موسى بن علي الشيخ الإمام الكاتب المجود المتقن شيخ دمشق نجم الدين المعروف بابن البصيص - بياء موحدة وصادين مهملتين وبينهما ياء آخر الحروف.
شيخ الكتاب في زمانه، ونادرة عصره وأوانه، تفرد في الدنيا بكتابة المزدوج وأتقنه وكل من تقدمه فيه سمج، وآخترع قلما آخر سماه المعجز، وأتى فيه بمحاسن إذا أطنب فيه الواصف ظن أنه موجد، وكان خطه كأنه حدائق ذات بهجة، وسطوره من حسنها تفدى بكل مهجة، لو عاينه الولي التبريزي لم يكن له تبريز، أو ابن العديم لاعترف له بالتعجيز:

كتب عليه جماعة من الأعيان وسادوا، وأبانوا بفضلهم مقادير رتبهم فأبانوا من تقدمهم وأبادوا.
ولم يزل على حاله الى أن غار في الثرى نجمه، وهيل عليه ترابه ورجمه.
وتوفي رحمه الله تعالى في ذي القعدة سنة ست عشرة وسبع مئة.
ومولده بحماة سنة إحدى وخمسين وست مئة.
وكتب الأقلام السبعة وجودها، وأقلامه الرطبة كلها لم يلحقه فيها أحد. وممن كتب عليه: الشيخ كمال الدين بن الزملكاني، والشيخ بدر الدين بن المحدث، والقاضي علاء الدين بن الآمدي، وجماعة آخرون.
وكتب هو شيئا كثيرا الى الغاية من الدروج والقطع والطراز الذي في الطارمة، والذي على باب دار السعادة، والذي في الظاهرية الجوانية والذي على باب الأمير سيف الدين بهادر آص، كل ذلك بخط يده، وقد تغير طراز دار السعادة مرات وأعاد عليه الدهانون، وأصوله باقية ومعالم حسنها بادية. وكان يكتب على الطاسات وعلى ما ينقش، ويطعم كل سطر بدرهم ويكتب في اليوم جملة من ذلك مستكثرة.
وكان يعمل بالفأس في بستانه ويعمر باللبن وغيره، ويكتب تلك الكتابة المليحة الرطبة، ورزق الحظوة في خطه واشتهر، وكان مأمونا على أولاد الناس، عفيفا خيرا دينا.
وقلت أنا فيه:
وله شعر في الحقيقة على رأي التصوف، وكان قليل البضاعة من العربية. ومن شعره ما نقلته من خطه على ما تراه من اللحن الفاحش وفساد المعنى:

  • دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان / دار الفكر، دمشق - سوريا-ط 1( 1998) , ج: 5- ص: 481