الحائري نصر الله بن الحسين الموسوي الحائري، أبو الفتح: فاضل امامي. كان مدرسا في (الحائر) مغري بجمع الكتب. سافر مرات إلى ايران لتحصيلها، وقيل: اشترى في اصفهان، ايام سلطنة نادرشاه، زيادة على الف كتاب صفقة واحدة، ووجد عنده من غريبها ما لم يكن عند غيره. وكان اديبا شاعرا. وارسل في سفارة عن حكومة ايران إلى القسطنطينية، فقتل فيها، وقد تجاوز عمره الخمسين. له (ديوان شعر) وتآليف، منها (آداب تلاوة القرآن) و (الروضات الزاهرات) في المعجزات، و (سلاسل الذهب) ورسالة في (تحريم التتن).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 30
السيد أبو الفتح عز الدين نصر الله بن الحسين بن علي الحائري الموسوي الفائزي المدرس في الروضة الشريفة الحسينية المعروف بالمدرس وفي كلام عبد الله السويدي البغدادي أنه يعرف بابن قطة وكذا في نشوة السلافة.
(وفاته)
استشهد بقسطنطينية على التشيع سنة 1155 أو 53 عن عمر يقارب الخمسين.
(نسبته)
(الفائزي) نسبة إلى عشيرته ويسمون آل فائز أو آل أبي فائز وفيهم يقول المترجم من قصيدة يرثي بها والدته:
كيف لا وهي لب آل فا | ئز من هديهم به الاقتداء |
معشر شاد مجدهم وعلاهم | سيد المرسلين والأوصياء |
سادة قادة كرام عظام | علماء أئمة أتقياء |
لهم أوجه تنير الدياجي | ما أظلت نظيرها الخضراء |
لست تلقى سواهم قط قطبا | أن أدارت أرجاءها اليهجاء |
وحيد أريب في الفضائل واحد | شذا مثل بسم الله فهو مقدم |
إذا كان نور الشمس لازم جرمها | فطلعته الزهراء نور مجسم |
إذا ضامك الدهر يوما وجارا | فلذ بحمى أمنع الخلق جارا |
علي العلي وصنو النبي | وغيث الورى وغوث الحيارى |
هزبر النزال وبحر النوال | وشمس الكمال التي لا توارى |
هي الشمس لكنها مرقد | لظل المهيمن جل اقتدارا |
هي الشمس لكنها لا تغيب | ولا يحسد الليل فيها النهارا |
هي الشمس والشهب في ضمنها | قناديلها ليس تخشى استتارا |
عروس تجلت بوردية | ولم ترض غير الدراري نثارا |
فها هي في تربها والشعاع | جلاها لعينيك درا صغارا |
بدت تحت أحمر فانوسها | لنا شمعة نورها لا يوارى |
هو الشمع ما أحتاج للقط قط | ولا النفخ أطفأه مذ أنارا |
ملائكة العرش حفت به | فراش ولم تبع عنه مطارا |
هي الترس ذهب ثم استظل | به فارس ليس يخفى افتقارا |
وياقوتة خرطت خيمة | على ملك فاق كسرى ودارا |
وحق عقيق حوى جوهرا | تخطى الجبال وعام البحارا |
ولم يتخذ غير عرش الإله | له معدنا وكفاه فخارا |
حميا الجنان له نشوة | تسر النفوس وتنفي الخمارا |
إذا رشقتها عيون الوفود | تراهم سكارى وما هم سكارى |
عجبت لها إذ حوت يذبلا | وبحرا بيوم الندى لا يجارى |
وكنت أفكر في التبر لم | غلا قيمة وتسامى فخارا |
إلى أن بدا فوقها يخطف النـ | ـواظر مهما بدا واستنارا |
وما يبلغ التبر من قبة | بها عالم الملك زاد افتخارا |
ومذ كان صاحبها للآله | يدا أبدا نعمة واقتدارا |
يد الله فوق أيديهم | بدت فوق سرطوقها لا توارى |
وقد رفعت فوق سرطوقها | تشير إلى وافديها جهارا |
هلموا إلى من يفيض اللهى | ويردي العدى ويفك الأسارى |
وتدعو آله السما بالهنا | لمن زار أعتابها واستجارا |
قد اتصلت بذراع النجوم | وقد صافحتها الثريا جهارا |
وكف الخضيب لها قد عنا | غداة اختفى وهي تبدو نهارا |
قلائدها الشهب والنجم قد | غدا شنفها والهلال السوارا |
وبالآي خوف عيون الأنام | ممنطقة قد بدت كالعذارى |
غلت في السمو فظن الجهول | بأن لها عند كيوان ثارا |
وكيف وكيوان والنيرات | بها من صروف الزمان استجارا |
ترى لوفود الندى حولها | طوافا بأركانها واعتمارا |
وفي قصر غمدان بان القصور | غداة تجلت وأن عز دارا |
ومهما بدا طاق إيوانها | أرانا الآله هلالا أنارا |
لعين ذكاء غدا حاجبا | بنور أحال الليالي نهارا |
هلال السماء له حاسد | لذلك دق وأبدى اصفرارا |
هلال لصوم وفطر غدا | لهذا يسر ويسمو فخارا |
له طاق كسرى غدا خاضعا | وقد شق من غيظه حين غارا |
ولما بدا لي المناران في | حماها الذي في العلى لا يبارى |
هما الهرمان بمصر الفخار | أبانا عجائب ليست تمارى |
عمودا صباح ولكن هما | معا صادقان لنا إن أنارا |
أحاطت بها حجرات بها | نقوش بزينتها لا توارى |
لأطلس أفلاكها فاخرت | بموشي برد به الطرف حارا |
أزاهر روض ولكنها | أبت منه السجب إلا اضطرارا |
فثغر الأقاحي بها ضاحك | وإن لم يرق جفن مزن قطارا |
ونرجسها طرفه لا يزال | يلاحظ للحب ذاك المزارا |
كوشي الحباب وكالوشم في | معاصم بيض جلتها العذارى |
وقد أخجلت أرما فاغتدت | محجبة لا تميط الخمارا |
بها الآي تتلى وتحيي العلوم | فيشفى غليل القلوب الحيارى |
هي النار نار الكليم التي | عليها الهدى قد تبدت جهارا |
تبدى سناها عينا فأرخـ | ـت آنست من جانب الطور نارا |
سلام كنشر الروض إذ جاده القطر | وكالدر في اللألاء إذ حازه البحر |
أخص به المولى سليل بشارة | أخا الفضل من في مدحه يزدهي الشعر |
فتى فاز بالقدح المعلى من العلى | وحاز علوما لا يحيط بها الحصر |
طوى سبل العلياء في متن سابق | لهمته القعساه عثيره الفخر |
وبعد فإن الحال من بعد بعدكم | كحال رياض الحزن فارقها القطر |
فلله ليلات تقضت بقربكم | ولم يذو من روضات وصلكم الزهر |
وإذ مورد اللذات صاف وناظري | يزيل قذاه منكم منظر نضر |
فلا تقطعوا يوما عن الصب كتبكم | ففي نشرها للميت من بعدكم نشر |
ولا برحت تبدو بأفق جبينكم | نجوم السعود الزهر ما نجم الزهر |
يا شموسا في الترب غارت وكانت | تبهر الخلق بالسنا والسناء |
يا جبالا شواهقا للمعالي | كيف وارتك تربة الغبراء |
يا بحارا في عرصة الطف جفت | بعدما أروت الورى بالعطاء |
يا غصونا ذوت وكان جناها | داينا للعفات في اللأواء |
آه لا يطفئ البكاء غليلي | ولو أني اغترفت من دأماء |
كيف يطفى والسبط نصب لعيني | وهو في كربة وفرط عناء |
لست أنساه في الطفوف فريدا | بعد قتل الأصحاب والأقرباء |
فإذا كر فر جيش الأعادي | وهم كثرة كقطر السماء |
فرموه بأسهم الغدر بغيا | عن قسي الشحناء والبغضاء |
ومن الجد قد دنا قاب قوسيـ | ـن من الله ليلة الإسراء |
فأتاه سهم رماه عن السر | ج صريعا مخضبا بالدماء |
فبكته السما دما وعليه الـ | ـجن ناحت في صبحها والمساء |
بابني أحمد سلام عليكم | من حزين مقلقل الأحشاء |
يشتكي من حواسد في | هواكم ومدحكم والرثاء |
فلئن كان ما يقولون عيبا | فهو تاجي وطوق جيد سنائي |
طينتي خمرت بماء ولاكم | وأبونا ما بين طين وماء |
وأنا العبد ذو الجرائم نصر اللـ | ـه نجل الحسين حلف البكاء |
أرتجى منكم شرابا طهورا | يثلج الصدر يوم فصل القضاء |
فاسمحوا لي به وكونوا ملاذي | من خطوب الزمان ذي الاعتداء |
وعليكم من ربكم صلوات | تتهادى ما فاح نشر الكباء |
يا بقاع الطفوف طاب ثراك | وسقى الوابل الملث حماك |
وحماك الإله من كل خطب | فلقد أخجل النجوم حصاك |
ووجوه الملوك تحسد فرشا | تحت أقدام زائر وافاك |
حيث قد صرت مرقدا لإمام | واطئ نعله لفرق السماك |
الحسين الشهيد روحي فداه | نجل مخدوم سائر الأفلاك |
شنف عرش الإله مولى نداه | طوق جيد الإقبال والأملاك |
أفتك الناس يوم طعن وضرب | وهو مع ذاك أنسك النساك |
هل المحرم فاستهل دموعي | وأثار نار الوجد بين ضلوعي |
وأمات سلواني وأحيا لوعتي | وأطال أحزاني وروع روعي |
هذا هلال لاح أم هو خنجر | طعن الفؤاد فبان طيب هجوعي |
يا ليته طول المدى لم يبد من | حجب السرار ولم يفز بطلوع |
ما هل إلا جددت حلل الأسى | وتداعت الأحشاء للتقطيع |
إذ كان يذكرني مصيبة ذي على | فوق السماوات العلى مرفوع |
سبط النبي المصطفى خير الورى | أكرم به من منعم وشفيع |
فهوى صريعا بالدماء مرملا | أفديه من دامي الجبين صريع |
فاسودت الآفاق والدنيا غدت | مقلية المنظور والمسموع |
أتموت عطشانا وكفك سحبها | كم أنبتت للناس زهر ربيع |
قد قلت للورقاء لما أن غدت | تبدى الأسى بالنوح والترجيع |
ما من تباكى مثل من يبكي دما | فضح التطبع شيمة المطبوع |
أيها الزوار نلتم | ههنا أقصى المرام |
هذه جنات عدن | فادخلوها بسلام |
زائري سبط أحمد | منبع الرشد والهدى |
هذه باب حطة | فادخلوا الباب سجدا |
هذه باب لجنات النعيم | سقفها رضوان رب العالمين |
حيث قد شرفها الله بمن | جده مخدوم جبرائيل الأمين |
الحسين المجتبى بحر الندى | در تاج الشهداء الأكرمين |
فحماها الله من باب غدت | تطرد الأعدا وتأوي الخائفين |
ولست أعد الشعر فخرا وإنني | لأنظم منه ما يفوت الدراريا |
ولكنني أحمي حماي وأتقي | عداي وأرمي قاصدا من رمانيا |
وإن رمت لي فخرا عددت من العلى | مزايا عظاما لا عظاما بواليا |
على أنني من هاشم في صميمها | وحسبك بيتا في ذرى المجد ساميا |
يا أيها المولى الذي هو مرتضى | بين الأنام وفضله مشهور |
لا تنكروا تقصيرنا في حقكم | أن المسافر شأنه التقصير |
(لا أضحك الله سن الدهر إن ضحكت) | ولا تبسم في أفنانه الزهر |
ولا مشى في الورى حاف ومنتعل | و(آل أحمد مظلومون قد قهروا) |
(مشردون نفوا من عقر دارهم | فليس يأويهم بدو ولا حضر |
جنوا ثمار المنايا وهي يانعة | (كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر) |
(إذا عاينتك العين من بعد غاية) | ونورك يسمو البدر والشمس لا يخبو |
وأدهشت الأبصار من عظم ما رأت | (وعارض فيك الشك أثيتك القلب) |
(ولو أن قوما يمموك لقادهم) | سنا وجهك الوضاح والسائق الحب |
وإن خسئت أبصارهم بالسنا يقد | (نسميك حتى يستدل بك الركب) |
(مطهرون نقيات ثيابهم) | والذكر يشهد والقران والسير |
تجري مجاري نداهم للأنام كما | (تجري الصلاة عليهم كلما ذكروا) |
(من لم يكن علويا حين تنسبه) | فليس يعلو له قدر ولا خطر |
وكيف يسحب ذيل الفخر يوم علا | (وما له من قديم الدهر مفتخر) |
(الله لما برى خلقا فأتقنه) | ولاكم أمره فالكل مفتقر |
وحيث كنتم لسر الله أوعية | (صفاكم واصطفاكم أيها الغرر) |
(فأنتم الملأ الأعلى وعندكم) | توراة موسى وما قد أودع الخضر |
والصحف أجمع والإنجيل يتبعها | (علم الكتاب وما جاءت به السور) |
(أمر على الديار ديار ليلى) | فألقى العاشقين بها حيارى |
وأطلب غفلة الرقباء عني | (فالثم ذا الجدار وذا الجدارا |
(وما حب الديار شغفن قلبي) | وإن حازت محاسن لا تبارى |
وكانت كالجنان مزخرفات | (ولكن حب من سكن الديارا) |
قد ضاقت السبل والأرواح في وهج | والضر في القلب والأحشاء والمهج |
بالله أقسم لا بالبيت والحجج | لن أبرح الباب حتى تصلحوا عوجي |
قد أسعر القلب والعينان في ذرف | والصدر في قلق والروح في تلف |
وقد أتيت لدفع الحزن واللهف | فإن رضيتم فيا عزي ويا شرفي |
بالله أقسم لا بالذاريات ولا | بالعاديات ولا بالنجم والفلق |
يا سادة نورهم في الصبح كالبلج | وفيض نائلهم للوفد كاللجج |
وترب أعتابهم كالمسك في الأرج | لن أبرح الباب حتى تصلحوا عوجي |
سودت وجهي بما أودعت في صحف | وقد مددت إليكم كف معترف |
بالذنب من أبحر الغفران مغترفي | فإن رضيتم فيا عزي ويا شرفي |
يا عين هذا المرتضى حيدر | هذا البطين الأنزع الأطهر |
هذا الذي رايات أوصافه | في راحة الذكر غدت تنشر |
واليوم أكملت لكم دينكم | عن سر ما قد قلته تخبر |
هذا الذي للناس في سيفه | وسيبه النيران والأبحر |
هذا الذي أرغم صمصامه | أنف قريش بعدما استكبروا |
وجدل الأبطال في بدرهم | ووجهه كالشمس إذ تسفر |
هذا الذي لو كانت الجن والأ | نس وأملاك السما تسطر |
وكانت الأشجار أقلامهم | وحبرهم ما حوت الأبحر |
لم يحرزوا معشار عشر الذي | له من الفضل ولم يحصروا |
أحسن بها من روضة غضة | أريجها كالمسك بل أعطر |
ودت دراري الشهب لو أنها | على ثراها كالحصى تنثر |
وكيف لا وهي جناب لمن | دان له الأسود والأحمر |
من شرف البيت بميلاده | وحجره والحجر الأنور |
وقد صفا عيش الصفا فيه والـ | ـمروة أضحت بالهنا تخطر |
وكم به نالت منى من منى | قبل بها بشرت الأعصر |
وزال خوف الخيف فيه وقد | تنعم التنعيم والمشعر |
فاسمع أمير النحل نظما غدا | كالشهد ألباب الورى يسحر |
وكن كفيلا بخلاص امرئ | ما زال في بحر الخطا يغمر |
يا تربة شرفت بالسيد الزاكي | سقاك دمع الحيا الهامي وحياك |
زرناك شوقا ولو أن النوى فرشت | عرض الفلاة لنا جمرا لزرناك |
وكيف لا وقد فقت السماء علا | وفاق شهب الدراري الغر حصباك |
وفاق ماؤك أمواه الحياة وقد | أزرى بنشر الكبا والمسك رياك |
رام الهلال وإن جلت مطالعه | أن يغتدي نعل من يسعى لمغناك |
وودت الكعبة الغراء لو قدرت | على المسير لكي تحظى بمرآك |
أقدام من زار مثواك الشريف غدت | تفاخر الرأس منه طاب مثواك |
ولا تخاف العمى عين قد اكتحلت | أجفانها بغبار من صحاراك |
فأنت جنتنا دينا وآخرة | لو كان خلد فيك المغرم الباكي |
وليس غير الفرات العذب فيك لنا | من كوثر طاب حتى الحشر مرعاك |
وسدرة المنتهى في الصحف منك زهت | طوبى لصب تملى من محياك |
كم خضت بحر سراب زادني ظمأ | سفينة العيس من شوقي للقياك |
كم قد ركبت إليك السفن من شغف | فقلت يا سفن بسم الله مجراك |
لله أيام أنس فيك قد سلفت | حيث السعادة من أدنى عطاياك |
فكم سقيت بها العاني كؤوس منى | ممزوجة بالهنا سقيا لسقياك |
وكم قطفنا بها زهر المسرة من | وصال قوم كرام الأصل نساك |
كأنهم أبحر جودا ولفظهم | كأنه درر من غير أسلاك |
فالآن تنهل سحب الدمع من كمد | مهما تبدت بروق من ثناياك |
وها أنا اليوم بكاء تساورني | من الأسى حيه تعزى لضحاك |
حياك ربي وحيا سادة نزلوا | في القلب منى وأن لاحوا بمغناك |
ولا برحت ملاذا للأنام ومصـ | ـباح الظلام وبرء المدنف الشاكي |
ما عليكم لوجدتم بالتلاقي | وشفعتم تقبيلكم بالعناق |
فلو أنا على اللقاء قدرنا | لسعينا ولو على الأحداق |
لكن الدهر خاننا فسقانا | بعد شهد الوصال صاب الفراق |
فإلى الله لا إلى العبد نشكو | ألم البعد فهو مر المذاق |
فأعد لي يا دهر تلك الليالي | مع رفاق أكرم بهم من رفاق |
أسد في الحروب تثني عليهم | ألسن السمر والصفاح والرقاق |
نشرت راية الثناء عليهم | بيمين السخاء في الآفاق |
قيدوا أنفس الورى في هواهم | فهو طوع لهم على الإطلاق |
وبهم زين الزمان فهم في | عنق الفخر منه كالأطواق |
سيما الماجد الجواد الذي قد | ملك المكرمات باستحقاق |
فإذا ما جرى بمضمار نظم | يغتدي محرزا يراع السباق |
ولكم قال غيره الشعر لكن | صهيل الجواد غير النهاق |
فسوى النصر ما له من قرين | في المعالي وفي المعاني الدقاق |
فهما فرقدا سما الفخر قرطا | سمعي المجد بين أهل العراق |
إذ هما قد تشطرا ضرعي الجو | د وحفظ الآخاء والميثاق |
فسلام عليهما ما تثنت | قضب الوجد من نسيم اشتياق |
يا من غدا جارا لزمزم والصفا | عيشي وحق الله بعدك ما صفا |
ولقد عجبت لعاذل ما أنصفا | أيظن قلبي من حديد أو صفا |
ما للعذول ومالي | روحي فداك ومالي |
مولاي ملك الوجد بعدك ما عفا | عن مغرم منه التجلد قد عفا |
عمن له شحط النوى قد أضعفا | فعلى حياتي بعد بعدكم العفا |
يا من بهم أنا غالي | وبحبهم أنا غالي |
يا أيها المولى العزيز المصطفى | دمعي غدا يحكي السحاب إلا وطفا |
لكن لهيب الشوق فيه ما انطفى | والقلب في أبحار همي ما طفا |
لمدحكم أنا تالي | وسمتكم أنا تالي |
يا من لعسال المعالي ثقفا | يا من بمركز حبه لي أوقفا |
ثوب اصطباري بالي | إذ قد توزع بالي |
يا من لنا راح الهنا قد أرشفا | يا من برقية وصله قد شفى |
لهب الجوى لمدامعي ما نشفا | والقلب من نار الغرام على شفا |
حيث السرور ملا لي | مذ غبت كأس ملال |
يا ماجدا للنوم عن عيني نفى | يا من لجسمي بالنوى قد أدنفا |
يا من لسمعي نظمه قد شنفا | يا من عصيت لأجله من عنفا |
بقيت والحال حالي | وبالمسرة حالي |
يا من غدا جارا لسبط المصطفى | يا من حكى بالجود خالا أو طفا |
يا سيدا أهدى لنا وتعطفا | نظما أرق من النسيم والطفا |
غدا كسحر حلال | وشهده قد حلا لي |
أحيا فؤادا صبره منه عفا | وأذابه فرط الغرام وأضعفا |
وبقرب لقياكم له مذ أسعفا | شكر الزمان وعن خطاياه عفا |
لله بدر النوال | جلا ظلام النوى لي |
يا ماجدا لذرى المعالي أشرفا | يا غيث جود بالتكرم أسرفا |
يا من لا ثواب التأدب قد رفا | يا من له الأفضال أصبح مطرفا |
يا من نداه حلا لي | بأنه ذو جلال |
يا كنز فضل بالندا لي قد قفا | ببديع نظم راح يحكي القرقفا |
يا من لجاري مدمعي مذ أوقفا | في حبه عن سحه ما أوقفا |
يا صادقا في الخلال | جسمي قد غدا كالخلال |
يا من لقلبي بالجوى قد أتحفا | يا من لجسمي بالنوى قد أنحفا |
يا من أطعت بحبه من ألحفا | وعصيت ما قال العذول وصحفا |
يا سبط أشرف آل | إني بمحدحك آل |
يا بحر علم قد طما إن صنفا | يا طود حلم فيه فاق الأحنفا |
لي فيك قلب للقلا ما جنفا | كلا ولا مولى سواك استأنفا |
لا زلت للمجد عال | وللمفاضل عال |
أيا ماجدا إن رمت يوما مديحه | فإحسانه يملي علي وأكتب |
دجنة باذنجاننا في سعودها | تخبر أن المانوية تكذب |
خلالي ذا الأصفر المنتقى | يحاكي أياما لذا الدهر زانا |
أصابع أعدائك الخائفين | تضرع تطلب منك الأمانا |
جواد يا من قلبه ونشره | قد راح كل منهما ذكيا |
لما هززتم جذع نخلة الثنا | ألقت عليكم رطبا جنيا |
أهديت مكتوما إلى ماجد | إحسانه بين الورى ظاهر |
فليتقبل دام إقباله | جهد مقل قلبه حائر |
جواد يا من غدا من بعد فرقتنا | مصفر وجه مشوبا دمعه بدم |
ذو صفرة خوخكم ما حمرة نصعت | شبه البهار على خديك والعنم |
ما الروض وشته يمين الندى | بالنور حتى ظن جدوى يديك |
ولا حميا الكاس إذ روقت | حتى غدت تحكي ثنائي عليك |
يوما بأبهى من سلام غدا | يحمله طرف اشتياقي إليك |
من رحيق الوصال كأسا ملاله | بعدما عله إجاج الملاله |
وحباه بزورة بعد مطل | ولكم ليلة حماه خياله |
فجنى ورد وجنة ليس يذوي | وحنى غصن قامة مختاله |
ذو محيا يزهو عليه عذار | شبه بدر يلوح في وسط هاله |
خط ريحانه بياقوت خديـ | ـه كتابا يملي علينا جماله |
ضاحك عن لئالئي أو أقاح | جاده دمع ديمة هطاله |
لا ولكنه تبسم عما | حبرته يمين رب النباله |
نور عين العلى الجواد جواد | نجل عبد الرضا حليف الجلاله |
شمس صحو حبا المشوق بطرس | أسكر السمع مذ حسا جرياله |
عج يا نسيم معطر الأنفاس | سحرا ببغداد حمى الأكياس |
وألثم ثرى مسته نعل المجتبى | أعني جوادا ذا الندى والباس |
وقل السلام عليك من صب غدا | كاس العنا من بعدك حاسي |
متذكرا ليلات وصل قد مضت | أغنى سناك بها عن النبراس |
ذاك الزمان هو الزمان فداؤه | هذا الزمان المستراب القاسي |
ويقيت تحسو من رحيق الأمن ما | خطت يد سطرا على قرطاس |
أجواد قلبي بعدكم | قد هام في وادي الوله |
وإذا بدا برق غدت | سحب المدامع مرسله |
ويلي على بغداد لو | كانت تفيد الولوله |
مرت لييلات بها | غر الجباه محجله |
حليت بها راح السرو | ر براح دنيا مقبله |
فالآن ليلي بعدكم | ليل السليم أخي الوله |
ثم السلام عليكم | ما حث حاد يعمله |
أهدي السلام للإمام الكاظم | وللجواد غر الأكارم |
أذكى سلام عطر النسيم | يهدي إلى المهذب الكريم |
أعني به جواد ميدان العلى | من في نداه مر عيشي قد حلا |
بيت قصيد ناظمي القريض | وغيث روض الأدب الأريض |
من قد غدا واسطة القلاده | وشمس أفق الفضل والإفادة |
سليل فياض الندى عبد الرضا | لا زال سيف العزم منه منتضى |
أهدى لنا صحيفة مهذبة | ألفاظها حالية مذهبه |
بلقيس حسن همت فيها ولها | قد أوتيت من كل شيء ولها |
لا تعجبوا أن نظم الجواد | لئالئا سلوكها الوداد |
فالله قد ملكه الرقيقا | من كل نظم يخجل الرحيقا |
فلو رأى أشعاره العذابا | في سالف الدهر الوليد شابا |
ولو رآها الفاضل الوداعي | لفارق النظم بلا وداع |
ولو رآها الألمعي الذهبي | حقق أن نظمه من خشب |
ولو رآها ابن منير أظلمت | عليه سبل نظمه واستبهمت |
ثم السلام الناضر الأزاهر | على أبيكم حائز المفاخر |
ثم على أحمد النبيه | ثم على الخلاصة الوجيه |
ثم على حسين الجواد | ثم على المحسن ذي السداد |
ثم على سلالة الأطائب | قاسم الميسي ذي المناقب |
ثم على المهذب المبجل | محمد نجل علي الأكمل |
ثم على محمد الطلاع | مهذب الأشعار والأسجاع |
ثم على محمد الدوار | من عن ثناه قصرت أشعاري |
ثم على حبيبنا النظامي | رب القريض السلس الغرامي |
ووالدي ذو المنن الجسام | ينهي إليكم وافر السلام |
كذا علي وأخوه الأمجد | ومحسن ابن عمنا وأحمد |
وبعد فالعصابة الجميلة | قد بلغت مع صاحب الفضيله |
كأنها غمامة حمراء | طرازها برق له لألاء |
لو نسجت في سالف العصور | لحار في الوصف لها الحريري |
عوذت من قد حاكها من الحسد | لحسنها بقل هو الله أحد |
وقد أتت تلك الخفاف الرائقه | مع ذي المعالي والسجايا الفائقه |
لا زال من يشناكم يرجع في | خفي حنين ذا دموع ذرف |
بخاصف النعل علي المرتضى | عليه صلى الله ما برق أضا |
إن جاءك الأضياف فاحفل بهم | لاسيما إن أقبلوا في الشتاء |
وبعدما تتلو كلوا واشربوا | فاتل عليهم يوم تأتي السماء |
لله (قليان) من البلور قد | حارت بحسن صفاته أوصافي |
ما جاءه الأضياف يوم سرورهم | إلا تلقاهم بقلب صافي |
مذ بدت النار على رأس ’’غلـ | ـيون’’ يجلي للهنا صبحا |
أدبر جيش الهم خوفا لأن | جاء شقيق عارضا رمحا |
قد جاء ’’والغليون’’ بين شفاهه | يا ليتني نعمت في رشفاتها |
يبدو الدخان عليه ثمة ينجلي | كتنفس العذراء في مرآتها |
أنكرت ’’تتنا’’ نتنا | خانه فيه العطب |
يقول من يمتص من أنبوبه | شواظها قد التهب |
يقول من ينكره | تبت يدا أبي لهب |
أحضر التتن مع الـ | ـقهوة في ليل بهيم |
فأنا من ذا وهذي | في سموم وحميم |
يا رب سلط على قضب الدخان لظى | فقد توله في السادة الصيد |
فما ترى أحدا ممن نصاحبه | إلا وفي يده من نتنها عود |
أقبل الأسود بالسوداء في | قدح مثلهما بالنحس يفضي |
فدجا يومي إذ قد جمعت | ظلمات بعضها من فوق بعض |
قد جاءني الأسود في قهوة | سوداء تحكي ليلة الصد |
وقال لي إشرب غير مستنكف | ريقي من كفي على خدي |
لله سوداء تجلت لنا | في قدح أبيض يحكي الهلال |
كأنها لما تجلت به | ساعة هجر في زمان الوصال |
سليلة البن إلينا أنت | ونشرها ينعش من ودها |
فقال لي العنبر لما انجلت | لا تدعني إلا بيا عبدها |
أخفض جناحك للأنام تصل إلى | أعلى العلى وتكن بذاك معظما |
أو ما تشاهد قطر نيسان اغتدى | درا نضيدا في الهبوط من السما |
أمهدي يا شمس أفق العلى | ويا ماجدا أصله قد كرم |
بحل الأحاجي شأوت الورى | فما مثل هذا (مغيب عظم) |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 213