ابن النحوي يوسف بن محمد بن يوسف التوزري الأصل، التلمساني، أبو الفضل، المعروف بابن النحوي: ناظم (المنفرجة) التي مطلعها:
#اشتدي أزمة تنفرجي)
كان فقيها يميل إلى الأجتهاد، من أهل تلمسان. اصله من توزر. سكن سجلماسة، وتوفى بقلعة بني حماد (من أعمال فسنطينة) قرب بجاية. وله تصانيف. قلت: والمنفرجة شرحها كثيرون، وخمسها بعضهم، وفي نسبتها إلى صاحب الترجمة خلاف.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 247
ابن النحوي يوسف بن محمد بن يوسف التوزري المعروف بابن النحوي، أبو الفضل، الفقيه الصوفي، ولد بتوزر، وأقام في قلعة بني حماد في الجزائر، ولم يكد يجاوز طور المراهقة حتى تدفقت على البلاد سيول أعراب بني هلال وسليم ناشرة وراءها الخراب والدمار، ولاقت منهم مدينة القيروان عاصمة الدولة الزيرية الصنهاجية ما لم تلاقه مدينة أخرى من الويلات والنكبات حتى اضطر علماؤها وأدباؤها إلى الهجرة خارج القطر التونسي أو الاستقرار ببعض مدن الساحل التونسي، ولم يبق بها إلا عبد الخالق السيوري المتوفى في 460/ 1068 من تلامذة أبي عمران الفاسي وأبي بكر بن عبد الرحمن، وانفرد في عصره برواية المدونة والإمامة في الفقه، ومن أشهر تلامذته عبد الحميد الصائغ الذي انتقل إلى سوسة وتوفي بها سنة 486/ 1093، وأبو الحسن علي بن محمد الربعي اللخمي الذي انتقل إلى صفاقس حيث توفي بها سنة 478/ 1086، وكان يقصده الطلاب من أطراف البلاد ليأخذوا عنه تعليقه على المدونة المسمى بالتبصرة، ويرووا عنه صحيح البخاري، ومن أشهر تلامذته الإمام المازري دفين المنستير، والمترجم له.
وكانت توزر في عصر المترجم بها أعلام أمثال عبد الله بن محمد الشقراطسي الذي كان إماما في الحديث والعربية والفقه، أديبا شاعرا، وهو من شيوخ المترجم، ثم ارتحل المترجم إلى صفاقس للأخذ عن شيخ فقهاء وقته الشيخ أبي الحسن اللخمي فقرأ عليه كتاب «التبصرة» وروى عنه صحيح البخاري، ولما لقي اللخمي سأله ما جاء بك؟ فقال جئت لأنسخ تأليفك التبصرة، فقال له إنما تريد أن تحملني في كفك إلى المغرب أو كلاما هذا معناه مشيرا إلى أن علمه كله في هذا الكتاب.
وأخذ عن الإمام المازري فقرأ عليه أصول الفقه، وعلم الكلام، وكان المازري إماما مبرزا فيهما. في هذا الجو العلمي تنفس المترجم، وتأثر به، فكان مثل شيخه اللخمي مائلا إلى الاجتهاد في الفقه، متمكنا من الأصلين أصول الدين (علم الكلام) وأصول الفقه مثل شيخنا الإمام المازري، شاعرا أديبا لغويا مثل شيخه الشقراطسي وإذا كانت تونس قبيل ذلك العصر نبتت فيها طلائع متأثرة بتعاليم شيخ أهل السنة أبي الحسن الأشعري في علم الكلام مع العناية بأصول الفقه، وميل بعض فقهائها إلى الاجتهاد المذهبي، فإن الطابع الغالب لدى فقهاء المغربين الأوسط والأقصى في عهد المرابطين هو النفور من علم الكلام، وأصول الفقه، ولقد لقي المترجم المتاعب والمقاومة من الفقهاء والرؤساء زمن استقراره بالمغرب الأقصى عند ما أقرأ علم الكلام، وعلم أصول الفقه.
وبعد أن استكمل المترجم رحلته العلمية رجع إلى بلده توزر ثم بارحها في ظروف غامضة لظلم الوالي له، ولبث متجولا بين مدن الجزائر والمغرب الأقصى مدرسا للنحو، والفقه، والأصول، وعلم الكلام، سالكا طريق الزهد والتقشف، ففي الجزائر أخذ عنه النحو عبد الملك بن سليمان التاهرتي، وفي فاس أقرأ «اللمع» في أصول الفقه لأبي إسحاق الشيرازي، ودرس علم الكلام وذلك سنة 490/ 1097.
دخل ابن دبوس قاضي فاس الجامع والمترجم يدرس علم الكلام، فأمر بإبطال الدرس، ولما انتقل إلى سجلماسة جنوبي المغرب الأقصى استمر في تدريس الأصلين، فأمر ابن بسام أحد رؤساء البلد بطرده من المسجد قائلا: «هذا يريد أن يدخل علينا علوما لا نعرفها».
وقد تأثر المترجم بهذه المضايقة والمعاملة السيئة من أجل نشره لعلمين غير معروفين في المغرب ودعا على مضطهديه ولعله في هذه الفترة قال بيتيه المشهورين:
أصبحت في من له دين بلا أدب | ومن له أدب خال من الدين |
أصبحت فيهم غريب الشكل منفردا | كبيت حسان في ديوان سحنون |
وهان على سراة بني لؤي | حريق بالبويرة مستطير |
اشتدي أزمة تنفرجي | قد آذن ليلك بالبلج |
الشدة أودت بالمهج | يا رب فعجل بالفرج |
فهاجت لدعاك خواطرنا | والويل لها إن لم تهج |
واغلق باب الضيق وشدته | وافتح ما سد من الفرج |
عجنا لحماك نقصده | والأنفس في أوج الوهج |
يا من يشكو ألم الحرج | ويرى عسره قرب الفرج |
أبشر بشذى أوج الفرج | اشتدي أزمة تنفرجي |
لا بد لضيق من فرج | والصبر مطية كل شجي |
وبدعوة أحمد فالتهجي | اشتدي أزمة تنفرجي |
عطاء ذي العرش خير من عطائكم | وسيبه واسع يرجى وينتظر |
أنتم يكدر ما تعطون منكم | والله يعطي ولا من ولا كدر |
لا حكم إلا لمن تمضي مشيئته | وفي يديه على ما شاءه القدر |
يا فاس منك جميع الحسن مسترق | وساكنوك ليهنهم ما رزقوا |
هذا نسيمك أم روح لراحتنا | وماؤك السلسل الصافي أم الورق |
أرض تخللها الأنهار داخلها | حتى المجالس والأسواق والطرق |
دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان-ط 2( 1994) , ج: 5- ص: 19