التصنيفات

السيد أحمد التونسي السيد أحمد ابن عبد اللطيف التونسي نزيل دمشق المغربي بن العالم المحقق المتفوق الماهر البارع الفاضل ترجمه الشيخ سعيد ابن السمان في كتابه وقال في وصفه هذا الأديب وان كأنت تونس مسته القوابل فيها الا أن الشام حبته بملء فيها فربض بها ربضة الليث وقال لوطنه مناديا إلى حيث ولاذ ببعض الصدور وجعل لندبه الورود والصدور فأنزله منه منزلة ابن اللبانة من المعتمد وأصبح في لجه المستقبض هو المغترف المستمد فأقبل عليه الدهر بوجه أغر وما أقدمه على هجر ولا به غر وأقطعه من الحظوة نصيبا وأورثه الرعاية فرضا وتعصيبا فاستكان وتقرب وبعد في مرامه ومارب فتهدلت عليه أغصان الحنو وعطفت عليه الافئدة بالدنو وتابط سفرا وكراسه وأكب على قراءة ودراسه فارتشف من ذلك دون الوشل ولم بالعنا منه حد الفشل وادعى الفضل التام وخاض في ذلك القتام وسولت له نفسه الاماره ما خفرت به الآمال ذمته وذماره وشمخ بعرنين الانفه واستنكف عمن احله كنفه فلم تقبل له خوكه وقال في القفول البركه فند ندو البعير ولم يدرا هو من العيرام من النفير فحل القدس والديار المصرية ورصد من الدهر العطفة الحرية فرق له وحن وسقاه من الأوبة الغمام مرجحن فعاد لما سلف وعانق ذلك العلف فعافته الطباع وقذفته في مهأوي التعريض باليد والباع ومكر به حاله واستدرجه ووضعه من الأعين درجة فدرجه ولم يزل أطواره تتقلب وطويته عليه تتغلب حتى عصفت به مهاب هواء وأكبه على مخطمه عقبى دعواه وقام به الغرام واستأثر ورشقته بما أودى بفواده وأثر وسلم قلبه لمن عذبه واستلذ تهتكه فيه واستعذبه حتى بعدت عليه من التنصل الشقه واستقلت به المضرة والمشقه وانقلب وهو مليم عرضة للتقريع الاليم وما انفك يريه من التجني ما يريه ويطرق سمعه بكل كريه حتى تخطفته أيدي الشتات بعد أن طلق الشام تطليق البتات فما استقر حتى نودي إلى ابن المفر وطواه رمسه كما طوي أمسه وبالجملة فقد كان يستأنس بمذاكرته ويستروح بمحاضرته وله شعر زهري الارج ما عليه في سبكه حرج قد انبت منه طرفا وتركت ما يعد سرفا أنتهى ومن شعره قوله وأرسله إلى الاديب سعيد السمان ملغزا

فأجابه بقوله
وله من قصيدة أرسلها للشيخ أحمد بن علي المنيني ملغزا بقوله
وأحسن ما قيل في هذا المعنى
ولبعضهم في المعنى
وقال الآخر
عودا إلى قصيدة المترجم فمنها
ومنها
وله من قصيدة امتدح بها والدي لكونه كان نزيلا عنده في مدة اقامته بدمشق
وله من قصيدة ممتدحا بها والدي أيضا مطلعها
وله غير ذلك من النظم وكأنت وفاته في حدود السبعين ومائة وألف باللاذقية رحمه الله تعالى وأموات المسلمين.
أحمد بن عبد الله بن بهاء الدين بن محفوظ بن رجب العطار المعروف بابن جدي الدمشقي الشيخ الفاضل الأديب الماهر الناظم كان رقيق الحاشية لطيف المذاكرة حسن الخط وله مشاركة جيدة في كل فن وقد ترجمه المين المحبي في نفحته فقال في وصفه سمح سهل لكل ثناء أهل كانما بينه وبين القلوب نسب أو بينه وبين الحياة سبب بمحاضرة أشهى من ريق المحبوب ومحأولة أصفى من ريق الشؤبوب وعلى الجملة فما هو الا تحفة فادم واطروفة منادم ودعوة صحة لمريض واصطباح عيش في روض أريض وبيني وبينه اخوة أو أخيها مشدودة وأبواب التمويهات عنها مسدودة مازلنا في خلسة للود ونهزه وأريحية للحظ وهزه من حين رضعنا للتالف ذلك الدر وجرينا فيه على حكم عالم الذر والله يصوننا في بقية العمر عن الغير كما صاننا عن الشوائب فيما مضى وغبر فمن أريج عاطره الذي نفح به روض خاطره
وقوله من قصيدة طويلة مطلعها
منها
وله من قصيدة
وقوله
وقد كان أنشده الأمين المحبي قوله
فنظم المترجم هذا المعنى وأنشده اياه بقوله
ومن ذلك قول العالم الشيخ عبد القادر العمري بن عبد الهادي وقد أجاب بهما الأمين
وقوله كذلك
وكتب له الأمين المحبي يستدعيه إلى روض
طلع علينا هذا اليوم في نضارته يكاد صحوه يمطر من عضارته فلقينا زهره ونظمنا نثره في يوم وشي بخسرواني الديباج وغشى بما يربو على أصناف الجواهر في الابتهاج فمن نور مدرهمه بهج وزهر مدثره رهج يضاحك دره مرجانه وتعبق بصائك المسك أردائه وللنسيم فيه اعتلال اشفاق إذا ما رقد المخمور فيه أفاق والروض رطب الثرى رطب المقيل وليس فيه غير ردف الساقي ثقيل ولم نعدم ندامى بألفاظ عذاب كائنها قند مذاب معرفتهم بأغصان القدود وتفاح الخدود لا بالنصول الحداد والقسي الشداد ولديهم من الفكاهة ولطف البداهة ما إذا جلى فما الراح والتفاح وما ريحان الأصداغ إذا فاح وان شاؤا ألحقوها بحكم متلوه وأخبار في صحف الاحسان مجلوه وعندنا لحن يثير الشجن ويبعث من الشوق ما أجن وحبيب قرب من عهد الصقال خده فلم يجف ريحانه ولم يذبل ورده يزل عن خده الدر فلا يعلق ويمش عليه انمل فيزلق وقد تمنينا فلم نجد غيرك امنيه ولا مثل ادابك غضة جنيه وعلمنا انه ما للأنس مع غيبتك بهجه ولا للعيش دون لقائك مهجه فبالله الا ما انحجت الأوطار وفتحت بمذاكرتك عن جونة العطار ولك الثناء الذي يتجمل به الدهر ويتفتق رياه عن الروض فاح فيه أرج الزهر وكأنت وفاة المترجم في يوم الأحد ثاني عشر شوال سنة ست وعشرين ومائة وألف ودفن بمرج الدحداح رحمه الله تعالى مع اشهاده على نفسه لولده الأديب المجيد الشيخ محمد وللشيخ عبد اللطيف العمري ابن عبد الهادي انه تارك الدنيا مقبل على الاخرى يشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وان ما جاء به رسول الله حق وان الجنة حق والنار حق وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور هكذا أشهد المذكورين على نفسه حين موته ثم أنه ابتدأ في قراءة شهد الله انه لا اله الا هو إلى آخر الآية وسلم وولده المذكور ترجمه الأمين المحبي في ذيل نفحته وذكر له من شعره وكان هو ينسخه قرأ عليه كثيرا من مؤلفاته وكتبها وأنا لم أظفر بكيفية أحواله حتى اترجمه ولكن من أراد الاطلاع على شيء من شعره فعليه بالذيل المذكور رحمهم الله تعالى.
‌أحمد البعلي
أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن مصطفى الحلبي الأصل البعلي الدمشقي الحنبلي الامام الورع الزاهد الفقيه كان عالما فاضلا عاملا بعلمه ناسكا خاشعا متواضعا بقية العلماء العاملين عابدا فرضيا اصوليا لم يكن على طريقته أحد ممن أدركناه مع الفضل الذي لا ينكر ولد في رمضان سنة ثمان ومائة وألف واشتغل بطلب العلم فقرأ على جماعة وأخذ عنهم الحديث وغيره منهم الشيخ أبو المواهب الحنبلي والشيخ عبد القادر التغلبي وأنتفع به ولازمه ومنهم الشيخ أحمد الغزي العامري الدمشقي ومنهم الشيخ مصطفى ابن سوار شيخ المحيا والشيخ محمد الكاملي والشيخ محمد العجلوني نزيل دمشق والمنلا الياس الكردي نزيل دمشق أيضا والشيخ عواد الحنبلي الدمشقي وأخذ طريق الحلوتية عن الاستاذ الشيخ محمد بن عيسى الكناني الصالحي الدمشقي والشيخ محمد عقيله المكي والشيخ عبد الله الخليلي نزيل طرابلس الشام وتتبل وتفوق وحاز فضلا سيما بالفقه والفرائض ودرس بالجامع الأموي وأفاد وأنتفع به الناس سلفا وخلفا وله من المؤلفات منية الرائض لشرح عمدة كل فارض والروض الندي شرح كافي المبتدى والدخر الحرير شرح مختصر التحرير في الاصول وغير ذلك من التعليقات في الحساب والفرائض والفقه وكان يأكل من كسب يمينه في حياكة الالاجه وفي آخر عمره ترك ذلك لعجزه وحج ودرس بالمدينة المنورة ولازمه جماعة من أهلها وتولى افتاء الحنابلة بعد الشيخ إبراهيم المواهبي سنة ثمان وثمانين ومائة وألف وكأنت وفاته في محرم سنة تسع وثمانين بعد الألف ودفن بمقبرة باب الصغير وسيأتي ذكر أخيه عبد الرحمن نزيل حلب رحمهما الله تعالى.

  • دار البشائر الإسلامية / دار ابن حزم-ط 3( 1988) , ج: 1- ص: 124