موسى بن علي الشيخ الإمام الكاتب المجود المتقن شيخ دمشق نجم الدين المعروف بابن البصيص - بياء موحدة وصادين مهملتين وبينهما ياء آخر الحروف.
شيخ الكتاب في زمانه، ونادرة عصره وأوانه، تفرد في الدنيا بكتابة المزدوج وأتقنه وكل من تقدمه فيه سمج، وآخترع قلما آخر سماه المعجز، وأتى فيه بمحاسن إذا أطنب فيه الواصف ظن أنه موجد، وكان خطه كأنه حدائق ذات بهجة، وسطوره من حسنها تفدى بكل مهجة، لو عاينه الولي التبريزي لم يكن له تبريز، أو ابن العديم لاعترف له بالتعجيز:
كأن المعاني في محاريب طرسه | قناديل ليل، والسطور سلاسل |
كواكب عجم في أهلة أحرف | بدور المعالي بينهن كوامل |
يشهد لابن البصيص خط | يسلب ممن يراه عقله |
بأنه النجم في علاه | وما رأى مثله ابن مقله |
ألا كل شيء ما خلا الله نافد | وكل وجود قد بدا فهو بائد |
تفكر في هذا الوجود ووضعه | وفي حركات الفلك وهي سوامد |
وفي حركات النيرات بأفقها | وفي كل جرم لا يرى متباعد |
وما ذاتها في رقة وكثافة | وهل هي شيء دائم متوالد |
ترى كل ما في الكون لابد زائل | له محدث باق وذلك نافد |
وإيجادنا فيه وذلك آية | تدل على فرد تفرد واحد |
وكم آية غابت فليس ترى لنا | تدل على وتر التفرد ماجد |
شهيد على الأشياء ليس بغائب | على كل شيء من نواحيه شاهد |
تحققت حقا أنه لي محرك | على أنه سبحانه لي واجد |
فعشت سعيدا ثم أنقل مكرما | الى واحد إنعامه متزايد |
وإني مهما عشت شاكر أنعم | علي توالت من نوالك حامد |
فحسبي تشريفا أراه محققا | بأنك ربي ليس فيه معاند |
دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 5- ص: 481