التصنيفات

أحمد بن نصر الله بن أحمد بن أحمد بن أسد الفقيه شرف الدين الصوفي رفيقنا إنسان خير دين فاضل حلو النوادر حسن الخلق تفقه مدة بالشيخ تاج الدين وصحبه، وسمع منه، ومن ابن البخاري، وابن هامل، وأجاز له ابن علاق، وابن عبد الدائم وطائفة، وهو من أهل خانقاه الطواويس.
ولد سنة ستين وست مائة، روى لنا عن ابن هامل، توفي في شوال سنة ثلاثين وسبع مائة.
حدثنا الشرف بن سيدة على سبيل المداعبة، أن الأديب أبا جلنك الشاعر حدثه، قال: ذهبت إلى والي بغراس الأمير الشيباني، وكان من الخراصين، فقال: من أيام جاء عندي أصحاب، وكنا سبعة أنفس، فشربنا نحو عشر دنان، ثم مر بنا نصارى بحمير نحو عشرين حمل.
كذا فنزلنا وأخذناه منهم وشربناه كله، قال أبو جلنك، فتبرمت بكذبه وخسفه، وقلت: حضرت حكاية، زعموا أنه كان في قرية أربعون من العمالقة بلغهم أن رجلا من العمالقة الأولين قد هم أن يهلكهم فهربوا، فبينا هم في البرية وجدوا عدوهم نائما مفتوح الفم، فقالوا: هذا لا تعمل فيه سيوفنا، فنزل الأربعون في فمه فاستيقظ، وأطبق فكه عليهم فانزربوا في مكان منه، ثم تحدروا إلى حلقه وجذبوا سيوفهم، وقتلوه من داخل ثم خرجوا، فلقوا آخر أعظم منه فقال: يا مساكين إلى أين وأنا قد جئت في نصرتكم وأنتم ما عليكم مقدرة، فأخبرناه بأنا قتلنا عدونا، فتعجب، وقال: وكيف أمكنكم؟ فأخبرناه وقلنا له وجدنا في فكه مغارة لجأنا إليها فقال: هذا كان أحد جماعة مثلكم ظهر عليهم عدو لهم لا توصف عظم خلقته فأراد أن يهلكهم فهربوا منه إلى مغارة في جبل عظيم فأتى راعي غنم بمقلاعه فقلع الجبل ووضعه في المقلاع وهوى به فتناثروا من المغارة في الهواء، فوقع هذا يطحن، وهذا اندقت عنقه فما عاش منهم إلا عدوكم هذا، انقلع ضرسه وتيك المغارة هي موضع ضرسه، قال فقال لي الشيباني، قم فعل الله بك، فقلت: أحضر هؤلاء كلهم، والله ما يستطيعون أن يشربوا الخمر الذي شربتموه.
وهذا من أظرف التكذيب، ومثله ما حكى صاحب الأغاني، أبو الفرج، أن رجلا رئيسا قال في مجلس: إنه رأى في بعض البلاد النعنع يطول ويجفو حتى يتخذوا منه سلالم للقطاف، قال: فقلت: أعجب من هذا، عندنا زوج حمام حضن البيض، فوضعت تحته سنجة عشرين مثقالا، وسنجة عشرة مثاقيل، فأفقس ذلك عن طست ومسينه، فضحك الحاضرون، وخجل ذلك الرجل.

  • مكتبة الصديق، الطائف - المملكة العربية السعودية-ط 1( 1988) , ج: 1- ص: 104