الفراء يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي، مولى بني أسد (أو بني منقر) أبو زكرياء، المعروف بالفراء: إمام الكوفيين، وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب. كان يقال: الفراء أمير المؤمنين في النحو. ومن كلام ثعلب: لولا الفراء ما كانت اللغة. ولد بالكوفة، وانتقل إلى بغداد، وعهد إليه المأمون. بتربية ابنيه، فكان أكثر مقامه بها. فاذا جاء آخر السنة انصرف إلى الكوفة فأقام أربعين يوما في أهله يوزع عليهم ما جمعه ويبرهم. وتوفي في طريق مكة. وكان مع تقدمه في اللغة فقيها متكلما، عالمأ بأيام العرب وأخبارها، عارفا بالنجوم والطب، يميل إلى الاعتزال. من كتبه (المقصور والممدود –خ) و (المعاني) ويسمى (معاني القرآن –خ) أملاه في مجالس عامة كان في جملة من يحضرها نحو ثمانين قاضيا، و (المذكر والمؤنث –ط) وكتاب (اللغات) و (الفاخر –خ) في الأمثال، و (ما تلحن فيه العامة) و (آلة الكتاب) و (الأيام والليالي –خ) و (البهي) ألفه لعبد الله بن طاهر، و (اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف) و (الجمع والتثنية في القرآن) و (الحدود) ألفه بأمر المأمون، و (مشكل اللغة). وكان يتفلسف في تصانيفه واشتهر بالفراء، ولم يعمل في صناعة الفراء، فقيل: لأنه كان يفري الكلام. ولما مات وجد (كتاب سيبويه) تحت رأسه، فقيل: إنه كان يتتبع خطأه ويتعمد مخالفته. وعرف أبوه (زياد) بالأقطع، لأن يده قطعت في معركة (فخ) سنة 169 وقد شهدها مع الحسين ابن علي بن الحسن، في خلافة موسى الهادي.

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 145

الفراء النحوي اسمه يحيى بن زياد.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 8- ص: 396

يحيى بن زياد الأقطع بن عبد الله الديلمي الكوفي المعروف بالفراء النحوي الإمام المشهور
توفي بطريق مكة سنة 207 عن سبع وستين سنة نص على تشيعه صاحب رياض العلماء. ذكره السيد الطباطبائي في رجاله وهو يدل على أنه عنده من الشيعة ولم يذكر مأخذ ذلك.
له مصنفات كثيرة مشهورة في النحو واللغة وهو أول من صنف في مجازات القرآن وكان جامعا لعلوم كثيرة. وقال الطباطبائي في رجاله وقد يشتبه الفراء هذا فيظن أنه معاذ بن مسلم وليس بذاك فإن هذا تلميذ الكسائي ومعاذ أحد شيوخه المتقدمين في الطبقة على الكسائي والفراء إذا أطلق فالمراد به يحيى المذكور دون معاذ ’’انتهى’’.
قال اليافعي في تاريخه قال الخطيب محمد بن الحسن الفقيه ابن خالة الفراء قال لي الفراء يوما قل رجل أمعن النظر في باب من العلم فأراد غيره الأسهل عليه فقال له محمد يا أبا زكريا قد أمعنت النظر في العربية فنسألك من باب من الفقه فقال هات على بركة الله، قال ما تقول في رجل سها في سجود السهو؟ ففكر الفراء ساعة ثم قال لا شيء عليه، فقال له ولم؟ قال: لأن المصغر لا يصغر ثانيا، وإنما السجدتان تمام الصلاة فليس للتمام تمام فقال محمد ما ظننت أديبا يلد مثلك وقيل أن هذه الحكاية للكسائي.
وإنما قيل له فراء ولم يكن يعمل الفراء ولا يبيعها لأنه كان يفري الكلام ذكر ذلك الحافظ السمعاني وقال اليافعي فيه أيضا: توفي الإمام البارع النحوي يحيى بن زياد الفراء الكوفي أحد أصحاب الكسائي كان رأسا في النحو واللغة أبرع الكوفيين وأعلمهم بفنون الأدب وحكى عن ثمامة ابن الأشرس النمري المعتزلي وكان خصيصا بالمأمون أنه صادف الفراء على باب المأمون يروم الدخول عليه قال فرأيت أبهة أديب فجلست إليه فناقشته عن اللغة فوجدته بحرا وقايسته عن النحو فشاهدته نسيج وحده وعن الفقه فوجدته رجلا فقيها عارفا باختلاف القوم وبالنجوم ماهرا وبالطب خبيرا وبأيام العرب وأشعارها حاذقا فقلت من تكون وما أظنك إلا الفراء قال أنا هو فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين المأمون فأمر بإحضاره لوقته وكان ذلك سبب اتصاله به. وقال مطرب دخل الفراء على الرشيد فتكلم بكلام لحن فيه مرات فقال جعفر بن يحيى البرمكي: أنه قد لحن يا أمير المؤمنين فقال الرشيد أتلحن؟ فقال الفراء: يا أمير المؤمنين أن طباع أهل البدو الإعراب وطباع أهل الحضر اللحن فإذا تحفظت لم ألحن فإذا رجعت إلى الطبع لحنت فاستحسن الرشيد قوله. وكان المأمون قد وكله بتلقين ابنيه النحو فأراد النهوض يوما لبعض حوائجه فابتدرا أيهما يسبق بتقديم النعلين إليه فتنازعا ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما نعل إحدى رجليه وكان للمأمون على كل شيء صاحب الخبر يرفع الخبر إليه فاعلمه بذلك فاستدعى الفراء فقال له من أعز الناس؟ قال ما أعز من أمير المؤمنين قال بلى من إذا نهض يقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين فقال يا أمير المؤمنين لقد أردت منعهما عن ذلك ولكن حسبت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها وقد روي عن ابن عباس أنه أمسك للحسن والحسين ركابيهما حين خرجا من عنده فقيل له في ذلك فقال لا يعرف الفضل ألا أهل الفضل فقال المأمون لو منعتهما عن ذلك لوجعتك لوما وعيبا وألزمتك ذنبا وما وضع ما فعلا شيئا من شرفهما بل رفع من قدرهما وبين عن جوهرهما فليس يكبر الرجل وإن كان كبيرا عن ثلاث تواضعه لسلطانه ومعلمه ووالده وقد عوضتهما فيما فعلاه عشرين ألف دينار ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك لهما ’’انتهى اليافعي’’.
وقال السيوطي في طبقات النحاة أنه إمام العربية وكان أعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي وأخذ عنه وعليه اعتمد وأخذ عن يونس. وأهل الكوفة يدعون أنه استكثر عنه وأهل البصرة يدفعون ذلك وكان يحب الكلام ويميل إلى الاعتزال وكان متدينا متورعا على تيه وعجب وتعظم وكان زائد العصبية على سيبويه وكتابه تحت رأسه وكان يتفلسف في تصانيفه ويسلك ألفاظ الفلاسفة وكان أكثر مقامه ببغداد فإذا كان آخر السنة أتى الكوفة فأقام بها أربعين يوما يفرق في أهله ما جمعه وكان شديد طلب المعاش لا يأكل حتى يمسه الجوع وجمع مالا خلفه لابن له. وأبوه زياد وهو الأقطع قطعت يده في الحرب مع الحسين بن علي وكان مولى بني عيسى قال سلمة بن عاصم دخلت عليه في مرضه وقد زال عقله وهو يقول أن نصبا فنصبا. وأن رفعا فرفعا. روي له هذا الشعر قيل ولم يقل غيره:

’’انتهى ما في الطبقات’’ وقال السيد المرتضى في الغرر والدرر في طي تأويل آية ولا تقولن لشيء أني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله قلنا تأويل هذه الآية بني على وجهين أحدهما أن يجعل حرف الشرط الذي هو أن متعلقا بما يليه وبما هو متعلق به في الظاهر من غير تقدير محذوف ويكون التقدير ولا تقولن إنك تفعل إلا ما يريد الله تعالى وهذا الجواب ذكره الفراء وما رأيته إلا له ومن العجب تغلغله إلى مثل هذا مع أنه لم يكن متظاهرا بالقول بالعدل. وظاهر كلام المرتضى يقتضي أن الفراء لم يكن من الشيعة بل ولا من المعتزلة العدلية الذي ادعاه السيوطي المذكور.
وما قاله السيوطي من ميل الفراء إلى الاعتزال لعله مبني على خلط أكثر العلماء بين أصول الشيعة والمعتزلة وأما قوله قطعت يده في الحرب مع الحسين بن علي فقد يقال أن كان مراده شهيد كربلاء فهو سهو ظاهر لأن زمانه مقدم على زمان والد الفراء بكثير اللهم إلا أن يكون زياد جده الأعلى والنسبة إليه من باب الاختصار. واعلم أن ابن طاووس ينقل في سعد السعود من كتاب ’’معاني القرآن’’ كثيرا ويورد عليه الإيرادات الكثيرة وكان ينقل من نسخة عليها إجازة تاريخها سنة تسع وأربعمائة برواية سلمة بن عاصم عن ثعلب عن الفراء وكلمات ابن طاووس في سعد السعود بل كلمات الفراء نفسه أيضا من كتابه المذكور تشعر بأنه من غير الشيعة.
ثم قد وقع السند في بعض مواضعه هكذا: حدثنا أبو الجهم عن الفراء عن أبي معدية عن هشام بن عروة بن الزبير عن ابن عائشة كما نقله في رياض العلماء.
قال أبو بريدة الوضاحي: أمر المأمون الفراء أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما سمع من العرب، فأمر أن تفرد له حجرة من حجر الدار ووكل بها جواري وخدما للقيام بما يحتاج إليه حتى لا يتعلق قلبه ولا تتشوف نفسه إلى شيء، حتى أنهم كانوا يؤذنونه بأوقات الصلاة. وصير له الوراقين فكان الوراقون يكتبون حتى صنف كتاب الحدود في مدة سنتين وأمر المأمون بكتبه في الخزائن. وبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس وابتدأ كتاب المعاني وكان من وراقيه سلمة بن عاصم وأبو نصر بن الجهم.
قال أبو بريدة: فأردنا أن نعد الناس الذين اجتمعوا لإملاء كتاب المعاني فلما نضبط عددهم. ولما فرغ من أملائه خزنه الوراقون عن الناس ليتكسبوا به وقالوا: لا نخرجه لأحد إلا لمن أراد أن ننسخه له على أن يكون عن كل خمسة أوراق درهم. فشكا الناس إلى الفراء فدعا الوراقين وكلمهم في ذلك وقال: قاربوا الناس وتنفعوا وتنتفعوا فأبوا عليه فقال: سأريكم وقال للناس: أني أريد أن أملي كتاب معان أتم شرحا وأبسط قولا من الذي أمليت قبلا وجلس يملي، فأملى في الحمد مائة ورقة. فجاء الوراقون إليه وقالوا: نحن نبلغ الناس ما يحبون فنسخوا كل عشرة أوراق بدرهم.
وللفراء تصانيف كثيرة منها ما وعته الكتب وأشارت إلى أسمائها وهي: 1- كتاب اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف -2- كتاب معاني القرآن أربعة أجزاء ألفه لعمر بن بكير. -3- كتاب البهي ألفه للأمير عبد الله بن طاهر -4- كتاب المصادر في القرآن -5- كتاب اللغات -6- كتاب الوقف والابتداء -7- كتاب الجمع والتثنية في القرآن -8- كتاب آلة الكتاب -9- كتاب الفاخر -10- كتاب النوادر -11- كتاب فعل وافعل -12- كتاب المقصور والممدود - 13- كتاب المذكر والمؤنث -14- كتاب يافع ويافعة -15- كتاب ملازم -16- كتاب الحدود ألفه بأمر المأمون -17- كتاب مشكل اللغة الكبير -18- كتاب المشكل الصغير -19- كتاب الواو وغير ذلك.
وبالإضافة إلى أخذه العلم من الكسائي فإنه روى عن قيس بن الربيع ومندل بن علي، كما أخذ عنه سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم النمري وغيرهما. وله روايات كثيرة عن يونس بن حبيب البصري.
وقال الفراء أن أستاذي يونس أنشدني هذا البيت وكرره علي:
وقال إسماعيل العبايجي:
#وبالرغم مما بلغه الفراء من مكانة رفيعة بين النحاة، ومنزلة عظيمة بين أعلام اللغة، لم نجده يستأثر باهتمام الكتاب والمؤلفين. فالأقدمون تعرضوا له بما ليس فيه الكفاية وكأنهم على عجل حين يصل دور هذا الرجل، فلا تعرف عن مناظراته إلا النزر القليل، ولا عن حياته إلا النتف البسيطة التي لا يؤبه لها. والأحدثون لم يكن بمقدورهم أن يكونوا للفراء طابعا ينتقونه مما بين أيديهم من نصوص وأحداث، فكانوا أكثر تحفظا وتحرزا، اللهم إلا صاحب كتاب (مدرسة الكوفة) الذي استطاع أن يستشف طبيعة شخصية الفراء ويرسم لهذه الشخصية الصورة الناطقة التي تجلت له بعد دراسة مستفيضة لأساتيذه وتلاميذه ثم راح يكتب عنه بكل ما في الجرأة من معنى، وبكل ما في الجدة من مواصفات، فيقول: ’’ولا نعرف عن حياة الفراء الأولى كثيرا، لأنه لم يكن من ذوي الأسر التي يحسب الكتاب والمؤرخون لها حسابا، ويملئون الصفحات بكل تافه من ألوان حياته المترفة، فقد كان أبوه مولى لقبيلة عربية انتسب إليها كثير من الصحابة وغيرهم وهي قبيلة بني منقر، ونشأ كما ينشأ أولاد الفقراء، ينتهب حقه من الحياة انتهابا، ويفرض شخصيته على الزمن فرضا، ولم يفتح التاريخ على يحيى بن زياد إلا وهو شاب عرفه زملاؤه بنفاذ الذهن، ودقة الحس، وقدر له أستاذه أبو جعفر الرواسي مستقبلا علميا جليلا’’.
أساتيذه ومن أخذ عنهم
يكاد يجمع النحاة الأقدمون والأحدثون، أن الفراء أعلم علماء الكوفة بالنحو بعد الكسائي، وقد أخذ علمه هذا عن الكسائي وهو عمدته ومن أساطين حضار بحثه، وأجل أصحابه، ثم أخذ عن أعراب وثق بهم، مثل أبي الجراح وأبي ثروان وأبي فقعس وغيرهم, كما أخذ نبذا عن يونس، وأهل الكوفة يدعون أنه استكثر منه، وأهل البصرة يدفعون عنه هذا الادعاء. ومهما تكثرت الادعاءات، فمن الثابت أن الفراء كان شديد التعلق بأستاذه الكسائي، مأخوذا به، معجبا بأدائه، ملازما له، لا يفارقه في سفر ولا حضر، وكان إذا سافر فهو عديله يحادثه ويسامره، وإذا أقام فهو جليسه يذاكره العلم ويدارسه.
يقول ابن أبي سعد: حدثني ابن طهمان قال سمعت والله الثراء يحيى يقول: مدحني رجل من النحويين فقال: ما اختلافك إلى الكسائي وأنت مثله في النحو؟ فأعجبتني نفسي فأتيته فناظرته مناظرة الإكفاء، فكأني كنت طائرا يغرف من البحر بمنقاره.
وبعد أن خرج الفراء من تحت كساء أستاذه.. خرج وهو على تيه وزهو واعتداد بالنفس، بعد أن نال من كل علم طرفا، فراح يخوض غمار المناظرات مع أعلام اللغة دونما تهيب أو وجل ليخرج منها خروج الظافر المنتصر.
يقول الخطيب في تاريخ بغداد: كان محمد بن الحسن الفقيه ابن خالة الفراء، وكان الفراء يوما جالسا عنده، فقال الفراء: قل رجل أمعن النظر في باب من العلم فأراد غيره إلا سهل عليه، فقال له محمد: يا أبا زكريا قد أمعنت النظر في العربية فأسألك عن باب في الفقه؟ فقال: هات على بركة الله تعالى، قال: ما تقول في رجل صلى فسها فسجد سجدتين للسهو فسها فيهما، ففكر الفراء ساعة ثم قال: لا شيء عليه، فقال له محمد: ولم؟ قال: لأن التصغير عندنا لا تصغير له، وإنما السجدتان تمام الصلاة، فليس للتمام تمام، فقال محمد: ما ظننت آدميا يلد مثلك.
اتصاله بالمأمون
لم يعد الخلفاء والأمراء والملوك في غنى عن الاتصال بمثل هذه العينات البشرية النادرة، فقد كانت مجالسهم تحفل بالأديب والفقيه واللغوي والقاضي والمؤنس والنديم، وغالبا ما كان الخلفاء يعهدون إلى هؤلاء مهمة تعليم أولادهم وتأديبهم، وكثيرا ما وجد الملوك عند هؤلاء الرأي الحصيف والمشورة الصائبة. فليس من بأس إذن، أن يتردد الفراء على باب المأمون ليتبوأ مكانه في مجلسه. بينما هو ذات يوم على الباب إذ جاء أبو بشر ثمامة بن الأشرس وكان خصيصا بالمأمون، قال ثمامة: فرأيت أبهة أديب فجلست إليه ففاتشته عن اللغة فوجدته بحرا، وفاتشته عن النحو فشاهدته نسيج وحده، وعن الفقه فوجدته رجلا فقيها عارفا باختلاف القوم، وبالنجوم ماهرا، وبالطب خبيرا، وبأيام العرب وأشعارها حاذقا، فقلت له: من تكون؟ وما أظنك إلا الفراء، فقال: أنا هو، فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين المأمون، فأمر بإحضاره لوقته وكان سبب اتصاله به.
وصار الفراء يختلف إلى مجلس المأمون، والمأمون يظاهر عليه من يسائله في النحو ويناظره في اللغة، إلا أنه كان يهزمهم تباعا، ويفحمهم، والمأمون عالم قبل أن يكون حاكما، خبير بأقدار العلماء ومراتبهم، فقد آنس في يحيى بن زياد حذقا وسعة اطلاع. يقول الخطيب في تاريخ بغداد: فأمره بأن يؤلف له ما يجمع به أصول النحو، وما سمع من العربية، وأمر أن يفرد بحجرة من حجر الدار، ووكل به جواري وخدما يقمن بما يحتاج إليه، حتى لا يتعلق قلبه، ولا تتشوق نفسه إلى شيء، حتى أنهم كانوا يؤذنونه بأوقات الصلاة، وصير له الوراقين وألزمه الأمناء والمنفقين، فكان يملى والوراقون يكتبون، حتى صنف الحدود في سنتين.
وبعد أن فرغ الفراء من تصنيف الحدود، قال لأصحابه يوما: اجتمعوا حتى أملي عليكم كتابا في القرآن الكريم، وجعل لهم يوما، فلما حضروا خرج إليهم - وكان في المسجد رجل يؤذن فيه، وكان من القراء - فقال له: اقرأ، مبتدئا بفاتحة الكتاب ففسرها، ثم مر في الكتاب كله على ذلك، يقرأ الرجل ويفسر الفراء قال الراوي: ’’وأردنا أن نعد الناس الذين اجتمعوا لإملاء كتاب المعاني، فلم نضبطهم، فعددنا القضاة فكانوا ثمانين قاضيا’’.
وشد ما يدهش المأمون هذا السفر العظيم الذي استهوله القراء والمفسرون، ونال ثناءهم وإعجابهم، حتى قال قائلهم: ’’كتاب المعاني كتاب لم يعمل مثله، ولا يمكن أحدا أن يزيد عليه’’. فكانت الرغبة شديدة في نفس المأمون، والظرف محوجا في نظره، بأن يدفع بولديه إلى الفراء ليلقنهما النحو والصرف ويغرس في نفوسهما التأدب، فما كان من الفراء إلا أن يكون بمستوى المسؤولية التي أنيطت إليه، فلم يبخل على هذين الحدثين بجهد، ولم يضن عليهما باهتمام، حتى صارا شديدي التعلق بأستاذهما، لا يأنسان إلا إلى قربه ومعسول أحاديثه، فضلا عما كانا يكنان له من تجلة واحترام. فقد نهض يوما إلى بعض حوائجه، فابتدرا إلى نعله يقدمانه له فتنازعا أيهما يقدمها، فاصطلحا أن يقدم كل واحد منهما فردا، فقدماها، وكان المأمون له على كل شيء صاحب خبر، فرفع ذلك الخبر إليه، فوجه إلى الفراء من استدعاه، فلما دخل عليه قال: من أعز الناس؟ قال: ما أعرف أعز من أمير المؤمنين، قال: بلى من إذا نهض يقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين حتى رضي كل واحد منهما أن يقدم له فردا، قال: يا أمير المؤمنين لقد أردت منعهما عن ذلك، ولكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها أو أكسر نفوسهما عن شريفة حرصا عليها، وقد روي عن ابن عباس (ر ض) ’’أنه أمسك للحسن والحسين رضي الله عنهما ركابيهما، حين خرجا من عنده’’ فقال له بعض من حضر: أتمسك لهذين الحدثين ركابيهما وأنت أسن منهما؟ فقال له اسكت يا جاهل، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل، فقال له المأمون: لو منعتهما عن ذلك لأوجعتك لوما وعتبا، وألزمتك ذنبا وما وضع ما فعلاه من شرفهما، بل رفع قدرهما، وبين عن جوهرهما، ولقد ظهرت لي مخيلة الفراسة بفعلهما، فليس يكبر الرجل وإن كان كبيرا عن ثلاث: عن تواضعه لسلطانه ووالده ومعلمه العلم وقد عوضتهما بما فعلاه عشرين ألف دينار، ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك’’.
الفراء يتعهد مدرسة الكوفة بالنمو
يحدثنا التاريخ بأن أهل الكوفة امتازوا بالفقه والحديث والقراءة، ثم تعاطوا النحو بعد أن بات بينهم وبين البصريين شأو بعيد. ودراسة النحو في الكوفة إنما تبدأ - حقا - بعد الكسائي فهو إمام مدرسة الكوفة. وفي رأي الدكتور المخزومي ’’أنه نهج بالنحو منهجا جديدا تولاه الفراء من بعده بالرعاية، فهما - الكسائي والفراء - رئيسا المدرسة وإليهما يعزى تأسيسها وتنظيم منهجها وبهما يبدأ تاريخها’’.
’’وإذا كان الكسائي قد وضع أسس هذه المدرسة الجديدة، وجمع لها مادة درسها، ورسم المنهج الذي يعتمد عليه إنشاؤها، فإن الفراء قد تكفل بإتمام البناء وتعهد المدرسة بالنمو، وأعاد النظر فيما جاء به الكسائي، فأخذ منه ما يتفق مع طبيعة المدرسة وبنى منهجها على أساس علمي جديد’’.
تفلسف في النحو، فأساء إلى هذا
الدرس من حيث أراد الإحسان
ثم تابع الفراء مسيرته ناشطا دونما كلل أو ملل. وله في العربية قصب السبق في أغلب التعاليل والتخاريج النحوية الجديدة، فتارة نراه يحمل العربية على الألفاظ والمعاني فبرع واستحق التقدمة، وتارة يقلب المسألة على وجوهها المختلفة وله في كل وجه منها أكثر من تعليل وتفسير.
وآراؤه النحوية هذه، وتفسيراته لوجوه الإعراب فلسفية - إن صح مثل هذا التعبير - يطغى عليها الطابع الفلسفي، فمثلا حين يرى الخليل بن أحمد أن ’’كلا’’ اسم، يراها الفراء بين الأسماء والأفعال فيقول: فلا أحكم عليها بالاسم ولا بالفعل، فلا أقول أنها اسم، لأنها حشو في الكلام، ولا تنفرد كما ينفرد الاسم، وأشبهت الفعل لتغيرها في المكني والظاهر، لأني أقول في الظاهر: رأيت كلا الزيدين، ومررت بكلا الزيدين، وكلمني كلا الزيدين، فلا تتغير، وأقول في المكني: رأيتهما كليهما، ومررت بهما كليهما، وقام إلي كلاهما، فأشبهت الفعل، لأني أقول: قضى زيد ما عليه، فتظهر الألف مع الظاهر، ثم أقول قضيت الحق، فتصير الألف ياء مع المكني.
ولم يخالف الفراء الخليل، وحسب، وإنما خالف أستاذه الكسائي في كثير من مذاهبه فرفع المعطوف على اسم ’’أن’’ أجازه فريق من النحاة في جميع الأمثلة أو بعضها، ومنهم الكسائي الذي كان يجيز ذلك مطلقا.
أما الفراء ’’فلم يمنع رفع المعطوف، ولم يجوزه مطلقا بل فصل وقال: إن خفى إعراب الاسم يكون مبنيا أو معربا مقدر الإعراب، جاز الحمل على المحل...... وإلا فلا’’.
ثم يعرض الفراء لهذا في تفسيره لقوله تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابؤون والنصارى}، فأعرب {والصابؤون} - كما يحدثنا الدكتور المخزومي - على أنها معطوفة على (الذين) وعلل أعرابه هذا بأن ’’الذين حرف على جهة واحدة في رفعه ونصبه وخفضه، فلما كان إعرابه واحدا، وكان نصب (أن) ضعيفا، وضعفه أنه يقع على الاسم ولا يقع على الخبر، جاز رفع الصابئين.
وطابع الفلسفة واضح على هذه المسألة، كما أن سمة التمحل والتهافت بينة فيها.
ووثق من قود أحد الأعراب، فذهب إلى اسمية ’’نعم وبئس’’ لأنه سمع منه ’’والله ما هي بنعم الولد’’ وجوز إعراب العدد المركب قياسا إذا أضيف استنادا إلى ما سمعه من أبي فقعس الأسدي، وابن هيثم العقيلي: ما فعلت خمسة عشرك.
تعصبه على سيبويه
درس الفراء (كتاب) سيبويه عن كثب وروية، حتى وجد بعضه تحت وسادته التي كان يجلس عليها، لكنه، بالرغم من ذلك، كان زائد العصبية على سيبويه، يتعمد مخالفة مذاهبه ومزاعمه في ألقاب الإعراب وتسمية الحروف، وقيل: ’’إنما كان لا يفارق (الكتاب) لأنه كان يتتبع خطأه ولكنته’’ فإذا صحت هذه القولة ففيها غلو وتعصب واضحان فالكتاب أكبر من أن ينال منه الفراء أو غيره. وبحسبك أن تعلم أنه كان يسمى ’’قرآن النحو’’.
قالوا عن الفراء......
وهؤلاء الذين قالوا عنه هم أسناد إثبات، أمناء في أحاديثهم ومقولاتهم، ولو رصدت تلك الآراء وتنقلت بينها بأناة وتريث، تجلت لك شخصية الفراء بوضوح.
فهذا أبو بكر الأنباري يقول: ’’لو لم يكن لأهل بغداد من علماء إلا الكسائي والفراء لكان لهم بهما الافتخار على جميع الناس’’ وقالوا: النحو للفراء والفراء أمير الأمراء في النحو ويقول أبو العباس أحمد بن يحيى: ’’لولا الفراء لما كانت عربية، لأنه حصنها وضبطها. وقال السيوطي: ’’كان متدينا متورعا، على تيه وعجب وتعظم’’. وابن خلكان يعرض له فيقول: ’’كان أبرع الكوفيين، وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب’’.
وهذا صاحب كتاب (مدرسة الكوفة) يقول: ’’أكثر ما كان للكوفيين من آراء إنما هو للفراء’’.
وقد قضى أكثر سنيه في بغداد، يتطلب العلم جثوا على الركب، بين أروقة الجوامع وأفنية المساجد.
يقول مسلمة بن عاصم: دخلت على الفراء في مرضه، وقد زال عقله، فسمعته يقول: إن نصبا فنصبا، وإن رفعا فرفعا.

  • دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 290

يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور بن مروان الأسلمي الديلمي الكوفي مولى بني أسد المعروف بالفراء أبو زكريا: أخذ عن أبي الحسن الكسائي، وروى عن قيس بن الربيع ومندل بن علي، وأخذ عنه سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم السمري وغيرهما. كان هو والأحمر أشهر أصحاب الكسائي، وكانا أعلم الكوفيين بالنحو من بعده. وأخذ أيضا عن يونس بن حبيب البصري فاستكثر منه، والبصريون ينكرون ذلك حكى محمد بن الجهم قال، حدثنا الفراء، قال أنشدني يونس النحوي:

وعن الفراء أيضا قال يونس: الآل من غدوة إلى ارتفاع النهار، ثم هو سراب سائر النهار، وإذا زالت الشمس فهو فيء، وفي غدوة ظل، وأنشد لأبي ذؤيب:
وله روايات كثيرة عن يونس لا نطيل بذكرها.
وكان أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب يقول: لولا الفراء ما كانت اللغة لأنه حصلها وضبطها، ولولاه لسقطت العربية لأنها كانت تتنازع ويدعيها كل من أراد ويتكلم الناس على مقادير عقولهم وقرائحهم فتذهب.
وكان الفراء فقيها عالما بالخلاف وبأيام العرب وأخبارها وأشعارها عارفا بالطب والنجوم متكلما يميل إلى الاعتزال، وكان يتفلسف في تصانيفه ويستعمل فيها ألفاظ الفلاسفة.
وحكى أبو العباس ثعلب عن ابن نجدة قال: لما تصدى أبو زكريا يحيى بن زياد
الفراء للاتصال بالمأمون كان يتردد إلى الباب، فلما كان ذات يوم بالباب جاء ثمامة بن الأشرس المتكلم المشهور، قال: فرأيت صورة أديب وأبهة أدب، فجلست إليه وفاتشته عن اللغة فوجدته بحرا، وعن النحو فشاهدته نسيج وحده، وعن الفقه فوجدته فقيها عارفا باختلاف القوم، وفي النجوم ماهرا، وبالطب خبيرا، وبأيام العرب وأخبارها وأشعارها حاذقا، فقلت له: من تكون وما أظنك إلا الفراء، فقال: أنا هو، قال: فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين بمكانه، فاستحضره وكان سبب اتصاله به.
وقال أبو بريدة الوضاحي: أمر أمير المؤمنين المأمون الفراء أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما سمع من العرب، فأمر أن تفرد له حجرة من حجر الدار ووكل بها جواري وخدما للقيام بما يحتاج إليه حتى لا يتعلق قلبه ولا تتشوف نفسه إلى شيء، حتى إنهم كانوا يؤذنونه بأوقات الصلاة، وصير له الوراقين وألزمه الأمناء والمنفقين، فكان الوراقون يكتبون حتى صنف «كتاب الحدود» وأمر المأمون بكتبه في الخزائن، وبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس وابتدأ يملي «كتاب المعاني» وكان وراقيه سلمة بن عاصم وأبو نصر ابن الجهم. قال أبو بريدة: فاردنا أن نعد الناس الذين اجتمعوا لإملاء «كتاب المعاني» فلم نضبط عددهم، ولما فرغ من إملائه خزنه الوراقون عن الناس ليتكسبوا به وقالوا: لا نخرجه لأحد إلا لمن أراد أن ننسخه له على أن يكون عن كل خمسة أوراق درهم، فشكا الناس إلى الفراء، فدعا الوراقين وكلمهم في ذلك وقال: قاربوا الناس تنفعوا وتنتفعوا، فأبوا عليه، فقال: سأريكم، وقال للناس: إني أريد ان أملي كتاب معان أتم شرحا وأبسط قولا من الذي أمليت قبلا وجلس يملي، فأملى في الحمد مائة ورقة، فجاء الوراقون إليه وقالوا: نحن نبلغ الناس ما يحبون، فنسخوا كل عشرة أوراق بدرهم.
قال أبو بكر ابن الأنباري: لو لم يكن لأهل بغداد والكوفة من علماء العربية إلا الكسائي والفراء لكان لهم بهما الافتخار على جميع الناس إذ انتهت العلوم إليهما.
وكان يقال الفراء أمير المؤمنين في النحو.
توفي أبو زكريا الفراء في طريق مكة سنة سبع ومائتين وقد بلغ ثلاثا وستين سنة.
ومن تصانيفه: كتاب اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف. معاني القرآن، أربعة أجزاء ألفه لعمر بن بكير. البهي، ألفه للأمير عبد الله بن طاهر.
كتاب المصادر في القرآن. كتاب اللغات. كتاب الوقف والابتداء. كتاب الجمع والتثنية في القرآن. آلة الكتاب. الفاخر. كتاب النوادر. كتاب فعل وأفعل. كتاب المقصور والممدود. كتاب المذكر والمؤنث. كتاب يافع ويافعة. كتاب ملازم.
كتاب الحدود ألفه بأمر المأمون. كتاب مشكل اللغة الكبير. كتاب المشكل الصغير.
كتاب الواو، وغير ذلك .

  • دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 6- ص: 2812

الفراء العلامة صاحب التصانيف أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسدي مولاهم الكوفي النحوي صاحب الكسائي.
يروي عن: قيس بن الربيع ومندل بن علي وأبي الأحوص وأبي بكر بن عياش، وعلي بن حمزة الكسائي.
روى عنه: سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم السمري وغيرهما. وكان ثقة.
ورد على ثعلبة: أنه قال: لولا الفراء لما كانت عربية، ولسقطت؛ لأنه خلصها؛ ولأنها كانت تتنازع ويدعيها كل أحد.
ونقل أبو بديل الوضاحي: أن المأمون أمر الفراء أن يؤلف ما يحمع به أصول النحو، وأفرد في حجرة وقرر له خدما وجواري ووراقين فكان يملي في ذلك سنين قال: ولما أملى كتاب معاني القرآن اجتمع له الخلق، فكان من جملتهم ثمانون قاضيا وأمل الحمد في مائة ورقة.
وكان المأمون قد وكل بالفراء ولديه يلقنهما النحو فأراد القيام فابتدرا إلى نعله، فقدم كل واحد فردة. فبلغ ذلك المأمون فقال: لن يكبر الرجل عن تواضعه لسلطانه وأبيه ومعلمه.
قال ابن الأنباري: لو لم يكن لأهل بغداد، والكوفة من النحاة إلا الكسائي، والفراء لكفى. وقال بعضهم: الفراء أمير المؤمنين في النحو.
وعن هناد قال: كان الفراء يطوف معنا على الشيوخ، ولا يكتب فظننا أنه كان يحفظ.
وقال محمد بن الجهم: ما رأيت مع الفراء كتابا قط إلا كتاب يافع ويفعة.
وعن ثمامة بن أشرس: رأيت الفراء ففاتشته عن اللغة فوجدته بحرا وعن النحو فشاهدته نسيج وحده وعن الفقه فوجدته عارفا باختلاف القوم، وبالطب خبيرا وبأيام العرب والشعر والنجوم فأعلمت به أمير المؤمنين فطلبه.
وللفراء: كتاب البهي في حجم الفصيح لثعلب وفيه أكثر ما في الفصيح غير أن ثعلبا رتبه على صورة أخرى.
ومقدار تواليف الفراء: ثلاثة آلاف ورقة.
وقال سلمة: أمل الفراء كتبه كلها حفظا.
وقيل: عرف بالفراء؛ لأنه كان يفري الكلام.
وقال سلمة: إني لأعجب من الفراء كيف يعظم الكسائي وهو أعلم بالنحو منه.
مات الفراء بطريق الحج سنة سبع ومائتين، وله ثلاث وستون سنة رحمه الله.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 8- ص: 291

يحيى بن زياد بن عبد الله بن مروان الديلمي. إمام العربية أبو زكريا المعروف بالفراء.
كان أعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي، أخذ عنه، وعليه اعتمد، وأخذ عن يونس، وأهل الكوفة يدعون أنه استكثر عنه، وأهل البصرة يدفعون ذلك.
وكان يجب الكلام ويميل إلى الاعتزال، وكان دينا متورعا على تيه وعجب وتعظم، وكان زائد العصبية على سيبويه، وكتابه تحت رأسه، وكان يتفلسف في تصانيفه، ويسلك ألفاظ الفلاسفة.
وكان أكثر مقامه ببغداد، فإذا كان آخر السنة أتى الكوفة فأقام بها أربعين يوما يفرق في أهله ما جمعه، وكان شديد المعاش لا يأكل حتى يمسه الجوع، وجمع مالا خلفه لابن له شاطر، صاحب سكاكين.
وأبوه زياد هو الأقطع، قطعت يده في الحرب مع الحسين بن علي رضي الله عنهما. وكان مولى لأبي ثروان، وأبو ثروان مولى بني عبس.
صنف الفراء: «معاني القرآن»، «البهي فيما تلحن فيه العامة»، «اللغات»، «المصادر في القرآن»، «غريب الحديث»، «الجمع والتثنية في القرآن»، «آلة الكتاب»، «النوادر»، «المقصور والممدود»، «فعل وأفعل»، «المذكر والمؤنث»، «الحدود» يشتمل على ستة وأربعين حدا في الإعراب، «الكافي في النحو» وله غير ذلك. مات بطريق مكة سنة سبع ومائتين، عن سبع وستين سنة.
قال سلمة بن عاصم: دخلت عليه في مرضه، وقد زال عقله، وهو يقول: إن نصبا فنصبا، وإن رفعا فرفعا.
روى له هذا الشعر- قيل ولم يقل غيره:

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 0( 0000) , ج: 2- ص: 367

يحيى بن زياد بن عبد الله بن مروان الديلمي كنيته أبو زكريا ويعرف بالفراء كان مقيما في بغداد في أكثر الأوقات وقد رحل إلى الكوفة
ومن مصنفاته معاني القرآن واللغات والمصادر في القرآن
وكانت وفاته في طريق مكة سنة سبع ومائتين وكان مدة عمره سبعا وستين
كذا روى اليافعي في تاريخه

  • مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 28

يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور أبو زكريا الديلمي المعروف بالفراء
الإمام المشهور أخذ عنه الكسائي وهو من جلة أصحابه وكان أبرع الكوفيين له مصنفات كثيرة مشهورة في النحو واللغة ومعاني القرآن مات بطريق مكة سنة سبع ومئتين

  • جمعية إحياء التراث الإسلامي - الكويت-ط 1( 1986) , ج: 1- ص: 80

  • دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع-ط 1( 2000) , ج: 1- ص: 313

يحيى بن زياد الفراء
من أهل الكوفة كنيته أبو بكر
يروي عن الكوفيين روى عنه محمد بن الجهم السمري وغيره مات سنة سبع ومائتين في طريق مكة وكان الغالب عليه معرفة الأدب

  • دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند-ط 1( 1973) , ج: 9- ص: 1

يحيى بن زياد الفراء (خت)
أخباري علامة نحوي. كان رأساً في الحفظ، أمل تصانيفه كلها حفظاً.
مات بطريق مكة سنة سبع ومئتين عن ثلاث وستين سنةً، رحمه الله تعالى.

  • مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان-ط 2( 1996) , ج: 1- ص: 1