ابن التلميذ هبة الله بن صاعد بن (هبة الله بن) ابراهيم، أبو الحسن، امين الدولة، موفق الملك، المعروف بابن التلميذ: حكيم، عالم بالطب والادب. له شعر، كله ملح ولطائف وابتكارات، في بيتين او ثلاثة، وترسل جيد. مولده ووفاته ببغداد. عمر طويلا. وخدم الخلفاء من بني العباس. وانتهت اليه رياسة الاطباء في العراق. وكان عارفا بالفارسية واليونانية والسريانية. وتولى البيمارستان العضدي إلى ان توفى. وكان رئيس النصارى ببغداد وقسيسهم. وهو صاحب الابيات المشهورة، التي اولها:
بزجاجتين قطعت عمري | وعليهما عولت دهر |
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 72
ابن التلميذ هبة الله بن صاعد أمين الدولة.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 10- ص: 0
ابن التلميذ الطيب هبة الله بن صاعد بن هبة الله بن إبراهيم أمين الدولة، أبو الحسن ابن التلميذ النصراني البغدادي، شيخ الطب ببغداد وبقراط عصره، بالغ العماد في ذكره في الخريدة، و هو أخو أبو الفرج معتمد الملك يحيى بن صاعد ابن التلميذ، وسيأتي ذكره في حرف الياء إن شاء الله تعالى، وكان في المارستان العضدي إلى أن مات سنة ستين وخمسمائة، وكان يكتب خطا منسوبا خبيرا باللسان السرياني والفارسي واللغة العربية، وله نظم رائق وترسل حسن كثير، ووالده أبو العلاء صاعد طبيب مشهور، وكان أمين الدولة وأبو البركات أوحد الزمان في خدمته المستضيء بأمر الزمان، أدخل إليه برجل منزف يعرق دما في الصيف، فسأل تلاميذه وكانوا قدر خمسين، فلم يعرفوا المرض، فأمره أن يأكل خبز شعير مع باذنجان مشوي، ففعل ذلك ثلاثة أيام، فبرئ، فسأله أصحابه عن ذلك، فقال: إن دمه رق ومسامه تفتحت وهذا الغذاء من شانه تغليظ الدم وتكثيف المسام، وأحضرت إليه امرأة محمولة لا يعلم أهلها أهي في الحياة أم ميتة، فأمر بتجريدها من ثيابها وكان الزمان شتاء وصب الماء البارد عليها صبا متتابعا، ثم أمر بنقلها إلى مجلس دفيء قد بخر بالعود ودثر بأصناف الفراء، فعطست، ثم تحركت، ثم قعدت وخرجت مع أهلها ماشية، واستأذنت عليه امرأة ومعها صبي صغير، فقال لها: هذا صبيك به حرقة البول وهو يبول الرمل؟ فقالت: نعم، فسألوه عن ذلك، فقال: رأيته يولع بإحليله ويحكه وأنامل يديه مشققة. ولما أعطي رياسة الطب ببغداد اجتمع عنده سائر الأطباء ليرى ما عندهم، وكان من جملة من حضر شيخ له هيبة ووقار وكان الشيخ دربة وليس له علم، فلما انتهى الأمر إليه قال له: ما للشيخ لا يشارك الجماعة فيما يجثون فيه حتى نعلم ما عنده؟ فقال: كل شيء يتكلمون فيه أنا أعرفه؟ فقال له: على من قرأت؟ فقال له: إذا صار الإنسان إلى هذا السن ما يليق به أن يسأل إلا كم له من التلاميذ وأما مشائخي فقد ماتوا، قال: فما قرأت من الكتب؟ قال: سبحان الله صرنا إلى حد ما يسأل عنه الصبيان سيدي يسألني عما صنفته ولا بد أن أعرفك بنفسي، ثم إنه نهض إليه ودنا منه وقال له سرا: اعلم أنني شخت وأنا أوسم بهذه الصناعة وما عندي منها إلا معرفة اصطلاحات مشهورة في المداواة وعمري أتكسب بها وعندي عائلة، فسألتك بالله سيدنا مشي حالي ولا تفضحني بين الجماعة، فقال له أمين الدولة: على شريطة أنك لا تهجم على مرض بما لم تعلمه، فقال: نعم، فقال له أمين الدولة: يا شيخ اعذرنا فما كنا نعرفك وأنت مستمر على حالك، ثم إنه شرع يتحدث مع غيره، وقال لآخر: على من قرأت؟ فقال: على هذا الشيخ، وأنا من تلاميذه، ففهم أمين الدولة وتبسم، وكتب إليه مؤيد الدين الطغرائي:
يا سيدي والذي مودته | عندي روح يحيا بها الجسد |
من أمل الظهر استغثت وهل | يألم ظهر إليك يستند |
أعوم في بحرك علي أرى | فيه لما أطلبه قعرا |
فما أرى فيه سوى موجة | تدفعني عنها إلى أخرى |
لنا صديق يهودي حماقته | إذا تكلم تبدو فيه من فيه |
يتيه والكلب أعلى منه منزلة | كأنه بعد لم يخرج من التيه |
أبو الحسن الطبيب ومقتفيه | أبو البركات في طرفي نقيض |
فهذا بالتواضع في الثريا | وهذا بالتكبر في الحضيض |
ما واحد مختلف السماء | يعدل في الأرض وفي السماء |
يحكم بالقسط بلا رياء | أعمى يري الإرشاد كل رائي |
أخرس لا من علة وداء | يغني عن التصريح بالإيماء |
يجيب إن ناداه ذو امتراء | بالرفع أو بالخفض في النداء |
أشكو إلى الله صاحبا شكسا | تسعفه النفس وهو يعسفها |
فنحن كالشمس والهلال معا | تكسبه النور وهو يكسفها |
يا من رماني عن قوس فرقته | بسهم هجر غلا تلافيه |
إرض لمن غاب عنك غيبته | فذاك ذنب عقابه فيه |
لو لم ينله من العقاب سوى | بعدك عنه لكان يكفيه |
عاتبت إذ لم يزرخيالك والنـ | ـ وم بشوقي إليك مسلوب |
فزارني منعما وعاتبني | كما يقال المنام مقلوب |
كانت بلهنية الشبيبة سكرة | فصحوت واستأنفت سيرة مجمل |
وقعدت أنتظر الفناء كراكب | عرف المحل فنام دون المنزل |
جاد واستنقذ المريض وقد كا | د ضنى أن يلف ساقا بساق |
والذي يدفع المنون عن النفـ | ـ س جدير بقسمة الأرزاق |
إن امرؤ القيس الذي | هام بذات المحمل |
كان شفاه عبرة | وعبرة تصلح لي |
وإذا شئت أن تصالح بشا | ر بن برد فاطرح عليه أباه |
جوده كالطبيب فينا يداوي | سوء أحوالنا بحسن الصنيع |
فهو كالموميا إذا انكسر العظـ | ـ م ومثل الترياق للملسوع |
حبي سعيدا جوهر ثابت | وحبه لي عرض زائل |
به جهاتي الست مشغولة | وهو إلى غيري بها مائل |
تقسم قلبي في محبة معشر | بكل فتى منهم هواي منوط |
كأن فؤادي مركز وهم له | محيط وأهوائي إليه خطوط |
والوقت أنفس ما عنيت به | وأراه أسهل ما عليك يضيع |
تعس القياس فللغرام قضية | ليست على نهج الحجى تنقاد |
منها بقاء الشوق وهو بزعمهم | عرض وتفنى دونه الأجساد |
أكثرت حسو البيض حت | ى يستقيم قيام أيرك |
مالا يقوم ببيضتي | ك فلا يقوم ببيض غيرك |
بزجاجتين قطعت عمري | وعليهما عولت دهري |
بزجاجة ملئت بحبر | وزجاجة ملئت بخمر |
فبذي أثبت حكمتي | وبذي أزيل هموم صدري |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 27- ص: 0
هبة الله بن صاعد بن هبة الله بن إبراهيم بن علي موفق الملك أمين الدولة أبو الحسن بن أبي العلاء المعروف بابن التلميذ البغدادي الطبيب الحكيم الأديب:
كان واحد عصره في صناعة الطب متفننا في علوم كثيرة، حكيما أديبا شاعرا مجيدا، وكان يكتب خطا منسوبا في نهاية الحسن، وكان عارفا بالفارسية واليونانية والسريانية متضلعا بالعربية، وله النظم والنثر الفائق، ونثره أجود من شعره، وكان ساعور البيمارستان العضدي، تولاه إلى أن توفي، وكان حاذقا في المباشرة والمعالجة موفقا في صناعته، خدم الخلفاء من بني العباس وتقدم عندهم وعلت مكانته لديهم، وعمر طويلا، نبيه الذكر جليل القدر معروف المكانة، وكان مقدم النصارى في بغداد ورأسهم ورئيسهم وقسيسهم، وكان حسن العشرة كريم الأخلاق ذا مروءة وسخاء، حلو الشمائل كثير النادرة، وكان يميل إلى صناعة الموسيقى ويقرب أهلها، وكانت دار القوارير.. بغداد من اقطاعه، فلما ولي يحيى بن هبيرة الوزارة حلها وأخذها منه، فحضر ابن التلميذ يوما عند الخليفة المقتفي على عادته، فلما أراد الانصراف عجز عن القيام وكان قد ضعف من الكبر، فقال له المقتفي: كبرت يا حكيم، قال: نعم كبرت وتكسرت قواريري، وهذا مثل يتماجن به أهل بغداد، فقال الخليفة رجل عمر في خدمتنا وما تماجن قط بحضرتنا فلهذا التماجن سر ثم فكر ساعة وسأل عن دار القوارير فقيل له: قد حلها الوزير وأخذها منه، فأنكر عليه المقتفي أخذها إنكارا شديدا وردها على ابن التلميذ وزاده إقطاعا آخر.
وكان ابن التلميذ هو وأوحد الزمان أبو البركات هبة الله المعروف بابن ملكا في خدمة المستضيء بأمر الله، وكان بينهما شنآن وعداوة، فأراد أوحد الزمان أن يوقع ابن التلميذ في تهلكة، فكتب رقعة يذكر فيها عن ابن التلميذ عظائم لا تصدر عن مثله، ووهب لبعض خدم القصر مالا ورغب إليه أن يلقي الرقعة في مجلس من مجالس الخليفة ففعل، فلما أخذ الخليفة الرقعة وقرأها هم أن يوقع بأمين الدولة، فأشير عليه أن يتبصر ويستقصي عن ذلك، فأخذ يقرر من يتهمه من الخدم عن الرقعة فظهر الأمر، وعلم أن ذلك تدبير أوحد الزمان لإهلاك ابن التلميذ، فغضب وأباح أمين الدولة ابن التلميذ دم أوحد الزمان وماله وكتبه، فكان من كرم أخلاق أمين الدولة أنه لم يتعرض له بسوء وصفح عنه، غير أنه قال فيه:
لنا صديق يهودي حماقته | إذا تكلم تبدو فيه من فيه |
يتيه والكلب أعلى منه منزلة | كأنه بعد لم يخرج من التيه |
لو دان يحسن غصن البان مشيتها | تأودا لحكاها غير محتشم |
في صدرها كوكبا نور أقلهما | ركنان ما لمسا من كف مستلم |
صانتهما في حرير من غلائلها | فتلك في الحل والركنان في الحرم |
أبصره عاذلي عليه | ولم يكن قبل ذا رآه |
فقال لي لو عشقت هذا | ما لامك الناس في هواه |
قل لي إلى من عدلت عنه | وليس أهل الهوى سواه |
فظل من حيث ليس يدري | يأمر بالعشق من نهاه |
لا تعجبوا من حنين قلبي | اليهم واعذروا غرامي |
فالقوس مع كونها جمادا | تئن من فرقة السهام |
لولا حجاب أمام النفس يمنعها | عن الحقيقة فيما كان في الأزل |
لأدركت كل شيء عز مطلبه | حتى الحقيقة في المعلول والعلل |
العلم للرجل اللبيب زيادة | ونقيصة للأحمق الطياش |
مثل النهار يزيد أبصار الورى | نورا ويعمي مقلة الخفاش |
دار الغرب الإسلامي - بيروت-ط 0( 1993) , ج: 6- ص: 2771
ابن التلميذ قسيس النصارى، وبقراط وقته، أمين الدولة، أبو الحسن، هبة الله ابن صاعد، المسيحي الطبيب، صاحب التصانيف.
كان كثير الأموال والتجمل، وعاش أربعا وتسعين سنة.
مات سنة ستين وخمس مائة.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 15- ص: 131