الفرزدق همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس، الشهير بالفرزدق: شاعر، من النبلاء، من أهل البصرة، عظيم الاثر في اللغةن كان يقال: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب، ولولا شعره لذهب نصف اخبار الناس. يشبه بزهير بن أبي سلمى. وكلاهما من شعرا ء الطبقة الاولى، زهير في الجاهليين، والفرزدق في الاسلاميين. وهو صاحب الاخبار مع جرير والاخطل، ومهاجاته لهما اشهر من ان تذكر. كان شريفا في قومه، عزيز الجانب، يحمي من يستجير بقبر ابيه - وكان ابوه من الاجواد الاشراف - وكذلك جده. وفي شرح نهج البلاغة: كان الفرزدق لا ينشد بين يدي الخلفاء والامراء الا قاعدا، واراد سليمان بن عبد الملك ان يقيمه فثارت طائفة من تميم، فأذن له بالجلوس! وقد جمع بعض شعره في (ديوان-ط) ومن امهات كتب الادب والاخبار (نقائض جرير والفرزدق-ط) ثلاثة مجلدات. كان يكنى في شبابه بابي مكية، وهي ابنة له. ولقب بالقرزدق، لجهامة وجهه وغلظه. وتوفى في بادية البصرة، وقد قارب المئة. واخباره كثيرة. وكان مشتهرا بالنساء، زير غوان، وليس له بيت واحد في النسيب مذكور. وقال المرتضى: كان يحسد على الشعر ويفرط في استحسان الجيد منه. ومما كتب في اخباره (الفرزدق-ط) لخليل مردم بك، ومثله لحنا نمر، ولفؤاد افرام البستاني.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 93
الفرزدق همام بن غالب بن صعصعة ويكنى أبا فراس ولد سنة 38 وتوفي بالبصرة سنة 110.
وإنما سمي الفرزدق لأنه شبه وجهه وكان مدورا جهما بالخبزة وهي الفرزدقة.
بيته وأبوه
وبيته من أشرف بيوت بني تميم، كان غالب أبوه جوادا شريفا ووفد جده صعصعة بن ناجية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم وهو الذي منع الوئيد في الجاهلية فلم يترك أحدا من بني تميم يئد بنتا له إلا فداها منه، وغالب أبو الفرزدق يكنى أبا الأخطل وقبره بكاظمة ولم يطف بقبره خائف إلا أمن ولا مستجير إلا أجير.
عند علي (ع)
ووفد غالب على علي بن أبي طالب عليه السلام ومعه ابنه الفرزدق فقال له من أنت؟ قال: أنا غالب بن صعصعة المجاشعي. قال: ذو الإبل الكثيرة؟ قال: نعم. قال: فما فعلت إبلك؟ قال: أذهبتها النوائب وزعزعتها الحقوق. قال: ذلك خير سبلها. ثم قال له: يا أبا الأخطل من هذا الفتى؟ قال: ابني الفرزدق وهو شاعر. قال: علمه القرآن فإنه خير له من الشعر. فكان ذلك في نفس الفرزدق حتى قيد نفسه وآلى أن لا يحل قيده حتى يحفظ القرآن.
أمه وإخوته
وأم الفرزدق لبنة بنت قرظة الضبية وأخوه الأخطل وأخته جعثن هما أخواه لأبيه وأمه والأخطل أسن من الفرزدق وكان من وجوه قومه وأم أبيه ليلى بنت حابس أخت الأقرع بن حابس التميمي.
أحواله
وصح أنه قال الشعر أربعا وسبعين سنة لأن أباه جاء به إلى علي وقال: إن ابني هذا شاعر في سنة ست وثلاثين، وتوفي الفرزدق سنة عشر ومائة في أول خلافة هشام بن عبد الملك هو وجرير والحسن وابن شبرمة في ستة أشهر، وقد روي أنه وجريرا ماتا في سنة أربع وعشرة ومائة وأن الفرزدق قارب المائة، وروى الرياشي عن سعيد بن عامر أن الفرزدق بلغ ثلاثين ومائة سنة، والأول أثبت. وكان الفرزدق سيدا جوادا فاضلا وجيها عند الخلفاء والأمراء هاشمي الرأي في أيام بني أمية يمدح أحياءهم ويؤبن موتاهم ويهجو بني أمية وأمراءهم، هجا معاوية بن أبي سفيان وزياد بن أبيه وهشام بن عبد الملك والحجاج بن يوسف وابن هبيرة وخالد القسري وغيرهم، واختلف فيه وفي جرير أيهما أشعر، وأكثر أهل العلم يقدمونه على جرير وقد فضله جرير على نفسه في الشعر، وله في جرير:
ليس الكرام بناحليك أباهم | حتى ترد إلى عطية تعتل |
ألست كليبيا أذا سيم سوأة | أقر كإقرار الحليلة للبعل |
فهل ضربة الرومي جاعلة لكم | أبا من كليب أو أبا مثل دارم |
إن الذي سمك السماء بنى لنا | بيتا دعائمه أعز وأطول |
بيتا زرارة محتب بفنائه | ومجاشع وأبو الفوارس نهشل |
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا | وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا |
والشيب ينهض في الشباب كأنه | ليل يصيح بجانبيه نهار |
تصرم مني ود بكر بن وائل | وما خلت دهري ودهم يتصرم |
قوارص تأتيني ويحتقرونها | وقد يملأ القطر الأنام فيفعم |
ترجى ربيع أن تجيئ صغارها | بخير وقد أعيا ربيعا كبارها |
ترى الغر الجحاجح من قريش | إذا ما الأمر في الحدثان آلا |
قياما ينظرون إلى سعيد | كأنهم يرون به الهلالا |
ألم تر أن الناس مات كبيرهم | وقد كان قبل البعث بعث محمد |
ولم يغن عنه عيش سبعين حجة | وستين لما بات غير موسد |
إلى حفرة غبراء يكره وردها | سوى أنها مثوى وضيع وسيد |
ولو كان طول العمر يخلد واحدا | ويدفع عنه عيب عمر ممرد |
لكان الذي راحوا به يحملونه | مقيما ولكن ليس حي بمخلد |
نروح ونغدو والحتوف أمامنا | يضعن لنا حتف الردى كل مرصد |
وقد قال لي ماذا تعد لما ترى | فقيه إذا ما قال غير مفند |
فقلت له أعددت للبعث والذي | أراد به أني شهيد بأحمد |
وأن لا إله غير ربي هو الذي | يميت ويحيي يوم بعث وموعد |
وهذا الذي أعددت لا شيء غيره | وإن قلت لي أكثر من الخير وازدد |
فقال لقد أعصمت بالخير كله | تمسك بهذا يا فرزدق ترشد |
فإن أنتم لي تثأروا لابن خيركم | فألقوا السلاح واغزلوا بالمغازل |
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته | والبيت يعرفه والحل والحرم |
هذا ابن خير عباد الله كلهم | هذا التقي النقي الطاهر العلم |
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله | بجده أنبياء الله قد ختموا |
هذا علي رسول الله والده | أمست بنور هداه تهتدي الأمم |
إذا رأته قريش قال قائلها | إلى مكارم هذا ينتهي الكرم |
يكاد يمسكه عرفان راحته | ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم |
الله شرفه قدما وعظمه | جرى بذاك له في لوحه القلم |
أي الخلائق ليست في رقابهم | لأولية هذا أوله نعم |
من يشكر الله يشكر أولية ذا | فالدين من بيت هذا ناله الأمم |
ينمى إلى ذروة العز التي قصرت | عن نيلها عرب الإسلام والعجم |
يغضي حياء ويغضى من مهابته | فما يكلم إلا حين يبتسم |
في كفه خيزران ريحه عبق | من كف أروع في عرنينه شمم |
من جده دان فضل الأنبياء له | وفضل أمته دانت له الأمم |
مشتقة من رسول الله نبعته | طابت عناصره والخيم والشيم |
ينشق ثوب الدجى عن نور غرته | كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم |
ما قال لا قط إلا في تشهده | لولا التشهد لم ينطق بذاك فم |
حمال أثقال أقوام إذا فدحوا | حلو الشمائل تحلو عنده نعم |
عم البرية بالإحسان فانقشعت | عنها العناية والأملاق والعدم |
كلتا يديه غياث عم نفعهما | يستمطران ولا يعروهما العدم |
سهل الخليقة لا تخشى بوادره | يزينه اثنان حسن الخلق والكرم |
لا يخلف الوعد ميمون نقيبته | رحب الفناء أريب حين يعتزم |
من معشر حبهم دين وبغضهم | كفر وقربهم منجى ومعتصم |
يستدفع السوء والبلوى بحبهم | ويستدب به الإحسان والنعم |
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم | في كل بدء ومختوم به الكلم |
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم | أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم |
لا يستطيع جواد بعد جودهم | ولا يدانيهم قوم وإن كرموا |
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت | والأسد أسد الشرى والبأس محتدم |
يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم | خيم كريم وأيد بالندى هضم |
لا ينقص العسر بسطا من أكفهم | سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا |
وليس قولك من هذا بضائره | العرب تعرف من أنكرت والعجم |
أيحبسني بين المدينة والتي | إليها قلوب الناس يهوي منيبها |
يقلب رأسا لم يكن رأس سيد | وعينا له حولاء باد عيوبها |
في كفه خيزران ريحه عبق | من كف أروع في عرنينه شمم |
يغضي حياء ويغضي من مهابته | فما يكلم إلا حين يبتسم |
كم صارخ بك من راج وراجية | يرجوك يا قثم الخيرات يا قثم |
أي الضمائر ليست في رقابهم | لأولية هذا أوله نعم |
يكاد يمسكه عرفان راحته | ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم |
كم صارخ بك من راج وراجية | في الناس با قثم الخيرات يا قثم |
الله يعلم أن قد جئت ذا يمن | ثم العراقين لا يثنيني السأم |
ثم الجزيرة أعلاها وأسفلها | كذاك تسري على الأهوال بي القدم |
ثم المواسم قد أوطأتها زمنا | وحيث تحلق أنت الحجرة اللمم |
قالوا دمشق ينبيك الخبير بها | ثم ائت مصر فثم النائل العمم |
لما وقفت عليه في الجموع ضحى | وقد تصرخت الحجاب والخدم |
حييته بسلام وهو مرتفق | وضجة القوم عند الباب تزدحم |
في كفه خيزران ريحها عبق | من كف أروع في عرنينه شمم |
يغضي حياء ويغضى من مهابته | فما يكلم إلا حين يبتسم |
ترى رؤوس بني مروان خاضعة | يمشون حول ركابيه وما ظلموا |
إن هش هشوا له واستبشروا جذلا | وإن هم آنسوا أعراضه وجموا |
كلتا يديه ربيع عند ذي خلف | بحر يفيض وهذي عارض هزم |
لما وقفت عليه في الجموع ضحى | وقد تعرضت الحجاب والخدم |
حييته بسلام وهو مرتفق | وضجة القوم عند الباب تزدحم |
ألم تر أني يوم جو سويقة | بكيت فنادتني هنيدة ماليا |
فقلت لها أن البكاء لراحة | به يشتفي من ظن أن لا تلاقيا |
قفي ودعينا يا هنيدة أنني | أرى الحي قد شاموا العقيق اليمانيا |
حبيبا دعا والرمل بيني وبينه | فأسمعني سقيا لذلك داعيا |
فكان جوابي أن بكيت صبابة | وفديت من لو يستطيع فدانيا |
إذا اغرورقت عيناي أسبل منهما | إلى أن تغيب الشعريان بكائيا |
لذكرى حبيب لم أزل مذ ذكرته | أعد له بعد الليالي لياليا |
أراني إذا فارفت هذا كأنني | أخو سنة مما أجن فؤاديا |
إن تنصفونا يا آل مروان نقترب | إليكم وإلا فائذنوا ببعاد |
فإن لنا عنكم مراحا ومذهبا | بعيس إلى ريح الفلاة صوادي |
مخيسة بزل تخايل في البرى | سوار على طول الفلاة غوادي |
وفي الأرض عن ذي الجور منأى ومذهب | وكل بلاد أوطنت كبلادي |
وماذا عسى الحجاج يبلغ جهده | إذا نحن خلفنا حفير زياد |
ولولا بنو مروان كان ابن يوسف | كما كان عبدا من عبيد أياد |
زمان هو العبد المقر بذلة | يراوح صبيان القرى ويغادي |
فباست أبي الحجاج واست عجوزه | عتيد بهم ترتعي بوهاد |
وركب كأن الريح تطلب عندهم | لها ترة من جذبها بالعصائب |
سروا يخبطون الليل وهي تلفهم | إلى شعب الأكوار من كل جانب |
إذا ما رأوا نارا يقولون ليتها | وقد خصرت أيديهم نار غالب |
أقول لركب رائحين لقيتهم | قفا ذات أوشال ومولاك غارب |
قفوا خبروني عن سليمان أنني | لأخباره من أهل ودان طالب |
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله | ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب |
وخير الشعر أكرمه رجالا | وشر الشعر ما قال العبيد |
إذا نبهت حوراء من رقدة الضحى | دعت وعليها درع خز ومطرف |
بأخضر من نعمان ثم جلت به | عذاب الثنايا طيبا حين يرشف |
إذا هن ساقطن الحديث كأنه | جنى النحل أو إبكار كرم يقطف |
يحدثن بعد اليأس من غير ريبة | أحاديث تشفي المدنفين وتسعف |
وإن نبهتهن الولائد بعدما | تصعد يوم الصيف أو كاد ينصف |
دعون بقضبان الأراك الذي جنى | لها الركب من نعمان أيام عرفوا |
لبسن الفرند الخسرواني دونه | مشاعر من خز العراق المغوف |
يبلغننا عنها بغير كلامها | إلينا من القطر البنان المطرف |
فيا ليتنا كنا بعيرين لا نرى | على منهل إلا نشل ونقدف |
بأرض خلاء وحدنا وثيابنا | من الريط والديباج درع وملحف |
ولا زاد إلا فضلتان سلافة | وأبيض من ماء الغمامة قرقف |
وأشلاء لحم من حبارى يصيدها | إذا نحن شئنا صاحب متألف |
إليك أمير المؤمنين رمت بنا | هموم المنى والهوجل المتعسف |
ومائرة الأعضاد صهب كأنما | عليها من الأين الجساد المدوف |
بدأنا بها من سيف رمل كهيلة | وفيها نشاط من مراح وعجرف |
فما برحت حتى تقارب خطوها | وبادت ذراها والمناسم رعف |
إذا اغبر آفاق السماء وكشفت | كسور بيوت الحي حمراء حجرف |
وجاء قريع الشول قبل أفالها | يزف وجاءت خلفه وهي زفف |
وباشر راعيها الصلا بلبانه | وكفيه حر النار ما يتحرف |
وأصبح موضوع الصقيع كأنه | على سردان النيب قطن مندف |
وقاتل سار كلب الحي عن نار أهله | ليربض فيها والصلا متكنف |
وجدت الثرا فينا إذا يبس الثرى | ومن هو يرجو فضله المتضيف |
وقد علم الجيران أن قدورنا | ضوامن للأرزاق والريح زفزف |
ترى حولهن المعتفين كأنهم | على صنم في الجاهلية عكف |
وما قام منا قائم في ندينا | فينطق إلا بالتي هي أعرف |
وإني من قوم بهم يتقى العدى | ورأي الثأى والجانب المتخوف |
وجدنا أعز الناس أكثرهم حصى | وأكرمهم من بالمكارم يعرف |
وكلتاهما فينا إلى حيث نلتقي | عصائب لاقى بينهن المعرف |
وجهل بحلم قد دفعنا جنونه | وما كاد لولا حلمنا يتزحلف |
رجحنا بهم حتى استثابوا حلومهم | بنا بعد ما كاد القنا يتقصف |
ومدت بأيديها النساء ولم يكن | لذي حسب عن قومه متخلف |
ولا عز إلا عزنا قاهر له | ويسألنا النصف الذليل فينصف |
وبالله لولا أن تقولوا تكاثرت | علينا تميم ظالمين وأسرفوا |
لما تركت كف تشير بإصبع | ولا تركت عين على الأرض تطرف |
ومنا الذي لا ينطق الناس عنده | ولكن هو المستأذن المتنصف |
تراهم قعودا عنده وعيونهم | مكسرة أبصارها ما تصرف |
إذا هبط الناس المحصب من منى | عشية يوم النحر هن حيث عرفوا |
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا | وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا |
فإنك أن تسعى لتدرك دارما | لأنت المعنى يا جرير المكلف |
وتقول كيف يميل مثلك للصبا | وعليك من عظة المشيب عذار |
والشيب ينهض في الشباب كأنه | ليل يصيح بجانبيه نهار |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 267
الفرزدق همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك، واسمه عرف سمى بذلك لجوده، وقيل غرف بالغين المعجمة والراء، ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر، أبو فراس الفرزدق التميمي المشهور صاحب جرير، كان أبوه غالب من جلة قومه ومن سراتهم وكنيته أبو الأخطل، ولم يكن بالبادية أحسن دينا من جده صعصعة، ولم يهاجر، وهو الذي أحيا الوئيدة وبه افتخر الفرزدق في قوله:
وجدي الذي منع الوائدات | فأحيا الوئيد ولم يوأد |
تميم بن زيد لا تكونن حاجتي | بظهر فلا يعيا علي جوابها |
وهب لي حنيسا واحتسب فيه منة | لعبرة أم لا يسوغ شرابها |
أتتني فعاذت يا تميم بغالب | وبالحفرة السافي عليها ترابها |
وقد علم الأقوام أنك ماجد | وليث إذا ما الحرب شب شهابها |
عجبت لعجل إذ تهاجي عبيدها | كما آل يربوع هجوا آل دارم |
إن الفرزدق والبعيث وأمه | وأبا البعيث لشر ما إستار |
لو أن جميع الناس كانوا بربوة | وجئت بجدي دارم وابن دارم |
لظلت رقاب الناس خاضعة لنا | سجودا على أقدامنا بالجماجم |
وكنت إذا نزلت بدار قوم | رحلت بخزية وتركت عارا |
هما دليلاني من ثمانين قامة | كما انقض باز أقتم الرأس كاسره |
فلما استوت رجلاي في الأرض قالتا | أحي فيرجى أم قتيل نحاذره |
فقلت: ارفعا الأسباب لا يشعروا بها | وأقبلت في أسباب ليل أحادره |
أحاذر بوابين قد وكلا بنا | وأسود من ساج تصر مسامره |
لقد ولدت أم الفرزدق شاعرا | فجاءت بوزوار قصير القوادم |
يوصل حبليه إذا جن ليله | ليرقى إلى جاراته بالسلالم |
تدليت تزني من ثمانين قامة | وقصرت عن باع العلا والمكارم |
هو الرجس يا أهل المدينة فاحذروا | مداخل رجس بالخبيثات عالم |
لقد كان إخراج الفرزدق عنكم | طهورا لما بين المصلى وواقم |
وإن حراما أن أسب مقاعسا | بآبائي الشم الكرام الخضارم |
ولكن نصفا لو سببت وسبني | بنو عبد شمس من مناف وهاشم |
أولئك أمثالي فجئني بمثلهم | وأعتد أن أهجو كليبا بدارم |
توعدني وأجلني ثلاثا | كما وعدت لمهلكها ثمود |
قل للفرزدق والسفاهة كاسمها | إن كنت تارك ما أمرتك فاجلس |
ودع المدينة إنها محبوبة | واقصد لمكة أو لبيت المقدس |
وإن اجتنيت من الأمور عظيمة | فخذن لنفسك بالعظيم الأكيس |
مروان إن مطيتي محبوسة | ترجو الحباء وربها لم ييأس |
وحبوتني بصحيفة مخبوءة | يخشى علي بها حباء النقرس |
الق الصحيفة يا فرزدق لا تكن | نكدا مثل صحيفة المتلمس |
كتبت إلي تستهدي الجواري | لقد أنعظت من بلد بعيد |
فلولا أن أمك كان عمي | أباها كنت أخرس بالنشيد |
قد ولدت بعد الفرزدق حامل | ولا ذات بعل من نفاس تعلت |
هو الوافد الميمون والراتق الثائي | إذا النعل يوما بالعشيرة زلت |
وما نحن إلا مثلهم غير أننا | أقمنا قليلا بعدهم وتقدموا |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 27- ص: 0
همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن عوف بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر التميمي، أبو فراس المعروف بالفرزدق الشاعر المشهور: كان جده صعصعة عظيم القدر في الجاهلية، وكان افتدى ثلاثمائة موءودة إلى أن جاء الله عز وجل بالإسلام، وكان أبوه غالب من سراة قومه ورئيسهم، وكان الفرزدق كثير التعظيم لقبر أبيه فما جاءه أحد واستجار به إلا نهض معه وساعده على بلوغ غرضه.
حدث أبو عبد الله محمد بن سلام الجمحي قال: سمعت يونس بن حبيب يقول: ما شهدت مشهدا قط ذكر فيه جرير والفرزدق وأجمع أهل المجلس على أحدهما، وكان يونس يقدم الفرزدق ويقول: ما كان بالبصرة مولد مثله .
ولما هرب الفرزدق من زياد بن أبيه حين هجا بني نهشل، فاستعدوا زيادا عليه، قدم المدينة واستجار بسعيد بن العاص فأجاره، وكان الحطيئة وكعب بن جعيل
عند سعيد لما دخل الفرزدق عليه فأنشده الفرزدق:
ترى الغر الجحاجح من قريش | إذا ما الأمر في الحدثان عالا |
بني عم النبي ورهط عمرو | وعثمان الألى غلبوا فعالا |
قياما ينظرون إلى سعيد | كأنهم يرون به هلالا |
عجبت لعجل إذ تهاجي عبيدها | كما آل يربوع هجوا آل دارم |
ان الفرزدق والبعيث وأمه | وأبا البعيث لشر ما استار |
فيا عجبا حتى كليب تسبني | كأن أباها نهشل ومجاشع |
ليس الكرام بمانحيك أباهم | حتى ترد إلى عطية تعتل |
وكنا إذا الجبار صعر خده | ضربناه حتى تستقيم الأخادع |
وكنت كذئب السوء لما رأى دما | بصاحبه يوما أحال على الدم |
وان تنج مني تنج من ذي عظيمة | وإلا فاني لا إخالك ناجيا |
ترى كل مظلوم إلينا فراره | ويهرب منا جهده كل ظالم |
أحلامنا تزن الجبال رزانة | وتخالنا جنا إذا ما نجهل |
أروني من يقوم لكم مقامي | إذا ما الأمر جل عن الخطاب |
فجعنا بحمال الديات ابن غالب | وحامي تميم كلها والبراجم |
بكيناك حدثان الفراق وإنما | بكيناك شجوا للأمور العظائم |
فلا حملت بعد ابن ليلى مهيرة | ولا شد أنساع المطي الرواسم |
لعمري لقد أشجى تميما وهدها | على نكبات الدهر موت الفرزدق |
لقد غيبوا في اللحد من كان ينتمي | إلى كل بدر في السماء محلق |
لتبك النساء المعولات ابن غالب | لجان وعان في السلاسل موثق |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 6- ص: 2785
الفرزدق أبو فراس همام بن غالب التميمي شاعر عصره، أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية التميمي، البصري.
أرسل عن: علي.
ويروي عن: أبي هريرة، والحسين، وابن عمر، وأبي سعيد، وطائفة.
وعنه: الكميت، ومروان الأصفر، وخالد الحذاء، وأشعث الحمراني، والصعق بن ثابت، وابنه؛ لبطة، وحفيده؛ أعين بن لبطة.
وفد على الوليد، وعلى سليمان، ومدحهما.
ونظمه في الذروة.
كان وجهه كالفرزدق، وهي الطلمة الكبيرة.
فقيل: إنه سمع من علي، فكان أشعر أهل زمانه مع جرير والأخطل النصراني.
ومات معه في سنة عشر ومائة من الأعيان مع الحسن البصري:
أبو بكر محمد بن سيرين، وأبو الطفيل عامر بن واثلة - في قول - وجرير بن الخطفى التميمي الشاعر، ونعيم بن أبي هند الأشجعي الكوفي، وإبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التميمي.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 5- ص: 352
الفرزدق، أبو فراس الشاعر. له رواية عن الصحابة.
ضعفه ابن حبان، فقال: كان قذافا للمحصنات فيجب مجانبة روايته.
قلت: قل ما روى
دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان-ط 1( 1963) , ج: 3- ص: 345
الفرزدق، أبو فراس الشاعر: قال ابن حبان: كان قذافاً للمحصنات، قبحت مخابثه روايته.
مكتبة النهضة الحديثة - مكة-ط 2( 1967) , ج: 1- ص: 317
الفرزدق بن غالب الشاعر يكنى أبا فراس
يروي عن ابن عمر وأبي هريرة قال ابن حبان كان هتاكاً للحرم وقذافا للمحصنات فتجب مجانبة روايته
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1986) , ج: 3- ص: 1