التصنيفات

محمد العبدلي نسبة إلى عبد الله حي من عرب العراق على غير القياس كان رافعا أعلام الفضل وناشرا ألوية العلم نشأ في الموصل وهاجر إلى مصر ونواحيها فاكتسب هناك كل نادرة وجمع من العلوم كل غريب الأسلوب مهجور القواعد وكان في الطب آية من آيات الله مشهورا بتمييز الأمراض المشتبهة لا يعرف له في ذلك نظير في الاقليم الرابع وكان له في العلوم الرياضية يد طولى ولم يزل في مصر ونواحيها ينقل منها الكتب إلى الأطراف وكل يوم يحصل نادرة وكل ساعة يظفر بقاعدة حتى صار في الكمال عين الكمال وغرة الليالي ودخل حلب مرارا ويقال إنه اجتمع بابن النحاس الشاعر الماهر والله أعلم ولما كمل مرامه وحصل مقصوده عاد راجعا إلى وطنه فنشر من الفضل كل مطوي وأظهر من أسرار العلم كل خفي وكان له شعر رقيق النظام مليح الانسجام ونثر ألطف من مغازلة الآرام ولطائف مشهورة بين الأنام ومن لطائفه أنه سئل في مجلس عن مولده فقال إن تاريخه نقل في ألف وثمانين فضحك الحاضرون فقال واحد منهم وأنا كان مولدي في عام ألف وإحدى وثمانين فقال إذن أنت أنقل مني وكان بخيلا بالفضائل التي عنده لا يضعها في فاتر الهمة لما قاسى في تحصيلها من المشاق والتعب فكان يفر من طالبه إلى البر فربما لحقه إلى البيداء وكان عارفا بالزيج والاسطرلاب والهيئة خبيرا بالحساب والمنطق والعربية محبا للنكب فكان عند منها النادور والعجيب واللطيف والغريب وترجمه محمد أمين الموصلي فقال

هذا الهمام فارس عصابة الأدب وسابق حلبة أفاضل العجم والعرب ابقراط الحكمة له غلام وافلاطون الحكمة له من جمل الخدام أبطل ذكر بطليموس بعجائب آثاره ودك طور ابن سينا لما تجلى بسنا أنواره ما الفارابي إلا رشحة من هذا المنهل ولا الأبهري من هذا البحر إلا جدول اذهب تعفن اخلاط الجهالة بمعاجين علمه وأصلح مزاج الفضل والأدب باخلاط فهمه وأدب حميا الايضاح بعروق جسم المعضلات وأبرأ خرائد المسائل من أمراض الاشكالات ودبر الأدب بعدما شاخ بالمرطب ليبس مزاجه واسترجع العلم بعدما أشرف على الممات بإصلاح فساده وعلاجه ومن بلاغته قوله وبعث به إلى علي أفندي العمير حين عاد إليه الافتاء فقال من قصيدة
ومنها
ومنها
وهي طويلة جدا وله أشعار غيرها وقصائد وتوفي في الموصل سنة ست وستين ومائة وألف ودفن هناك رحمه الله تعالى

  • دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 4- ص: 124