ابن معين يحيى بن معين بن عون بن زياد المرى بالولاء، البغداى، أبو زكريا: من أئمة الحديث ومؤرخى رجاله. نعته الذهبى بسيد الحفاظ. وقال العسقلانى: إمام الجرح والتعديل. وقال ابن حنبل: أعلمنا بالرجال. ومن كلامه: كتبت بيدى ألف ألف حديث. له (التاريخ والعلل -خ) فى الرجال، رواية أبى الفضل العباس بن محمد بن حاتم الدورى عنه، و (معرفة الرجال -خ) الجزء الأول منه. أصله من سرخس. ومولده بقرية (نيا) قرب الأنبار. وكان أبوه على خراج الرى، فخلف له ثروة كبيرة، فأنفقها فى طلب الحديث. وعاش ببغداد. وتوفى بالمدينة حاجا، وصلى عليه أميرها.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 172
يحيى بن معين: "خ، م، د"
هو الإمام الحافظ الجهبذ، شيخ المحدثين، أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام. وقيل: اسم جده: غياث بن زياد بن عون بن بسطام الغطفاني، ثم المري مولاهم البغدادي أحد الأعلام.
ولد سنة ثمان وخمسين ومائة.
وسمع من: ابن المبارك، وهشيم، وإسماعيل بن عياش، وعباد بن عباد، وإسماعيل بن مجالد بن سعيد، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومعتمر بن سليمان، وسفيان بن عيينة، وغندر، وأبي معاوية، وحاتم بن إسماعيل، وحفص بن غياث، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الرزاق، ومروان بن معاوية، وهشام بن يوسف، وعيسى بن يونس، ووكيع، ومعن، وأبي حفص الأبار، وعمر بن عبيد، وعلي بن هاشم، ويحيى القطان، وابن مهدي، وعفان، وخلق كثير بالعراق، والحجاز، والجزيرة، والشام، ومصر.
روى عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن سعد، وأبو خيثمة، وهناد بن السري، وعدة من أقرانه، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وعباس الدوري، وأبو بكر الصاغاني، وعبد الخالق بن منصور، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإسحاق الكوسج، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، ومعاوية بن صالح الأشعري، وحنبل بن إسحاق، وصالح بن محمد جزرة، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأبو معين الحسين بن الحسن الرازي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، ومطين، ومضر بن محمد الأسدي، والمفضل بن غسان الغلابي، وأبو زرعة النصري، وأحمد بن محمد بن عبيد الله التمار، وعبد الله بن أحمد، ومحمد بن صالح كيلجة، وعلي بن الحسن ماغمة، وعبيد العجل، وحسين بن محمد، ومحمد بن وضاح، وجعفر الفريابي، وموسى بن هارون، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وخلائق.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الزاهد، أخبرنا أحمد بن يوسف الدقاق، والفتح بن عبد السلام ببغداد "ح". وأخبرنا عمر بن عبد المنعم، عن أبي اليمن الكندي قالوا: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وقرأت على أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد، قالا: أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور، حدثنا علي بن عمر السكري، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا أبو زكريا يحيى بن معين سنة سبع وعشرين ومائتين، حدثنا إسماعيل بن مجالد عن بيان عن وبرة عن همام قال: قال عمار بن ياسر: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر -رضي الله عنهم". أخرجه البخاري عن عبد الله عن ابن معين.
وبالإسناد إلى يحيى بن معين قال، حدثنا يحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس الأنصاري سمعت طلحة بن خراش يحدث عن جابر بن عبد الله أن رجلا قام فركع ركعتي الفجر فقرأ في الركعة الأولى: {قل يا أيها الكافرون}، حتى انقضت السورة. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "هذا عبد عرف ربه". وقرأ في الآخرة: {قل هو الله أحد}، حتى انقضت السورة. فقال: النبي -صلى الله عليه وسلم: "هذا عبد آمن بربه". قال طلحة: فأنا أستحب أن أقرأهما في هاتين الركعتين.
وبالإسناد إلى ابن معين، قال: حدثنا ابن عيينة عن حميد الأعرج عن سليمان بن عتيق عن جابر بن عبد الله: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع الجوائح ونهى عن بيع السنين".
أخرجه أبو داود، عن يحيى فوافقناه.
وبالإسناد: حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "من أقال مسلما عثرته أقاله الله يوم القيامة".
أخرجه أبو داود، عن يحيى. وقد رواه: عبد الله بن أحمد في زيادات "المسند"، عن يحيى، وهو معدود في أفراده.
وروينا في "البخاري": حدثنا عبد الله بن محمد، حدثني يحيى بن معين، حدثنا حجاج قال: ابن جريج قال: ابن أبي مليكة وكان بينهما شيء فغدوت على ابن عباس فقلت: أتريد أن تقاتل ابن الزبير فتحل ما حرم الله؟ قال: معاذ الله. وذكر باقي الأثر، وهو في تفسير براءة. فعبد الله أظنه المسندي.
قرأت على أبي الفضل أحمد بن هبة الله، عن أبي روح الهروي، أخبرنا تميم بن أبي سعيد في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن النحوي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا غندر عن شعبة عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله {والنازعات غرقا}، قال: الملائكة.
قال ابن عدي: سمعت عبدان الأهوازي يقول: سمعت حسين بن حميد بن الربيع سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يتكلم في يحيى بن معين يقول: من أين له حديث حفص بن غياث عن الأعمش يعني: "من أقال مسلما" ؟، وقال: هو ذا كتب حفص بن غياث عندنا وهو ذا كتب ابنه عمر عندنا، وليس فيها شيء من هذا.
قال ابن عدي: قد روى الحديث مالك بن سعير عن الأعمش وقد رواه أبو عوف البزوري عن زكريا بن عدي، عن حفص بن غياث.
قال ابن عدي: الحسين بن حميد لا يعتمد على روايته هو متهم في هذه الحكاية ويحيى أوثق وأجل من أن ينسب إليه شيء من ذلك وبه يسبر أحوال الضعفاء.
قلت: فحاصل الأمر: أن يحيى بن معين مع إمامته لم ينفرد بالحديث. ولله الحمد.
قال أحمد بن زهير: ولد يحيى في سنة ثمان وخمسين ومائة. قلت: وكتب العلم وهو ابن عشرين سنة.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عن يحيى، فقال: إمام.
وقال النسائي: أبو زكريا أحد الأئمة في الحديث ثقة مأمون.
قال الكلاباذي: روى عنه البخاري، ثم روى عن عبد الله بن محمد، عن يحيى في تفسير براءة، وروى عن عبد الله غير منسوب عنه في ذكر أيام الجاهلية.
قال ابن المرزبان: حدثنا أبو العباس المروزي، سمعت داود بن رشيد يذكر: أن والد ابن معين كان مشعبذا من قرية نحو الأنبار، يقال لها: نقيا، ويقال: إن فرعون كان من أهل نقيا.
قال العجلي: كان أبوه معين كاتبا لعبد الله بن مالك.
وقال ابن عدي: حدثني شيخ كاتب ذكر أنه قرابة يحيى بن معين، قال: كان معين على خراج الري، فمات فخلف ليحيى ابنه ألف ألف درهم فأنفقه كله على الحديث حتى لم يبق له نعل يلبسه.
أخبرنا أبو الغنائم القيسي إجازة، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو بكر الحرشي وأبو سعيد الصيرفي، قالا: أخبرنا أبو العباس الأصم سمعت العباس بن محمد سمعت يحيى بن معين وسأله عباس: العنبري يا أبا زكريا من أي العرب أنت؟ قال: أنا مولى للعرب.
قيل: أصل ابن معين من الأنبار ونشأ ببغداد وهو أسن الجماعة الكبار الذين هم علي بن المديني وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو خيثمة فكانوا يتأدبون معه، ويعترفون له، وكان له هيبة وجلالة يركب البغلة، ويتجمل في لباسه رحمه الله تعالى.
وقال أحمد بن زهير: سمعت يحيى يقول: أنا مولى للجنيد.
ابن عبد الرحمن المري: قال أحمد بن يحيى الجارود: قال ابن المديني انتهى العلم بالبصرة إلى يحيى بن أبي كثير وقتادة، وعلم الكوفة إلى أبي إسحاق والأعمش، وعلم الحجاز إلى ابن شهاب وعمرو بن دينار، وصار علم هؤلاء الستة إلى اثني عشر رجلا: ابن أبي عروبة ومعمر وشعبة وحماد بن سلمة والسفيانين ومالك والأوزاعي وابن إسحاق وهشيم وأبي عوانة ويحيى بن سعيد ويحيى بن أبي زائدة إلى أن ذكر ابن المبارك وابن مهدي ويحيى بن آدم. فصار علم هؤلاء جميعهم إلى يحيى بن معين.
قلت: نعم، وإلى أحمد بن حنبل وأبي بكر بن أبي شيبة وعلي وعدة.
ثم من بعد هؤلاء إلى: أبي عبد الله البخاري وأبي زرعة وأبي حاتم وأبي داود وطائفة.
ثم إلى أبي عبد الرحمن النسائي، ومحمد بن نصر المروزي وابن خزيمة وابن جرير.
ثم شرع العلم ينقص قليلا قليلا. فلا قوة إلا بالله.
وبإسنادي إلى الخطيب: أخبرنا محمد بن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف سمعت صالح بن محمد، أخبرنا علي يقول: سمعت علي بن المديني يقول: انتهى علم الحجاز إلى الزهري وعمرو إلى أن قال: فانتهى علم هؤلاء إلى ابن معين.
علي بن أحمد بن النضر: قال ابن المديني: انتهى العلم إلى يحيى بن آدم وبعده إلى يحيى بن معين رحمه الله.
عبد الخالق بن منصور قلت: لابن الرومي سمعت أبا سعيد الحداد يقول: لولا يحيى بن معين ما كتبت الحديث. قال: وما تعجب!! فوالله لقد نفعنا الله به ولقد كان المحدث يحدثنا لكرامته "ما لم نكن نحدث به أنفسنا". ولقد كنت عند أحمد فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله انظر في هذه الأحاديث، فإن فيها خطأ. قال: عليك بأبي زكريا فإنه يعرف الخطأ.
قال عبد الخالق: فقلت لابن الرومي حدثني أبو عمرو أنه سمع أحمد بن حنبل يقول: السماع مع يحيى بن معين شفاء لما في الصدور.
علي بن سهل: سمعت أحمد في دهليز عفان يقول لعبد الله بن الرومي: ليت أن أبا زكريا قدم. فقال: ما تصنع به؟ قال أحمد: اسكت هو يعرف خطأ الحديث.
وبه، إلى الخطيب: أخبرنا الصيرفي، حدثنا الأصم سمعت الدوري يقول: رأيت أحمد بن حنبل في مجلس روح سنة خمس ومائتين، فيسأل يحيى بن معين عن أشياء، يقول: يا أبا زكريا، ما تقول في حديث كذا؟ وكيف حديث كذا؟ فيستثبته في أحاديث قد سمعوها. فما قال يحيى: كتبه أحمد. وقلما سمعته يسمي يحيى باسمه بل يكنيه.
وبه: أخبرنا أبو سعد الماليني كتابة، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الإدريسي حدثني محمد بن أحمد بن محمد بن موسى البخاري سمعت الحسين بن إسماعيل الفارسي سمعت أبا مقاتل سليمان بن عبد الله سمعت أحمد بن حنبل يقول: ههنا رجل خلقه الله لهذا الشأن يظهر كذب الكذابين يعني: ابن معين.
وبه: حدثنا التنوخي، ومحمد بن طلحة النعالي، قالا: حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن إبراهيم البخاري، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حريث سمعت أحمد بن سلمة سمعت محمد بن رافع سمعت أحمد بن حنبل يقول: كل حديث لا يعرفه يحيى بن معين فليس هو بحديث.
ابن عدي: حدثنا يحيى بن زكريا بن حيويه، حدثنا العباس بن إسحاق سمعت هارون بن معروف يقول: قدم علينا شيخ فبكرت عليه، فسألناه أن يملي علينا، فأخذ الكتاب، وإذا الباب يدق، فقال: الشيخ من هذا؟ قال: أحمد بن حنبل. فأذن له والشيخ على حالته لم يتحرك. فإذا آخر يدق الباب فقال: من ذا؟ قال: أحمد الدورقي. فأذن له ولم يتحرك ثم ابن الرومي فكذلك، ثم أبو خيثمة فكذلك، ثم دق الباب، فقال: من ذا؟ قال: يحيى بن معين. فرأيت الشيخ ارتعدت يده، وسقط منه الكتاب.
جعفر الطيالسي: سمعت ابن معين يقول: لما قدم عبد الوهاب بن عطاء، أتيته فكتبت عنه فبينا أنا عنده إذ أتاه كتاب من أهله فقرأه وأجابهم فرأيته وقد كتب على ظهره: قدمت بغداد وقبلني يحيى بن معين، والحمد لله رب العالمين.
قال أبو عبيد الآجري: قلت لأبي داود أيما أعلم بالرجال يحيى أو علي؟ قال: يحيى وليس عندي من خبر أهل الشام شيء.
قال عبد المؤمن النسفي: سألت أبا علي صالح بن محمد: من أعلم بالحديث يحيى بن معين أو أحمد بن حنبل؟ فقال: أحمد أعلم بالفقه والاختلاف وأما يحيى فأعلم بالرجال والكنى.
محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سمعت علي بن المديني يقول: كنت إذا قدمت إلى بغداد منذ أربعين سنة كان الذي يذاكرني أحمد فربما اختلفنا في الشيء، فنسأل أبا زكريا، فيقوم فيخرجه، ما كان أعرفه بموضع حديثه!
وقال أبو الحسن بن البراء: سمعت ابن المديني يقول: ما رأيت يحيى استفهم حديثا قط، ولا رده.
بكر بن سهل: حدثنا عبد الخالق بن منصور، قلت لابن الرومي: سمعت بعض أصحاب الحديث يحدث بأحاديث يحيى، ويقول: حدثني من لم تطلع الشمس على أكبر منه. فقال: وما تعجب؟ سمعت علي بن المديني يقول: ما رأيت في الناس مثله.
وعن ابن المديني، قال: ما أعلم أحدا كتب ما كتب يحيى بن معين.
وقال أبو الحسن بن البراء: سمعت عليا يقول: لا نعلم أحدا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يحيى.
قال أحمد بن عقبة: سألت يحيى بن معين: كم كتبت من الحديث؟ قال: كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث. قلت: يعني بالمكرر.
قال صالح بن أحمد الحافظ: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله سمعت أبي يقول: خلف يحيى من الكتب مائة قمطر، وأربعة عشرا قمطرا، وأربعة حباب شرابية مملوءة كتبا.
وقال عبد المؤمن: سمعت صالحا جزرة يقول: ذكر لي أن يحيى بن معين خلف من الكتب ثلاثين قمطرا وعشرين حبا، فطلب يحيى بن أكثم كتبه بمائتي دينار فلم يدع أبو خيثمة أن تباع.
وبإسنادي إلى الخطيب: أخبرنا الماليني، أخبرنا ابن عدي، حدثنا موسى بن القاسم بن الأشيب عن بعض شيوخه قال: كان أحمد ويحيى وعلي عند عفان أو عند سليمان بن حرب، فأتى بصك فشهدوا فيه، وكتب يحيى فيه. فقال عفان: أما أنت يا أحمد فضعيف في إبراهيم بن سعد وأما أنت يا علي فضعيف في حماد بن زيد، وأما أنت يا يحيى فضعيف في ابن المبارك. فقال يحيى: وأنت يا عفان فضعيف في شعبة. ثم قال الخطيب لم يكن واحد منهم ضعيفا وإنما هذا مزاح.
قلت: كل منهم صغير في شيخه ذلك، ومقل عنه.
عبد الخالق بن منصور: سمعت ابن الرومي يقول: ما رأيت أحدا قط يقول الحق في المشايخ غير يحيى، وغيره كان يتحامل بالقول.
قلت: هذا القول من عبد الله بن الرومي غير مقبول وإنما قاله باجتهاده ونحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل لكن هم أكثر الناس صوابا وأندرهم خطأ وأشدهم إنصافا وأبعدهم عن التحامل. وإذا اتفقوا على تعديل أو جرح فتمسك به واعضض عليه بناجذيك، ولا تتجاوزه، فتندم، ومن شذ منهم، فلا عبرة به. فخل عنك العناء وأعط القوس باريها، فوالله لولا الحفاظ الأكابر، لخطبت الزنادقة على المنابر، ولئن خطب خاطب من أهل البدع، فإنما هو بسيف الإسلام، وبلسان الشريعة، وبجاه السنة، وبإظهار متابعة ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- فنعوذ بالله من الخذلان.
ومن نادر ما شذ به ابن معين -رحمه الله- كلامه في أحمد بن صالح؛ حافظ مصر، فإنه تكلم فيه باجتهاده، وشاهد منه ما يلينه باعتبار عدالته لا باعتبار إتقانه، فإنه متقن ثبت، ولكن عليه مآخذ في تيه وبأو كان يتعاطاه، والله لا يحب كل مختال فخور، ولعله اطلع منه على حال في أيام شبيبة ابن صالح، فتاب منه، أو من بعضه، ثم شاخ، ولزم الخير، فلقيه البخاري والكبار واحتجوا به. وأما كلام النسائي فيه، فكلام موتور؛ لأنه آذى النسائي وطرده من مجلسه، فقال فيه: ليس بثقة.
قال الحسن بن عليل: حدثنا يحيى بن معين قال: أخطأ عفان في نيف وعشرين حديثا ما أعلمت بها أحدا؛ وأعلمته سرا، ولقد طلب إلي خلف بن سالم أن أخبره بها فما عرفته وكان يحب أن يجد عليه.
قال يحيى: ما رأيت على رجل خطأ إلا سترته، وأحببت أن أزين أمره وما استقبلت رجلا في وجهه بأمر يكرهه ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذلك وإلا تركته.
وقال ابن الغلابي: قال يحيى: إني لأحدث بالحديث فأسهر له مخافة أن أكون قد أخطأت فيه.
وبإسنادي إلى الخطيب: حدثنا علي بن طلحة، أخبرنا صالح بن أحمد الهمذاني، حدثنا عبد الرحمن بن حمدان بن المرزبان قال: قال لي أبو حاتم الرازي إذا رأيت البغدادي يحب أحمد بن حنبل، فاعلم أنه صاحب سنة، وإذا رأيته يبغض يحيى بن معين، فاعلم أنه كذاب.
وقال محمد بن هارون الفلاس: إذا رأيت الرجل يقع في يحيى بن معين، فاعلم أنه كذاب يضع الحديث، وإنما يبغضه لما يبين من أمر الكذابين.
قال الأبار في "تاريخه": قال ابن معين: كتبنا عن الكذابين، وسجرنا به التنور، وأخرجنا به خبزا نضيجا.
قال أبو داود: سمعت يحيى يقول: أكلت عجينة خبز، وأنا ناقه من علة.
قال الدوري: سئل يحيى بن معين عن الرءوس، فقال: ثلاثة بين اثنين صالح.
قال علي بن الحسين بن حبان: حدثني يحيى الأحول، قال: تلقينا يحيى بن معين مقدمه من مكة، فسألناه عن الحسين بن حبان، فقال: أحدثكم أنه لما كان بآخر رمق، قال لي: يا أبا زكريا: أترى ما مكتوب على الخيمة؟ قلت: ما أرى شيئا. قال: بلى أرى مكتوبا: يحيى بن معين يقضي أو يفصل بين الظالمين. قال: ثم خرجت نفسه.
الخطيب: أخبرنا أبو نعيم، حدثنا أبو الشيخ، حدثنا إسحاق بن بنان سمعت حبيش بن مبشر يقول: كان يحيى بن معين يحج فيذهب إلى مكة على المدينة، ويرجع عليها. فلما كان آخر حجة حجها رجع على المدينة، فأقام بها يومين أو ثلاثة، ثم خرج حتى نزل المنزل مع رفقائه فباتوا، فرأى في النوم هاتفا يهتف به: يا أبا زكريا أترغب عن جواري؟ فلما أصبح قال لرفقائه: امضوا فإني راجع إلى المدينة، فمضوا ورجع فأقام بها ثلاثا ثم مات. قال: فحمل على أعواد النبي -صلى الله عليه وسلم- وصلى عليه الناس، وجعلوا يقولون: هذا الذاب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكذب.
قال الخطيب: الصحيح موته في ذهابه قبل أن يحج.
قال عباس الدوري: سمعت يحيى يقول: لو لم نكتب الحديث خمسين مرة، ما عرفناه.
وفي "تاريخ دمشق" من طريق محمد بن نصر سمع يحيى بن معين يقول: كتبت بيدي ألف ألف حديث. قلت: يعني بالمكرر، ألا تراه يقول: لو لم نكتب الحديث خمسين مرة، ما عرفناه.
أنبئت عن أبي المكارم اللبان وغيره، عن عبد الغفار بن محمد، أخبرنا محمد بن إبراهيم الكرماني سمعت محمد بن أحمد غنجار سمعت عبد الله بن موسى السلامي سمعت الفضل بن شاكر ببلد الديلم سمعت يزيد بن مجالد سمعت يحيى بن معين يقول: إذا كتبت فقمش وإذا حدثت ففتش. وسمعته يقول: سيندم المنتخب في الحديث حيث لا تنفعه الندامة.
الأصم: حدثنا عباس سمعت يحيى بن معين يقول: كنا بقرية من قرى مصر ولم يكن معنا شيء، ولا ثم شيء نشتريه فلما أصبحنا إذا نحن بزنبيل ملئ بسمك مشوي وليس عند أحد، فسألوني، فقلت: اقتسموه، وكلوه، فإني أظن أنه رزق رزقكم الله تعالى. وسمعت يحيى مرارا يقول: القرآن كلام الله وليس بمخلوق والإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
وروى عبد الله بن أبي زياد القطواني، عن أبي عبيد، قال: انتهى الحديث إلى أربعة أحمد بن حنبل؛ وهو أفقههم فيه، وإلى يحيى بن معين؛ وهو أكتبهم له، وإلى علي بن المديني؛ وهو أعلمهم به، وإلى أبي بكر بن أبي شيبة؛ وهو أحفظهم له.
وفي رواية عن أبي عبيد: وإلى بن معين؛ وهو أعلمهم بصحيحه وسقيمه.
قال عبيد الله القواريري: قال لي يحيى القطان: ما قدم علينا البصرة مثل أحمد ويحيى بن معين.
قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: كان أعلمنا بالرجال يحيى بن معين وأحفظنا للأبواب سليمان الشاذكوني وأحفظنا للطوال علي.
أبو عبد الله الحاكم: سمعت الزبير بن عبد الواحد الحافظ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الواحد البكري، سمعت جعفر الطيالسي يقول: صلى أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين في مسجد الرصافة، فقام قاص فقال: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "من قال: لا إله إلا الله، خلق الله من كل كلمة منها طيرا، منقاره من ذهب وريشه من مرجان". وأخذ في قصة نحو عشرين ورقة. فجعل أحمد ينظر إلى يحيى، ويحيى ينظر إليه، وهما يقولان: ما سمعنا بهذا إلا الساعة، فسكتا حتى فرغ من قصصه، وأخذ قطاعه، ثم قعد ينتظر بقبتها، فأشار إليه يحيى، فجاء متوهما لنوال يجيزه، فقال: من حدثك بهذا الحديث؟ فقال: أحمد وابن معين. فقال: أنا يحيى وهذا أحمد، ما سمعنا بهذا قط. فإن كان ولا بد من الكذب فعلى غيرنا. فقال: أنت يحيى بن معين؟ قال: نعم. قال: لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق وما علمت إلا الساعة كأنه ليس في الدينا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما!! كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. قال: فوضع أحمد كمه على وجهه، وقال: دعه يقوم. فقام كالمستهزئ بهما.
هذه حكاية عجيبة، وراويها البكري لا أعرفه، فأخاف أن يكون وضعها.
عن أحمد بن عقبة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: من لم يكن سمحا في الحديث كان كذابا. قيل: كيف يكون سمحا؟ قال: إذا شك في حديثه، تركه.
وقال جعفر بن أبي عثمان: كنا عند يحيى بن معين، فجاءه رجل مستعجل، فقال: يا أبا زكريا حدثني بشيء أذكرك به، فقال يحيى: اذكرني أنك سألتني أن أحدثك فلم أفعل.
الحسين بن فهم: سمعت يحيى بن معين يقول: كنت بمصر، فرأيت جارية بيعت بألف دينار، ما رأيت أحسن منها، صلى الله عليها! فقلت: يا أبا زكريا مثلك يقول هذا؟ قال: نعم صلى الله عليها وعلى كل مليح.
هذه الحكاية محمولة على الدعابة من أبي زكريا. وتروى عنه بإسناد آخر.
قال سعيد بن عمرو البرذعي: سمعت الحافظ أبا زرعة الرازي، يقول: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار، ولا عن يحيى بن معين، ولا عن أحد ممن امتحن فأجاب.
قلت: هذا أمر ضيق، ولا حرج على من أجاب في المحنة، بل ولا على من أكره على صريح الكفر عملا بالآية. وهذا هو الحق. وكان يحيى رحمه الله من أئمة السنة فخاف من سطوة الدولة وأجاب تقية.
عباس الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: كنت إذا دخلت منزلي بالليل قرأت آية الكرسي على داري وعيالي خمس مرات، فبينا أنا أقرأ إذا شيء يكلمني كم تقرأ هذا؟ كأن ليس إنسان يحسن يقرأ غيرك؟ فقلت: أرى هذا يسوءك؟ والله لأزيدنك. فصرت أقرؤها في الليلة خمسين، ستين مرة.
وقال عباس: قلت ليحيى: ما تقول في الرجل يقوم للرجل حديثه؟ يعني ينزع منه اللحن. فقال: لا بأس به. وسمعته يقول: لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه.
قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سمعت يحيى بن معين يقول: ما الدنيا إلا كحلم والله ما ضر رجلا اتقى الله على ما أصبح وأمسى، لقد حججت وأنا ابن أربع وعشرين سنة خرجت راجلا من بغداد إلى مكة هذا من خمسين سنة كأنما كان أمس. فقلت ليحيى: ترى أن ينظر الرجل في رأي الشافعي وأبي حنيفة؟ قال: ما أرى لأحد أن ينظر في رأي الشافعي، ينظر في رأي أبي حنيفة أحب إلي.
قلت: قد كان أبو زكريا -رحمه الله- حنفيا في الفروع، فلهذا قال هذا، وفيه انحراف يسير عن الشافعي.
قال ابن الجنيد: وسمعت يحيى يقول: تحريم النبيذ صحيح، ولكن أقف ولا أحرمه قد شربه قوم صالحون بأحاديث صحاح وحرمه قوم صالحون بأحاديث صحاح.
وسمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: حديث الطلاء وحديث عتبة بن فرقد جميعا صحيحان.
قال عباس الدوري: حدثنا يحيى بن معين، قال: حضرت نعيم بن حماد بمصر، فجعل يقرأ كتابا صنفه، فقال: حدثنا ابن المبارك عن ابن عون، وذكر أحاديث فقلت: ليس ذا عن ابن المبارك، فغضب، وقال: ترد علي؟ قلت: إي والله، أريد زينك. فأبى أن يرجع فلما رأيته لا يرجع، قلت: لا والله ما سمعت هذه من ابن المبارك، ولا سمعها هو من ابن عون قط. فغضب وغضب من كان عنده، وقام، فدخل، فأخرج صحائف، فجعل يقول: وهي بيده أين الذين يزعمون أن يحيى بن معين ليس بأمير المؤمنين في الحديث؟ نعم، يا أبا زكريا غلطت، وإنما روى هذه الأحاديث غير ابن المبارك عن ابن عون.
قال الحسين بن حبان: قال ابن معين: دفع إلي ابن وهب كتابا عن معاوية بن صالح "فيه" خمسمائة حديث أو أكثر فانتقيت منها شرارها لم يكن لي يومئذ معرفة. قلت: أسمعتها من أحد قبل ابن وهب؟ قال: لا. قلت: كذا كل من يكون مبتدئا لا يحسن الانتخاب. فعلنا نحو هذا وندمنا بعد.
قال محمد بن جرير الطبري: خرج ابن معين حاجا وكان أكولا، فحدثني أبو العباس أحمد بن شاه: أنه كان في رفقته، فلما قدموا فيد، أهدي إلى يحيى فالوذج لم ينضج، فقلنا له: يا أبا زكريا لا تأكله، فإنا نخاف عليك. فلم يعبأ بكلامنا وأكله فما استقر في معدته حتى شكا وجع بطنه وانسهل إلى أن وصلنا إلى المدينة ولا نهوض به. فتفاوضنا في أمره ولم يكن لنا سبيل إلى المقام عليه لأجل الحج ولم ندر ما نعمل في أمره. فعزم بعضنا على القيام عليه وترك الحج. وبتنا فلم يصبح حتى وصى ومات فغسلناه ودفناه.
قال أبو زرعة الرازي: لم ينتفع بيحيى؛ لأنه كان يتكلم في الناس. وقد رأيت حكاية شاذة قالها أبو عبد الرحمن السلمي عن الدارقطني أن يحيى بن معين مات قبل أبيه بعشرة أشهر.
قال مهيب بن سليم البخاري: حدثنا محمد بن يوسف البخاري الحافظ قال: كنا في الحج مع يحيى بن معين، فدخلنا المدينة ليلة الجمعة، ومات من ليلته، فلما أصبحنا تسامع الناس بقدومه وبموته، فاجتمع العامة، وجاءت بنو هاشم، فقالوا نخرج له الأعواد التي غسل عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكره العامة ذلك، وكثر الكلام، فقالت بنو هاشم نحن أولى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أهل أن يغسل عليها، فغسل عليها، ودفن يوم الجمعة في ذي القعدة. قال مهيب: فيها ولدت يعني سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
قال عباس الدوري مات قبل أن يحج عامئذ، وصلى عليه والي المدينة، وكلم الحزامي الوالي، فأخرجوا له سرير النبي -صلى الله عليه وسلم- فحمل عليه.
أحمد بن أبي خيثمة، قال: مات يحيى لسبع بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وقد استوفى خمسا وسبعين سنة ودخل في الست ودفن بالبقيع.
قال حبيش بن مبشر الفقيه -وهو ثقة: رأيت يحيى بن معين في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: أعطاني وحباني وزوجني ثلاثمائة حوراء، ومهد لي بين البابين -أو قال: بين الناس. سمعها جعفر بن أبي عثمان من حبيش.
ورواها الحسين بن الخصيب عن حبيش قال: رأيت يحيى بن معين في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: أدخلني عليه في داره وزوجني ثلاثمائة حوراء. ثم قال للملائكة انظروا إلى عبدي كيف تطرى وحسن!
قال أحمد بن يحيى بن الجارود: قال ابن المديني: ما أعلم أحدا كتب ما كتب يحيى بن معين.
وقال ابن البراء: سمعت عليا يقول: لا نعلم أحدا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب ابن معين.
محمد بن علي بن راشد الطبري: عن محمد بن نصر الطبري قال: دخلت على يحيى بن معين فوجدت عنده كذا وكذا سفطا دفاتر، وسمعته يقول: كتبت بيدي ألف ألف حديث، وكل حديث لا يوجد ههنا وأشار بيده إلى الأسفاط فهو كذب.
وعن مجاهد بن موسى، قال: كان يحيى بن معين يكتب الحديث نيفا وخمسين مرة.
وقال محمد بن علي بن داود: سمعت ابن معين يقول: أشتهي أن أقع على شيخ ثقة عنده بيت مليء بكتب، أكتب عنه وحدي.
قال محمد بن سعد: يحيى بن معين أكثر من كتابة الحديث، وعرف به، وكان لا يكاد يحدث.
محمد بن أحمد بن أبي مهزول: عن محمد بن حفص سمع عمرا الناقد يقول: ما كان في أصحابنا أحفظ للأبواب من أحمد، ولا أسرد للحديث من ابن الشاذكوني، ولا أعلم بالإسناد من يحيى ما قدر أحد يقلب عليه إسنادا قط.
القواريري: قال لي يحيى بن سعيد: ما قدم علينا مثل هذين: أحمد، وابن معين.
قال هارون بن بشير الرازي: رأيت يحيى بن معين استقبل القبلة رافعا يديه، يقول: اللهم إن كنت تكلمت في رجل، وليس هو عندي كذابا، فلا تغفر لي. هذه حكاية تستنكر.
الحسن بن عليل العنزي: حدثنا يحيى بن معين قال: أخطأ عفان في نيف وعشرين حديثا ما أعلمت بها أحدا أعلمته سرا وطلب إلي خلف بن سالم فقال: قل لي أي شيء هي؟ فما قلت له كان يحب أن يجد عليه.
قال بشر بن موسى: سمعت ابن معين، يقول: ويل للمحدث إذا استضعفه أصحاب الحديث. قلت: يعملون به ماذا؟ قال: إن كان كودنا سرقوا كتبه، وأفسدوا حديثه، وحبسوه -وهو حاقن- حتى يأخذه الحصر فقتلوه شر قتلة. وإن كان فحلا استضعفهم وكانوا بين أمره ونهيه. قلت: وكيف يكون ذكرا؟ قال: يعرف ما يخرج من رأسه.
قال عباس: سمعت يحيى يقول في قوله: "لا تمنعه نفسها ولو كانت على قتب" ، قال: كانت المرأة في الجاهلية إذا أرادت أن تلد تقعد على قتب ليكون أسرع لولادتها.
وقال: لست أعجب ممن يحدث فيخطئ بل ممن يصيب.
وسمعته يقول لحبى المدنية: أي الرجال أعجب إلى النساء؟ قالت الذي يشبه خده خدها.
وقال يحيى في زكاة الفطر: لا بأس أن تعطى فضة.
وقال يحيى فيمن صلى خلف الصف وحده، قال: يعيد.
وقال في من صلى بقوم على غير وضوء، قال: لا يعيدون، ويعيد.
وقال لي: أنا أوتر بثلاث ولا أقنت إلا في النصف الأخير من رمضان، وأرفع يدي إذا قنت، ولا أرى المسح على العمامة ولا أرى الصلاة على رجل يموت بغير البلد -كان يحيى يوهن هذا الحديث- ولا أرى أن يهب الرجل بنته بلا مهر ولا أن يزوجها على سورة. رأيت يحيى يوهن هذه الأحاديث.
أنبأنا علي بن أحمد: أخبرنا عمر بن طبرزد، أخبرنا هبة الله بن عبد الله الشروطي، وأبو الحسن بن الزاغوني قالا: أخبرنا عبد الصمد بن المأمون، أخبرنا علي بن عمر الحربي، حدثنا عيسى بن سليمان القرشي أنشدني داود بن رشيد أنشدني يحيى بن معين:
المال يذهب حله وحرامه | يوما وتبقى في غد آثامه |
ليس التقي بمتق لإلهه | حتى يطيب شرابه وطعامه |
ويطيب ما يحوي وتكسب كفه | ويكون في حسن الحديث كلامه |
نطق النبي لنا به عن ربه | فعلى النبي صلاته وسلامه |
قال أبو بكر المقرئ: سمعت محمد بن عقيل البغدادي يقول: قال إبراهيم بن هانئ: رأيت أبا داود يقع في يحيى بن معين فقلت: له تقع في مثل يحيى؟ فقال: من جر ذيول الناس جروا ذيله.
قال أبو الربيع محمد بن الفضل البلخي: سمعت أبا بكر محمد بن مهرويه، سمعت علي بن الحسين بن الجنيد، سمعت يحيى بن معين يقول: إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة من أكثر من مائتي سنة. قال ابن مهرويه: فدخلت على ابن أبي حاتم وهو يقرأ على الناس كتاب الجرح والتعديل، فحدثته بهذه الحكاية، فبكى وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده، وجعل يبكي، ويستعيدني الحكاية -أو كما قال.
قال الحسين بن فهم: سمعت يحيى بن معين يقول: ولدت في خلافة أبي جعفر سنة ثمان وخمسين ومائة في آخرها.
قلت: وقد ارتحل وهو بن ست وخمسين سنة إلى مصر والشام، ولقي أبا مسهر وسعيد بن أبي مريم وكاتب الليث، وسمعوا إذ ذاك بهذه البلاد.
قال عباس الدوري: مات فحمل على أعواد النبي -صلى الله عليه وسلم- ونودي بين يديه: هذا الذي كان ينفي الكذب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وقال جعفر بن محمد بن كزال: كنت مع ابن معين بالمدينة فمرض وتوفي بها فحمل على سرير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجل ينادي بين يديه هذا الذي كان ينفي الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الخطيب: حدث عن ابن معين محمد بن سعد وأحمد بن محمد بن عبيد الله التمار وبين وفاتيهما خمس وتسعون سنة أو أكثر.
قلت: هذا التمار هو آخر من زعم أنه لقي يحيى وعاش إلى سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
ومات مع ابن معين في العام أبو طالب عبد الجبار بن عاصم ببغداد، وعلي بن قرين -وما هو بثقة- وإبراهيم بن الحجاج السامي وإبراهيم بن إسحاق الصيني الضرير ويحيى بن أيوب العابد وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي وحامد بن عمر البكراوي قاضي كرمان ويزيد بن موهب الرملي وروح بن صلاح المصري وجمعة بن عبد الله البلخي أخو خاقان وحبان بن موسى المروزي.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 9- ص: 123
يحيى بن معين. ويكنى أبا زكرياء. وقد كان أكثر من كتاب الحديث وعرف به وكان لا يكاد يحدث. وتوفي بمدينة الرسول - صلى الله علية وسلم - وهو متوجه إلى الحج.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1990) , ج: 7- ص: 253
يحيى بن معين العلم الثبت الحجة. قال ابن المقري: سمعت محمد بن عقيل البغدادي يقول: قال إبراهيم بن هانئ: رأيت أبا داود يقع في يحيى بن معين، فقلت: تقع في مثل يحيى! فقال: من جر ذيول الناس جروا ذيله.
محمد هذا لا يدري من هو.
وقد قال أحمد بن حنبل: أكره الكتابة عمن أجاب في المحنة، كيحيى، وأبي نصر التمار.
وقد استنكر أيوب بن أبي شيبة ليحيى ذاك الحديث عن حفص بن غياث، وإنما ذكرته عبرة ليعلم أن ليس كل كلام وقع في حافظ كبير بمؤثر فيه بوجه.
ويحيى فقد قفز القنطرة، بل قفز من الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي.
رحمه الله.
دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان-ط 1( 1963) , ج: 4- ص: 410
يحيى بن معين، أبو زكريا، البغدادي.
مات سنة ثلاث وثلاثين ومئتين.
دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 8- ص: 1
يحيى بن معين، أبو زكريا، البغدادي.
مات بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين ومئتين، في ذي القعدة.
دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن-ط 1( 0) , ج: 8- ص: 1
يحيى بن معين، أبو زكريا
مروزي سكن بغداد.
مكتبة الكوثر-ط 1( 1991) , ج: 1- ص: 80
يحيى بن معين أبو زكريا المري البغدادي الحافظ
إمام المحدثين عن عباد بن عباد وهشيم وعنه البخاري ومسلم وأبو داود والفريابي والصوفي فضائله كثيرة ولد 158 ومات طالب الحج بالمدينة في ذي القعدة 233 وحمل على أعواد النبي كذا قيل وما احتاج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أعواد لأنه في حجرته غسل وفيها صلى عليه ودفن إلا أن يراد بالأعواد التخت الذي غسل عليه ع
دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة علوم القرآن، جدة - السعودية-ط 1( 1992) , ج: 2- ص: 1
يحيى بن معين بن عون بن زياد بن عون أبو زكريا البغدادي
أصله من سرخس مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين بالمدينة وهو حاج وحمل على نعش رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناد ينادي بين جنازته معشر المسلمين هذا ذاب الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا عاما
روى عن محمد بن جعفر في الزكاة ومروان بن معاوية في النكاح وأبي أسامة في البيوع
دار المعرفة - بيروت-ط 1( 1987) , ج: 2- ص: 1
يحيى بن معين أبو زكريا الإمام
دار الفرقان، عمان - الأردن-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 92
(ع) يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام بن عبد الرحمن، وقيل: معين بن غياث بن زياد بن عون بن بسطام. وقيل: معين بن عون بن زياد بن نهار بن خيار بن نهار بن بسطام المري الغطفاني، أبو زكريا البغدادي.
ذكره ابن حبان في كتاب «الثقات»، وقال: أصله من سرخس، وكان من أهل
الدين والفضل، وممن رفض الدنيا في جمع السنن، وكثرت عنايته بها وجمعه لها وحفظه إياها؛ حتى صار علما يقتدى به في الأخبار، وإماما يرجع إليه في الآثار، ولد سنة تسع وخمسين ومائة.
وقال العجلي: ما خلق الله تعالى أحدا كان أعرف بالحديث من يحيى بن معين، ولقد كان يجتمع مع أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ونظرائهم، فكان هو الذي ينتخب لهم الأحاديث لا يتقدمه منهم أحد، ولقد كان يؤتى بالأحاديث قد خلطت وقلبت، فيقول: هذا الحديث كذا، وهذا كذا، فيكون كما قال.
وفي تاريخ المنتجالي: لما مات غلقت الحوانيت، وحضر النساء والرجال.
وقال عباس: لما اشتد به وجعه قال: مثلي يموت بالمدينة، فلما دفن في جوار النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وسمعته ينشد:
ألا ليت شعري عن منيتي بعدما | يمهد لي في قبلة الأرض مضجع |
وعن وصل إخوان إني بالموت دونهم | أيرعون ذاك الوصل أم ينقطع |
وهل يصل الإخوان إلا محافظ | من القوم مرعي الأمانة مقنع |
ومالي من عبد ولا من وليدة | وإني لفي فضل من الله واسع |
بنعمة ربي ما أريد معيشة | سوى قصد حال من معيشة قانع |
ومن يجعل الرحمن في قلبه الرضا | يعش في رضى من طيب العيش سمائع |
إذا كان ديني ليس فيه غميزة | ولم أَنْشَرِهْ في بعض تلك المطامع |
ولم أبتغ الدنيا بدين أبيعه | وبائع دين الله من شر بائع |
ولم تشملَنِّي مرديات من الهوى | ولم أتخشع لامرئ ذي بضائع |
جموع لشر المال من غير حله | ضنين بقول الحق للزور راتع |
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر-ط 1( 2001) , ج: 12- ص: 1
يحيى بن معين بن عون بن زياد بن عون أبو زكريا البغدادي
أصله من سرخس
يروي عن ابن عيينة وهشام حدثنا عنه شيوخنا مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين بالمدينة وهو حاج وحمل على نعش رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناد ينادى بين يدي جنازته معشر المسلمين هذا يذب الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا عاما وكان رحمه الله من أهل الدين والفضل وممن رفض الدنيا في جمع السنن وكثرت عنايته بها وجمعه لها وحفظه إياها حتى صار علما يقتدى به في الأخبار وإماما يرجع إليه في الآثار سمعت مكحولاً يقول سمعت أحمد بن المبارك الإسماعيلي يقول حدثنا يحيى بن معين بن زياد بن عون والصحيح بن عون بن زياد بن عون
دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 9- ص: 1
يحيى بن معين
من أهل أنبار على اثني عشر فرسخا من بغداد وكان أبوه كاتبا لعبد الله بن مالك
دار الباز-ط 1( 1984) , ج: 1- ص: 1
يحيى بن معين (ع)
الإمام العلم، سيد الحفاظ، أبو زكريا المري مولاهم البغدادي.
ومولده في سنة ثمانٍ وخمسين ومئة. وكان أبوه من نبلاء الكتاب، فخلف له ألف ألف درهم فيما قيل.
سمع: هشيماً، وابن المبارك، وإسماعيل بن مجالد، ويحيى بن أبي زائدة، ومعتمر بن سليمان، وهذه الطبقة.
وعنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأحمد، وهناد، وأبو زرعة، وأبو يعلى، وأحمد بن الحسين الصوفي، وخلائق.
قال النسائي: أبو زكريا الثقة المأمون، أحد الأئمة في الحديث.
وقال ابن المديني: لا نعلم أحداً من لدن آدم عليه السلام كتب من الحديث ما كتب يحيى بن معين.
وقال عباس الدوري: سمعت يحيى بن معين [يقول: لو لم نكتب الحديث خمسين مرةً ما عرفناه.
وعن يحيى بن معين] قال: كتبت بيدي ألف ألف حديث.
وقال ابن المديني: انتهى علم الناس إلى يحيى بن معين.
وقال يحيى القطان: ما قدم علينا مثل هذين: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين.
وقال أحمد بن حنبل: يحيى بن معين أعلمنا بالرجال.
ومناقب يحيى وفضائله كثيرة جداً، وهو أشهر من ذلك.
قال حبش بن مبشر - أحد الثقات - : رأيت يحيى بن معين في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: أعطاني، وحباني، وزوجني ثلاث مئة حوراء، ومهد لي بين البابين.
توفي في ذي القعدة كريباً بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثلاثٍ وثلاثين ومئتين. رحمه الله تعالى.
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 2- ص: 1
يحيى بن معين بن عون بن زياد
مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - لبنان-ط 1( 1985) , ج: 1- ص: 1
يحيى بن معين
مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - لبنان-ط 1( 1985) , ج: 2- ص: 1
يحيى بن معين
ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الثالثة ببغداد يحيى بن معين أبو زكريا
ما ذكر من علم يحيى بن معين رحمه الله بناقلة الآثار ورواة الأخبار وعلل الحديث
حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن محمد الدوري قال رأيت أحمد بن حنبل يسأل يحيى بن معين عند روح بن عبادة من فلان ما اسم فلان حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم بن وارة وسئل عن علي بن المديني ويحيى بن معين أيهما كان أحفظ قال كان علي أسرد وأتقن وكان يحيى بن معين أفهم بصحيح الحديث وسقيمه. حدثنا عبد الرحمن نا الوليد بن أبان الأصبهاني قال سمعت يعقوب بن سفيان الفسوي قال سمعت سليمان بن حرب يقول كان يحيى بن معين يقول في الحديث هذا خطأ فأقول كيف صوابه فلا أدري فأنظر في الأصل فأجده كما قال.
باب ما ذكر من جلالة يحيى بن معين عند أهل العلم
حدثنا عبد الرحمن حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول ما رأيت أبا مسهر سهل لأحد من الناس سهولته ليحيى بن معين ولقد قال يوماً هل بقي معك شيء.
باب ما ذكر من عناية يحيى بن معين بالعلم وكثرة كتبه له وتأليفه لحديث الأئمة
حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال قال عبد الله بن أبي زياد قال سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول انتهى العلم إلى أربعة إلى أحمد بن حنبل وإلى يحيى بن معين وهو أكتبهم له وإلى علي بن المديني وإلى أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قدمنا البصرة وكان قدم يحيى بن معين قبل قدومنا بسنة فلزم أبا سلمة موسى بن إسماعيل فكتب عنه قريباً من ثلاثين أو أربعين ألف حديث. حدثنا عبد الرحمن نا أبو أحمد محمد بن روح النيسابوري قال سمعت أبا بكر محمد بن إبراهيم بن حماد قال رحل معنا يحيى بن معين إلى أبي سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي وسمع جامع حماد بن سلمة وقد كان سمع من سبعة عشر نفساً قال أبو محمد أراد بذلك زيادة بعضهم على بعض لأن حماد بن سلمة كان حدثهم من حفظه فكان يذكر الشيء بعد الشيء فيحدثهم به فقل من سمع من حماد إلا وقع عنده ما ليس عند غيره. حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول صليت بجنب يحيى بن معين فرأيت بين يديه جزءاً من رقاب جلود فطالعته فإذا ما روى الأعمش عن يحيى بن وثاب أو عن خيثمة الشك من أبي فظننت أنه صنف حديث الأعمش. حدثنا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول لما فارقت عبد الرزاق أتيت هشام بن يوسف وكان على قضائها وكان رجلاً له نبل يلبس الثياب فقال من أنت قلت أنا يحيى بن معين قال سمعت أنك أتيت أخانا عبد الرزاق فما تصنع عند ذاك قلت الحديث يكتب عن جماعة فقال سماعنا وسماع عبد الرزاق قريب من السواء فأردته على الحديث فأبى وكان يصلى بهم في المسجد الصلوات كلها فجئت إلى مسجده فقعدت فيه فكنت فيه ثلاثين يوماً لا أسأله شيئاً إلا أنه إذا دخل وخرج سلمت عليه فلما كان بعد ثلاثين يوماً بعث إلي فقال لي يا هذا إنما منعتك لأنظر أأنت من أصحاب الحديث أو لست من أصحاب الحديث قال يحيى فقلت والله أصلحك الله هذا موضعي إلى قابل أو تحدثني أولاً يبقى معي شيء أتبلغ به فقال يا جارية هاتي الزبل فكانت تخرجها إلي فأقعد في المسجد فاكتب منها حاجتي ثم يقرأ.
باب ما ذكر من مناقب يحيى بن معين ووفاته
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن هارون الفلاس المخرمي يقول إذا رأيت الرجل يقع في يحيى بن معين فاعلم أنه كذاب يضع الحديث وإنما يبغضه لما يبين أمر الكذابين. حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي رضي الله تعالى عنه يقول توفي يحيى بن معين بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ووضع على سرير النبي صلى الله عليه وسلم واجتمع في جنازته خلق كثير وإذا رجل يقول هذه جنازة يحيى بن معين الذاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب والناس يبكون.
باب ما ذكر من ورع يحيى بن معين رحمه الله
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول أتيت يحيى بن معين أيام العشر عشر ذي الحجة وكان معي شيء مكتوب يعني تسمية ناقلي الآثار وكنت أسأله خفياً فيجيبني فلما أكثرت عليه قال عندك مكتوب قلت نعم فأخذه فنظر فيه فقال أياماً مثل هذا وذكر الناس فيها فأبى أن يجيبني وقال لو سألت من حفظك شيئاً لأجبتك فأما أن تدونه فإني أكره.
باب ما رثى به يحيى بن معين بعد وفاته
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي رحمه الله قال قال سليمان بن معبد يرثى يحيى بن معين:
أمن حدثان الدهر أنت مروع | وعينك من فرط الصبابة تدمع |
مري دمعك المكنون ما ضمن الحشا | من الوجد تبكي تارة وتوجع |
لئن هملت عيناك من لوعة الأسى | لمثل الذي أذرى دموعك يفجع |
وينفى الكرى حتى تبيت مسهداً | تراعى نجوم الليل مالك مهجع |
أفض عبرات من شؤونك وانتحب | لخطب جليل إن قلبك موجع |
فقد عظمت في المسلمين زرية | غداة نعى الناعون يحيى فأسمعوا |
فقالوا بأنا قد دفناه في الثرى | فكاد فؤادي عندها يتصدع |
فقلت ولم أملك لعيني عبرة | ولا جزعاً إنا إلى الله نرجع |
إلا في سبيل الله عظم رزيتي | بيحيى إلى من نستريح ونفزع |
ومن ذا الذي يؤتى فنيسأل بعده | إذا لم يكن للناس في العلم مقنع |
لقد كان يحيى في الحديث بقية | من السلف الماضين حين تقشعوا |
فلما مضى مات الحديث بموته | وأدرج في أكفانه العلم اجمع |
وصرنا حيارى بعد يحيى كأننا | رعية راع بثهم فتصدعوا |
أبي الصبر أني لا أعاين مثله | يد الدهر ما نص الحجيج وأوضعوا |
وليس بمغن عنك دمع سفحته | ولكن إليه يستريح المفجع |
لعمرك ما للناس في الموت حيلة | ولا لقضاء الله في الخلق مدفع |
فلو أن مخلوقاً نجا من حمامه | إذاً لنجا منه النبي المشفع |
تعز به عن كل ميت رزئته | فرزء نبي الله أشجى وأوجع |
ولكنما أبكي على العلم إذ مضى | فما بعد يحيى فيه للناس مفزع |
سقى الله قبراً بالبقيع مجاوراً | نبي الهدى غيثاً يجود ويمرع |
فقد ترك الدنيا وفر بدينه | إلى الله حتى مات وهو ممتع |
وخار له ربي جوار نبيه | وذو العرش يعطي من يشاء ويمنع |
وإني لأرجو أن يكون محمد | له شافعاً يوم القيامة يشفع |
طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 1- ص: 1
يحيى بن معين أبو زكريا البغدادي
روى عن هشيم ومعتمر بن سليمان وابن علية وجرير مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين روى عنه أبي وأبو زرعة وأحمد بن منصور الرمادي وعباس الدوري ومحمد بن هارون الفلاس المخرمي نا عبد الرحمن نا العباس بن محمد الدوري قال رأيت أحمد بن حنبل يسأل يحيى بن معين عند روح بن عبادة يسأل يحيى من فلان ما اسم فلان. نا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت بن أبي الحواري يقول: ما رأيت أبا مسهر سهل لأحد من الناس سهولته ليحيى بن معين ولقد قال له يوماً: هل بقي معك شيء نا عبد الرحمن قال سئل أبي عنه فقال: إمام.
طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند-ط 1( 1952) , ج: 9- ص: 1