‌بورقعة إبراهيم بن أحمد: من رجال القانون، أديب له شعر. ولد بتوزر في تونس. حفظ القرآن الكريم وحاز شهادة التطويع من الزيتونة وشهادة مدرسة الحقوق التونسية، ومارس المحاماة بصفاقس. وكان مباشرا لمهنة الوكالة (المحاماة) فيها نحو نصف قرن حتى أحيل على التقاعد. شارك بتأليف جمعية كوكب الأدب وجمعية الشبان المسلمين ومجلة مكارم الأخلاق، واختير عضوا في اللجنة الثقافية الجهوية. توفي بصفاقس له (معجم الرجال التوزريين)، (المؤسسات الحديثة قديمة عند المسلمين)، (ألحان الخواص)، (في الغربال) في النقد (مذكرات محام).

  • دار صادر - بيروت-ط 1( 1999) , ج: 1- ص: 13

بورقعة إبراهيم بن أحمد بورقعة، الأديب الشاعر المقل، من رجال القانون.
ولد بتوزر، وبها نشأ، وتلقى تعليمه الابتدائي حيث حفظ القرآن، ودرس مبادئ الفقه والنحو، وفي سنة 1339/ 1921 رحل إلى العاصمة لمواصلة التعلم بجامع الزيتونة، قال الأستاذ زين العابدين السنوسي: «فكان معروفا بمماحكته ولجاجته في بحوثه حتى عرف بالشذوذ، وحتى هدد بالطرد من المعهد» ومن شيوخه محمد الصادق النيفر، ومحمد بن القاضي ومعاوية التميمي، وغيرهم، وهذا الأخير كان منتميا لحزب الإصلاح والمترجم منتميا للحزب الحر الدستوري، ومن أجل ذلك تجري بينهما مشادات في حلق الدروس وخارجها، مثلا ينقل المترجم قول المؤلفين: هذا قول جمهور الشارحين، ويذهب إلى أن قول الجمهور هو المنصور حتى في السياسة لأن الحزب الحر الدستوري يمثل جمهور الشعب، وبمبادئه وسياسته يدين الجمهور، بخلاف حزب الإصلاح الذي يمثل طائفة ضيقة تكاد تنحصر في الأرستقراطيين.
وحكى أنه التقى مرة بشيخه هذا خارج الدرس فقال له: هل قرأت جريدة «البرهان» (جريدة حزب الإصلاح) فقال له: لا، فقال شيخه متمثلا بقول ابن سهل: «وما أضيع البرهان عند المقلد» ووجد شيخه هذا مرة بمحل الشيخ محمد الصادق النيفر فخشي أن يغريه على إسقاطه في امتحان شهادة التطويع، فجالت الوساوس برأسه، واستنجد بشيخه محمد بن القاضي لحمايته من مثل هذا فطمأنه بأنه لا يظلم ويقع إنصافه، والشيخ النيفر له ديانة تصونه عن الانزلاق في مثل ما توهم.
وتخرج من جامع الزيتونة محرزا على شهادة التطويع بتفوق سنة 1344/ 1925، وتابع دروس مدرسة الحقوق التونسية وتحصل على شهادتها سنة 1927.
وشارك في مناظرة الحاكمية سنة 1930 حيث نجح حاكما في المحاكم العدلية التونسية، وفي السنة نفسها نجح في مناظرة الوكالة (المحاماة)، وفي السنة الموالية زاول مهنة الوكالة بصفاقس، وزفت الخبر جريدة «النهضة» مهنئة له، وكذلك جريدة «النديم»، ولبث مباشرا لهاته المهنة وقدم صفاقس لأول مرة بصحبة صديقه الأديب الشاعر سعيد أبي بكر، والتقى في مكتبة محمد اللوز بالسادة: حامد قدور، والشيخ محمد بن إسماعيل، والشيخ محمد المزيو، ويوسف بن حميدة، وتعرف بهم وتعددت بينهم اللقاءات في هذه المكتبة، وتولد عن هذه اللقاءات جمعية كوكب الأدب، وجمعية الشبان المسلمين، ومجلة مكارم الأخلاق، ولبث مباشرا لمهنة الوكالة «المحاماة» بصفاقس مدة نصف قرن، إلى أن تقدمت به السن، وأنهكه مرض السكر، فأحيل على التقاعد قبل وفاته بنحو سنتين، كتب في الصحف والمجلات بحوثا في الأدب والنقد والتراجم، وله نشاط في الجمعيات الثقافية فكان عضوا في جمعية كوكب الأدب، وعضوا في اللجنة الثقافية الجهوية.
توفي بصفاقس يوم الخميس الثاني من صفر 1403 الموافق للثامن عشر من نوفمبر 1982، ودفن بمقبرة الشعري في اليوم الموالي
وحضر جنازته جمهور من المثقفين وألقى زميله المحامي الأستاذ عبد العزيز طريفة كلمة في تأبينه.
مؤلفاته:
1) معجم الرجال التوزريين، قد تحدثت مرة معه في شأنه وطلبت منه المسارعة بطبعه منذ عقد ونصف من السنين، فأجابني بأنه يحتاج إلى لمسات ختامية ليقدمه إلى الطبع، ولكنه مات ولم يطبع.
2) المؤسسات الحديثة قديمة عند المسلمين، رسالة ضخمة نشر معظمها في جريدة «القيروان».
3) ألحان الخواص، وهو عبارة عن مراجعات لغوية نشرتها له الصفحة الأدبية بجريدة النهضة في سلسلة من المقالات المتتابعة، ونشر طائفة منها بعد الاستقلال في جريدة «الصباح»، وهو في نظره اللغوي متزمت جدا، لا هو على رأي المتقدمين القائلين الخطأ المشهور خير من الصواب المهجور، ولا على رأي المحدثين الذين يرون للاستعمال دخلا في تطوير اللغة، والخروج بها جزئيا أو كليا عن وضعها الأول، هو مثلا قد قال إن كلمة فنان أصلها في اللغة حمار الوحش، ونقل عن القاموس المحيط، واللفظة الفصيحة في نظره مفن، وله غير ذلك من نحو هذا، وهو في نقده ينحو منحى لغويا عروضيا وقلما يعرج على المعاني والأفكار والاتجاهات والنقد الذوقي.
4) في الغربال، وأصله فصول نقدية لإنتاج الشعراء نشرها بجريدة «الزهرة»، وقد جمع هذه الفصول وهيأها للطبع.
5) مذكرات محام، ينقصها التنظيم والتبويب، وهو ميدان بكر لم يسبقه به محام تونسي على ما أعلم، نشر منه فصلا في مجلة
«المحامي» الصادرة بصفاقس السنة الأولى العدد الأول أكتوبر 1974.
المراجع:
- الأدب التونسي في القرن الرابع عشر 2/ 139 - 144، محمد الشعبوني، جريدة الصباح 10 صفر 1403/ 26 نوفمبر 1982 العدد 10905 السنة 32، محمد محفوظ مجلة الهداية س 10 رجب شعبان 1403 - ماي جوان 1983 ص 95 - 96، في الأدب التونسي لمحمد الحليوي (تونس 1968) فصل بعنوان رد على نقد إلى صاحب الغربال ص 235 - 243.

  • دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان-ط 2( 1994) , ج: 5- ص: 225