التصنيفات

الفقيه القاضي الشهيد أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن خلف بن أبراهيم ابن الحاج أحد الفقهاء الفضلاء تفقه بشيوخ بلده قرطبة: أبي جفعر ابن رزق وأبي الحسن ابن حمدين، وسمع الجياني وابن الطلاع وأبا مروان ابن سراج والعبسي وابن مدير الخطيب وحازم بن محمد وغيرهم.
وكان حسن الضبط جيد الكتب كثير الرواية له خط من الأدب، مطبوعا في الفتيا مقدما في الشورى، صليب الذين متواضع متسمتا حليما.
وولى قضاء الجماعة بقرطبة مرتين حمد فيهما أثره استعفى من أولاهما ثم أجبر ثانية، وقتل وهو قاض يوم الجمعة وهو ساجد في صلاة الجمعة طعن بحديدة وقتل العامة للحين قاتله وذلك لأربع بقين لصفر من سنة تسع وعشرين، ومولده سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وجهل النسب في ذلك وكثر التخرص فيه، وكانت أمور الأندلس الكبار قد صرفها إليه أمير المسلمين أيام قضاءه وفتواه على فتواه بعد وفاة ابن رشيد صاحبه.
قرأت عليه في داره بقرطبة جميع كتاب الحديث لأبي محمد بن قتيبة، وعارضت كتابي بكتابه، وحدثني به عن الشيخ أبي مروان ابن سراج، رحمه الله، عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد الإفليلي عن أبيه عن قاسم بن أصبغ عن مؤلفه.
وحدثني به أيضا عن أبي الجياني الحافظ عن أبوي عمر ابن الحذاء وابن عبد البر عن عبد الوراث بن سفيان عن قاسم بن أصبغ. وصححت كثيرا من شواهده وعويص حروفه على الوزير أبي الحسين ابن سراج وأخبرني به عن أبيه، رحمهما الله، وكتبت عنه فوائد.
وأجازني جميع رواياته، وحدثنا القاضي الشهيد أبو عبد الله التجيبي، رحمه الله، من لفظه قال، حدثنا أبو علي الحافظ الغساني حدثنا أبو العباس العذري حدثنا أبو العباس الرازي قال، حدثنا أبو بكر سليمان بن أحمد الطبراني قال، حدثنا بشر بن موسى حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ قال، حدثنا حيوة بن شريح حدثنا عقبة بن مسلم عن أبي عبد الرحمن هو الحبلي عن الصنابحي عن معاذ بن جبل:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: ’’يا معاذ والله إني لأحبك’’ فقال ’’أوصيك يا معاذ لا تدعن في كل الصلاة أن تقول’’ اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك’’.
وأوصي بذلك معاذ الصنابحي وأوصي بها الصنابحي أبا عبد الرحمن وأوصي بها أبو عبد الرحمن عقبة بن مسلم وأوصي بها عقبة بن مسلم حيوة وأوصي بها حيوة المقرئ وأوصي بها المقرئ بشر بن موسى وأوصي بها بشر الطبراني وأوصي بها الطبراني الرازي وأوصي بها الرازي العذري وأوصي بها العذري وأوصي بها العذري أبا علي الغساني وأوصي بها الغساني شيخنا القاضي أبا عبد الرحمن التجيبي وأوصانا بها القاضي أبو عبد الله قال القاضي: وأنا أوصيكم بها.
قال القاضي أبو الفضل: كذا قاله القاضي أبو عبد الله: أبو بكر الطبراني وكذا كتبه لي بخطه، والمعروف في كنية الطبراني هذا أبو القاسم وهو إمام مشهور.
أخبرنا القاضي الشهيد عبد الله محمد بن أحمد التجيبي أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن بن محمد الغساني قال: حدثنا أبو عمر ابن عبد البر حدثنا أبو محمد قاسم بن محمد حدثنا خالد بن سعد حدثنا أبو الحسن طاهر بن عبد العزيز حدثنا ابو بكر ابن الإمام البغدادي بدمياط، حدثنا أبو السكين زكرياء بن يحيى بن عمر بن حصن بن حميد بن منهب بن حارثة بن خريم بن أوس بن حارثة بن لام إملاء من حفظه ومن كتابه قال: حدثنا عم أبي زحر بن حصن عن جده حميد بن منهب قال:
حججت في السنة التي قتل فيها عثمان، رحمه الله تعالى، فصادفت طلحة والزبير وعائشة بمكة، فلما ساروا إلى البصرة سرت معهم فلما وقفت عائشة بالبصرة قالت: ’’إن لي عليكم حرمة الأمومة وحق الموعظة، لا يتهمني منكم إلا من عصى ربه، ’’قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحرى ونحرى وأنا إحدى نسائه في الجنة وله حصنني ربي من كل بضع’’، بي ميز مؤمنكم من منافقكم وبي رخص لكم صعيد الأبواء. وأبي رابع أربعة من المسلمين وأول من سمى صديقا. فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم راضيا عنه مطوقه وهف اإمامة. ثم اضطرب حبل الدين فأخذ بطرفيه وربق لكم أثناه،فوقذ النفاق، وغاض نبع الردة وأطفأ ما حشت يهود، وأنتم حينئذ جحظ تنتظرون العدوة وتسمعون الصيحة، فرأت الثأي، وأوذم العطلة، وامتاح من الهواة، واجتهر دفن الرواء، ثم انتظم طاعتكم بجفلة في ذات الله، مذعن إذا ركن إليه، بعيد ما بين الابتين، عركة للأذاة بجنبه، صفوح عن أذى الجاهلين، يقظان الليل في نصرة الإسلام، خشاش المراءة والمخبر، فسلك مسلك السابقيه، تبرأت إلى الله من خطب جمع شمل الفتنة وفرق أعضاء ما جمع القرآن أنا نضب المسألة عن مسيرى هذا إن لم أجدد إنما أدرعه ولم أدلس فتنة أوطئكموها، أقول قولي هذا صدقا وعذرا واعتذارا وتعذيرا، وأسأل الله أن يصلي على محمد عبده ورسوله وأن يخلفه في أمته أفضل خلافة المرسلين’’.
قال: فانطلق رجل ممن سمع مقالتها إلى الأخنف بن قيس، وهو معتزل في بني سعد فأخبره بما قالت، فأنشأ يقول:

فلما بلغ عائشة مقالة الأحنف قالت: لقد استفرغ حلم الأحنف هجاؤه إياي، ألي كان يستجم مثابة سفهه؟! إلى الله أشكو عقوق أبنائي، ثم أنشأت تقول:

  • دار الغرب الإسلامي-ط 1( 1982) , ج: 1- ص: 47