قانصوه الغزاوي قانصوه بن مساعد بن مسلم الغزاوي أمير عجلون، والكرك، وأمير الحاج الشامي نحو خمس عشرة سنة. كان من أحسن الأمراء سيرة، وكان من يحج في زمانه يستريح في سفره، وكانت العرب تطيعه وتخافه، فيحصل للحجاج الأمن والراحة، وهو في نفسه كان حسن النية، وكان يبخل لكنه عمر مسجد هشام جوار سوق جقمق، وتبرع من ماله للجامع الأموي وغيره، وصاهر من أكابر التجار بعضهم، وكان الناس يبتهجون به أيام حركة الحج بدمشق ذهابا وإيابا، ولما دخل إبراهيم باشا الوزير بلاد الشام من جهة مصر، وغزا الدروز، وظهرت منه تلك الحركة لم يحضر عليه قانصوه، فلما دخل إسلام بول سود عليه، وعرض على السلطان مراد خان أنه عصى، فورد أمر سلطاني إلى علي باشا ابن علوان نائب الشام بالقبض عليه، فقبض عليه في طريق الحاج عائدا من الحج، ثم أحضر إلى دمشق مع الركب، واستودع القلعة مدة، وذلك في سنة أربع وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمئة، ثم توجه علي باشا بنفسه، ومعه قانصوه مقيدا في تخت روان، ومعه الأمير منصور بن الفريخ، والأمير علي بن الخرفوش، والأمير عساف، وآخرون من الأمراء، فلما دخل بهم إسلام بول رأى السلطان مراد قانصوه، وهيئته، وشيبته، ونورانيته، فأطلقه مكرما، وأبقى عليه إمارة الحاج، فرجع إلى الشام، وباشر إمارة الحاج، ثم أعطى صنجق عجلون لرجل من الترك يقال له: أبو سيفين، فلما توجه إلى عجلون عين معه الوزير سنان باشا، وكان يومئذ نائب الشام ماية ينكجري، وأمرهم بالقبض على قانصوه أو قتله، فصار بينهم وبين جماعة قانصوه حرب، فقتل أبو سيفين، وقتل معه نحو خمسة عشر ينكجريا سوى غيرهم من جماعة أبي سيفين، ورجع الباقون إلى دمشق، وهرب قانصوه وأولاده، وأعيان جماعته، ثم لما عزل سنان باشا من الوزارة العظمى ثانيا في عاشر شوال سنة تسع وتسعين بتقديم التاء المثناة فيهما. ووصل خبر عزله إلى بلاد الشام توجه الأمير قانصوه، ومعه ولده الأمير أحمد على البرية إلى الروم، فدخل إلى إسلام بول في خامس عشر ذي الحجة، فحصل له من السلطان مراد خان الرعاية التامة، وخلع عليه واستمر ثمة إلى أن توفي سنة ألف في غرة المحرم، ثم أعطى ولده أحمد نيابة عجلون، ووصل الخبر إلى دمشق رابع عشري المحرم المذكور رحمه الله تعالى.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1977) , ج: 3- ص: 180