يعقوب بن داود يعقوب بن داود بن عمر السلمي بالولاء، أبو عبد الله: كاتب، من أكابر الوزراء. كان يكتب لإبراهيم بن عبد الهه بن الحسن المثنى. وخرج (إبراهيم) على (المنصور العباسي) بالبصرة، فظفر به المنصور وقتله (سنة 145) وحبس يعقوب. ثم أطلق بعد وفاة المنصور، فتقرب من (المهدي) معلت منزلته عنده، حتى صدر مرسوم إلى الدواوين يقول: (إن أمير المؤمنين المهدي قد آخى يعقوب بن داود) واستوزره (سنة 163) فغلب على الأمور كلها، وقصدته الشعراء بالمدائح، وكثر حساده، وتتابعت الوشايات فيه. وسقط عن برذون، فانكسر ساقه، فعاده المهدي في اليوم الثاني. وانتهز الوشاة فرصة غيابه عن العمل، فذكروا للمهدي صلته الأولى بالعلويين، فيقال إنه أراد اختباره، فطلب منه أن يريحه من شخص سماه له، من العلويين، فاكتفى يعقوب بأن وكل أحد رجاله بالعلوي وأعطاه مالا، وأوعز إليه بالرحيل والاختفاء؛ وبعد مدة سأله المهدي عنه، فقال: مات. وعرف المهدي أنه كذب عليه، فانفجر سخطه، وعزله (سنة 167) وأمر بحبسه في (المطبق) وصادر أمواله. ومكث في الحبس إلى أن مضت خمس سنوات وشهور من ولاية هارون الرشيد فأخرج (سنة 175) وقد ذهب بصره، ورد عليه الرشيد ماله، وخيره في الإقامة حيث يريد، فاختار مكة، فأذن له، فأقام بها إلى أن مات. وهو الذي يقول فيه بشار:
بني أمية هبوا، طال نومكم | إن الخليفة يعقوب بن داود!. |
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 197
يعقوب بن داود بن عمر بن عثمان بن طهمان السلمى، مولى أبي صالح عبد الله بن حازم السلمى، مولاهم، أبو عبد الله الوزير:
كان ذا فضل في فنون العلم، سمحا، جوادا، كثير الصدقة والبر، وكان كاتبا لإبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الذي خرج هو وأخوه محمد، على المنصور، وقتلا في سنة خمس وأربعين ومائة، والقصة مشهورة، فظفر المنصور بيعقوب، فضربه المنصور واعتقله في المطبق، فلما مات، أطلقه ابنه المهدى وواخاه، وحل منه محلا عظيما، حتى كانت كتب المهدى لا تنفذ، حتى يرد كتابه بإنفاذها، ثم استوزره في سنة ثلاث وستين ومائة، فانفق أموال بيت المال، وأقبل على اللذات والشرب وسماع الغناء، فكثرت الأقوال فيه، ووجد أعداؤه مقالا فيه، فقالوا، وذكروا خروجه على المنصور، مع إبراهيم بن عبد الله العلوي، فامتحنه المهدى في ميله إلى العلويين، فدفع إليه بعض العلويين. وقال: أشتهى أن تكفينى مؤنته وتريحنى منه، بعد أن توثق منه، ووهب له مائة ألف وجارية، فاستعطف العلوي يعقوب، فأطلقه وأحسن إليه، ووصله بمال، فعرفت الجارية المهدى الخبر، فبعث من أحضر له العلوي والمال، واستدعى يعقوب، وسأله عن العلوي فأخبره أنه كفاه أمره، فاستحلفه بالله وبرأسه، فحلف، فأمر المهدى العلوي، بالخروج، فخرج، فبقى يعقوب متحيرا، فأمر بحبسه في المطبق، فحبس به، واستمر به سنين، في أيام المهدى والهادي، وخمس سنين في أيام الرشيد، حتى شفع فيه يحيى بن خالد بن برمك عند الرشيد، بعد خمس سنين من خلافته وشهور، فأخرج وقد ذهب بصره، فأحسن إليه الرشيد، ورد إليه ماله، وخيره في المقام حيث شاء، فاختار مكة، فأذن له في ذلك، فأقام بها حتى مات سنة اثنتين وثمانين، وقيل سنة تسع وثمانين ومائة. وله ترجمة مبسوطة في «تاريخ ابن خلكان» ومنها لخصت هذه الترجمة. انتهى.
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1998) , ج: 6- ص: 1