محمد النهالي ابن يوسف المعروف بالنهالي الحنفي الرهاوي الأصل الحلبي المولد نزيل قسطنطينية الأديب الألمعي الفاضل الكامل قرأ على أفاضل بلدته وكان مكبا على تحصيل الفضائل والكمالات وأقام مدة بالمدرسة الحلاوية وصار له غاية الاكرام من الوزير محمد باشا الراغب وكان المترجم أديبا شاعرا فمن شعره قوله:
يا راكب اللهو قصر | عنان خيل التصابي |
يداك لم تقو حبس | اللجام بعد الشباب |
كنت في غفلة من العشق لما | أيقظتني نواعس الأجفان |
كشفت عن مجاز عيني غطاها | فأرتها حقائق الأكوان |
لوالدي طه مقام علا | فوق علا الناس بلا ارتياب |
بوأهما الرحمن من فضله | في جنة الخلد ودار الثواب |
فقطرة من فضلات له | تبرئ أسقام فؤاد مصاب |
ما دخلت جوفا إلا غدت | في الجوف تشفي من أليم العقاب |
فكيف أرحام به قد غدت | تؤمل الخير وحسن المآب |
حاشي لأرحام له أصبحت | حامله تصلي بنار العذاب |
لوالدي طه مقام علا | على العلا لما غدا مستطاب |
مقدس رحب منير الفضا | في جنة الخلد ودار النواب |
فقطرة من فضلات له | دواء ذي الداء بلا ارتياب |
وصح في الأخبار عن كونها | في الجوف تشفي من أليم العقاب |
فكيف أرحام به قد غدت | بنوره مملوءة أن تخاب |
أم كيف أرحام به انثنت | حاملة تصلي بنار العذاب |
إن الملوك إذا أبوابها غلقت | لا تيأسن فباب الله مفتوح |
قلب بسهم أليم الهجر مقروح | ومقلة دمعها بالبين مسفوح |
وخاطر في يد إلا هو أعلى خطر | من الأماني له باليأس تلقيح |
ولاعج مضرم لولا التوكف من | دموعه ولعت فيه التباريح |
موزع البال مطوي الضلوع على | فرط الآسى جسد ليست به روح |
حليف كرب رهين الاغتراب شج | به عقود هموم الدهر توشيح |
به أحاديث أشجان يرددها | لها من الغم تعديل وتجريح |
له عتاب على الحظ المسود إذ | خابت مقاصده والقلب مجروح |
وكلما نابه خطب الزمان غدا | بساحة الياس صبرا وهو مطروح |
مستوثق العزم من بيت أقيم به | للعذر متن بنصح القول مشروح |
إن الملوك إذا أبوابها غلقت | لا تيأسن فباب الله مفتوح |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 4- ص: 118