الفقيه الحافظ أبو بكر غالب بن عطية الحاربي هو غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن عبد الءوف بن تمام بن عطية بن خالد بن عطية بن خفاف بن أسلم بن مكرم من ولد زيد بن محارب بن خصفة بن قيس.
كذا وقفت على نسبهم في كتاب مطرف بن عيسى في تاريخ عرب إلبيرة في ذكر قبائل محارب، وحدهم عطية بن خالد هو الداخل الأندلس في الفتح.
تفقه صغيرا على فقهاءبلده وسمع منهم كالفقيه أبي ربيع ابن الربيع والفقيه أبي عثمان ابن جعد وغيرهم، وتأدب وقرأ القراءات السبع على أبي علي الحسن بن عبيد الله الحضرمي وغلب عليه الأدب في شبيبته وأجاد نظم الكلام والشعر ثم عطف على الفقه والحديث، فسمع بالأندلس من أبي بكر ابن صاحب الأحباس وأبي محمد بن أبي قحافة وأبي عبد الله ابن المرابط وابن نعمة القروي وغانم الأديب ومحمد بن حارث النحوي ثم من أبي علي الجياني أخيرا.
وله رحلة إلى الشرق قديمة سنة تسع ةستين لقي فيها بقية رجال إفريقية وتفقه معهم في الفقه والأصول: أبا عبد اللع ابن معاذ وأبا محمد عبد الحميد الصائغ وابن القديم، وصحب بمصر الواعظ أبا الفضل الجوهري وبمكة أبا عبد الله الجاحظ المري وأبا عبد الله الطبري وأخذ عنهم ودرس هناك علم الاعتقاد والأصول وحصل علما جما وتقدم في علم الحديث وأحسن التقييد والضبط، وتصدر ببلده غرناطة للقتيا والتدريس والإسماع والتفسير وانتفع به الناس وأخذوا عنه كثيرا وكان شيخهم المقدم وكف آخرا بصره، وتوفي، رحمه الله، بها ليلة الجمعة لست بقين من جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وخمسمائة.
لقيته بسبتة عند قدومه على أمير المسلمين، أيده الله بقرطبة وأيضا وفاوضته كثيرا وسمعت من لفظه فوائد، رحمة الله عليه، يقول، سمعت أبا عبد الله ابن معاذ الفقيه يقول:
سحنون اسم طائر حديد فسمس بذلك سحنون الفقيه لحدته في المسائل.
وبلغني عنه ولم أسمعه منه أنه قال: كررت البخاري سبعمائة مرة.
وأنشدني بعض أصحابنا عنه قال، أنشدني الفقيه أبو بكر ابن عطية قال، أنشدنا أبو الفضل الجوهري:
خذ كلامي معبرا فامتحنه | وبميزان عقل قلبك زنه |
ماهلاك النفوس إلا المعاصي | فتوق الهلاك لا تقربنه |
كل شيء هلاك نفسك فيه | ينبغي أن تصو نفسك عنه |
سهرت أعين ونامت عيون | لأمور تكون أو لا تكون |
فاطرد الهم ما استطعت عن النفس | فحملانك الهموم جنون |
إن ربا كفاك بالأمس ما كان | سيكفيك في غد ما يكون |
دار الغرب الإسلامي-ط 1( 1982) , ج: 1- ص: 189