إبراهيم الشاذلي إبراهيم الشاذلي: إبراهيم الشاذلي المصري العارف بالله تعالى. كان ينفق نفقة الملوك، ويلبس ملابسهم، وينفق من غيب الله تعالى لا يدري له أحد جهة معينة تأتيه منها الدنيا، ولم يطلب الطريق حتى لحقه المشيب، فجاء إلى سيدي محمد المغربي الشاذلي، وطلب منه التربية. فقال له: يا إبراهيم تريد تربية بيتية وإلا سوقية، فقال له: ما معنى ذلك. قال: التربية السوقية بأن أعلمك كلمات في الفناء والبقاء ونحوهما، وأجلسك على سجادة، وأقول لك خذ كلاما، واعط كلاما من غير ذوق ولا انتفاع. والتربية البيتية بأن تفني اختيارك في اختياري، وتشارك أهل البلاد، وتسمع في حقك ما تسمع، فلا تتحرك منك شعرة اكتفاء بعلم الله تعالى. فقال سيدي إبراهيم: أطلب التربية البيتية. قال: نعم لكن لا يكون فطامك إلا بعدي على يد الشيخ أبي المواهب، وكان الأمر كذلك، ولم يشتهر إلا بالمواهبي، ثم قال له الشيخ محمد: أخدم البيت والبغلة، وحسن الفرس، وافرش تحتها الزبل، وكب التراب، فقال: سمعا وطاعة. فلم يزل يخدم عنده حتى مات، فاجتمع على سيدي أبي المواهب، فما عرف إلا به، ولم يزل عند الشيخ أبي المواهب يخدم كذلك، ولم يجتمع مع الفقراء في قراءة حزب ولا غيره، حتى حضرت سيدي أبي المواهب الوفاة، فتطاول جماعة من فقرائه إلى الأذن. فقال الشيخ: هاتوا إبراهيم، فجاءه فقال: افرشوا له السجادة، فجلس عليها، وقال له: تكلم على إخوانك في الطريق، فابدأ الغرائب والعجائب، فأذعن له الجماعة كلهم. وكان له ديوان شعر وموشحات وكتب على الحكم العطائية شرحا. وتوفي في سنة أربع عشرة وتسعمئة، ودفن بزاويته بالقرب من قنطرة سنقر، وقبره بها ظاهر يزار - رحمه الله تعالى -.

  • دار الكتب العلمية - بيروت-ط 1( 1977) , ج: 1- ص: 110