عبد الرحمن البيري عبد الرحمن بن محمد المعروف بالبيري البيروني الحلبي الأديب البارع كان دمث الأخلاق طيب الأعراق له أدبية غضة وسجية خضلة وأخوه الأديب الذي أنجبته الشهبا وتفوق فضلا وأدبا مصطفى البيري ستأتي ترجمته في محلها وهذا خرج من حلب سنة أربعين ومائة وألف لضيق أحواله فلحق بالقارظين ولم يلق غير خفي حنين ولم يقف له أحد على مكان وكان له شعر بقي في مسوداته ولم يجمع فمما وصلني منه ما وجد بخطه
وهو قوله
تبدي وبدر التم من خجل مغضي | وماس كخوط البانة الرطب الغض |
ودار بياقوت الحدود زمرد | من النبت زاه لاح في المغرس الفضي |
وخالسني من مقلتيه بنظرة | فاحرم أجفاني بها لذة الغمض |
وأنهك جسمي حبه ونفاره | فغادرني لا أستطيع إلى النهض |
وإن شام لحظ العين بأرق ثغره | يجود بغيث الدمع من ذلك الومض |
إذا ما رنا نحوي بجارح لحظه | حسبت فؤادي نهب أجدل منقض |
وكنا تقاضينا على دين قبلة | فأرهنته قلبي الشجي ولم يقض |
وما طلني في دينه وهو موسر | وظلم ذوي الأيسار يمطل بالقرض |
وقفت له عكس اسمه متذللا | وأفرشت في ممشاه خدي على الأرض |
ولم أنس لما عاقرتني بكأسها | بدالبين حتى كدت من سكرتي أقضي |
مناشدتي اياه وقت وداعنا | وصبب دمعي فوق خدي مرفض |
أمثخن قلبي من ظبي لحظاته | جراحا أمضت بعضهن على بعض |
حذارا على قلبي بحبك قد غدا | جذاذا وقد آلت مبانيه للنقض |
وما أسفي أن ينعفي غير أنه | كناسك وافعل ما تشا فهو المرضي |
متى تجل عني ظلمة الصد والجفا | بصبح وفاء من وصالك مبيض |
دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 2- ص: 324