السيد يعقوب الكيلاني ابن السيد عبد القادر بن السيد إبراهيم الكيلاني الحموي ثم الدمشقي الحنفي الفاضل الكامل النبيل كان أديبا عارفا فهيما صاحب نكات ونوادر تارة معتكفا في الزوايا وتارة منعكفا على الروايا لا يعنيه ما يهمه بل منكب على لذاته عشور يحب المداعبة والأخلاء والندماء وغير ذلك ودار كدوران الفلك ثم استقر آخرا بقسطنطينية المحمية وكان حظه منقوصا في مبدء أمره ثم تنفس له الدهر وفكه من أسر القهر وظهر قدره بالسمو وأعطى رتبة الخارج ولما انحلت تولية الجامع الأموي عن الشيخ إبراهيم بن سعد الدين الجباوي أخذها عن محلوله فلما جاء الخبر إلى دمشق أرسل له والده بل الله ثراه بوابل الغفران ألفى ذهب واستفرغها منه وصارت لوالدي ثم لم يزل المترجم بقسطنطينية حتى مات وكان ينظم الشعر الجيد فمنه قوله
ربع الأحبة بي إليك تشوق | قد كدت منه صبابة أتمزق |
وإذا ذكرتك فاض مني عبرة | لولا زفيري كنت فيها أغرق |
أرسل فديتك مع نسيمات الصبا | خبرا عن الثاوين عندك يصدق |
فأنا لبرء نسيمها متعطش | ولعرفها الزاكي بهم أتنشق |
فنسيمها يزكو بمر ذيولها | في روضة الغصن الذي هو يعبق |
حيث الأزاهر كللت تيجانها | درر الندى فغدت لها تتفتق |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 4- ص: 235