ابن قلاقس نصر بن عبد الله بن عبد القوي اللخمي، أبو الفتوح، الاعز، المعروف بابن قلاقس الاسكندري الازهري: شاعر، نبيل، من كبار الكتاب المترسلين. كان في سيرته غموض، وظفرت بما يجلو بعضه. ولد ونشأ بالاسكندرية. وانتقل إلى القاهرة، فكان فيها من عشراء الامراء. وكتب إلى فقهاء (المدرسة الحافظية) بالاسكندرية، ولعله كان من تلاميذها، يقول، بعد ابيات: (كتبت اطال الله بقاء موالي الفقهاء انجم المهتدين وصواعق المعتدين، من مصر حرسها الله، وقد خرجت بظاهرها ليلة الجمعة للنزهة مع الامراء ادام الله علي امتداد ظلهم.. ) وضمن رسالته هذه قصيدة، قال فيها:
أرى الدهر اشجاني ببعد، وسرني=بقرب، فأخطأ مرة، واصابا#فإن ارتشف شهد الدنو فإنني | تجرعت للبين المشتت صاباثم عاد اليها. ولقى فيها ابا الحسن (سعيد بن غزال السامري كاتب الضرغام) وطلب من أبي الحسن شيئا من شعره وبعض ترسله ليضمنهما كتابا له سماه (مواطر الخواطر) ويجعلهما (نجمي حلكه، في فلكه، ودري نحره، في بحره) كما جاء في رسالة كتبها بعد ذلك اليه. وزار صقلية (سنة 563) وكان له فيها اصدقاء، يكاتبهم ويكاتبونه، منهم القائد (غارات بن جوسن خاصة المملكة الغليلمية) والشيخ (ابن فاتح) و (السديد الحصري) واخصهم القائد أبو القاسم بن الحجر، وقد صنف فيه (الزهر الباسم في اوصاف أبي القاسم). وكان يكثر النزول بعيذاب (من ثغور البحر الاحمر، شمالي جدة) ومنها كتب إلى الوزير (الاسماعيلي) الاديب (أبي بكر العيدي) في عدن، انه كان يعد نفسه بزيارته، وكات نفسه تقتضيه الوعد: (على اني عرضت عليها السير وازعاجه، والقفر ومنهاجه، والبحر وامواجه، فأبت الا البدار، وانشدت: من عالج الشوق لم يستبعد الدار... ) ويذكر في الرسالة عمارة اليمني المعروف او المتهم بصلته بالاسماعيلية فيقول: (مازال يختصر لي قرآن محامد الحضرة في سورة، ويجمع لي العالم منها في صورة، حتى رأى السفر وآلاته) إلى ان يقول: (وقد علمت الحضرة ان السفر اليها، فليكن السكن والسكون مضمونا لديها، محسنة مجملة ان شاء الله تعالى). ودخل عدن (سنة 565) ثم غادرها مبحرا في تجارة. وارتطمت سفينته بصخرة في جزيرة (نخرة) بضم النون وسكون الخاء (وسماها ابن خلكان جزيرة الناموس؟) قرب دهلك (قال ياقوت: ويقال له دهيك ايضا، وهو مرسى في جزيرة بين بلاد اليمن والحبشة) فتبدد (ثلثا) ما معه من فلفل وبقم وسمواهما. واسعفه سلطان دهلك (مالك بن أبي السداد) بالطعام والملابس، له ولرجاله، وانزله عنده. واستكتبه في منتصف جمادى الآخرة (566) رسالة إلى (السيد عبد النبي بن مهدي) صاحب زبيد، ورسالة اخرى (غير مؤرخة) إلى (القاسم بن الغانم بن وهاس الحسني صاحب بلاد عثر، بين الحجاز واليمن) وكتب هو، في غرة رجب 566 إلى (أبي بكر العيدي) الوزير بعدن، اثنتي عشرة صفحة صغيرة، هذه فقرات منها: (.... من جانب الصخرة، بنخرة... وشوقي يكاثر الفلفل المبدد في السواحل، والبقم المفرق في المراحل... مازالت تترامى بنا الافواج والامواج، حتى استأثرت بأموالنا وآمالنا... نعم، قد سلم الثاث، والثلث كثير، وحصلنا بجزيرة دهلك، والسلطان المالك ابن أبي السداد.. ساعدني بالبز والبر... ووثقت منه بوعد في خروجي هذه السنة عند عود رسوله من بر العرب) ثم يحدثه ببعض الاخبار: (ووردت كتب مضمنة جملة من الاخبار المصرية، منها ان السلطان الاجل صلاح الدين... غزا غزة من بلاد الفرنج خذلهم الله؛ وكسر، واسر، وعاد غانما والحمد لله، ورفع المكوس، وجعل دار الشحنة بمصر مدرسة للعلم). ثم يخبره بنجاة اشياء (لعلها هدايا) كان قد سلمها اليه، ويذكر بعضها ويقول: (وحصر ذلك يستدعى زمانا، وبيانا، وبنانا، ولسانا، وجنانا وامكانا، وهذيانا! فالعذر في تركه واضح) ويقول: (كانت معي كتب كتب البحر عليها المحو، فلا شعر ولا لغة ولا نحو! لم يسلم سوى ديوان شعر ابن الهبارية، بعد اخذه من البلل... ضاع شعري كله، وانحط عن متن نظري فيه كله (اي ثقله) فقد كنت لا اخلو من اصلاح فاسد، ومداراة حاسد) ويخبره بأنه بدأ بنظم قصيدة فيه، مطلعها: |
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 8- ص: 24
ابن قلاقس نصر الله بن عبد الله.
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 24- ص: 0
ابن قلاقس الشاعر نصر الله بن عبد الله بن مخلوف بن علي بن قلاقس القاضي الأغر، أبو الفتوح اللخمي الأزهري الإسكندري، كان سناطا، كثير الأسفار، دخل اليمن ومدح أهلها وعاد مثريا، فغرق جميع ما معه بقرب دهلك، فرد إلى ياسر بن بلال وهو عريان ومدحه بقصيدته التي أولها:
صدرنا وقد نادى السماح بنا ردوا | فعدنا إلى مغناك والعود أحمد |
قلت وأيري في حشاه | وقد أنشدني من شعره البارد |
يا ريح مفساه ويا شعره | كلاكما من مخرج واحد |
يا سائلي عن أبي الفتوح وعن | عيشته في البلاد من أين |
يعيش من شعره وفقحته | فاعجب لمن عاش من كنيفين |
أطل هلال الفاسقين فلا أهلا | فلا مرحبا بالقادمين ولا سهلا |
لا تثن جيدك إن الروض قد جيدا | ما عطل القطر من نواره جيدا |
إذا تبسم ثغر المزن عن يقق | فانظره في وجنات الورد توريدا |
وإن تنثر ذر منه فاجتله | بمبسم الأقحوان الغض منضودا |
واستنطق العود أو فاسمع غرائبه | من ساجع لحنه يسترقص العودا |
يشدو وينظر أعطافا منمقة | كأنه آخذ عنها الأغاريدا |
ماذا على العيس لو عادت بربتها | مقدار ما تتقاضاها المواعيدا |
رد الركاب لأمر عن ثانية | وسمه في بديع الحب، ترديدا |
وقف أبثك ما لان الحديد له | فإن صدقت فقل هل صرت داودا؟ |
حلت عرى النوم عن أجفان ساهرة | رد الهوى هدبها بالنجم معقودا |
تفجرت وعصا الجوزاء تضربها | فذكرتني موسى والجلاميدا |
يا ثعلب الفجر لا سرحان أوله | خذ الثريا فقد صادفت نقودا |
سفحت عيون الغيم أدمع قطره | فالروض يضحك عن مباسم زهره |
وسرى النسيم بقهوة حيى بها | دوحا لوت عطفيه راحة سكره |
وسرى بمؤتنق الحدائق قانصا | فأثار طامس عرفها عن ذكره |
وانشق جيب الأفق عن متألق | ينجاب تقطيب الظلام بتبره |
وكأنه ظن النجوم كواعبا | فرمى لها بملاءة من فجره |
وكأن ذا الرعثات ينشد إثرها | شجوا أثار البين سالف ذكره |
ودعا بحي على الصبوح مؤمر | حتم على الظرفاء طاعة أمره |
تزهي فضول التاج مفرق رأسه | ويهز رقم الوجه مرهف خصره |
غنى فهز قوام قسيس الدجا | طربا فشق صدارها عن صدره |
وارتاع من ماء الصباح فشمرت | أذيال حلته لفائض نحره |
فاقذف شياطين الهموم بأنجم | تثني الخليع إلى السرور بأسره |
بزجاجة حياك منها قيصر | وكأنما هو في جوانب قصره |
ما ألبسته الراح ثوبا مذهبا | إلا وقلده الحباب بدره |
يسقيكها رشأ كأن مذاقها | من ريقه وحبابها من ثغره |
أرسلت لحظي رائدا فأضله | ليل يمد بعذره وبغدره |
أعشى الدليل دجا الدلال فسائلوا | فلك الأزرة عن طالع بدره |
عرضت لمفترض الصباح الأبلج | حوراء في طرف الظلام الأدعج |
فتمزقت شية الدجا عن غرتي | شمسين في أفق وكله هودج |
ووراء أستار الحمول لواحظ | غازلن معتدل الوشيح الأعوج |
من كل مبتسم السنان إذا جرى | دمع النجيع من الكمي الأهوج |
ولقد صحبت الليل قلص برده | لعباب بحر صباحه المتموج |
وكأن منتثر النجوم لآلئ | نظمت على صرح من الفيروزج |
وسهرت أرقب من سهيل خافقا | متفردا فكأنه قلب الشجي |
واستعبرت مقل السحاب فأضحكت | منها ثغور مفوف ومدبح |
سددوها من القدود رماحا | وانتضوها من الجفون صفاحا |
يا لها حالة من السلم حالت | فاستحالت ولا كفاح كفاحا |
صح إذ أذرت العيون دماء | أنهم أثخنوا القلوب جراحا |
يا فؤادي وقد أخذت أسيرا | أتقطرت أم وضعت السلاحا |
قل لأعشارك التي اقتسموها | ضربوا فيك بالعيون قداحا |
عجبا للجفون وهي مراض | كيف تستأسر القلوب الصحاحا |
أه من موقف يود به المغـ | ـرم لو مات قبله فاستراحا |
حيث يخشى أن ينظم اللثم عقدا | فيه أو يعقد العناق وشاحا |
عقدوا الشعور معاقد التيجان | وتقلدوا بصوارم الأجفان |
ومشوا وقد هز الشباب قدودهم | هز الكماة عوالي المران |
جروا الذوائب والذوابل وانثنوا | فثنوا عناني محصن وحصان |
وتوشحوا وردا فقلت أراقم | خلعت ملابسها على غزلان |
ولربما عطفوا الكعوب فواصلوا | ما بين ليث الغاب والثعبان |
في حيث أذكى السمهري شراره | رفع الغبار لها مثار دخان |
وعلا خطيب السيف منبر راحة | يتلو عليه مقاتل الفرسان |
يا مرسل الرمح الصقيل سنانه | أمسك فليس اليوم يوم طعان |
هاتيك شمس الراح يسطع ضوءها | من خلف سحب مارق وقناني |
وهلال شوال يقول مصدقا | بيدي غصبت النون من رمضان |
لا تسقنيها من محاجر نرجس | حسبي التي بأنامل السوسان |
فأرادها ممزوجة قد خالطت | بالياسمين شقائق النعمان |
والورق في الأوراق قد هتفت على | عذب الغصون بأعذب الألحان |
فكأن أوراق الغصون ستائر | وكأن أصوات الطيور أغاني |
كم نابل في طرفك البابلي | وذابل في عطفك الذابل |
وكم حوى ردفك من موجة | تضرب من حصرك في ساحل |
يا كوكبا ناظره طالعا | كناظر في كوكب آفل |
يوقعني منك على مانع | مخايل عندك من باذل |
طلاقة أنشأ لي برقها | سحائبا من دمعي الهاطل |
وسقم أجفان توهمتها | ترثي لسقم الجسد الناحل |
ومعطف معتدل مائل | ما لي وللمعتدل المائل |
حبك لا حبك هذا الذي | أوقع في أنشوطة الحابل |
وليتني أشكو إلى غادر | وليتني أشكى من العاذل |
وليلة أسلمت أصداءها | من أكؤس الراح إلى صاقل |
فالتهبت فحمتها جمرة | من خمرة قاتلة القاتل |
وانتسقت نحوي مسراتها | نسق الأنابيب إلى العامل |
ما ست فقيل: هي القضيب الأملد | ورنت فقيل: هي الغزال الأغيد |
ورأت بديع جمالها فتبسمت | عن جوهر بمثاله تتقلد |
بيضاء روض الحسن منها أخضر | ومدامعي حمر وعيشي أسود |
فعلت سيوف السحر من أجفانها | ما يفعل الصمصام وهو مجرد |
يا هذه إن كنت دونك ثانيا | طرفي ففي قلبي المقيم المقعد |
دافعت في صدر الظنون ولم يكن | بسوى الثريا يستراب الفرقد |
هل عند ليل الشعر أني نائم | ولصبوتي طرف عليك مسهد |
يا ضيف طيف ما هداه لمضجعي | إلا لهيب في الحشا يتوقد |
والله لولا أنني بك طامع | ما كنت من كلفي بحبك أرقد |
هذي النجوم وأنت من إخوانها | بجميع ما نصيته لك تشهد |
كم فيك عن بلقيس من نبإ فهل | قلبي سليمان وطرفي هدهد |
لا تنف همي بالعقار فإنها | أبدا يثار بشربها ما يخمد |
لي روضة من خاطري ومدامة | ورق القوافي بينهن تغرد |
السحب ما عطفت إليك مدام | والورق ما هتفت عليك ندام |
تقف النواسم فيك وهي لواثم | وتسير زهر الروض وهو لثام |
تيمت حتى قيل صبت صبا | وفتنت حتى قيل هام رهام |
ماذا بعثت إلى النفوس وإنما | نمت إليك ببعضه الأجسام |
مليت مكتهل البنات فللحيا | سبل يلاعب معطفيه غلام |
رحماك وهو أسنة وأعنة | خيم مطنبة عليه خيام |
ما حيلة المشتاق في آرامه | وهي التي عزت فليس ترام |
قسم السقام لجسمه وجفونها | وتخالفت بوفاقها الأقسام |
فسقام أجفان الكواعب صحة | هي في جفون العاشقين سقام |
يا ربة الخدر التي هي تحته | بدر شريق النور وهو غمام |
يهتز من عطفيك غصن أراكة | فينوح من وجدي عليه حمام |
وتسير عيسك كالقسي عواطفا | فتصير في الأحشاء وهي سهام |
ويطول منك الظلم حتى أنه | لولا جبينك قلت والإظلام |
ما زال يخدع قلبه حتى هفا | برق يهز الجو منه مرهفا |
أعشى عيون الشهب حتى لم يدع | طرفا لها إلا قضى أن يطرفا |
وألاح فيها يستطير كشارب | نشوان رش على الحديقة قرقفا |
وكأنما وافى الظلام بعزله | فتلا عليه من الصباح ملطفا |
حتى إذا سطع الضياء وأشبهت | في لجة حببا طفا ثم انطفا |
خجلت خدود الزهر عنه بروضة | غيداء قلدها نداه وشنفا |
أجرى النسيم بجانبي ميدانها | طرفا وجر على رباها مطرفا |
وأغر كف الوصل غرب جماحه | من بعدما هجر المتيم ما كفى |
كلفت بدر التم مثل جماله | وظلمته فلذا تبدا أكلفا |
أنا والمدام بكفه وجفونه | ما شئت سم من الثلاثة مدنفا |
أضحى يحن ويرجحن وإن من | أحلى الحلى متعطفا متعطفا |
هل كنت أسلو والخيانة شأنه | أيكون ذلك حين فاء إلى الوفا |
كم مقلة للشقيق والغض رمداء | إنسانها سابح في دمع أنداء |
وكم ثغور أقاح في مراشفها | رضاب طائفة بالري وطفاء |
فما اعتذارك عن عذراء جامحة | لاحت كما لامستها راحة الماء |
نضت عليها حسام المجد فامتنعت | بلامة للحباب الجم حصداء |
أما ترى الصبح يخفى في دجنته | كأنما هو سقط بين أحشاء |
والطير في عذبات الدوح ساجعة | تطابق اللحن بين العود والناي |
وقد تضمخ ذيل الريح حين سرت | بعاطر من شذى غيداء غناء |
فحي في الكأس كسرى تحي رمته | بروح راح سرت في جسم سراء |
وعذ بمعجز آيات المدامة من | نوافث السحر في أجفان حوراء |
فما الفصاحة إلا ماتكرره | مبازل الدن من ترجيع فأفاء |
يديرها فاتن الألحاظ فاترها | صاح معربد أعضاء وأعضاء |
ومحسن حسن ألقت إلى يده | أعنة الحب طوعا كل سوداء |
ناهيك من شادن شاد تغار على | أذن المصيخ إليه مقلة الرائي |
فاعكف على خلس اللذات مغتنما | فالدر في حربه تلوين حرباء |
شق الصباح غلالة الظلماء | وانحل عقد كوكب الجوزاء |
وتكللت تيجان أزهار الربى | بغرائب من لؤلؤ الأنداء |
وجرى النسيم فجر فضل ردائه | متحرشا بمساقط الأنواء |
وعلا الحمام على منابر أيكة | يبدي فصاحة ألسن الخطباء |
ودعا وقد رق الهواء منمق السـ | ـربال طابت زهرة الصهباء |
لو لم يكن ملك الطيور لما انثنى | بالتاج يمشي مشية الخلفاء |
فاشرب معتقة الطلا صرفا على | رقص الغصون ورنة المكاء |
من كف وطفاء الجفون كأنما | يسعى بنار أضرمت في ماء |
في سحر مقلتها وخمرة ريقها | دائي الذي حملته ودوائي |
يا قاتل الله العيون فإنها | شرك العقول وآفة الأعضاء |
يا هذه مهلا فلولا أنني | لا أنثني عن ذمة ووفاء |
لبلغت ما أرجو بحد مهند | ذرب وعامل صعدة سمراء |
وطرقت دارك باللوى في معشر | أخذوا شجاعتهم عن الآباء |
وأبحت يا أسماء معسول اللمى | لهم وورد الوجنة الحمراء |
لكن ركنت إلى السلو ولم أقل | أعزز علي بفرقة الخلطاء |
أنسيم برق أم شيم عرار | أورى بجانحتيه زند أوار |
أم هز معطفه الغرام فمزقت | أيدي الصبابة عنه ثوب وقار |
أم باكرته يد الهوى بمدامة | صرف فبات لها صريع خمار |
بل هز عطفيه لنوح حمامة | هتفت ودمع غمامة مدرار |
وعليل نفحة روضة مطلولة | باحت بما ضمت من الأسرار |
ما استنشقت منها المعاطف بلة | إلا انثنت في القلب جذوة نار |
حيث الغصون تميس في كثبانها | طربا لسجع ملاحن الأطيار |
عبثت بها أيدي الصبا فتمايلت | فكأنما شربت بكأس عقار |
وتكللت تيجان أزهار الربى | بفرائد من لؤلؤ الأمطار |
فالجو في مسكية الغيم أنبري | والأرض في موشية الأزهار |
والغانيات تميس في أرجائها | مختالة ميس القنا الخطار |
من كل سافكة بسيف فتورها | عمدا وما لقتيلها من ثار |
كالبدر في بعد المنال وفي السنا | والريم في كحل وفرط نفار |
ومهفهف عبث الصبا بقوامه | عبث الصبا بمعاطف الأشجار |
وسنان ما جالت قداح جماله | إلا ثنى قلبي من الأعشار |
عاطيته راحا إلى الشمس انتمت | بزجاجة تنمي لضوء نهار |
والليل من جوزائه وهلال | يختال بين قلادة وسوار |
هذا اللوى لا حط منه لواء | يرتادني عنه هوى وهواء |
فاحلل عقود الدمع في عقداته | إن جرعتك غرامك الجرعاء |
والعب بعطفك كالقضيب فإنما | أهدت بوارحها لك البرحاء |
لم يبق من آثار أنجم غيده | إلا الدموع فإنها أنواء |
جعلوا الحماة حماءهم وترحلوا | فبحيثما حلوا ظبى وظباء |
وتكنسوا قصب الوشيج وتفعل | السمراء ما لا تفعل السمراء |
هذي المنازل كالمنازل فاسألوا | عن بدرها فلقد دجت ظلماء |
ذم الفراق وما علقت بذمة | من سلوة فمتى يذم لقاء |
لله ذاك العيش إذ لا بيننا | بين ولا عاداتنا عدواء |
فالجو صاف والموارد عذبة | والروض نضر والنسيم رخاء |
ولقد نزعت عن الغرام فشاقني | أرج نماه مندل وكباء |
هبت صبا نجد وهب لي الصبى | فتلاقت الأهواء والأهواء |
ماذا على العذال إن خلع الهوى | عذري وعذري غادة عذراء |
بل كيف يحس بي الهوى ومحله | دون الحضيض ودوني الجوزاء |
يا حبذا ري الكئيب من الظما | لا حبذا أروى ولا ظمياء |
هو منكب العزم الذي لو أنه | ريح لقالوا إنها نكباء |
ولدي فكر إن تبلج نوره | شهد الذكاء بأن ذاك ذكاء |
ألقى القريض له مقالد أمره | فاختار وهو المانع الأباء |
كم بيت شعر قد علا ببنائه | بيت دعائم سمكه العلياء |
تحيى به الأموات بعد فنائها | ولربما ماتت به الأحياء |
ألفاظه كالشهب إلا أنها | في كل خطب فيلق شهباء |
وإلى سراة بني عدي أنتمي | في حيث تثنى الغرة القعساء |
قوم هم غرر الزمان وأهله | والعالمون جبلة دهماء |
يتوردون الخطب وهو مهالك | ويبادرون الحرب وهي فناء |
ويخاطبون بألسن البيض التي | من دونها تتلجلج الخطباء |
من كل أروع ضارب بحسامه | رأس الكمي إذا التظت هيجاء |
متناسب الأجزاء أجمع صدره | قلب وأجمع قلبه سوداء |
إن تظلم الأقدار فهو مهند | أو تظلم الأخطار فهو ضياء |
تأبى مناط نجاده فكأنه | من تحت منعقد اللواء لواء |
ويهزه هزج الصهيل كأنما | حكمت عليه القهوة الصهباء |
أبناء لخم الأكرمين عصابة | لا ينثنون وفي الثبات ثناء |
نشروا أمام خميسهم أحسابهم | في الحرب وهي الراية البيضاء |
ضربوا بمستن الركاب قبابهم | فتساوت الغرباء والقرناء |
وتحكم الضيفان في أموالهم | حتى كأنهم لهم شركاء |
يخشاهم ريب الزمان فجارهم | لم يدر في السراء ما الضراء |
نسب لو أن الزهر في إشراقه | لتشابه الإصباح والإمساء |
أصبحت بين سوالف وعيون | وقفا على أمنية ومنون |
فدعي الملامة في التصابي واعلمي | أن الملامة ربما تغريني |
ماذا عليك إذا سفحت مدامعي | وأطلت في آي الديار أنيني |
ما زلت أخفي الحب حتى هاجه | وشك الفراق وأظهرته جفوني |
يا عاذلي رفقا على قلبي فما | أرضيك في فعلي ولا ترضيني |
صادته أيدي الحب إذ نصبت له | شركا بألحاظ الظباء العين |
خفض علي فما أراك تصدني | باللوم عن شغفي ولا تثنيني |
كيف السبيل إلى السلو وقد خلت | من آل حمدة جانبا يبرين |
وعلى الحمول غريرة أجفانها الـ | ـ مرضى الصحاح بقتلتي تفتيني |
هيفاء تحت نقابها وثيابها | ما شئت من ورد ومن نسرين |
سفرت فأبدت بدر تم طالعا | لك في ليال للغدائر جون |
وبكت فأبقت في عقيق خدودها | آثار لؤلؤ دمعها المكنون |
سرت وجبين الجو بالطل يرشح | وثوب الغوادي بالبروق موشح |
فقابلت من أسماطها الزهر تجتلى | وقبلت من أمراطها الزهر ينفح |
بحيث الربى تخضل والدوح ينثني | ودمع الحيا ينهل والطير تصدح |
وفي طي أبراد النسيم خميلة | بأعطافها نور المنى يتفتح |
تضاحك في مسرى العواطف عارضا | مدامعه في وجنة الروض تسفح |
وتوري به كف الضيا زند بارق | شرارته في فحمة الليل تقدح |
تفرس منه البدر في متن أشقر | يلاعب عطفيه النسيم فيرمح |
على حين أوراق الصبا الغض نضرة | وورق التصابي بالصبابة تفصح |
سافر إذا حاولت قدرا | سار الهلال فصار بدرا |
والماء يكسب ما جرى | طيبا ويخبث ما استقرا |
وبنقلة الدرر النفيـ | ـ سة بدلت بالبحر نحرا |
وصلا إذا امتدت يدا | ك فإن هما حلتا فهجرا |
فالبدر أنفق نوره | لما بدا ثم استسرا |
زد رفعة إن قيل أتـ | ـرب وانخفض إن قيل أثرى |
فالغضن يدنو ما اكتسى | ثمرا ويسمو ما تعرى |
حركات عيسك إن أرد | ت مهاد عيشك أن تقرا |
فالمهد أسكن للصغيـ | ـ ر بحيث جاء به ومرا |
بعينيه سكري لا بكأس عقاره | رشا صاد آساد الشرى بنفاره |
فيا حبذا خمر الفتور يديرها | على ورد خديه وآس عذاره |
سقاني فلما أن تملكني الهوى | ثنى معطفيه عن صريع خماره |
فللبدر ما يبديه فوق لثامه | وللغصن ما يخفيه تحت إزاره |
تضيء بروق البيض دون اجتلائه | وتهوي نجوم السمر دون اهتصاره |
وقد غنيت أعطافه عن رماحه | كما غنيت أشفاره عن شفاره |
لئن كان قلبي مقفرا من جماله | فإن فؤادي عامر بادكاره |
ووالله لولا أنه جنة المنى | لما كان محفوفا لنا بالمكاره |
وفي فلك الأصداح بدر محاسن | كسته أيادي البين ثوب سراره |
كأن الثريا والهلال تقاسما | جمالهما من قرطه وسواره |
وكم جردت دون الظباء من الظبى | لقتل شج لا يرتجى أخذ ثاره |
وما أطلقت بالسحر غزلان بابل | لواحظها إلا انثنى في إساره |
إذا غرست أيدي الصبابة في الحشا | أصول الهوى فالوجد بعض ثماره |
إذا هب نجدي النسيم أحاله | سموما بما يمليه من وهج ناره |
غراما ببانات اللوى وأراكه | وشوقا إلى قلامه وعراره |
أرابه البان إن لم يقض آرابا | فارتد ناظره المرتاد مرتابا |
كأن أوطان أوطار محاسنها | تستنفد اللفظ إطراء وإطرابا |
حيث المغاني غوان ما اشتكت يدها | يوما من الخرد الأتراب أترابا |
ولا ألم بها مثلي فأدمعه | فاستعجز الغيث إرباء و أربابا |
يا حبذا البان إذ أجنى فواكهه | على ذرى البان أعنابا وعنابا |
وإذا أبيت وكأس الراح مالئة | كفي حبابا وطرفي فيه أحبابا |
سقاه كالدمع إلا ما يؤثره | فإنه منع الإجداء أجدابا |
وجر فيه كأنفاسي غلائله | شذا يقول له الإطناب أطنابا |
قفا لأعتب دهرا لان ثم عسى | عساه يعقب هذا العتب أعتابا |
واستنزلا بلطيف من عتابكما | قلبا طواه على الأحقاد أحقابا |
لله ما ضمت الأحداج من قمر | أرخى ذوائب عنهن الدجى ذابا |
أغمض اللحظ عنه حين ينظر عن | جفن هو النصل إرهافا وإرهابا |
وربما زارني زورا وشق إلى | وصلي حجابا يراعيه وحجابا |
ما كنت اسكر طرفي من مدام كرى | لو لم يحرم على الإصحاء أصحابا |
يا من إذا وفى استوفى الحشاشة لا | عدمت حاليك إعطاء وإعطابا |
هب للقلوب من العيون ملاذ | ولها على مكنونها استحواذ |
هيهات ما سلت شفار لواحظ | إلا تثنت والقلوب جذاذ |
لا ترسل سهام لحظك جاهدا | إن المنية سيرها أغذاذ |
ومن العجائب أن خدي مجدب | وعليه من سيل الدموع رذاذ |
يا راميا كبدي بنبل جفونه | خفض عليك فإنها أفلاذ |
ومليحة الأوصاف حسنها الصبا | والتيه لا ديباجها واللاذ |
في طرفها الأحوى تأنق بابل | نفاث سحر في الحشا نفاذ |
رقت جفونا فهي ماء دافق | وقست فؤادا دونه الفولاذ |
دعته المثاني وادعته المثالث | فها هو للندمان والكاس ثالث |
وقارف قبل الموت والبعث قرقفا | يعاجله منها مميت وباعث |
وكان الهوى أبقى عليه صبابة | من اللب وافاها من الكاس وارث |
فقام إلى أم الخبائث إنها | بها أبدا تصفو النفوس الخبائث |
وأحيا بروح الراح جسم زجاجة | على يده منها قديم وحادث |
وقد قال للصهباء إني حالف | فقالت له الصهباء إنك حانث |
وما العيش إلا للذي هو ماكث | على غيه أو للذي هو ناكث |
فيا راحلا أبلغ أخلاي باللوى | وإن رجعوا أني على العهد لابث |
لمن كلل مدت حوام حوامل | فمادت بها عيس رواغ رواغث |
هناك ولا نعمان قضب موائس | وثم ولا يبرين كثب عثائث |
دمي للدمى إن لم أرعها برحلة | نديمي بها الدأماء أو فالدمائث |
ربيعة فتك لم تلدني مكدم | عتيبة حرب لم يلدني حارث |
لي النافثات السحر في عقد النهى | فما هي إلا العاقدات النوافث |
ألحق بنفسج فجري وردتي شفق | كافورة الصبح فتت مسكة الغسق |
وقد عطل الأفق من أسماط أنجمه | فاعقد بخمرك فينا حلية الأفق |
قم هات جامك شمسا عند مصطبح | وخل كاسك نجما عند مغتبق |
وأقسم لكل زمان ما يليق به | فإن للزند حليا ليس للعنق |
هب النسيم وهب الريم فاشتركا | في نكهة من نسيم الروضة العبق |
واسترقصتني كاسترقاص حاملها | مخضرة الورق في مخضرة الورق |
وبت بالكاس أغنى الناس كلهم | فالخمر من عسجد والماء من ورق |
كم وردت وجنات الصرف في قدح | فتحت بالمزج ما تعلوه من حدق |
يسعى بها رشأ عيناه مذ رمقت | لم يبق في ولا فيها سوى الرمق |
حبابها وأحاديثي ومبسمه | ثلاثة كلها من لؤلؤ نسق |
حتى إذا أخذت منا بسورتها | مآخذ النوم من أجفان ذي أرق |
ركبت فيه بحارا من عجائبها | أني سلمت وما أدري من الغرق |
ولم أزل في ارتشافي منه ريق فم | أطفأت في برده مشبوبة الحرق |
يا ساكن القلب عما قد رميت به | من ساكن القلب مع ما فيه من قلق |
لا تعجبن لكل الجسم كيف مضى | وإنما أعجب لبعض الجسم كيف بقي |
لم أسترق بمنامي وصل طيفهم | فما له صار مقطوعا على السرق |
ولا اجتلى الطرف برقا من مباسمهم | فما له مثل صوب العارض الغدق |
في الهند قد قيل أسياف الحديد ولو | لا هند ما قيل أسياف من الحدق |
نسيت ما تحت تفتير الجفون أما | خلوقة الجفن إثر الصارم الدلق |
وبت بالجزع في أثارهم جزعا | إن جرد البرق إيماضا على البرق |
في نار وجدي معنى من تلهبه | وفي فؤادي ما فيه من الولق |
لا أشرب الراح إلا | ما بين شاد وشادن |
وإن فنيت فعندي | إلى معاد معادن |
قم يا نديمي فأنصت | والليل داج لداجن |
غنى وناح فنزعـ | ـت ثوب خاش مخاشن |
طاوع على العزف والقصـ | ـف كل حاس وحاسن |
وانهض بطيشك عن سحـ | ـ-ت ذي وقار وقارن |
أثور من ذي ومن ذا | في كل غاب وغابن |
وإن رمتني الليالي | يوما بداه أداهن |
يا هذه لا تنطقي | بسك لاتنقنقي |
أما علمت أنني | أصبحت شيخ الحمق |
أصبحت صبا هائما | بثوبي المزوق |
فطبلي من بعد ذا | إن شئت أو فبوقي |
وأرعدي من غضب | علي أو فأبرقي |
ودففي وبعد ذا | فإن أردت فصفقي |
أنا الذي فقت الورى | من قبل لبس البخنق |
أنا الذي طفت بلا | د الغرب ثم المشرق |
أنا الذي يا إخوتي | أحب أكل الفستق |
والتين والجوز مع الـ | ـ فانيذ ثم البندق |
يا هذه تعطفي | توقفي ترفقي |
أما أما أما أما | آن لنا أن نلتقي |
في جوسق مرتفع | ناهيكه من جوسق |
ها فانظري وجه هلا | ل الفطر فوق الأفق |
كزورق من ذهب | أكرم به من زورق |
والماء في النهر غدا | مثل الحسام الأزرق |
كذاك لون الأقحوا | ن مثل لون الزيبق |
والورد كالخد كما الـ | ـنرجس مثل الحدق |
ويلاه من مهفهف | ممنطق مقرطق |
ذي وجنة أسيلة | محمرة كالشفق |
وشعرة مسودة | مثل اسوداد الغسق |
وقامة تميس كالـ | ـ غصن الرطيب المورق |
يا حسنه يختال في | ذاك القباء الأزرق |
يا هذه لما بدا | على الحصان الأبلق |
فشمر الكم إلى | دوين رأس المرفق |
ورام أن يقفز با | لأبلق عرض الخندق |
علقته وصرت من | فرط الهوى في قلق |
إيه ومن وجدي به | أمسكه في الطرق |
ولا أخاف عاذلا | يعذلني في حرقي |
ولست بالصب الذي | قول الوشاة يتقي |
يا عاذلي دع عذلي | فليتني لم أخلق |
فالناس لا شك إذا | منهم سعيد وشقي |
أما السعيد فالإما | م الحافظ البر التقي |
وكل من يحسده | فهو مدى الدهر الشقي |
وبدا الهلال وخلفه الـ | ـ دبران يسرى حيث يسري |
فافهم إشارة نون نؤ | ي بالنضار وخاء خدر |
لله در مجن قد حبيت به | صيغت كوابجه فيه على قدر |
لم يخط تشبيهه من قال حين بدا | إن الثريا بدت في صفحة القمر |
أنا ممتطي بدر وليث صورا | شخصا زهى الدنيا به والدين |
فأجل لحاظك في تنظر آلة | جمعت محاسن هالة وعرين |
يا رب ليل أشتهي لباسه | قد عطر الوصل لنا أنفاسه |
لم يلبث النجم به أن حاسه | دع امرأ القيس ودع أمراسه |
فتر الهلال سرعة قد قاسه | كالبرق حين يسرع اختلاسه |
منكسا نحو الثريا رأسه | هل تعرف العرجون والكباسه |
أنظر إلى الشمس فوق النيل غاربة | واعجب لما بعدها من حمرة الشفق |
غابت وأبقت شعاعا منه يخلفها | كأنها اخترقت بالماء في الغرق |
وللهلال فهل وافى لينقذها | في إثرها زورقا قد صيغ من ورق |
يا حسن وجه البحر حين بدا | والسحب تهطل فوقه هطلا |
فكأنه درع وقد ملأت | أيدي الرماة عيونه نبلا |
مر بيمناه على طاره | يلمسه أحسن ما لمس |
وواصل النقر على إصبع | تغنيه لو شاء عن الخمس |
فحدثوا عن قمر مشرق | يلعب بالبرق على الشمس |
وأدهم كالغراب سواد لون | يطير مع الرياح جناح |
كساه الليل شملته وولى | فقبل بين عينيه الصباح |
جحدت الهوى عن العواذل ضنة | عليهم بمن أصبو إليه وأهوا |
ولو قلت إني عاشق فطنوا به | لعلمهم أن ليس يعشق إلا هو |
خيلانه في خده | خيل بميدان القتال |
فكأنها وكأنه | ساعات هجر في وصال |
وبغيضة تدنو وما دعيت | فتبيت بين الخلب والكبد |
يصبو الفؤاد لبعدها فإذا | ولت بكاها سائر الجسد |
ولو لم أشاهد منه جود يمينه | وحدثت عن إفراطها خلته كذبا |
خصالا رأيناها نجوما منيرة | علاه لها فلا عدمت غربا |
وأشعث مثل أهل النار ثاو | بأخضر كل وسط منه جنه |
على يمناه أحداق صغار | ترامي الماء عنها قد أجنه |
فيرسلها إليه وهي درع | وتأتيه وقد ملئت أسنه |
جاءنا يحمل ذقنا | حسبك الله وحسبي |
شعرها لو كان شعرا | كان مثل المتنبي |
وهي فوق الصدر قد سد | ته شرق لغرب |
لحية ردته في النا | س ولا ضرطة وهب |
رب سوداء وهي بيضاء معنى | نافس المسك عندها الكافور |
مثل حب العيون يحسبه النا | س سوادا وإنما هو نور |
نهيت عن نصحي=من رام أن يصحي | فما انتهى |
وكيف للائم=أن يغتدي الهائم | كما اشتهى |
وأباني جؤذر=من لحظه مخدر | ليث العرين |
مثل الضحى منظر=يروق إذ ينظر | من الجبين |
قلت وقد أسكر=لا قول من أنكر | قم يا خدين |
وهات في الجنح=شقيقة الصبح | فقال ها |
ويلاه من ناعم=كالرشإ الباغم | قد قال ها |
علقته غصنا=كالبدر با أسنى | بل كالصباح |
قد ساعد الظنا=وأسعد الضنا | على السماح |
قلت وقد أجنى=.... جنا | ذاك الأقداح |
بيناه في شح=قد عاد في سح | فها وها |
يا واصلا صارم=بجفنك الصارم | صبري وهى |
بالله يا إلفي=إنهض إلى الفي | وسقني |
من قهوة صرف=عن مقبل الصرف | لا تنثني |
وهاتها تشفي=من كاد أن يشفي | وغنني |
في ابن أبي الفتح=قد انتهى مدحي | فلا انتهى |
يا أيها الكاتم=ما القمر العاتم | مثل السهى |
دار فرانز شتاينر، فيسبادن، ألمانيا / دار إحياء التراث - بيروت-ط 1( 2000) , ج: 27- ص: 0
ابن قلاقس الشاعر المجيد البليغ، أبو الفتوح، نصر الله بن عبد الله بن مخلوف اللخمي الإسكندري، ويلقب بالقاضي الأعز.
و’’ديوانه’’ مشهور.
وله في السلفي مدائح. ونظمه بديع.
ودخل اليمن، ومدح الكبار. مات شابا في شوال سنة سبع وستين وخمس مائة.
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 15- ص: 242