مصطفى الخليفة ابن عبد القادر بن أحمد بن علي الشهير بابن الخليفة الحنفي الدمشقي أحد أعيان الكتاب بدمشق كان كاتبا بارعا بالأدب والكتابة منشأ بالتركية والعربية لوذعيا له اطلاع بالشعر والأدب مع معارف يكتب أنواع الخطوط سيما في تنميق الدفاتر ومتعلقات الأوقاف فإنه كان بذلك ماهرا جدا وله باع في الرقعة والديواني والفرمة وغير ذلك وعليه كتابات ككتابة وقف الأموي والحرمين وغير ذلك ونظارتها وغير ذلك وكان المترجم وأخوه حسن بن الخليفة متصرفين بأقلام الأوقاف المزبورة ومتعلقاتها حتى استولوا على عقل متولي الجامع الأموي الشيخ إبراهيم السعدي وتصرفوا فيه وفي الحرمين والمصريين تصرف الملاك وبعد وفاة أخي المترجم اضمحل حالهم وزال رونقهم وانقضت دولتهم وكان المترجم يستعمل أكل البرش المعجون المعلوم ويستغرق به وكانت عنده كتب نفيسة ويجري بينه وبين أدباء دمشق وأعيانها المطارحات والنكات والنوادر ويستعذبون حركات المترجم ونوادره المضحكة فمن ذلك ما كتبه إليه الأديب السيد محمد الراعي هاجيا له بقوله
جرت عليك من الشقاء ذيول | وعليك من برد العناء خمول |
يا باذ لا نقد المضرة للورى | ها أنت داك البارد المخذول |
سدت اللعين بمكره وخداعه | وعليك فعل الملحدين قليل |
وأراك في نشر الرذالة لاهيا | عبثا بأعراض الأنام تجول |
ومددت باع الشر منك لضيغم | يسطو عليك ببأسه ويصول |
مس الكلاب محرم في شرعه | لكن لخذلك يالكاع فعول |
ما في الزمان مذمة ومذلة | إلا وأنت بطينها مجبول |
أقصر عناك فأنت في الدنيا قذى | لرجيع أحبار اليهود أكول |
وعيوب نفسك لو تعد ألوفها | أهل الحساب لكان ذاك يطول |
هذا ورب الدار يعلم ما بها | لكن لعمري بالسوى مشغول |
يغضى عن الداء الدفين بجسمه | جهلا به أوانه المعقول |
كلا بل الرجل البصير بعيبه | عن جل أرباب الحجى منقول |
عهدي بك الامسى فقاع الفلا | واليوم في كسب الملامة غول |
شر عليك فعالك الذم الذي | يأباه شر الخلق يا مذهول |
محصية تأتيك في يوم به | كل امرئ عما جنى مسئول |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 4- ص: 185