ابن كلس يعقوب بن يوسف بن غبراهيم بن هارون ابن كلس، أبو الفرج: وزير، من الكتاب الحساب. ولد ببغداد. وسافر به أبوه إلى الشام. ثم أنفذه إلى مصر، فاتصل بكافور الإخشيدي، فولاه ديوانه بالشام ومصر، ووثق به فكان يشاوره في أكثر أموره. وكان يهوديا، فأسلم في أيامه (سنة 356) ثم انتقل إلى المغرب الأقصى فخدم (المعز) الفاطمي العبيدي (سنة 363) وتولى أموره. قال ابن تغري بردي ما محصله: لما مات كافور، وولى الوزارة بمصر جعفر بن الفرات، اساء جعفر السيرة، فقبض على جماعة وصادرهم، نهم يعقوب بن كلس، وهرب يعقوب إلى المغرب، فكان من أكبر أسباب حركة (المعز) وإرسال (جوهر) القائد إلى الديار المصرية. وفي سنة 368 لقبه المعز بالوزير الأجل. ثم اعتقله سنة 373 وأطلقه بعد شهور، فعاد إلى القاهرة، وفيه (العزيز) ابن (المعز) فولى وزارته، وعظمت منزلته عنده. وصنف كتابا في (الفقه) على مذهب الباطنية، يعرف بالرسالة الوزيرية، أخذه عن المعز وابنه العزيز. وكان يعقد المجالس في الجامع العتيق، فيقرر المسائل الفقهية على حسب مذهبهم. وتوفي في أيام العزيز، فألحده بيده، وأمر بإغلاق الدواوين أياما بعده. أخباره كثيرة.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 202

ابن كلس لوزير اسمه يعقوب بن كلس.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 24- ص: 0

الوزير بن كلس يعقوب بن كلس بكسر الكاف وتشديد اللام وبعدها سين مهملة:
وزير العزيز نزار بن المعز، وقد تقدمت ترجمته في حرف النون.
وأما يعقوب هذا فهو الوزير يعقوب بن يوسف بن إبراهيم بن هارون بن داود بن كلس.
كان يعقوب أولا يهوديا يزعم أنه من ولد هارون بن عمران.
وقيل: كان يزعم أنه من ولد السموءل بن عادياء اليهودي.
وكان قد ولد ببغداد ونشأ بها، وتعلم الكتابة والحساب، وسافر به أبوه بعد ذاك إلى الشام وأنفذه إلى مصر سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة فانقطع إلى بعض خواص كافور الإخشيدي فجعله كافور على عمان من ثم لازم باب داره فرأى منه كافور نجابة وشهامة وصيانة ونزاهة، وحسن إدراك... عليه فاستحضه وأجلسه في ديوانه الخاص. وكان يقف بين يديه ويخدم ويستوفي أعمال والحسبانات ويدخل يده في كل شيء ولم يزل أمره يزيد إلى أن صار الحجاب والأشراف يقومون وأرسل له كافور شيئا فرده إليه، وأخذ منه القوت خاصة، وتقدم كافور إلى سائر الدواوين ولا يمضي دينار ولا درهم إلا بتوقيعه، وكان يبر الناس، ويعلم من القليل الذي يأخذه الكل... وهو على دينه.
ثم إنه أسلم يوم الاثنين لثماني عشرة ليلة حلت من شعبان سنة ست وخمسين وثلاثمائة. ولزم الصلاة، ودراسة القرآن، ورتب لنفسه شيخا عارفا بالقرآن والنحو، حافظا... السيرافي، وكان يبيت عنده ويصلي به، ويقرأ عليه، ولم يزل حاله يسمى عند كافور إلى أن توفي كافور، وكان الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات يحسده، ويعاديه، فلما مات كافور قبض ابن الفرات على جميع الكتاب وأصحاب الدواوين، وقبض على ابن كلس فلم يزل ابن كلس يبذل الأموال إلى أن أفرج عنه.
ثم إنه اقترض من أخيه وغيره مالا، وتجمل به، وصار إلى الغرب مستخفيا فلقي القائد جوهر فرجع معه إلى مصر، ولم يزل يترقى إلى أن ولي الوزارة للعزيز مراد بن المعز، وعظمت رتبته عنده، وأقبلت الدنيا عليه، ولازم الناس بابه، ومهد قواعد الدولة، وساس أمورها أحسن سياسة ولم يبق لأحد معه كلام.
وكان في أيام المعز يتصرف في.. الديوانية، وتولى وزارة العزيز يوم الجمعة ثامن عشر شهر رمضان سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وهو أول من وزر بمصر للدولة الفاطمية.
وكان قد رتب لنفسه مجلسا في كل... ويقرأ فيه بنفسه مصنفاته على الناس ويحضره القضاة والفقهاء والنحاة وجميع أهل الفضائل وأعيان العدول وغيرهم من أعيان الدولة ووجوهها وأصحاب الحديث. وإذا فرغ من مجلسه قام الشعراء ينشدون المدائح.
وكان في داره قوم يكتبون القرآن، وقوم يكتبون الحديث والفقه والأدب حتى الطب، ويعارضون، ويكتبون المصاحف وينطقونها، وكان من جملة جلسائه الحسين بن عبد الرحيم الزلاف مصنف كتاب الأسجاع ورتب في داره القراء والأئمة يصلون في مسجد بداره... في داره المطابخ لنفسه وجلسائه، ومطابخ لغلمانه وحاشيته، وكان ينصب كل يوم خوانا لخاصيته من أهل العلم والكتاب وخواص أتباعه ممن يستدعيه وينصب هو... يأكل عليها الحجاب وبقيق الكتاب والحاشية. ووضع في داره ميضأة للطهور، وفيه بيوت تختص بمن يدخل داره من الغرباء، وكان يجلس كل يوم عقيب صلاة الصبح ويدخل إليه الناس في الحوائج والظلامات، وقرر عند العزيز جماعة جعلهم قوادا يركبون بالمواكب والعبيد، ولا يخاطب واحد منهم إلا بالقائد، ومن جملتهم القائد أبو الفتوح فضل بن صالح الذي تنسب له منية القائد فضل. ثم إنه شرع في تحصين داره ودور غلمانه دروب والحرس والسلاح والعدد، وعمرت ناحيته بالأسواق وأصناف ما يباع من الأمتعة والمطعم والمشروب.
ويقال: إن داره كانت بالقاهرة في موضع مدرسة الوزير صفي الدين بن شكر. وإن الحارة المعروفة بالوزيرية منسوبة إلى أصحابه.
وكان الوزير ابن الفرات يغدو إليه، ويروح ويعرض عليه محاسبات القوم الذين يحاسبهم ويعول عليه ويجلس معه، وربما حبسه لمواكلته فيأكل معه، وقد جرى منه عليه ما جرى.
وكانت هيبته وافرة، جوده كثيرا، وأكثر الشعراء من مدائحه. وأكثر أمداح الشاعر أحمد بن محمد الأنطاكي المعروف بأبي الرقعمق فيه.
وصنف الوزير كتابا في الفقه مما سمعه من المعز وولده العزيز.
وجلس في شهر رمضان سنة تسع وستين وثلاثمائة مجلسا حضره الخاص والعام وقرأ الكتاب فيه، وحضر الوزير ابن الفرات وجلس للجامع العتيق جماعة يفتون الناس من هذا الكتاب.
وكانت له طيور فائقة من الحمام يسابق بها، ولمخدومه العزيز أيضا طيور فائقة فتسابقا يوما فسبقت طيور الوزير فعز ذلك عليه ووجد الحساد له مطعنا عليه فقالوا للعزيز: إنه قد اختار من كل صنف أجوده وأعلاه ولم يبق منه إلا أدناه، فاتصل ذلك بالوزير فكتب إلى العزيز:

فأعجبه ذلك وسرى عنه.
وقيل: إن هذين البيتين لولي الدولة أحمد بن علي بن خير الدين الكاتب المصري.
وقيل: إن سبب حظوة ابن كلس عند كافور أن يهوديا قال له: إن في دار ابن البكري بالرملة ثلاثين ألف دينار مدفونة فكتب ابن كلس إلى كافور يقول له: إن في دار ابن البكري عشرين ألف دينار مدفونة في موضع أعرفه، وأنا أخرج أحملها إليك، فأجابه إلى ذلك، وأنقذ معه البغال لحملها.
وورد الخبر بموت بكير بن هاروان التاجر فجعل إليه النظر في تركته واتفق موت يهودي بالغرماء ومعه أحمال كتان فأخذها وفتحها فوجد فيها عشرين ألف دينار فكتب إلى كافور بذلك فتبرك به، فكتب إليه بحملها فباع الكتان وحمل الجميع وسار إلى الرملة، وفتح الدار المذكورة وأخرج المال، وكتب للكافور، وعرفت الأستاذ أنها عشرون فوجدتها ثلاثين ألف دينار فازدادت مكانته عنده... بالثقة ونظر في تركة بن هاروان، واستقصى فيها وحمل منها مالا كثيرا فأرسل إليه كافور صلة كبيرة، فأخذ منها ألف درهم ورد الباقي.
ثم إن العزيز اعتقله في القصر سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة فأقام في القصر معتقلا مشهورا، ثم أطلقه في سنة أربع وسبعين، ورده إلى ما كان عليه.
ووجدت رقعة في داره في سنة ثمانين وثلاثمائة وهي السنة التي توفي فيها، وفيها مكتوب:
فلما قرأها قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم واجتهد على أن يعرف كاتبها فلم يقدر على ذلك.
ولما اعتل علته التي مات فيها آخر السنة ركب إليه العزيز عائدا وقال له: وددت أنك تباع فأبتاعك بملكي أو تفدى فأفديك بولدي فهل من حاجة توصي بها يا يعقوب.
فبكى وقبل يده فقال: أما في ما يخصني فأنت أرعى لحقي من أن أسترعيك إياه، أو أوصيك على من أخلفه. ولكني أنصح لك فيما يتعلق بدولتك، سالم الروم ما سالموك، وأقنع من الحمدانية بالدعوة والسكة. ولا تبق على مفرح بن دغفل بن جراح إن عرضت عليك فيه فرصة.
ومات فأمر العزيز أن يدفن بداره المعروفة بدار الوزارة بالقاهرة داخل باب النصر في قبة كان بناها، وصلى عليه وألحده بيده في قبره، وانصرف حزينا لفقده، وأمر بغلق الدواوين أياما بعده.
وكان إقطاعه من العزيز في كل سنة مائة ألف درهم. ووجد له من العبيد والمماليك أربعة آلاف غلام، ووجد له جواهر بأربعة آلاف ألف دينار وبز من كل صنف بخمس مائة ألف دينار، وكان عليه للتجار ستة عشر ألف دينار فقضاها عنه العزيز من بيت المال، وفرقت على قبره.
وتوفي في صباح الاثنين لخمس خلون من ذي الحجة سنة ثمانين وثلاثمائة. ولما عاد العزيز من قبره ركب البغلة بغير مظلة، وقيل: إنه كفنه وحنطه بما مبلغه عشرة آلاف دينار، وغدا الشعراء على قبره، ورثاه مائة شاعر، وأخذت قصائدهم وأجيزوا. ومولده سنة ثمان عشرة وثلاثمائة ببغداد.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 28- ص: 0

ابن كلس وزير المعز والعزيز، أبو الفرج، يعقوب بن يوسف بن إبراهيم بن هارون بن داود بن كلس البغدادي، الذي كان يهوديا فأسلم.
كان داهية ماكرا، فطنا سائسا، من رجال العالم.
سافر إلى الرملة، وتوكل للتجار، فانكسر عليه جملة وتعثر، فهرب إلى مصر، وجرت له أمور طويلة، فرأى منه صاحب مصر كافور الخادم فطنة وخبرة بالأمور، وطمع هو في الترقي فأسلم يوم جمعة، ثم فهم مقاصده الوزير ابن حنزابة، فعمل عليه، ففر منه إلى المغرب، وتوصل بيهود كانوا في باب المعز العبيدي، فنفق على المعز، وكشف له أمورا، وحسن له تملك البلاد، ثم جاء في صحبته إلى مصر وقد عظم أمره. ولما ولي العزيز سنة خمس وستين استوزره، فاستمر في رفعة وتمكن، إلى أن مات.
وكان عالي الهمة عظيم الهيبة حسن المداراة.
مرض فنزل إليه العزيز يعوده، وقال: يا يعقوب، وددت أنك تباع فأشتريك من الموت بملكي، فهل من حاجة؟ فبكى وقبل يده، وقال: أما لنفسي فلا، ولكن فيما يتعلق بك،
سالم الروم ما سالموك، واقنع من بني حمدان بالدعوة والسكة، ولا تبق على المفرج بن دغفل متى قدرت، ثم مات، فدفنه العزيز في القصر في قبة أنشأها العزيز لنفسه، وألحده بيده، وجزع لفقده.
ويقال: أنه كان حسن إسلامه مع دخوله في الرفض، وقرأ القرآن والنحو، وكان يحضر عنده العلماء، وتقرأ عليه تواليفه ليلة الجمعة، وله حب زائد في العلوم على اختلافها.
وقد مدحه عدة من الشعراء، وكان جوادا ممدحا.
وصنف كتابا في فقه الشيعة مما سمعه من المعز ومن العزيز، ثم سمعه من لفظه خلق في مجلس عام، وجلس جماعة من العلماء يفتون في جامع مصر بما في ذلك التصنيف الذميم.
وقد كان العزيز تنمر عليه في سنة ثلاث وسبعين، وسجنه شهورا، ثم رضي عنه، واحتاج إليه، فرده إلى المنصب.
وكان معلومه في السنة مائتي ألف دينار، ولما مات وجد له من المماليك والجند والخدم أربعة آلاف مملوك، وبعضهم أمراء.
ويقال: إنه كفن وحنط بما يساوي عشرة آلاف مثقال.
وقال العزيز وهو يبكي: وا طول أسفي عليك يا وزير.
مات في ذي القعدة سنة ثمانين وثلاث مائة، وله اثنتان وستون سنة، وخلف من الذهب والجوهر والمتاع ما لا يوصف كثرة، ولا ريب أن ملك مصر في ذاك العصر كان أعظم بكثير من خلفاء بني العباس، كما الآن صاحب مصر أعلى ملوك الطوائف رتبة ومملكة.
وقيل: ما برح يعقوب في صحبة كافور حتى مات.
أسلم يعقوب في سنة ست وخمسين، ولزم الخير والصلاة ثم قبض عليه ابن حنزابة، فبذل له مالا فأطلقه.
تولى الوزارة سنة ثمان وستين، فكان من أنبل الوزراء وأحشمهم وأكرمهم وأحلمهم.
قال العلوي: رأيت يعقوب عند كافور، فلما راح قال لي: أي وزير بين جنبيه؟!

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 12- ص: 409