الشهاب السهروردي يحيى بن حبش بن أميرك، أبو الفتوح، شهاب الدين، السهروردي: فيلسوف، اختلف المؤرخون في اسمه. ولد في سهرورد (من قرى زنجان في العراق العجمي) ونشأ بمراغة، وسافر إلى حلب، فنسب إلى انحلال العقيدة. وكان علمه أكثر من عقله (كما يقول ابن خلكان) فأفتى العلماء بإباحة دمه، فسجنه الملك الظاهر غازي، وخنقه في سجنه بقلعة حلب. من كتبه (التلويحات – خ) و (هياكل النور –ط) و (المشارع والمطارحات –خ) و (الأسماء الإدريسية –خ) و (الألواح العمادية –خ) ألفه لعماد الدين قرا أرسلان داود بن أرتق، و (المناجاة –خ) و (مقامات الصوفية ومعاني مصطلحاتهم –خ) و (رسالة في اعتقاد الحكماء –ط) و (التنقيحات) و (حكمة الإشراق –ط) و (المعارج) و (اللمحات –خ) رأيت منه نسخة في الفاتيكان (873 عربي) كتبت سنة 588 وله شعر اشتهرت منه حائية مطلعها:
#أبدا تحن إليكم الأرواح)
وكان ردئ الهيئة زري الخلقة، لا يغسل له ثوبا و لا جسما، و لا يقص ظفرا، و لا شعرا!.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 140
يحيى بن حبش شهاب الدين أبو الفتوح السهروردي: كان فقيها شافعي المذهب أصوليا أديبا شاعرا حكيما متفننا نظارا لم يناظره مناظر إلا خصمه وأفحمه، قرأ
بالمراغة على الشيخ الإمام مجد الدين الجيلي الفقيه الأصولي المتكلم ولازمه مدة، ثم تنقل في البلاد على قدم التجرد ولقي بماردين الشيخ فخر الدين المارديني وصحبه وكان يثني عليه كثيرا ويقول: لم أر في زماني أحدا مثله، ولكني أخشى عليه من شدة حدته وقلة تحفظه. ثم رحل أبو الفتوح إلى حلب فدخلها في زمن الظاهر غازي بن أيوب سنة تسع وسبعين وخمسمائة، ونزل في المدرسة الحلاوية، وحضر درس شيخها الشريف افتخار الدين، وبحث مع الفقهاء من تلاميذه وغيرهم وناظرهم في عدة مسائل فلم يجاره أحد منهم وظهر عليهم، وظهر فضله للشيخ افتخار الدين فقرب مجلسه وأدناه وعرف مكانه في الناس، ومن ذلك الحين تألب عليه الفقهاء وكثر تشنيعهم عليه، فاستحضره الملك الظاهر وعقد له مجلسا من الفقهاء والمتكلمين فباحثوه وناظروه فظهر عليهم بحججه وبراهينه وأدلته، وظهر فضله للملك الظاهر فقربه وأقبل عليه وتخصص به، فازداد تغيظ المناظرين عليه ورموه بالإلحاد والزندقة، وكتبوا بذلك إلى الملك الناصر صلاح الدين وحذروه من فساد عقيدة ابنه الظاهر بصحبته للشهاب السهروردي وفساد عقائد الناس اذا أبقى عليه، فكتب صلاح الدين الى ابنه الظاهر يأمره بقتله وشدد عليه بذلك وأكد، وأفتى فقهاء حلب بقتله، فبلغ ذلك الشهاب، فطلب من الظاهر أن يحبس في مكان ويمنع من الأكل والشرب إلى أن يموت، ففعل به ذلك، وقيل بل أمر الظاهر بخنقه في السجن فخنق سنة سبع وثمانين وخمسمائة وقد قارب الأربعين. ويروى أن الظاهر ندم على ما فعل بعد مدة ونقم على من أفتوا بقتله، فقبض عليهم واعتقلهم ونكبهم، وصادر جماعة منهم بأموال عظيمة.
ومن تصانيفه: التلويحات في الحكمة. والتنقيحات في أصول الفقه. وحكمة الاشراق. والغربة الغريبة في الحكمة. وهياكل النور في الحكمة أيضا. والألواح العمادية. والمعارج. واللمحة. والمطارحات. والمقاومات، وغير ذلك .
وله شعر كثير، أشهره وأجوده قصيدته الحائية وهي:
أبدا تحن إليكم الأرواح | ووصالكم ريحانها والراح |
وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم | وإلى لذيذ لقائكم ترتاح |
وارحمتا للعاشقين تكلفوا | ستر المحبة والهوى فضاح |
بالسر ان باحوا تباح دماؤهم | وكذا دماء البائحين تباح |
وإذا هم كتموا تحدث عنهم | عند الوشاة المدمع السحاح |
وبدت شواهد للسقام عليهم | فيها لمشكل أمرهم إيضاح |
خفض الجناح لكم وليس عليكم | للصب في خفض الجناح جناح |
فإلى لقاكم نفسه مشتاقة | والى رضاكم طرفه طماح |
عودوا بنور الوصل في غسق الجفا | فالهجر ليل والوصال صباح |
صافاهم فصفوا له فقلوبهم | في نورها المشكاة والمصباح |
فتمتعوا والوقت طاب بقربهم | راق الشراب ورقت الأقداح |
يا صاح ليس على المحب ملامة | إن لاح في أفق الوصال صباح |
لا ذنب للعشاق ان غلب الهوى | كتمانهم فنمى الغرام فباحوا |
سمحوا بأنفسهم وما بخلوا بها | لما دروا أن السماح رباح |
ودعاهم داعي الحقائق دعوة | فغدوا بها مستأنسين وراحوا |
ركبوا على سنن الوفا ودموعهم | بحر وحادي شوقهم ملاح |
والله ما طلبوا الوقوف ببابه | حتى دعوا وأتاهم المفتاح |
لا يطربون لغير ذكر حبيبهم | أبدا فكل زمانهم أفراح |
حضروا فغابوا عن شهود ذواتهم | وتهتكوا لما رأوه وصاحوا |
أفناهم عنهم وقد كشفت لهم | حجب البقا فتلاشت الأرواح |
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم | ان التشبه بالكرام فلاح |
قم يا نديم إلى المدام وهاتها | فبحانها قد دارت الأقداح |
من كرم إكرام بدن ديانة | لا خمرة قد داسها الفلاح |
أقول لجارتي والدمع جار | ولي عزم الرحيل عن الديار |
ذريني أن أسير ولا تنوحي | فإن الشهب أشرفها السواري |
واني في الظلام رأيت ضوءا | كأن الليل بدل بالنهار |
إلى كم أجعل الحيات صحبي | إلى كم أجعل التنين جاري |
وأرضى بالاقامة في فلاة | وفي ظلم العناصر أين داري |
ويبدو لي من الزوراء برق | يذكرني بها قرب المزار |
إذا أبصرت ذاك النور أفنى | فما أدري يميني من يساري |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 6- ص: 2806
السهروردي العلامة، الفيلسوف السيماوي المنطقي، شهاب الدين يحيى بن حبش بن أميرك السهروردي، من كان يتوقد ذكاء، إلا أنه قليل الدين.
وقال ابن أبي أصيبعة: اسمه عمر، وكان أوحد في حكمة الأوائل، بارعا في أصول الفقه، مفرط الذكاء، فصيحا، لم يناظر أحدا إلا أربى عليه.
قال الفخر المارديني: ما أذكى هذا الشاب وأفصحه، إلا أني أخشى عليه لكثرة تهوره واستهتاره.
قال: ثم إنه ناظر فقهاء حلب، فلم يجاره أحد، فطلبه الظاهر، وعقد له مجلسا، فبان فضله، فقربه الظاهر، واختص به، فشنعوا، وعملوا محاضر بكفره، وبعثوها إلى السلطان، وخوفوه أن يفسد اعتقاد ولده، فكتب إلى ولده بخط الفاضل يأمره بقتله حتما، فلما لم يبق إلا قتله، اختار لنفسه أن يمات جوعا، ففعل ذلك في أواخر سنة ست وثمانين بقلعة حلب، وعاش ستا وثلاثين سنة.
قال ابن أبي أصيبعة: وحدثني إبراهيم بن صدقة الحكيم، قال: خرجنا من باب الفرج معه، فذكرنا السيمياء، فقال: ما أحسن هذه المواضع! فنظرنا من ناحية الشرق جواسق مبيضة كبيرة مزخرفة، وفي طاقاتها نساء كالأقمار ومغاني، فتعجبنا، وانذهلنا، فبقينا ساعة، وعدنا إلى ما كنا نعهده، إلا أني عند رؤية ذلك بقيت أحس من نفسي كأنني في سنة خفية، ولم يكن إدراكي كالحالة التي أتحققها مني. وحدثني عجمي قال: كنا مع السهروردي بالقابون، فقلنا: يا مولانا! نريد رأس غنم، فأعطانا عشرة دراهم، فاشترينا بها رأسا، ثم تنازعنا نحن والتركماني، فقال الشيخ: روحوا بالرأس، أنا أرضيه، ثم تبعنا الشيخ، فقال التركماني: أرضني، فما كلمه، فجاء، وجذب يده، فإذا بيد الشيخ قد انخلعت من كتفه، وبقيت في يد ذاك، ودمها يشخب، فرماها، وهرب، فأخذ الشيخ يده باليد الأخرى، وجاء، فرأينا في يده منديله لا غير.
قال الضياء صقر: في سنة تسع وسبعين قدم السهروردي، ونزل في الحلاوية، ومدرسها الافتخار الهاشمي، فبحث، وعليه دلق وله إبريق وعكاز، فأخرج له الافتخار ثوب عتابي، وبقيارا، وغلالة، ولباسا مع ابنه إليه، فقال: اقض لي حاجة، وأخرج فصا كالبيضة، وقال:
ناد لي عليه، قال: فجاب خمسة وعشين ألفا، فطلع به العريف إلى الظاهر، فدفع فيه ثلاثين ألفا، فجاء وشاوره، فغضب، وأخذ الفص، وضربه بحجر فتته، وقال: خذ الثياب، وقبل يد والدك، وقل له: لو أردنا الملبوس ما غلبنا، وأما السلطان، فطلب العريف، وقال: أريد الفص، قال: هو لابن الافتخار، فنزل السلطان إلى المدرسة، ثم اجتمع بالسهروردي، وأخذه معه، وصار له شأن عظيم، وبحث مع الفقهاء، وعجزهم. إلى أن قال: فأفتوا في دمه، فقيل: خنق، ثم بعد مدة حبس الظاهر جماعة ممن أفتى، وصادرهم. وحدثني السديد محمود بن زقيقة، قال: كنت أتمشى مع السهروردي في جامع ميافارقين، وعليه جبة قصيرة، وعلى رأسه فوطة، وهو بزربول كأنه خربندا.
وللشهاب شعر جيد.
وله كتاب ’’التلويحات اللوحية: و’’العرشية’’، وكتاب ’’اللمحة’’، وكتاب ’’هياكل النور’’، وكتاب ’’المعارج والمطارحات’’، وكتاب ’’حكمة الإشراق’’، وسائرها ليست من علوم الإسلام.
وكان قد قرأ على المجد الجيلي بمراغة، وكان شافعيا، ويلقب بالمؤيد بالملكوت.
قال ابن خلكان: وكان يتهم بالانحلال والتعطيل، ويعتقد مذهب الأوائل اشتهر ذلك عنه، وأفتى علماء حلب بقتله، وأشدهم الزين والمجد ابنا جهبل.
قلت: أحسنوا وأصابوا.
قال الموفق يعيش النحوي: لما تكلموا فيه، قال له تلميذه: إنك تقول: النبوة مكتسبة، فانزح بنا، قال: حتى نأكل بطيخ حلب، فإن بي طرفا من السل، ثم خرج إلى قرية بها بطيخ، فأقمنا أياما، فجاء يوما إلى محفرة لتراب الرأس، فحفر حتى ظهر له حصى، فدهنه بدهن معه، ولفه في قطن، وحمله في وسطه أياما، ثم ظهر كله ياقوتا أحمر، فباع منه، ووهب أصحابه، ولما قتل كان معه منه.
قلت: كان أحمق طياشا منحلا.
حكى السيف الآمدي عنه أنه قال: لا بد لي أن أملك الدنيا. قلت من أين لك هذا؟ قال: رأيت كأني شربت ماء البحر، قلت: لعل يكون اشتهار علمك، فلم يرجع عما في نفسه. ووجدته كثير العلم، قليل العقل. وله عدة مصنفات.
قلت: قتل في أوائل سنة سبع وثمانين وخمس مائة.
صاحب الروم، النميري:
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 15- ص: 374
يحيى بن حبش بن أمير الشهاب السهروردى الفيلسوف.
ذو المصنفات، قال ابن خلكان: كان شافعي المذهب واتهم بانحلال العقيدة. قال السيف الآمدى: اجتمعت به فرأيته كثير العلم قليل العقل. قال لى: لابد أن أملك الأرض لمنام رآه، ولما تحقق هلاك نفسه قال:
أرى قدمى أراقَ دمى | وهان دمى فها ندمى’’. |
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1