يحيى بن عمر يحيى بن عمر بن تكلاكين اللمتونى، أبو زكريا: مؤسس دولة (المرابطين) فى المغرب الأقصى. كان من رؤساء (المتونة) فى الصحراء، وحج مع جماعة من قومه، كان رئيسهم زعيم صنهاجة فى ذلك الحين (يحيى بن إبراهيم الكدالى) ومروا بالقيروان فى عودتهم، فلقوا شيخ المالكية فيها (أبا عمران الفاسى) فطلب منه الأمير يحيى بن إبراهيم انتداب من يصحبهم ويفقهم ويرجعون إليه فى قضايا دينهم، فكتب إلى أحد فقهاء سجلماسة، ممن أخذوا عنه. وأرسل هذا معهم (عبد الله بن ياسين بن مكو الجزولى) فكان فقيهم ومعلمهم. ومات الأمير يحيى بن إبراهيم، فافترق أمرهم. واعتزلهم عبد الله بن ياسين، متنسكا فى جزيرة، قال ابن خلدون: (يحيط بها النيل، ضحضاحا فى الصيف، يخاض بالأقدام، وغمرا فى الشتاء يعبر بالزوارق) واعتزل مع الشيخ عبد الله بضعة أشخاص، منهم يحيى بن عمر (صاحب الترجمة) وأخ له أسمه أبو بكر؛ وتسامع بهم الناس، فأقبلوا عليهم يشاركونهم فى تحنثهم. وتكاثروا حتى بلغوا زهاء ألف رجل من صنهاجة، فقال لهم عبد الله: قد تعين علينا القيام بالحق والدعوة إليه، فاخرجوا بنا لذلك. وخرجوا، فقاتلوا من خالفهم من قبائل لمتونة وكدالة ومسوفة. وتبعهم كثيرون، فأذن لهم الشيخ فى أخذ الصدقات من أموال المسلمين، وسماهم (المرابطين) وجعل أمرهم فى الحرب للأمير (يحيى بن عمر) المترجم له، فتخطوا الرمال الصحراوية إلى بلاد درعة وسجلماسة، فحببوا (صدقاتها) وعادوا. وكتب إليهم (وكاك اللمطى) بالشكوى من مظالم بنى (وانودين) أمراء سجلماسة، من مغراوة؛ فخرجوا من الصحراء (سنة 445) فى عدد ضخم، من المشاة والفرسان، وأغاروا على أطراف درعة، فنهض إليهم مسعود بن وانودين (أمير مغراوة وصاحب سجلماسة ودرعة) فقاتلهم، فهزموه وقتلوه. ودخلوا سجلماسة عنوة، ففتكوا بمن فيها من بقايا مغراوة. وأصلحوا من أحوالها وغيروا المنكرات وأسقطوا المغارم والمكوس، وأقاموا عليها الولاة منهم. ونهض بعد ذلك الأمير يحيى بن عمر، ومعه الشيخ عبد الله ياسين، بجيش كثيف من لمتونة ومسوفة ولمطة وهزرجة، فدخلوا بلاد درعة، فكانت فيها وقائع بينهم وبين جيش (جدالة) قتل فيها يحيى بن عمر، وقتل معه بشر كثير. وقام بعده بأمر لمتونة ومن والاها أخوة أبو بكر.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 160