محمد الجمالي ابن علي بن مصطفى المعروف بالجمالي الحنفي الحلبي العالم الأديب ناظم عقود اللآلي ولد في حلب سنة ثمان ومائة وألف ونشأ بها وأخذ العلم عن علمائها كالشيخ سليمان النحوي والشيخ حسب الله وأخذ الفقه أيضا عن الشيخ السيد محمد الطرابلسي نزيل حلب ومن مشايخه السيد يوسف الحسيني الدمشقي مفتي حلب وخدمه في كتابة الفتوى حين تقلدها وأقتن وأجاد ومنه استفاد وكان له قدم راسخ في النظم والانشاء وحصل له الملكة التامة في الفقه وكان دمث الأخلاق يلاطف الناس له الانشاء البليغ والنظم البديع الفائق الزاهي ومن شعره قوله في عقد حليته عليه الصلاة والسلام
حبذا طيب طيبة الفيحاء | مهبط الوحي مستقر الرضاء |
بلدة أينعت خمائل نور | ثم أضحت مخضلة الأرجاء |
شرفت بالنبي طه التهامي | أكرم الخلق أشرف الأنبياء |
كمل الله خلقه وحباه | حلية توجت بكل بهاء |
كان فخما مفخما يتلآلآ | وجه بالضيا كبدر السماء |
ضخم الرأس والكراديس ذا مسـ | ـربة وهي آية النجباء |
أزهر اللون أدعج العين أقنى | الأنف رحب الجبين ذي اللألاء |
أشنب الثغر أفرق السن وضا | ح المحيا ذا لحية كثاء |
أهدب الجفن بارع الحسن عذب النـ | ـطق يم التقى كثير الحياء |
ظاهر البشر كان يفتر عن أمـ | ـثال حب الغمام باهي السناء |
عنقه جيد دمية في صفاء | ونقاء كالفضة البيضاء |
ربعة بين منكبيه بعيد | واسع الصدر كامل الأعضاء |
بادنا أشعر الذراع طويل الـ | ـباع شثن الكفين بحر السخاء |
قوله الفصل لا فضول ولا تقـ | ـصير طلق اللسان عذب الأداء |
محرزا من جوامع الكلم الغر | فنون البلاغة الغراء |
وإذا ما مشى تكفا كأن عن | صبب انحطاطه أو علاء |
جملة التفاته والهوينا | مشيه إن مشى ذريع الخطاء |
خافض الطرف دائم الفكر جم الشـ | ـكر والذكر صادق الأنباء |
أجود الناس أصدق الناس أسمى النـ | ـاس قدرا من خص بالعلياء |
بين كتفيه مثل بيض حمام | خاتم وهو خاتم الأنبياء |
يا ملاذي يا منجدي يا منائي | يا معاذي يا مقصدي يا رجائي |
يا نصيري يا عمدتي يا مجيري | يا خفيري يا عدتي يا شفائي |
أدرك أدرك أغث أغث يا شفيعي | عند ربي وأعطف وجد بالرضاء |
بعلياك يا شمس النبيين والرسل | غدت سائر الأملاك والرسل تستعلي |
ملكت زمام المجد ختما ومبدأ | وحزت مقام الحمد في موقف الفضل |
وتوجت تاج العلم والزهد والتقى | وصدق الوفا والنصح والبر والعدل |
وبالغت في الابلاغ حتى لقد غدا | بصدقك صدع الدين ملتئم الشمل |
وكم لك حقا معجزات خوارق | أضاءت لنا كالشمس في أفقها المجلي |
ولدت كريما من كرام منقلا | بأطهر أصلاب مصانا عن الدخل |
وضعت مجيدا رافع الرأس حامدا | لربك مختونا وسربلت بالفضل |
فأنعم بميلاد النبي الذي به | لنا شرف سامي الذرى وارف الظل |
نبي كريم منذر ومبشر | رؤف رحيم معجز القول والفعل |
نبي به كل النبيين بشرت | وأخبرت الأحبار عن خاتم الرسل |
نبي رأى في العرش آدم اسمه | فناجى به فازدان بالفصح والفضل |
نبي عليه قد أظلت غمامة | وقد صين منه الظل عن موطئ الرجل |
نبي رقى السبع الطباق وقد دنا | إلى أن غدا كالقاب للقوس في الوصل |
نبي بكفيه لقد سبح الحصى | كذلك تسبيح الطعام لدى الأكل |
مذ شمت اطلالا لسلمى | درست فدمعي فاض سجما |
دمن سقتها بعد سا | كنها صروف البين سما |
واغتالها الخطب المبيـ | ـد فلم يدع إذ ذاك رسما |
وتصوحت أغصان دو | حتها التي للخلد تنمى |
يا حبذا تلك الطلو | ل فكم بها حظى استتما |
ولكم جنيت بها المنى | غضا وكم فرجت هما |
ولكم مجرة دوحها | قد أطلعت للأنس نجما |
زمن تقضي في ربا | ها خلته وأبيك حلما |
مع كل فتان حلا | ثغرا رحيق الظلم ألمى |
من ذاق يوما ظلمه | حاشاه طول الدهر يظما |
يا صاح دع وصف الحسا | ن وعد عن اطلال سلمى |
وأجل الكروب بمدح طـ | ـه المصطفى لتنال غنما |
السيد الأمي من | عم الملا فضلا وعلما |
تاج الكرام المرسليـ | ـن وقدره أسنى وأسمى |
وسع البرية رحمة | وندى وإحسانا وحلما |
والبدر شق له وأر | وى الجيش من كفيه بالما |
ودعا بأشجار الفلا | فأتت تشق الأرض دحما |
غريمي غرامي فيك يا من إذا بدا | جمال محياه أبان لنا الهدى |
ترفق فقد أشمت في حبك العدا | أيا حرم الحسن البديع الذي غدا |
إلى كم أقاسي في الهوى لوعة النوى | وقد جد بي وجدي وصبري قد ثوى |
فيا من بلام الخد للحسن قد حوى | عسى عطفة من واو صدغك في الهوى |
لئن غبت عن عيني وشطت معاهد | فإني على الأشجان فيك مكابد |
وحوشيت عما قال عني حاسد | فإن غرامي بعد بعدك زائد |
معشر العذال إني | لي بسر الحب علم |
لا تظنوا بي سلوا | إن بعض الظن إثم |
الراحمون لقد أتى يرحمهم | رب العلا الرحمن نصا محكما |
يا أيها الناس ارحموا من قد غدا | في الأرض يرحمكم غدا من في السما |
قد توسمت فيك يا قرة العيـ | ـن نجاحا ودفع كل كريه |
جازما حيث قال خير البرايا | اطلبوا الخير من حسان الوجوه |
مالي إذا وضع الكتاب وسيلة | تجدي إلي ولا لدي فضيلة |
وعيون آمال النجاة كليلة | مني فلا أمل ولا لي حيلة |
إلا اعترافي بالذنوب وإنني | ما زلت دهري للمعاصي أجتني |
وركبت متن غوايتي فأضلني | وأضعت أوقاتي سدى لكنني |
يا رب قد وافيت بابك ضارعا | أرجو رضاك وأنت أمن اللائذ |
متوسلا بمحمد وبآله | هذا مقام المستجير العائذ |
أمعذبي من دعج نجلاويه قد | قرطست أحشائي بسهم نافذ |
وقليتني حتى خفيت عن الخفا | وسددت بالهجر المبيد منافذي |
فأتيت كعبة حسنك الزاهي بها | متشبثا لما غدوت منابذي |
أرجو خنانا منك يزلف للقا | هذا مقام المستجير العائذ |
وخصر يحاكي يا ابن ودي نحوله | لجسم معنى بالصبابة مكمد |
إذا رمته ضما يقول لطافة | ألم ترني كالقابض الماء باليد |
أما والهوى إني بحسن التجلد | أروح بهجري كل وقت وأغتدي |
أكابد تبريحا من الصد والقلي | ومالي براح عن غرام مسهد |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 4- ص: 71