم، وأبو نعيم، وغنجار، وتمام الرازي، وأبو سعد الإدريسي، وحمزة السهمي، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وأحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن بندار، وأولاده: عبد الرحمن، وعبد الوهاب، وعبيد الله، وآخرون.
قال الحاكم: التقينا ببخارى سنة إحدى وستين، وقد زاد زيادةً ظاهرة، ثم جاءنا إلى نيسابور سنة خمس وسبعين ذاهباً إلى وطنه. قال شيخنا أبو علي الحافظ: بنو منده أعلام الحفاظ في الدنيا قديماً وحديثاً، ألا ترون إلى قريحة أبي عبد الله؟
وقيل: إن أبا نعيم ذكر له ابن منده، فقال: كان جبلاً من الجبال.
وقال الباطرقاني: كتب إمام دهره أبو أحمد العسال إلى ابن منده وهو بنيسابور في حديث أشكل عليه، فأجابه بإيضاحه وبيان علته.
وحكى غير واحد عن أبي إسحاق بن حمزة، قال: ما رأيت مثل أبي عبد الله بن منده.
وقال جعفر المستغفري: ما رأيت أحداً أحفظ من أبي عبد الله بن منده، سألته يوماً: كم تكون سماعات الشيخ؟ قال: تكون خمسة آلاف من.
وقال أحمد بن جعفر الحافظ: كتبت عن أزيد من ألف شيخ، ما فيهم أحفظ من ابن منده.
وقال أبو إسماعيل الأنصاري الهروي: أبو عبد الله بن منده سيد أهل زمانه.
وذكر أبو زكريا بن منده في ’’تاريخه’’ عن أبيه وعميه وغيرهم: أن أبا عبد الله قال: ما افتصدت قط، ولا شربت دواءً قط، وما قبلت من أحدٍ شيئاً قط.
قال أبو زكريا: وكنت مع عمي عبيد الله في طريق نيسابور، فلما بلغنا بئر مجنة، حكى لي عمي قال: كنت ها هنا يوماً فعرض لي شيخ جمال فقال: كنت قافلاً عن خراسان مع أبي، فلما وصلنا إلى هنا إذا نحن بأربعين وقراً من الأحمال، فظننا أن ذلك ثياب، فإذا خيمة صغيرة فيها شيخ، وإذا هو والدك، فسأله بعضنا: ما هذه الأحمال؟ فقال: هذا متاع قل من يرغب فيه في هذا الزمان، هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر لي عمي بعد ذلك فقال: كنت قافلاً عن خراسان ومعي عشرون وقراً من الكتب، فنزلت بها عند البئر اقتداءً بالوالد.
وقد ذكر أبو الوليد بن الدباغ أبا عبد الله بن منده في الطبقة الثامنة من الحفاظ، وكذا ذكره ابن المفضل فيها، وذكر معه الحاكم، وعبد الغني بن سعيد، وأبا مسعود الدمشقي.
توفي ابن منده في سلخ ذي القعدة سنة خمسٍ وتسعين وثلاث مئة، رحمه الله تعالى.

  • مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 3- ص: 1