نصيب الاصغر نصيب، مولى المهدي: شاعر مجيد، من الموالي السود. من بادية اليمامة. يقال له (نصيب الاصغر) للتمييز بينه وبين الذي قبله. كنيته أبو الحجناء. عرض على المهدي العباسي، قبل ان يلي الخلافة، واستنشده، فأنشده من شعره، فأعجب به وقال: والله ما هو بدون نصيب مولى بني مروان (السابقة ترجمته) فاشتراه، ثم اعتقه (هو، او ابنه موسى الهادي) في خبر طويل. وهو صاحب البيت المشهور:
ما لقينا من جود فضل بن يحيى | جعل الناس كلهم شعرا! |
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 32
نصيب الأصغر نصيب الأصغر، مولى المهدي، كان قد نشأ باليمامة فاشتراه المهدي، فلما سمع شعره قال: والله ما هو بدون نصيب بني مروان، وأعتقه وزوجه أمة وكناه أبا الحجناء، وأقطعه ضيعة بالسواد وعمر بعده، ومدح هارون الرشيد بقوله:
أللبين يا ليلى جمالك ترحل | ليقطع منا البين ما كان يوصل |
تعللنا بالوعد ثمت تلتوي | بموعدها حتى يموت المعلل |
فلا الحبل من ليلى يؤاتيك وصله | ولا أنت تنهى القلب عنها فيذهل |
خليلي إني ما يزال يشوقني | قطين الحمى والظاعن المتحمل |
فأقسمت لا أنسى ليالي منعج | ولا مأسل إذ منزل الحي مأسل |
أمن أجل آيات ورسم كأنه | بقية وحي أو كتاب مفصل |
فيا أيها الزنجي مالك والصبى | أفق عن طلاب البيض إن كنت تعقل |
فمثلك من أحبوشة الزنج قطعت | رسائل أسباب بها يتوصل |
قصدنا أمير المؤمنين ودونه | مهامه موماة من الأرض مجهل |
على أرحبيات طوى السر فانطوت | شمائلها مما تحل وترحل |
إذا انبلج البابان والستر دونه | بدا مثلما يبدو الأغر المحجل |
شريكان فينا منه عين بصيرة | كلوء وقلب حافظ ليس يغفل |
فما فات عينيه رعاه بقلبه | وآخر ما يرعى سواء وأول |
وما نازعت فينا أمورك هفوة | ولا خطل في الرأي والرأي يخطل |
لئن نال عبد الله قبل خلافة | لأنت من العهد الذي نلت أفضل |
إذا اشتبهت أعقابه بينت له | معارف في أعجازه وهو مقبل |
وما زادك الملك الذي نلت بسطة | ولكن بتقوى الله أنت مسربل |
ورثت رسول الله عضوا ومفصلا | وذا من رسول الله عضو ومفصل |
على ثقة منا تحن قلوبنا | إليك كما كنا أباك نؤمل |
إذا ما رهبنا من زمان ملمة | فليس لنا إلا عليك معول |
تأوبني ثقل من الهم موجع | فأرق عيني والخليون هجع |
همومي توالت لو أطاف يسيرها | بسلمى لظلت صمها تتصدع |
ولكنها نيطت فناء بحملها | جهير المنايا حائن النفس مجزع |
وعادت بلاد الله ظلماء حندسا | فخلت دجى ظلمائها لا تقشع |
إليك أمير المؤمنين ولم أجد | سواك مجيرا يدني ويمنع |
تلمست هل من شافع لي فلم أجد | سوى رحمة أعطاكها الله تشفع |
لئن جلت الأجرام مني وأفظعت | لعفوك من جرمي أجل وأوسع |
لئن لم تسعني يا ابن عم محمد | فما عجزت مني وسائل أربع |
طبعت عليها صبغة ثم لم تزل | على صالح الأخلاق والدين تطبع |
تغابيك عن ذي الذنب ترجو صلاحه | وأنت ترى ما كان يأتي ويصنع |
وعفوك عمن لو تكون جزيته | لطارت به في الجو نكباء زعزع |
وإنك لا تنفك تنعش عاثرا | ولم تعترضه حين يكبو ويخمع |
وحلمك عن ذي الجهل من بعدما جرى | به عنق من طائش الجهل أشنع |
ففيهن لي إما شفعن منافع | وفي الأربع الأولى إليهن أفزع |
مناصحتي بالفعل إن كنت نائبا | إذا كان دان منك بالقول يخدع |
وثانية ظني بك الخير عادة | وإن قلت عبد ظاهر الغش مشبع |
وتالثة إني على ما هويته | وإن كثر الأداء في وشنعوا |
ورابعة إني إليك يسوقني | ولائي تولاك الذي لا يضيع |
وإني لمولاك الذي إن حفيته | أتى مستكينا خاضعا يتضرع |
أأذن الحي فانصاعوا بترحال | فهاج بينهم شوقي وبلبالي |
ما زلت تبذل لي الأموال مجتهدا | حتى لأصبحت ذا أهل وذا مال |
زوجتني يا ابن خير الناس جارية | ما كان أمثالها يهدى لأمثالي |
زوجتني بضة بيضاء ناعمة | كأنها درة في كف لآل |
حتى توهمت أن الله عجلها | يا ابن الخلائف لي من خير أعمال |
فسألني سالم ألفا فقلت له | أنى لي الألف يا قبحت من سال |
هيهات ألفك إلا أن أجيء بها | من فضل مولى لطيف المن مفضال |
نصيب مولى المهدي: أصله عبد من بادية اليمامة عرض على المهدي وهو إذ ذاك ولي عهد فاستنشده فأنشده فقال: والله ما هو بدون نصيب مولى بني مروان، فاشتراه، ولما ولي الخلافة أرسله إلى اليمن في شراء إبل مهرية، وكتب إلى عامل اليمن أن يعجل له بعشرين ألف دينار لذلك، فأخذ نصيب ينفق من المال في الأكل والشرب واللهو وشراء الجواري، فكتب بذلك إلى المهدي، فأمر بحمله إليه موثقا بالحديد بعد أن حبس مدة باليمن، فلما أدخل على المهدي أنشده قصيدة طويلة يستعطفه بها أولها:
تأوبني ثقل من القيد موجع | فأرق عيني والخليون هجع |
هموم توالت لو ألم يسيرها | بعجزاء ظلت صمة تتصدع |
إليك أمير المؤمنين ولم أجد | سواك مجيرا منك ينجي ويمنع |
تلمست هل من شافع لي فلم أجد | سوى رحمة أعطاكها الله تشفع |
لئن لم تسعني يا ابن عم محمد | فما عجزت عني وسائل أربع |
طبعت عليها صبغة ثم لم تزل | على صالح الأخلاق والدين تطبع |
تغاضيك عن ذي الذنب ترجو صلاحه | وأنت ترى ما كان يأتي ويصنع |
وعفوك عمن لو تكون جزيته | لطارت به في الجو نكباء زعزع |
وأنك لا تنفك تنعش عاثرا | ولم تعترضه حين يكبو ويخمع |
وحلمك عن ذي الجهل من بعد ما جرى | به عنق من طائش الجهل أشنع |
طرقتك مية والمزار شطيب | ونأتك بالهجران وهي قريب |
لله مية خلة لو أنها | تجزي الوداد بودها وتثيب |
إذ للشباب عليك من ورق الصبا | ظل واذ غصن الشباب رطيب |
طرب الفؤاد ولات حين تطرب | إن الموكل بالصبا لطروب |
وتقول مية ما لمثلك والصبا | واللون أسود حالك غربيب |
شاب الغراب وما أراك تشيب | وطلابك البيض الحسان عجيب |
والبرمكي وإن تقارب سنه | أو باعدته السن فهو نجيب |
خرق العطاء إذا استهل عطاؤه | لا متبع منا ولا محسوب |
يا آل برمك ما رأينا مثلكم | ما منكم إلا أغر وهوب |
وإذا بدا الفضل بن يحيى هبته | لجلاله إن الجلال مهيب |
شمنا لديك مخيلة لا خلبا | في الشيم إذ بعض البروق خلوب |
إنا على ثقة وظن صادق | مما نؤمله فليس نخيب |