ابن بصاقة نصر الله بن هبة الله بن محمد بن عبد الباقي الغفاري، أبو الفتح، المعروف بابن بصاقة: كاتب مترسل، من الشعراء. ولد بقوص، وقرأ الادب بمصر والشام. وولى كتابة الانشاء في الديار المصرية، فكان خصيصا بالمعظم عيسى، ثم بأبنه الناصر داود. وتوفى بدمشق. كان اكتب أهل زمانه، واجودهم ترسلا، واطولهم باعا في الادب. له (ديوان شعر) ورسائل.
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 31
ابن بصاقة فخر القضاة نصر الله بن هبة الله.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 10- ص: 0
ابن بصاقة الحنفي نصر الله بن هبة الله بن أبي محمد بن عبد الباقي فخر القضاة أبو الفتح بن بصاقة الغفاري المصري الحنفي الناصري الكاتب شاعر كاتب ماهر، كان خصيصا بالمعظم عيسى، ثم بابنه الناصر داود، توجه معه إلى بغداد. ولد بقوص سنة تسع وسبعين وخمسمائة، وتوفي سنة خمسين وستمائة بدمشق، وقد تقدم في ترجمة الناصر داود ما كتبه على أبيات الناصر الجيمية. ومن شعره في المحفة المحمولة على البغال:
وحاملة محمولة غير أنها | إذا حملت ألقت سريعا جنينها |
وأكثر ما تحويه يوما وليلة | وتضجر منه أن يدوم قرينها |
منعمة لم ترض خدمة نفسها | فغلمانها من حولها يخدمونها |
لها جسد ما بين روحين يغتدي | فلولاهما كان الترهب دينها |
وقد شبهت بالعرش في أن تحتها | ثمانية من فوقهم يحملونها |
ومولودة لا روح فيها وإنها | لتقبل نفخ الروح بعد ولادها |
وتسمو على الأقران في حومة الوغى | ولكن سموا لم يكن بمرادها |
إذا جمعت فالنقص يعرو حروفها | ولكنها تزداد عند انفرادها |
وأبيض وضاح الجبين صحبته | فأحسن حتى ما أقوم بشكره |
إذا خذلتني أسرتي وتقاعدت | أخلاي عن نصري حباني بنصره |
يواصلني في شدتي منه قاطع | يخفف عني في رجائي بهجره |
شددت يدي منه على قائم بما | أكلفه يلقى الأعادي بصدره |
صبور على الشكوى فلو دست خده | على رقة فيه وثقت بصبره |
إذا نابني خطب جليل ندبته | فيهتز منه مستقل بأمره |
يخف غداة الروع مهما نهرته | فيغرق في بحر العجاج بنهره |
ويمضي إذا أرسلته في مهمة | فما يتلقاني مقيما لعذره |
غدا فاخرا بين الأنام بحده | وراح أبيا عن أبيه بفخره |
فغص خلفه إن كنت تؤثر كشفه | ولا تدعي التقصير عن طول بحره |
فها أنا عنه قد كشفت لأنني | حلفت له أن لا أبوح بسره |
ولي صاحب قد كمل الله خلقه | وليس به نقص يعاب فيذكر |
عصي ثقيل إن أطيل عنانه | مطيع خفيف الكل حين يقصر |
يسابقني يوم النزال إلى العدى | فإن لم أؤخره فما يتأخر |
ويؤمن منه الشر ما دام قائما | ولكن إذا ما نام يخشى ويحذر |
أنال به في الروع مهما اعتقلته | مراما إذا أطلقته يتعذر |
تعدى على أعدائه متنصلا | إليهم وما أبدى اعتذارا فيعذر |
ترى منه أميا إلى الخط ينتمي | ومغرى بغزو الروم وهو مزنر |
عجبت له من صامت وهو أجوف | ومن مستطيل الشكل وهو مدور |
ومن طاعن في السن ليس بمنحن | ومن أرعن مذ عاش وهو موقر |
ففكر إذا ما رمت إفشاء سره | فها أنا قد أظهرته وهو مضمر |
ومنصوبة مرفوعة قد نصبتها | ولكنه رفع يؤول إلى خفض |
تعين على حر الزمان وبرده | بلا حسب زاك ولا كرم محض |
وتصبح للاجي إليها وقاية | لبعض الأذى الطاري على الجسم لا العرض |
تقوم على رجلين طورا وتارة | تقوم على رجل بلا عرج منض |
إذا حضرت كانت عقيلة خدرها | وإن تبد لم تلزم مكانا من الأرض |
قصدت كريما خيمه ليبينها | وقصد الكريم الخيم من جملة الفرض |
أيا سيدا ما رام جدواه طالب | فعاد ولم يظفر بأقصى مطالبه |
أبن لي عن الجمع الذي إن ذكرته | تخاطب من خاطبته بمعايبه |
أمولاي إني مذ رأيتك ساكنا | على نهر عيسى لم أزل دائم الفكر |
لأنك بحر بالمكارم زاخر | ومن عجب أن يسكن البحر في النهر |
ومليح جاءنا يشطح في صدر نهار | وهو في مبدأ شكر وعقابيل خمار |
فسقيناه إلى أن أظلم الليل لسار | ثم لما نام قمنا وركبنا في عشاري |
وجذبنا في لبان ودفعنا بمداري | فصبحناه بكاس وغبقناه بعار |
أليس من المغايظ أن مثلي | يقضي العمر في فن الكتابه |
فيؤمر بعد ذلك باجتناب | لها فيرى الخطوب عن الخطابه |
ويطلب منه أن يبقى أميرا | يسدد نحو من يلقى حرابه |
وحقك ما أصابوا في حديثي | ولا لي إن ركبت لهم إصابه |
لما مدحت الإمام أرجو | ما نال غيري من المواهب |
أجدت في مدحه ولكن | عدت بجدي العثور خائب |
فقال لي ما مدحوه لما | فازوا وما فزت بالرغائب |
لم أنت فينا بغير عين | قلت لأني بغير حاجب |
وعلق نفيس تعلقته | فزار على خلوة وارتياع |
ولم يبق في المرد إلا كما | يقال على أكلة والوداع |
فعاجلته عن دخول الكنيف | بشح مطاع ورأي مضاع |
فغرقني منه نوء البطين | ورواه مني نوء الذراع |
على ورد خديه وآس عذاره | يليق بمن يهواه خلع عذاره |
وأبذل جهدي في مداراة قلبه | ولولا الهوى يقتادني لم أداره |
أرى جنة في خده غير أنني | أرى جل ناري شب من جلناره |
كغصن النقا في لينه واعتداله | ورئم الفلا في جيده ونفاره |
سكرت بكأس من رحيق رضابه | ولم أدر أن الموت عقبى خماره |
لو شرحت الذي وجدت من الوجـ | ـ د عليكم أمللتكم ومللت |
فلهذا خففت عنكم ولو شئـ | ـ ت أن أطيل أطلت |
غير أن العبيد تحمل عن قلـ | ـ ب الموالي وهكذا قد فعلت |
بليت بنحوي يخالف رأيه | أوانا فيجزيني على المدح بالمنع |
تعجبت من واو تبدت بصدغه | ولم يحظني منها بعطف ولا جمع |
ومن ألف في قده قد أمالها | عن الوصل لكن لم يملها عن القطع |
أياد سمت آثارها السحب فاغتدت | تعاب إذا ما شبهت بالسحائب |
فما الوعد منه بالطويل ولا ترى | مداه على حاكيه بالمتقارب |
سيوف إذا صلت سجدن رؤوسهم | لآثار خيل شبهت بالمحارب |
عفا الله عما قد جنته يد الدهر | فقد بذل المجهود في طلب العذر |
أيحسن أن أشكو الزمان الذي غدت | صنائعه عندي تجل عن الشكر |
لقد كنت في أسر الخمول فلم يزل | بتدريجه حتى خلصت من الأسر |
فشكرا لأيام وفت لي بوعدها | وأبدت لعيني فوق ما جال في فكري |
وكم ليلة قد بتها معسرا ولي | بزخرف آمالي كنوز من اليسر |
أقول لقلبي كلما اشتقت للغنى | إذا جاء نصر الله تبت يد الفقر |
وإن جئته بالمدح يلقاك باللهى | فكم مرة قد قابل النظم بالنثر |
ويهتز للجدوى إذا ما مدحته | كما اهتز حاشى وصفه شارب الخمر |
ولو أنني وافيت غيرك مادحا | لتممت نقصى بالحماقة والفشر |
وأعطيت نفسي عنده فوق حقها | من الكبر لكن ليس ذا موضع الكبر |
وكل امرئ لا يحسن العوم غارق | إذا ما رماه الجهل في لجة البحر |
لمثلها كان رجاي انظرك | فأدرك فتى من الخطوب في درك |
لم أخش خذلانا وأنت ناصري | وإنما يخذل من لا استنصرك |
عليك يا فخر القضاة عمدتي | فانظر إلي لا عدمت نظرك |
واسأل كما عودتني عن خبري | بلفظك المعهود حتى أخبرك |
هيهات أن أشرح ما قد حل بي | إن لم يقل حلمك لا تخش درك |
مثلك من قام بنصر عاشق | مثلي إن العشق أمر مشترك |
فقل لطرف بات منك بات هاجعا | يا طرف لا تنس قديما سهرك |
وناد قلبا قد تناسى وجده | يا قلب خف ذاك الجفا أن يذكرك |
ولا يغرنك إمهال الهوى | فالحب قد يأخذ بعدما ترك |
إياك أن تهزأ بالعشق فقد | أعذرك الأن به من أنذرك |
جار علي الدهر في أحكامه | فليته في العدل يقفو أثرك |
تم على العبد وأنت هاهنا | ما لا يتم لو تكون في الكرك |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 27- ص: 0