الناصر المريني يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المرينى، السلطان الناصر لدين الله، أبو يعقوب: من ملوكا الدولة المرينية فى المغرب الأقصى. بويع له بعد وفاة أبيه (سنة 685هـ) بعهد منه، وكان فى الجزيرة الخضراء، فرحل إلى فاس. وبعث إلى (ابن الأحمر) فاجتمع به فى ظاهر (مربالة) ونزل له عن جميع ثغور الأندلس التي كانت فى حوزة أبيه، محتفظا بالجزيرة ورندة وطريف، وافترقا على صفاء. وعاد إلى فاس، ففتك بعرب (معقل) لإفسادهم السابلة. ثم اجتاز البحر إلى الأندلس لصد عدوان الطاغية (شانجه) فكانت بينهما وقائع، له وعليه. وخسر معركة (بحر الزقاق) وربح معارك (حصن بجير) و (شريش) و (إشبيلية) وأدركه الشتاء، فعاد إلى المغرب (سنة 691) فعلم بأن (الطاغية) استمال إليه ابن الأحمر، وأن هذا جرأ الطاغية وأعانه على احتلال (طريف). وثار عمر بن يحيى الوطاسى فى حصن (تازوطا) فزحف الناصر إلى (تازوطا) فاحتل الحصن بعد حصار طويل. ووفدت عليه رسل من قبل ابن الأحمر بتجديد عهده والاعتذار عن حادث (طريف) فأكرمهم الناصر وقبل العذر. وعاد إلى فاس، فجاءه ابن الأحمر فقابله بطنجة، ونزل له الناصر عن الجزيرة ورندة وعشرين حصنا من ثغور الأندلس، وتعاهدا على الود والتعاون. وتوفى ابن الأحمر (محمد بن يوسف) وخلفه ابنه (محمد بن محمد) فأحكم العهد مع (هرندة بن شانجه) من بنى (الأذفونش) ملوك قشتالة. وانتقض على السلطان يوسف. وبينما السلطان مستلق على فراشه فى قصره بالمنصورة، وهى مدينة من عمرانه، بإزاء تلمسان، وثب عليه خصى من مماليكه، فطعنه طعنات قطع بها أمعاءه، فلم يعش غير ساعات. وحمل إلى رباط شالة فدفن به. قال السلاوى: (كان مهيبا جوادا مشفقا على الرعية متفقدا لأحوالها شجاعا شهما؛ وهو أول من هذب ملك بنى مرين، وأكسبه رونق الحضارة وبهاء الملك؛ وكان غليظ الحجاب لا يكاد يوصل إليه إلا بعد الجهد).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 258