علي بن أحمد الرومي علي بن أحمد الرومي: علي بن أحمد، العالم العلامة، العامل، الفاضل، المولى علاء الدين الجمالي، الرومي، الحنفي. قرأ على المولى علاء الدين بن حمزة القراماني، وحفظ عنده القدوري، ومنظومة النسفي، ثم دخل إلى قسطنطينية، وقرأ على المولى خسرو، ثم بعثه المذكور إلى مصلح الدين بن حسام، وتعلل بأنه مشتغل بالفتوى، وبأن المولى مصلح الدين يهتم بتعليله أكثر منه، فذهب إليه، وهو مدرس سلطانية بروسا، فأخذ عنه العلوم العقلية والشرعية، وأعاد له المدرسة المذكورة، وزوجه ابنته، وولدت منه، ثم أعطي مدرسة بثلاثين، ثم تقلبت به الأحوال، على وجه يطول شرحه، فترك التدريس، واتصل بخدمة العارف بالله تعالى مصلح الدين بن أبي الوفا ثم لما تولى السلطان أبو يزيد السلطنة رآه في المنام، فأرسل إليه الوزراء، ودعاه إليه، فامتنع، فأعطاه تدريسا بثلاثين جبرا، ثم رقاه في التدريس حتى أعطاه إحدى الثماني، فدرس بها مدة طويلة ثم توجه بنية الحج إلى مصر، فلم يتيسر الحج في تلك السنة لفتنة حدثت بمكة المشرفة، فأقام بمصر سنة، ثم حج وعاد إلى الروم، وكان توفي المولى أفضل الدين مفتي التخت السلطاني في غيبته، فأعطاه السلطان أبو يزيد منصب الفتوى، وعين له مئة درهم، ثم لما بنى مدرسة القسطنطينية ضمها له إلى الفتوى، وعين له خمسين درهما زائدة على المئة، وكان يصرف جميع أوقاته في التلاوة، والعبادة، والتدريس، والفتوى، ويصلي الخمس في الجماعة، وكان كريم الأخلاق لا يذكر أحدا بسوء، وكان يغلق باب داره، ويقعد في غرفة له، فتلقى إليه رقاع الفتاوي، فيأخذها ويكتب، ثم يدليها، ففعل ذلك لئلا يرى الناس، فيميز بينهم في الفتوى، وكان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويصدع بالحق، ويواجه بذلك السلطان، فمن دونه حتى أن السلطان سليم خان أمر بقتل مئة وخمسين رجلا من حفاظ الخزينة، فتنبه لذلك المولى علاء الدين المذكور، فذهب إلى الديوان، ولم يكن من عادتهم أن يذهب المفتي إلى الديوان إلا لحادثة عظيمة، فلما دخل على أهل الديوان تحيروا في الأمر، وقالوا: لأي شيء دعا المولى إلى المجيء. فقال: أريد أن ألاقي السلطان، ولي معه كلام، فعرضوا أمره على السلطان، فأمر بدخوله وحده، فدخل وسلم وجلس، وقال: وظيفة أرباب الفتوى أن يحافظوا على آخرة السلطان، وقد سمعت بأنك أمرت بقتل مئة وخمسين رجلا من أرباب الديوان لا يجوز قتلهم شرعا فغضب السلطان سليم، وكان صاحب حدة، وقال: لا تتعرض لأمر السلطنة، وليس ذلك من وظيفتك. فقال: بل أتعرض لأمر آخرتك، وهو من وظيفتي، فإن عفوت، فلك النجاة وإلا فعليك عقاب عظيم، فانكسرت سورة غضبه وعفا عن الكل، ثم تحدث معه ساعة، ثم سأله في إعادة مناصبهم، فأعادها لهم.
وحكي أن السلطان سليم أرسل مرة إليه أمرا بأن يكون قاضي العسكر، وقال له جمعت لك بين الطرفين لأني تحققت أنك تتكلم بالحق، فكتب المولى المذكور في جوابه وصل إلي كتابك - سلمك الله تعالى. وأبقاك - وأمرتني بالقضاء، وإنني أمتثل أمرك إلا أن لي مع الله تعالى عهدا أن لا تصدر عني لفظة: حكمت، فأحبه السلطان محبة عظيمة لإعراضه عن المال والجاه والمنصب صيانة لدينه، ثم زاد في وظيفته خمسين عثمانيا، وصارت مئتي عثماني، وكانت وفاته - رحمه الله تعالى - في سنة اثنتين وثلاثين وتسعمئة. رحمه الله تعالى.
دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1977) , ج: 1- ص: 268