الشيخ يونس المصري ابن أحمد المحلي الأزهري الكفراوي الشافعي نزيل دمشق ومدرس الحديث بها الامام العالم الفقيه المتبحر أعجوبة الدهر في قوة الحافظة وطلاقة العبارة والاستحضار التام في الفقه وغيره ترجمه الشمس محمد بن عبد الرحمن الغزي العامري في ثبته المسمى لطائف المنة فقال ولد كما أخبرنا به من لفظه في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وألف بالمحلة الكبرى من اقليم مصر ونشأ بها وأخذ علم التفسير والحديث والفقه عن جماعة من علماء بلده منهم الشيخ علي مفتيها المعروف عندهم بابن الأقرع ومنهم الشيخ حسن البدوي والشيخ عبد المجيد بن المزين والشيخ رمضان والشيخ علي النحريري وهؤلاء أخذوا عن الشيخ علي الحلبي صاحب السيرة النبوية والشيخ عبد الرحمن الدميري والشيخ أحمد تلميذ الشيخ علي الشبراملسي ثم ارتحل المترجم إلى مصر وأقبل على الاشتغال بالعلوم وحضور دروس علماء الجامع الأزهر فأخذ عن جماعة من الأجلاء منهم الشمس محمد الشوبري الشافعي تلميذ الشمس الرملي وابن قاسم والنور علي الزيادي ومنهم الشيخ علي الأجهوري المالكي والشيخ جلال الدين البكري والشيخ منصور الطوخي والشيخ عبد السلام اللقاني والشيخ حسن الشرنبلالي الحنفي والشيخ إبراهيم الميموني والشهاب أحمد القليوبي والشمس محمد ابن علاء الدين البابلي والشيخ سلطان المزاحي والشيخ محمد بن المرابط المغربي وغيرهم ثم ارتحل إلى دمشق سنة سبعين وألف وأخذ عن جماعة من علمائها منهم الشيخ إبراهيم الفتال والشيخ محمد أبو المواهب بن عبد الباقي الحنبلي والشيخ محمد البلباني الصالحي وأبو الفلاح عبد الحي بن العماد العكري الصالحي وغيرهم وولي بدمشق تدريس بقعة الحديث بالجامع الشريف الأموي تحت قبته عن الشيخ علاء الدين الحصكفي المفتي سنة تسع وثمانين فدرس بها إلى حين موته وسافر في هذه المدة مرتين إلى الديار الرومية ودخل قسطنطينية وصار له بها إلى حين موته وسافر في هذه المدة مرتين إلى الديار الرومية ودخل قسطنطينية وصار له بها اكرام واقبال وكان ينوب عنه في غيبته في التدريس المرقوم الشمس محمد بن علي الكاملي انتهى وصار لصاحب الترجمة بدمشق جاه عريض وحرمة وافرة وأقبلت عليه الناس وكان وجيها محترما مقبول الشفاعة عند الحكام صداعا بالحق يقول الحق ولا يبالي مقداما في الأمور وألف ثبتا لذكر شيوخه ومروياته وكانت وفاته في ذي الحجة سنة عشرين ومائة وألف ودفن بتربة الباب الصغير بمقبرة سيدنا أوس بن أوس الثقفي وقبره معروف يزار رحمه الله تعالى ومن مات من المسلمين أجمعين آمين.
قال مؤلفه وهذا غاية ما أردناه ونهاية ما أوردناه من نشر مآثر فضلاء هذا العصر الجامعين لأصناف الفضائل على سبيل الحصر والمرجو من العاثر على عثرة فيه أو هفوة ظهرت من فيه أن يسحب عيه ذيل العفو والأغضاء ويغض عنه عين النقص حيث يبصره بعين الرضاء والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد وآله وصحبه وأتباعه وأنصاره وحزبه دائما أبدا سرمدا والحمد لله رب العالمين.
وجد في نسخة الأصل ما نصه
يقول محرره انتهى الكتاب تحريرا وتم بحمد الله تحبيرا على يد فقير عفو ربه وأسير وصمة ذنبه الحقير عبد الحليم بن أحمد المعروف باللوجي غفر الله له ذنوبه وملأ بزلال الرضوان ذنوبه وكان الفراغ من تحريره لختام شوال سنة احدى عشرة ومائتين وألف وذلك برسم صدر الموالي وبهجة المعالي وحسنة الأيام والليالي كنز الفضل والأيادي وكهف الحاضر والبادي مفتي دمشق الشام السيد عبد الرحمن أفندي المرادي أدام الله تعالى إسعاده وأجراه من عوائد انعامه على العادة وبلغه من كل خير مطلوبه ومراده بحرمة سيد المرسلين وآله الطاهرين وصحبه الأكرمين صلى الله تعالى وسلم عيه وعليهم أجمعين هذا ولما انتهى تقييد هذه الأخبار بسلاسل الأرقام ووقفت عن الجولان في ميدان طروسها خيول الأقلام عن لي أن أقرظه بكلمات وأؤرخه نظما في ضمن أبيات فقلت في ذلك
أهذه أزهار روض نضر | قد عبقت أم نشر مسك عطر |
أم العقود نظمت أسلاكها | أم الغواني جليت في الحبر |
أم الدراري في ذرى أفلاكها | قد سطعت بمنظر مزدهر |
أم الكؤس قد أديرت بالطلا | على الندامى في شعاع القمر |
أم هذه أخبار قوم قد مضوا | قد تليت مصوغة في فقر |
أتت بما يعجب كل سامع | لها وما يروق كل مبصر |
وخلدت محاسن القوم بها | وأظهرت عنهم جميل الأثر |
وأتحفت أفكار من ينظرها | بكل مروي عجيب الخبر |
فيالتاريخ حوى مآثرا | فاح شذاها كعبير الزهر |
قد قال إذ أرخها متمه | لله ما أجمل سلك الدرر |
فسحب العفو على منشئه | تهمى بصوب غدق منهمر |
هذا وقد تم بحمد الله لي | تحريره إذ كان بالنقل حري |
برسم كنز الفضل مفتي جلق | ركن المعالي الأوحد الشهم السري |
رب الفخار والوقار والعلا | حاوي المزايا والسجايا الغرر |
أعنى المرادي عبد رحمن الورى | من قد سما قدر أسماء المشتري |
دامت معاليه على طول المدى | ممتعا فيها بطول العمر |
تخطب أقلام الثنا بذكره | من كف كل مادح في منبر |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 4- ص: 265