المستنجد بالله يوسف (المستنجد) بن محمد (المقتفي) بن المستظهر، أبو المظفر العباسي: من خلفاء الدولة العباسية ببغداد. بويع له بعد وفاة أبيه (سنة 555هـ) فأزال المكوس ورقع الضرائب عن الناس. وكان من أحسن الخلفاء سيرة مع رعيته، لولا ما قيل من انه أحرق مكتبة قاض يعرف بابن المرخم ثبت للخليفة أنه أخذ أموالا كثيرة منن الناس بالباطل فحبسه وصادر أمواله وأحرق كتبه. وتوفى ببغداد مخنوقا بالحمام.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 247
يوسف المستنجد بالله يوسف بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، أمير المؤمنين المستنجد بالله أبو المظفر بن المقتفي لأمر الله بن المستظهر بأمر الله بن المقتدي بن القائم بن القادر بن المقتدر بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور العباسي؛ أمه أم ولد اسمها طاووس رومية، توفيت في خلافته. خطب له والده بولاية العهد من بعده في يوم الجمعة مستهل ذي الحجة سنة سبع وأربعين وخمس مائة، وبويع له بالخلافة بعد وفاة أبيه في يوم الأحد ثاني شهر ربيع الأول سنة خمس وخمسين وخمس مائة، وولد سنة ثمان عشرة وخمس مائة؛ وتوفي يوم السبت ثامن شهر ربيع الآخر سنة ست وستين وخمس مائة، وكان عمره ثمانيا وأربعين سنة وولايته إحدى عشرة سنة وشهرا واحدا وكانت أمراضه قولنجية، وأضيف هلاكه إلى الطبيب. كان طويل القامة جسيما، أسمر اللون، كثيف اللحية، وكان نقش خاتمه (من أحب نفسه عمل لها). وخلف من الولد ابنين: أبا محمد الحسن المستضيء، وأبا القاسم، وابنة تعرف بالعباسية؛ وأول من بايعه عمه أبو طالب، ثم أخوه أبو جعفر، وهو أسن من المستنجد، ثم الوزير عون الدين، ثم قاضي القضاة، قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام منذ خمس عشرة سنة)، فقال له الوزير عون الدين: (يبقى أبوك في الخلافة خمس عشرة سنة).
قال صاحب كتاب (المناقب العباسية والمفاخر الهاشمية): كانت أيامه أيام خصب ورخاء وأمن عام، ودولته زاهرة، وسياسته قاهرة، وهيبته رائعة، وسطوته قامعة، ذلت له رقاب الجبابرة في الآفاق، وخضعت له منهم الأعناق، وأشحن بالظلمة الحبوس، وأزال قوانين الظلم ورفع سائر المكوس، وتمكن تمكن الخلفاء المتقدمين، وكان آخر من عمل في أيامه بقوانين الأئمة الماضين، من مواظبة وزيره على عمل المواكب ورفع القصص إليه والمظالم، فما انتهت إليه حالة مكروهة إلا أزالها، وعثرة إلا أقالها؛ ويقال إنه رأى في منامه في كفه أربع خاءات، فعبرها على عابر فقال: (تلي الخلافة سنة خمس وخمسين وخمس مائة).
قال الوزير عون الدين ابن هبيرة: قال لي المستنجد يوما وقد جرى بيننا قراءة من قرأ {فتبينوا} بالنون، فقال: من قرأ بالنون أحسن ممن قرأ بالثاء لأن من تبين تثبت، وقد يتثبت من لا يتبين.
وكتب كمال الدين محمد بن عبد الله الشهرزوري القاضي إليه لما قدم بغداد رسولا من قبل نور الدين محمود بن زنكي، إلى المستنجد قصة على رأسها: (من محمد بن عبد الله الرسول)، فوقع عند اسمه بقلمه: (صلى الله عليه وسلم).
وخطب علوي بلخي تدريس المدرسة النظامية ببغداد بقصة رفعها إليه فوقع المستنجد عليها: (لقد)، فعرضت القصة بالتوقيع على الوزير عون الدين، فعرضها على أصحاب الديوان فأعياهم حل رمز المستنجد التوقيع، فقال الوزير: هذا إشارة إلى قول القائل:
لقد هزلت حتى بدا من هزالها | كلاها وحتى سامها كل مفلس |
لو أن خفة رأسه في رجله | لحق الغزال ولم يفته الأرنب |
استكتمت خلخالها ومشت | تحت الظلام به فما نطقا |
حتى إذا هبت نسيم الصبا | ملأ العبير بنشرها الطرفا |
إذا شئت حليك ألا يشي | وقد زرت في الحندس المظلم |
فردي السوار مكان الوشاح | وخلي وشاحك في المعصم |
قالوا وشى الحلي بها إذ مشت | إليك من قبل ابتسام الصباح |
فقلت لا، خلخالها صامت، | ثم تذكرت فضول الوشاح |
قلت له زرني فلا بد أن | يدري بنا الواشي ويغرى العذول |
فالريح ما تكتم سرا وما | تبريح رياك تعاني الفضول |
بتنا وما نقلنا سوى قبل | وريق فيه السلاف مشروبي |
نمنا وما نمت الوشاة بنا | لولا فضول الحلي والطيب |
إذا مرضنا نوينا كل صالحة | وإن شفينا فمنا الزيغ والرلل |
نرضي الإله إذا خفنا ونعصيه | إذا أمنا فما يزكو لنا عمل |
عيرتني بالشيب وهو وقار | ليتها عيرت بما هو عار |
إن تكن شابت الذوائب مني | فالليالي تنيرها الأقمار |
يا هذه إن الخيال يزورني | لو كان يسعف و يرد سلاما |
ما إن رأيت كزائر يعتادني | يغفي العيون ويوقظ النواما |
وباخل أشعل في بيته | طرمذة منه لنا شمعه |
فما جرت من عينها دمعة | حتى جرت من عينه دمعه |
وصفراء مثلي في القياس ودمعها | سجام على الخدين مثل دموعي |
تذوب كما في الحب ذبت صبابة | ويحوي حشاها ما حوته ضلوعي |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 29- ص: 0
المستنجد بالله الخليفة أبو المظفر يوسف بن المقتفي لأمر الله محمد بن المستظهر بن المقتدي العباسي.
عقد له أبوه بولاية العهد في سنة سبع وأربعين، وعمره يومئذ تسع وعشرون سنة.
فلما احتضر المقتفي رام طائفة عزل المستنجد، وبعثت حظية المقتفي أم علي إلى الأمراء تعدهم وتمنيهم ليبايعوا ابنها علي بن المقتفي، قالوا: كيف هذا مع وجود ولي العهد يوسف ؟ قالت: أنا أكفيكموه، وهيأت جواري بسكاكين ليثبن عليه، فرأى خويدم يوسف الحركة، ورأى بيد علي وأمه سيفين، فبادر مذعورا إلى سيده، وبعثت هي إلى يوسف: أن احضر موت أمير المؤمنين. فطلب أستاذ الدار، ولبس درعا، وشهر سيفه، وأخذ معه جماعة من الحواشي، والفراشين، فلما مر بالجواري ضرب جارية بالسيف جرحها، وتهارب الجواري، وأخذ أخاه وأمه، فحبسهما، وأباد الجواري تغريقا وقتلا، وتمكن. وأمه كرجية اسمها طاووس.
قال الدبيثي: كان يقول الشعر، ونقش خاتمه: من أحب نفسه عمل لها.
قال ابن النجار: حكى ابن صفية أن المقتفي رأى ابنه يوسف في الحر، فقال: أيش في
فمك؟ قال: خاتم يزدن عليه أسماء الاثني عشر، وذلك يسكن العطش. قال: ويلك يريد يزدن أن يصيرك رافضيا، سيد الاثني عشر الحسين -رضي الله عنه، ومات عطشان.
وللمستنجد:
عيرتني بالشيب وهو وقار | ليتها عيرت بما هو عار |
إن تكن شابت الذوائب مني | فالليالي تزينها الأقمار |
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 15- ص: 164