ابن الاثير الكاتب نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني، الجزري، أبو الفتح، ضياء الدين، المعروف بابن الاثير الكاتب: وزير، من العلماء الكتاب المترسلين. ولد في جزيرة ابن عمر، وتعلم بالموصل حيث نشأ اخواه المؤرخ (علي) والمحدث (المبارك). واتصل بخدمة السلطان صلاح الدين، وولى الوزارة للملك الافضل ابن صلاح الدين في دمشق. ولم تحمد سياسته، فخرج منها مستخفيا في صندوق مقفل. ثم انتقل إلى خدمة الملك الظاهر غازي (صاحب حلب) (سنة 607هـ) ولم تطل اقامته فيها. وتحول إلى الموصل، فكتب الانشاء لصاحبها محمود بن عز الدين مسعود، فبعثه رسولا في اواخر ايامه إلى الحليفة، فمات ببغداد. كان قوي الحافظة، من محفوظاته شعر أبي تمام والمتنبي والبحتري. ومن تآليفه (المثل السائر في ادب الكاتب والشاعر -ط) و (المعاني المخترعة) في صناعة الانشاء، و (الوشي المرقوم في حل المنظوم -ط) و (الجامع الكبير -ط) في صناعة المنظوم والمنثور، ادب، و (البرهان في علم البيان -خ) و (ديوان رسائل-خ).

  • دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 31

ابن الأثير ضياء الدين صاحب المثل نصر الله بن محمد بن محمد.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 6- ص: 0

ضياء الدين بن الأثير نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني، ابن الأثير ضياء الدين أبو الفتح الجزري، أحد الإخوة، وقد مر ذكر أخويه عز الدين ومجد الدين في مكانيهما، وكانت بينه وبين أخيه عز الدين مجانبة شديدة ومقاطعة. ولد هذا ضياء الدين بالجزيرة، ونشأ بها، وانتقل مع والده إلى الموصل، واشتغل وحصل العلوم وحفظ القرآن وشيئا من الحديث وطرفا من النحو واللغة وعلم المعاني والبيان، ولم حصل هذه الأدوات، قصد الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وكان شابا، فاستوزره لولده الأفضل علي، وحسنت حاله عنده، ولما توفي السلطان واستقل ولده الأفضل علي، بالملك وأقام بدمشق استقل ضياء الدين بالوزارة، واعتمد عليه في جميع المصالح، ولما أخذت دمشق من الأفضل، وانتقل إلى صرخد، كان ضياء الدين قد أساء المعاملة إلى أهل دمشق، فهموا بقتله، فأخرجه الحاجب محاسن بن عجم مستخفيا في صندوق مقفلا عليه، ثم صار إليه وصحبه إلى مصر لما استدعي الأفضل لنيابة ابن أخيه الملك المنصور، ولما قصد العادل مصر وأخذها من ابن أخيه خرج الأفضل من مصر ولم يخرج ضياء الدين معه خوفا على نفسه من جماعة كانوا يقصدونه، فخرج منها متسترا وغاب عن الأفضل مديدة، فلما استقر الأفضل في سميساط عاد إلى خدمته، وأقام عنده مدة، ثم إنه فارقه واتصل بخدمة أخيه الظاهر غازي صاحب حلب، فلم يطل مقامه عنده وخرج مغاضبا، وعاد إلى الموصل، فلم يستقم له حال، فسافر إلى سنجار، ثم عاد إلى الموصل واتخذها دار إقامته، وولع بالحط على الأوائل الكبار مثل الحريري والمتنبي وغيرهما، وبالغ في الغض من القاضي الفاضل وشحن تصانيفه بالحط عليه والهزء به، فما أحب الناس منه ذلك وردوا عليه أقواله وزيفوها وسفهوا رأيه، ومن مضحكات الدنيا وعجائبها أن ابن الأثير يعيب كلام القاضي الفاضل، وله من تصانيفه الأدبية ’’ المثل السائر’’ وقد رزق فيه السعادة، ورد عليه عز الدين بن أبي الحديد في كتاب سماه ’’الفلك الدائر على المثل السائر’’ ورد على ابن أبي الحديد بعض الأفاضل في كتاب سماه ’’قطع الدائر’’، ووضعت أنا كتابا سميته ’’نصرة الثائر على المثل السائر’’ وانتصفت منه للفاضل وللحريري وللمتنبي. ولابن الأثير ’’ كتاب الوشي المرقوم في حل المنظوم’’ و’’ كتاب المعاني المبتدعة’’ وله ’’ غرة الصباح في أوصاف الاصطباح’’ و ’’كتاب الأنوار في مدح الفواكه والثمار’’ وله غير ذلك، ونظمه قليل جدا، ومولده سنة ثمانين وخمسمائة، وتوفي سنة سبع وثلاثين وستمائة.
ومن شعره:

ومن نظمه:
ومنه:
قلت: كذا وجدته ولعله قال: حببا يدور على سلاف أبيض والله أعلم، ومنه:
ومن ترسله:
كتب الخادم هذا الكتاب ليلا وخاطره يغنيه عن الاستضاءة بمصباح، ويكاد يمثل له في سواد الظلمة بياض الصباح. غير أنه كان بين يديه شمعة وضعت للعادة المعتادة، لا للحاجة المرادة. وسنذكر من أوصاف صورتها ما للبيان فيه سبح طويل في ذكره، ولربما كان هناك معنى غريب فينبه على سره، وذاك أن لها قدا ألفي القوام مشبها في نحوله واصفراره حال المستهام، وهي والقلم سيان في أنهما إذا قطع رأسهما صحا بعد السقام. ومن عجيب شأنهما أن روحها تحيا بجسمها وبالأرواح تكون حياة الأجسام. وقد وصفها قوم بأن لها خلقا كريما في رعاية عهود الإخوان، وأن بكاءها ليس إلا لمفارقة أخيها الذي خرجت معه من بطن ونشأت معه من مكان، وهذا الوصف من ألطف أوصافها، وهو مما يهيج الألاف شوقا إلى ألافها وكانت الريح تتلعب بلهبها لدى الخادم فتشكله أشكالا، فتارة تبرزه نجما وتارة تبرزه هلالا. ولربما مثلته طورا بالجلنارة في تضاعيف أوراقها، وطورا بالأنامل في اجتماعها وافتراقها، وآونة تأخذه فتلفه على رأسها شبيها بالقناع، ثم ترفعه عنها حتى يكاد يزايلها بذلك الارتفاع. فلم يزل الخادم ينظر منها إلى هذه الصور، ويستملي من بدائعها بدائع هذه الغرر، وأحسن الحديث ما وافقت فيه صورة العيان معنى الخبر. وكما كانت الريح تتلعب بالشمعة فتنقلها من مثال إلى مثال، فكذلك الشوق يتلعب بالقلب فينقله من حال إلى حال. غير أن حر هذه ليس كحر هذا في الاستعار، والنار التي تتطلع عليها الأفئدة أشد لفحا من هذه النار.
وقال أيضا يصف الشمعة من جملة كتاب: ولما استنطقت الآن قلمي كان بين يدي شمعة تعم مجلسي بالإيناس، وتغنيني بوحدتها عن كثرة الجلاس، ويخبر لسان حالها أنها أحمد عاقبة من مجالسة الناس. فلا الأسرار عندها بملفوظة، ولا السقطات لديها بمحفوظة. وكانت الريح تتلعب بلهبها، وتختلف على شعبه بشعبها. فطورا تقيمه فيصير أنملة، وطورا تميله فيصير سلسلة. وتارة تجوفه فيتمثل مدهنة، وتارة تجعله ذا ورقات فيتمثل سوسنة. وآونة تنشره فينبسط منديلا، وآونة تلفه على رأسها فيستدير إكليلا. ولقد تأملتها فوجدت نسبتها إلى العنصر العسلي وقدها قد العسال، وبها يضرب المثل للحكيم، غير أن لسانها لسان الجهال. ومذهبها هو مذهب الهنود في إحراق نفسها بالنار، وهي شبيهة بالعاشق في انهمال الدمع واستمرار السهر وشدة الصفار. وكل هذه الأحوال تجددت لها بعد فراق أخيها ودارها، والموت في فراق الأخ والدار. وقد سألتها أن تملي علي من أشواقها فقالت إن تعليم الخمرة لا يهدي للعوان، والنار التي دخانها صعداء الأنفاس أشد من النار ذات الدخان. وأين اللهب الذي تطفئه الشفة بنفخها من اللهب الذي لا تدنو منه شفتان. وكتب إلى الشيخ تاج الدين الكندي: عمر الله أيام المجلس ولا أخلى جنابه من أهل ومرحب، ووهبه من ألطافه الخفية ما لا يوهب، وخصه من نخائل القلوب بالشأو الأبعد والود الأقرب، وبنى له من المعالي مجدا ينطق عنه بالثناء المعرب، وسير ذكره على صهوة الليل الأدهم وكفل الصباح الأشهب، وأيأس الحساد من لحاقه حتى لا يرجوه راج إلا قيل هذا أطمع من أشعب. وردت المكاتبة الكريمة التي حملت نشر الأحبة في سطرها، وغارت من رسل الصبا أن تحمله على ظهرها، وقالت ليس ما يسحب على الأرض إزارا، ويحمل شيحا وعرارا بأهل أن يودع ألطاف الودائع، ويفضى إليه بأسرار الأضالع. ولما وردت على الخادم وجدت عهده ما عرفته، ووده ما كشفته، وشوقه ما تصرفت عليه أيام البعاد وما صرفته. ولم يزل له في الشوق خليفة عذري الهوى، ترى الموت في صورة النوى، وهي مروعة بين أهل العلى لا أهل اللوى. والوجد بالمجد غير الوجد بالغزل.

  • دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 27- ص: 0

ابن الأثير الصاحب العلامة الوزير ضياء الدين أبو الفتح نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري المنشئ صاحب كتاب ’’المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر’’.
مولده بجزيرة ابن عمر، في سنة ثمان وخمسين وخمس مائة، وتخول منها مع أبيه وإخوته، فنشأ بالموصل، وحفظ القرآن، وأقبل على النحو واللغة والشعر والأخبار.
وقال في أول كتاب ’’الوشي’’ له: حفظت من الأشعار ما لا أحصيه، ثم اقتصرت على الدواوين لأبي تمام والبحتري والمتنبي فحفظتها.
قال ابن خلكان: قصد السلطان صلاح الدين فقدمه، ووصله القاضي الفاضل، فأقام عنده أشهرا، ثم بعث به إلى ولده الملك الأفضل فاستوزره، فلما توفي صلاح الدين تملك الأفضل دمشق وفوض الأمور إلى الضياء، فأساء العشرة، وهموا بقتله، فأخرج في صندوق، وسار مع الأفضل إلى مصر، فراح الملك من الأفضل، واختفى الضياء، ولما استقر الأفضل بسميساط ذهب إليه الضياء، ثم فارقه في سنة سبع وست مائة، فاتصل بصاحب حلب، فلم ينفق، فتألم، وذهب إلى الموصل فكتب لصاحبها. وله يد طولى في الترسل، كان يجاري القاضي الفاضل ويعارضه، وبينهما مكاتبات ومحاربات.
وقال ابن النجار: قدم بغداد رسولا غير مرة، وحدث بها بكتابه ومرض فتوفي في ربيع الآخر، سنة سبع وثلاثين وست مائة، وقيل: كان بينه وبين أخيه عز الدين مقاطعة ومجانبة شديدة.

  • دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 16- ص: 323