القاضي الخطيب أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد المعافري من أهل بلدنا ولي خطابة منبره غير مرة وولي قضاءه كرتين إحداهما سنة أربع وثمانين فطولب ولم تطل بها مرته، والأخرى بعد ابن عيسى سنة ست وتسعين فتولاها إلى آخر خمسمائة وتولى بين هاتين قضاء الجزيرة الخضراء مدة. وكانت له، رحمه الله، رحلة سمع فيها بالأندلس من القاضي الباجي، وببلاد إفريقية ومصر زالحجاز من جماعة كابن فضال بمصر وابن صباح بتونس ولقي بمكة الفقيه عبد الحق والإمام أبا المعالي الجويني وابن صاحب الخمس بصقلية وغيرهم. ودرس هناك الأصول والكلام ودرس ذلك ببلدنا حياته وعليه أخذ ذلك جماعة من شيوخنا وأصحابنا ورحل إليه الناس في درس ذلك عليه وكان فاضلا.
قرأت عليه كتاب المنهاج من تأليف القاضي أبي الوليد الباجي في الجدل والمناظرة وحدثني ب عنه، وقرأت عليه الرسالة للقاضي أبي بكر ابن الطيب قراءة مناظرة وتفقه، وقرأنا عليه غير ذلكمن كتبه وغيرها وأخبرني بشرح الجمل لابن فضال عنه وقد سمع منه الأستاذ أبو الحسن ابن دري شرح غريب الحديث لأبي عبيد. وتوفي، رحمه الله، بعد صرفه عن خطة القضاء في لآخر شهر محرم سنة اثنتين وخمسمائة.
دار الغرب الإسلامي-ط 1( 1982) , ج: 1- ص: 165