الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد ابن عبد العزيز بن حمدين التغلبي أجل الأندلس وزعيمها في وقته ومقدمها جلالة ووجاهة وفهما ونباهة، مع النظر الصحيح في الفقه والأدب البارع والتقدم في النثر والظلم. تقلد الشوري بقرطبة لأول الدولة المرابطية ثم ولى قضاء الجماعة بها سنة تسعين إلى أن توفي في يوم الخميس لثلاث بقين من محرم سنة ثمان وخمسمائة ودفن يوم الجمعة بعد صلاة العصر، مولده سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.
وتفقه بأبيه وطبقته وسمع منه ومن أبي عبد الله ابن عتاب وأبي القاسم الطرابلسي وغيرهم، وأجازة ابن عبد البر والدلائي.
لقيته بقرطبة سنة سبع وخمسمائة وصدر سنة ثمان وجالسته كثيرا، رحمه الله. وسمعت عليه الموطأ رواية يحيى بن يحيى الليثي، وقد تقدم ذكر إسناده فيه.
وقرأت عليه بعض رسائله وردوده على الغزالي وسمعت بعضها، وسمعت منه كثيرا من كلامه ورسالته لابن شماخ وأجاز لي سائر رواياته.
وحدثنا القاضي أبو عبد الله محمد بن علي قراءة عليه وأنا أسمع قال، حدثني أبي قال، حدثني جدي لأمي أبو زكرياء القلعي حدثنا أبو عبد الله ابن أبي زمنين حدثنا أبو عمر ابن المشاط حدثنا عبيد الله بن يحيى حدثنا يحيى حدثنا مالك بن انس قال:
بلغني أن لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال: ’’يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله يحيى القلوب بنور الحكمة كما يحيى الأرض الميتة بوابل السماء’’.
دار الغرب الإسلامي-ط 1( 1982) , ج: 1- ص: 46