يحيى الجليلي ابن مصطفى الموصلي الشهير بالجليلي الشيخ الأديب الفاضل الشاعر ترجمه محمد أمين الموصلي فقال أحد رجال هذا البيت كان مولعا باكتساب الفضائل واقتناء الكتب والأدب لم يشتغل بزخارف الدنيا مع اقبالها عليه بل كان شعاره الفحص عن المسائل وكشف قناعها بالدلائل مكبا على تحصيل العلوم حتى قضى نحبه ولقى ربه وكان قد أخذ العلم عن شيخنا الأجل موسى الحدادي وتأدب بأخلاقه فكان لا تمر به ساعة وهو خال من مطالعة أو مناظرة أو مباحثة أو مناقشة وله ميل كلي إلى الأدب والأدباء ولد في سنة خمس وعشرين ومائة وألف ودخل حلب سنة اثنتين وسبعين مع أولاد عمه ثم رجع منها لبلده الموصل ولشيخنا المذكور فيه مدائح عجيبة فمن ذلك قوله من قصيدة بديعة مطلعها قوله
رمى فأصمى فصاد القلب بالغنج | ظبي يصول بطرف فاتك دعج |
وذو محيا إذا لاحت محاسنه | أغنى بطلعته الغرا عن السرج |
وحمرة الخد مذ قامت بوجنته | هام الكليم بها حلف الغرام شجي |
سرى فضل بليل الشعر معتسفا | لكن ثناياه أهدته إلى النهج |
معقرب الصدغ معسول اللمى عنج | مسكي ثغر بصرف الراح ممتزج |
راح إذا زوجوها بابن غادية | راحت برائحة من أطيب الأرج |
إن شئت خذها من الأقداح صافية | أو شئت خذها من الأحداق وابتهج |
في روضة كلما مر النسيم بها | طابت بيحيى المعالي طيب الأرج |
ثبت الجنان إذ الأبطال واجفة | تحت القتام ونار الحرب في وهج |
والباسم الثغر والأبطال عابسة | في موقف بين سلب الروح والمهج |
فإن أقام أقام السعد في خدم | أو سار فالنصر يتلو آية الفرج |
من معشر جبلت أخلاقهم كرما | على السخاء وفاض الكف كاللجج |
فتح وحتف يمين الفضل قد جمعت | ذا للمحب وذا للكاشح السمج |
تسعى المعالي إلى علياك باسمة | تبسم الروض في أزهار منتسج |
ما في نظامي غلو في المديح لكم | أنت الفريد وبعض الناس كالهمج |
خذها أبا يوسف عذراء ناهدة | إليك عاجت ونحو الغير لم تعج |
لا زلتما في منار السعد ما بزغت | شمس النهار ودار البدر في السرج |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 4- ص: 231