الصفار يعقوب بن الليث بن الصفار، أبو يوسف: من ابطال العالم، وأحد الأمراء الدهاة الكبار. كان في صغره يعمل الصفر (النحاس) في خراسان ويظهر الزهد. ثم تطوع في قتال الشراة، فانضوى إليه جمع، فظفر في معركة معهم. وأطاعه أصحابه، واشتدت شوكته، فغلب على سجستان (سنة 247هـ) ثم امتلك هراة وبوشنج. اعترضته الترك، فقتل ملوكهم وشتت جموعهم، فهابه أمير خراسان وغيره من امراء الأطراف. ثم امتلك كرمان وشيراز، واستولى على فارس، فجبى خراجها. ورحل إلى الخليفة ببغداد، وهو يومئذ (المعتز بالله) يعرض طاعته ويقدم له هدايا من نفائس غنمها بفارس. وفي سنة 259 انتحل لنفسه عذرا في اقتحام نيسابور، فدخلها عنوة، وقبض على أميرها محمد بنطاهر (آخر الأمراء من هذه الأسرة) وتم له ملك خراسان وفارس، فطمع ببغداد، فزحف إليها بجيشه، وكان الخليفة فيها (المعتمد بالله) فخرج جيش المعتمد، ونشبت بينهما حرب طاحنة، ولم يظفر الصفار، فعاد إلى واسط ينظر في شؤون إمارته الواسعة، فتوفى بجنديسابور (من بلاد خوزستان) وكان الحسن بن زيد العلوي يسميه (السندان) لثباته.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 201

الصفار الخارجي يعقوب بن الليث

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 16- ص: 0

الصفار يعقوب بن الليث، أبو يوسف الصفار قد أكثر أهل التواريخ من ذكر هذا الرجل وذكر أخيه عمرو، وما ملكا من البلاد وقتلا من العباد، وما جرى للخلفاء منهما من الوقائع، وقد تقدم ذكر أخيه عمرو في مكانه من حرف العين.
كان يعقوب هذا وأخوه يعملان الصفر، وهو النحاس في حداثتهما، وكانا يظهران الزهد، وكان رجل من أهل سجستان مشهورا بالتطوع في قتال الخوارج يقال له: صالح بن البطر الكناني المطوعي من أهل بست فصحباه وحظيا به، فقتلت الخوارج الشراة عمرا أخا يعقوب هذا، وأقام صالح المذكور يعقوب هذا مقام الخليفة، ثم هلك صالح فتولى مكانه درهم بن الحسين من المطوعة أيضا فصار يعقوب معه كما كان مع صالح. ثم إن صاحب خراسان احتال لدرهم حتى ظفر به وحمله إلى بغداد فحبس ثم أطلق....خدم السلطان. ثم لزم بيته يظهر النسك والحج والاقتصاد، حتى غلظ أمر يعقوب، وكان درهم هذا غير ضابط لأمور عسكره، وكان يعقوب قائد عسكره، فلما رأى أصحاب درهم ضعفه وعجزه اجتمعوا على يعقوب وملكوه أمرهم لما رأوا من حسن تدبيره وسياسته وقيامه بأمرهم، فلما تبين درهم ذلك لم ينازعه وسلمه الأمر، وقويت شوكة يعقوب وحارب الخوارج.
وظفر بهم، وأفناهم، وأحرق ضياعهم، وغلب على سجستان وهراة وبوشنج وما والاها.
وكانت الترك بتخوم سجستان وملكهم ’’رتبيل’’ هذا القبيل من الترك الدراري فحضه أهل سجستان على قتالهم وقالوا: هؤلاء أضر من الشراة الخوارج. وأوجب محاربة. فغزا الترك وقتل رتبيل ملكهم وثلاثة من ملوكهم بعد...وكل ملوكهم يسمون رتبيل، وانصرف يعقوب إلى سجستان وقد حمل رؤوس ملوكهم وألوفا من رؤوسهم فخافته الملوك الذين حوله من ملوك السند الرخج ومكر...والمولتان والطبسين وزابلستان وغيرهم.
وقصد هراة وبوشنج سنة ثلاث وخمسين ومائتين وأمير خراسان محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر الخزاعي وعامله عليها محمد بن أوس الأنباري فحاربه، ثم انهزم ابن أوس ودخل يعقوب بوشنج وهراة وصارتا في يده. وظفر...من الطاهرية فحملهم إلى سجستان فوجه إليه المعتز كتابا فيهم على يد بلعم بن الشعب فأطلقهم.
وأول ما جاء إليه وهو بزرنج، دخل عليه بعد الإذن فدخل، ولم يسلم عليه وجلس بين يدي يعقوب لفر أمره، ودفع كتاب المعتز إليه فلما أخذه قال له: قبل كتاب أمير المؤمنين فلم يقبله وفضه. فتراجع بلعم القهقرى إلى باب المجلس وقال: أيها الأمير سلام عليك ورحمة الله وبركاته. فأعجبه ذلك وأحسن مثواه ووصله، وأطلق الطاهرية، وأرسل إلى المعتز هدية سنية من بعضها مسجد فضة مخلع يصلي فيه خمس عشر...وسأل أن يعطى بلاد فارس ويقرر عليه خمسة عشر ألف درهم على أن يتولى أخو علي بن الحسين بن قريش وكان على فارس.
ثم إنه توجه بعد كتابه إلى المعتز يريد كرمان وكان بها العباس بن الحسين من قريش أخو علي بن الحسين المذكور ومعه أحمد بن الليث الكردي فأقام يعقوب على بم - وهي بالباء الموحدة وبعدها ميم مخففة - وقدم أخاه علي بن الليث إلى السيرجان - بالسين المهملة المكسورة والياء آخر الحروف وراء وجيم وألف ونون - وضم إليه جماعة فرد أحمد بن الليث الكردي من الطريق في جمع كثير من الأكراد وغيرهم وظفر أحمد بن الليث بجماعة من أصحاب يعقوب يطلبون العلف فقتلهم وهرب منهم جماعة، ووجه برؤوس القتلى إلى فارس، ونصب علي بن الحسين رؤوسهم فبلغ الخبر يعقوب فدخل كرمان فندب له علي بن الحسين وطوق بن المغلس في جماعة فجهز إليه طوق يقول له: أنت بعمل الصفر اعلم منك بالحروب فعظم عليه ذلك فجد في قتاله فانتصر عليه، وقتل يعقوب في هذه الواقعة ألفي رجل، وأسر ألفا، وأسر طوق بن المغلس وقيده بقيد خفيف، ووسع عليه في مطعمه وغيره. واستخرج من الأموال، ورحل يعقوب ودخل فارس، فخندق علي بن الحسين على نفسه بشيراز، وكتب إلى يعقوب أن طوق بن المغلس فعل ما فعل بغير أمري، وقال: إن كنت تطلب كرمان فقد تركتها وراءك وإن كنت بطلب فارس فكتاب أمير المؤمنين بتسليم العمل إليك لأنصرف؟ فقال: إن معي كتابا، ولا أدفعه إليك إلا بعد دخولي البلد، فاعتد أهل شيراز لحصاره، وترددت المراسلات بينهما، وتطاولت وتزاحف الفريقان فحملوا حملة واحدة فأزاح أصحاب يعقوب أصحاب علي بن الحسين عن مواضعهم، وصدقت المجالدة فانهزموا على وجوههم وقتل منهم مقدار خمسة آلاف.
وأصابت علي بن الحسين ثلاث ضربات، واعتورته سيوف أصحاب يعقوب وسقط عن دابته فأرادوا قتله فقال: أنا علي بن الحسين، فقادوه بعمامته إلى يعقوب فقنعه عشرة أسواط بيده، وأخذ حاجبه بلحيته فنتف أكرها، وقيد قيدا فيه عشرين رطلا، وصيره مع طوق بن المغلس في الخيمة.
وصار يعقوب من فوره إلى شيراز، والطبول بين يديه ونادى بالأمان في أهل شيراز، وأن الذمة برئت من آوى كتاب علي بن الحسين، وحضرت الجمعة فدعا للإمام المعتز، ولم يدع لنفسه وحمل إلى يعقوب من منزل علي بن الحسين أربعمائة بدرة، وقيل: أخذ منه ألف بدرة، وعذب يعقوب عليا أنواعا من العذاب.... أنثييه، وشد الجوزتين على صدغيه، وزاد قيده عشرين رطلا أخرى فدلهم على موضع في داره، فأخذوا منه مالا كثيرا وجواهر.
فألح عليه العذاب وقل: لا بد لي من ثلاثين ألف دينار فخلط، ووسوس من شدة العذاب، وارتحل يعقوب إلى بلاده وحمل معه عليا وطوقا، ولما بلغ كرمان ألبسهما الثياب المصبغة، وقنعهما بمقانع ونادى عليهما وحبسهما.
ومضى إلى سجستان وخلع المعتز بالله وتولى المهتدي وخلع وبويع المعتمد.
وصار للصفار في خلافة المهتدي كثير أمر، بل كان يغزو، ويحارب من يليه من الملوك بسجستان وأعمالها.
وعاد يعقوب إلى بلاد فارس وجنى غلاتها ورجع بنحو من ثلاثين ألف ألف درهم قام بها غلبة عليها ولو أمكن الخليفة لصرفه عنها ثم أن يعقوب دخل بلخ ثم دخل نيسابور وخرج منا ومعه محمد بن طاهر مقيد في نيف وستين من أهله.
وتوجه لجرجان للقاء الحسن بن زيد العلوي أمير طبرستان وجرجان وتلاقيا، وتقدم يعقوب أصحابه فهزم الحسن بن زيد وأصحابه، وفاته الحسن بن زيد. وأخذ يعقوب مما كان معه ثلاثمائة وقر جمل مالا أكثرها... وظفر بجماعة من آل أبي طالب فأساء إليهم وأسرهم، وكانت الوقعة في رجب سنة ستين ومائتين.
ثم إن يعقوب دخل آمل، وهي كرسي طبرستان، وخرج منها في طلب الحسن بن زيد ولم يرحل إلا مرحلة واحدة حتى بلغه أن الحسين بن طاهر بن عبد الله بن طاهر قد حل بمرو والروذ ومعه صاحب خوارزم في ألفي تركي، فانزعج يعقوب ورجع يريد جرجان فلحقه الحسن بن زيد من ناحية البحر فيمن اجتمع إليه من الديلم والجبال وطبرستان فشعث من يعقوب وقتل من لحق من أصحابه فانهزم يعقوب إلى جرجان فجاءت زلزلة عظيمة قتلت من أصحابه ألفين وعادت طبرستان إلى الحسن بن زيد.
وأقام يعقوب بجرجان يعسف أهلها بالخراج ويأخذ الأموال، وأقامت الزلزلة ثلاثة أيام فتوجه جماعة إلى بغداد فسألوا عن يعقوب فذكروه بالجبروت والعسف فعزم الخليفة على النهوض إليه، واستعد لذلك، وشغب الناس عليه، وكتب ثلاثون نسخة، ودفع إلى كل والي كورة نسخة لترتفع الأخبار بغضب الخليفة على يعقوب.
ونمى الخبر إلى يعقوب فرجع إلى نيسابور، وأساء إلى أهلها بأخذ الأموال، ثم إنه وصل عسكر كرم، وكاتب الخليفة وسأله أن يوليه خراسان وبلاد فارس وما كان مضموما إلى الحسين من الكور وشرطتي بغداد وسر من رأى، وأن يعقد له طبرستان، وجرجان، والري، وأذربيجان، وقزوين، وأن يعقد له على كرمان وسجستان والسند، وأن يحضر من قرأت عليه الكتب الأولى في حقه، ويبطل حكم تلك الكتب هذا الكتاب.
ففعل ذلك الموفق أبو أحمد طلحة وهو... وأجابه إلى ما طلب وكانت الأمور كلها راجعة إلى الموفق، واضطربت الموالي بسر من رأى... ثم إن يعقوب لم يلتفت إلى هذه الإجابة، ودخل السوس.
وعزم على محاربة المعتمد وتأهب المعتمد وتقدم الصفار، وتقدم جيش الخليفة، ودعا الخليفة ببرد النبي صلى الله عليه وسلم وقضيبه وأخذ القوس ليكون أول من رمى، ولعن الصفار، فطابت أنفس الموالي، وحكم أن الصفار خشنج، وهو من الموالي. وقال لأصحاب الصفار: يا أهل خراسان وسجستان: ما عرفناكم إلا بطاعة السلطان وتلاوة القرآن، وحج البيت، وإن دينكم لا يتم إلا بطاعة الإمام، وما نشاء إن هذا الملعون قد موه عليكم.
وقال: إن السلطان قد كتب إليه بالحضور، وهذا السلطان قد خرج لمحاربته فمن أقر منكم بالحق وتمسك بدينه وبشرائع الإسلام فليتفرد عنه أو كان شاقا للعصا. محاربا للسلطان، فلم يجيبوه عن كلامه، وكان هذا خشنج شجاعا.
ووقف الخليفة بنفسه وإلى جانب ركابه محمد بن خالد بن يزيد بن مزيد بن زائدة الغساني ووقف معه جماعة من أهل البأس والنجدة، وتقدم بين يديه الرماة بالنشاب وكشف أخوه الموفق رأسه وقال: أنا الغلام الهاشمي وحمل على أصحاب الصفار وقتل بين الطائفتين خلق كثير.
فلما رأى الصفار ذلك ولى راجعا وترك أمواله وخزائنه وذخائره ومر على وجهه، وقيل: إن عسكره كان ميلا في ميل، فلم تتبعه العساكر، وما أفلت رجل من أصحابه، إلا بسهم أصابه، وأدركهم الليل فتساقطوا في الأنهار لازدحامهم، وثقل الجراح بهم.
وجاء أبو عبد الله محمد بن طاهر أمير خراسان وهو في قيده ففك قيده، وخلع عليه خلعة سلطاني، ثم وردت كتب الصفار إلى الخليفة بأنه لم تجئ إلا خدمة للخليفة، والتشرف بالمثول بين يديه والنظر إليه، وأن يموت تحت ركابه فلم يقبل عليها.
ومضى الصفار منهزما إلى واسط، يتخطف أصحابه أهل القرى يأخذون دوابهم وأسلحتهم. ثم عاد الصفار إلى السوس، وجبى الأموال، وقصد تستر وحاصرها وأخذها، ورتب فيها نائبا، وكثر جمعه ثم رحل إلى فارس.
ثم أنه ورد الخبر... بموت الصفار يوم الثلاثاء لأربع عشر ليلة خلت من شوال سنة اثنتين وستين ومائتين.
وقيل أنه أصابه القولنج فأشار عليه الطبيب بالحقنة فلم يقبل، ومات بجنديسابور يقال: سنة خمس وستين ومائتين، وكتبوا على قبره:

وقيل توفي بالأهواز وحمل تابوته إلى جنديسابور ودفن بها، وكتب على قبره: ’’هذا قبر يعقوب المسكين’’. وكتب بعده:
وكان الحسن بن زيد العلوي يسمى: يعقوب الصفار السندان لثباته، وكان قلما يرى مبتسما، وكان عاقلا حازما.
وكان يقول: كل من عاشرته أربعين يوما ولم تعرف أخلاقه، لا تعرفها في أربعين سنة.
ووجد في بيوت أمواله من العين أربعة آلاف ألف دينار. ومن الورق خمسون ألف ألف درهم.
وولي بعده أخوه عمرو وقدم ذكره في مكانه. وملك بعده حفيده طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث. ثم بعده الليث بن علي بن الليث ثم المعذل بن علي بن الليث. ثم ملك مولاهم سك اليشكري ثم حمل إلى بغداد وانقضت دولة الصفارية. وقد تقدم ذكر كل واحد من هؤلاء في مكانه من هذا الكتاب.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 28- ص: 0

الصفار الملك، أبو يوسف يعقوب بن الليث السجستاني، المستولي على خراسان.
قيل: كان هو وأخوه عمرو بن الليث يعملان في النحاس فتزهدا، وجاهدا مع صالح المطوعي المحارب للخوارج.
قال ابن الأثير: غلب صالح على سجستان ثم استنقذها منه طاهر بن عبد الله بن طاهر، فظهر بها درهم بن حسين المطوعي فاستولى أيضا عليها، وجعل يعقوب بن الليث قائد عسكره ثم رأى أصحاب درهم عجزه فملكوا يعقوب لحسن سياسته، فأذعن لهم درهم، واشتهرت صولة يعقوب، وغلبه على هراة وبوشنج وحارب الترك وظفر برتبيل فقتله، وقتل ثلاثة ملوك ورجع معه ألوف من الرؤوس فهابته الملوك، وكان بوجهه ضربة سيف مخيطة.
بعث هدية إلى المعتز منها مسجد فضة يسع خمسة عشر نفسا يحمل عل قطار جمال ثم إنه حارب متولي فارس، ونصر عليه وقتل رجاله فكتب إليه الصلحاء ينكرون عليه تسرعه في الدماء، وحاصرهم وأخذ شيراز فأمنهم، وأخذ من متوليها أربع مائة بدرة وعذبه، ورد إلى سجستان فجبى الأموال.
وكان يحمل إلى المعتمد في العام خمسة آلاف ألف درهم وقنع المعتمد بمداراته.
ثم أخذ بلخ ونيسابور، وأسر متوليها ابن طاهر في ستين نفسا من آله وقصد جرجان فهزم المعتز عليها الحسن بن زيد العلوي، وغنم منه ثلاث مائة حمل مال وأخذ آمل ثم التقاه العلوي فهزم يعقوب ثم دخل جرجان فظلم، وعسف فجاءت زلزلة قتلت من جنده ألفين.
واستغاث جماعة جرجانيون ببغداد من يعقوب فعزم المعتمد على حربه ونفذ كتبا إلى أعيان خراسان، وبذم يعقوب وبأن يهتموا لاستئصاله فكاتب المعتمد يخضع ويراوغ، ويطلب التقليد بتوليه المشرق ففعل المعتمد ذاك، وأخوه الموفق لاشتغالهم بحرب الزنج.
وأقبل يعقوب ليملك العراق، وبرز المعتمد فالتقى الجمعان بدير العاقول، وكشف الموفق الخوذة، وحمل وقال: أنا الغلام الهاشمي، وكثرت القتلى فانهزم يعقوب وجرح أمراؤه وذهبت خزائنه، وغرق منهم خلق في نهر.
وقال أبو الساج ليعقوب: ما رأيت منك شيئا من تدبير الحرب، فكيف غلبت الناس؟ فإنك تركت ثقلك، وأسراءك أمامك، وقصدت بلدا على جهل منك بأنهاره ومخائضه، وأسرعت وأحوال جندك مختلة؟ قال: لم أظن أني محارب، ولم أشك في الظفر.
قال أبو الفرج الأصبهاني: لم تزل كتب يعقوب تصل إلى المعتمد بالمراوغة، ويقول: عرفت أن نهوض أمير المؤمنين ليشرفني، ويتلقاني والمعتمد يبعث يحثه على الانصراف فما نفع ثم عبأ المعتمد جيوشه، وشقوا المياه على الطرق فكان ذلك سبب كسرتهم وتوهم الناس أن انهزامه مكيدة فما تبعوه، وخلص ابن طاهر فجاء في قيده إلى بين يدي المعتمد، وكان بعض جيوش يعقوب نصارى وكان المصاف في رجب سنة فذهب يعقوب إلى، واسط ثم إلى تستر فأخذها، وتراجع جيشه وعظمت وطأته وكاد أن يملك الدنيا ثم كان موته بالقولنج، ووصفت له حقنة فأبى وتلف بعد أسبوعين وكان المعتمد قد بعث إليه رسولا يترضاه، ويتألفه وكان العلوي صاحب جرجان يسميه: يعقوب السندان من ثباته وقل أن رئي متبسما.
مات بجنديسابور في سنة خمس وستين ومائتين.
أخوه صاحب خرسان.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 10- ص: 146