مهيار الديلمي مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي: شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملى: جمع مهيار بين فصاحه العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر زمانه. فارسي الاصل، من أهل بغداد كان منزله فيها بدرب رباح، من الكرخ. وبها وفاته. ينعته مترجموه بالكاتب، ولعله كان من كتاب الديوان. ويرى هوار (Huart) انه (ولد في الديلم، في جنوب جيلان، على بحر قزوين) وانه (استخدم في بغداد للترجمة عن الفارسية) وكان مجوسيا، واسلم (سنة 394هـ) على يد الشريف الرضي (فيما يقال) وهو شيخه، وعليه تخرج في الشعر والادب. ويقول القمي: (كان من غلمانه) وتشيع، وغلا في تشيعه، وسب بعض الصحابة في شعره، حتى قال له ابو القاسم ابن برهان: يا مهيار انقلت من زاوية في النار إلى اخرى فيها، كنت مجوسيا، واسلمت فصرت تسب الصحابة! له (ديوان شعر-ط) اربعة اجزاء، كان يقرأ عليه ايام الجمعات في جامع المنصور ببغداد. وللسيد علي الفلال كتاب (مهيار الديلمي وشعره -ط).
دار العلم للملايين - بيروت-ط 15( 2002) , ج: 7- ص: 317
مهيار الديملي مهيار فارسي الأصل ولكنه لم يعش في بلاد فارس، بل اتخذ بغداد مقاما، وبغداد يومئذ خاضعة للنفوذ البويهي الذي امتد من سنة 334ه إلى سنة 447ه أي إلى أن استأثر السلجوقيون بالسلطة. ولقد سلخ مهيار عهد شبابه في نهاية القرن الرابع الهجري، وأمضى عهد كهولته في مطلع القرن الخامس (ولد الشاعر على الأرجح عام 367ه وتوفي عام 428). وقد عايش ثلاثة من الخلفاء هم: الطائع لله أبو بكر عبد الكريم بن المطيع، وقد تولى الخلافة من 363 إلى 381. والقادر بالله أبو العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر وقد بويع له بالخلافة بعد خلع الطائع سنة 381 وامتدت خلافته إلى السنة 422، وقد توفي فيها. وخلف القادر القائم بأمر الله أبو جعفر عبد الله بن القادر، وامتدت خلافته من سنة 422 إلى سنة 467 وفي عهده توفي مهيار عام 428. هؤلاء الخلفاء الثلاثة هم الذين عاصرهم مهيار، ولكن السلطة الفعلية لم تكن في أيديهم كما يتضح من أكثر كتب التاريخ (كالكامل لابن الأثير، وتاريخ الخلفاء للسيوطي) وإنما كانت في يد البويهيين، وكانوا قد تولوا إمرة الأمراء، ثم أصبحوا يتلقبون فيما بعد بالملوك والسلاطين. وقد عاصر مهيار ستة سلاطين منهم هم: عضد الدولة وقد ولي السلطة في السنة التي ولد فيها مهيار أي عام 367ه وظل قائما في الحكم إلى أن توفي عام 372 فخلفه ابنه شرف الدولة الذي حكم إلى السنة 379. وبعد وفاة شرف الدولة تولى الأحكام أخوه بهاء الدولة الذي ظل في الحكم من السنة 379ه إلى السنة 403ه. وبعد وفاة بهاء الدولة تولى الأحكام أبناؤه سلطان الدولة (403 – 411) ومشرف الدولة (411 – 416) ثم جلال الدولة (418 – 435) وهو الملك البويهي الوحيد الذي حظي بمدائح مهيار، وفي عهده توفي مهيار سنة 428ه.
في هذا العصر الذي ضعفت فيه سلطة الخلفاء حتى إنهم أصبحوا تحت رحمة الملك البويهي، عاش مهيار. وكل ما كتبه المؤرخون أنه: أبو الحسن مهيار بن مرزويه الكاتب الفارسي الديلمي المشهور، كان مجوسيا فأسلم. على يد الشريف الرضي أبي الحسن محمد الموسوي، وهو شيخه وعليه تخرج في نظم الشعر، وقد وازن مهيار كثيرا من قصائده، وكان شاعرا جزل القول، مقدما على أهل وقته وله ديوان شعر كبير وهو رقيق الحاشية، طويل النفس في قصائده. ويضيف ابن خلكان أن ’’مهيار ومرزويه اسمان فارسيان لا أعرف معناهما، والله تعالى أعلم’’. وينقل ابن خلكان أقوال بعض المؤرخين في مهيار فيقول: وقد ذكره أبو الحسن الباخرزي في كتابه المسمى ’’دمية القصر’’ فقال في حقه: هو شاعر، له في مناسك الفضل مشاعر، وكاتب تحت كل كلمة من كلماته كاعب، وما في قصائده بيت، يتحكم عليه بلو وليت، وهي مصبوبة في قوالب القلوب، وبمثلها يعتذر الدهر ’’المذنب عن الذنوب’’. وذكره أبو الحسن علي بن بسام في كتابه المسمى ’’الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة’’ وبالغ في الثناء عليه وذكر شيئا من شعره. وتوفي مهيار ليلة الأحد لخمس خلون من جمادى الأخيرة سنة ثماني وعشرين وأربعمائة هجرية. وفي تلك السنة توفي الرئيس أبو علي بن سينا الحكيم المشهور.
وجاء في ’’المنتظم في تواريخ الملوك والأمم’’ للإمام أبي الفرج الجوزي ما نصه: ’’مهيار بن مرزويه أبو الحسن الكاتب الفارسي كان مجوسيا فأسلم سنة أربع وتسعين وثلثماية وصار رافضيا غاليا وفي شعره لطف، إلا أنه يذكر الصحابة بما لا يصلح. قال له أبو القاسم بن برهان: يا مهيار انتقلت بإسلامك من النار من زاوية إلى زاوية، قال وكيف ذلك؟ قال: كنت مجوسيا فأسلمت فصرت تسب الصحابة......’’ وهكذا نتبين أن المؤرخين لم يهتموا كثيرا بشخصية مهيار، فأقوالهم لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تجلو لنا شخصية الرجل على حقيقتها، فلذلك علينا أن نلجأ إلى الاستنتاج والتقريب ما أمكن لنصل إلى جل الحقيقة لأن الوصول إليها كلها متعذر في مثل هذه الحال.
لقد أهمل المؤرخون كما رأينا ذكر السنة التي ولد فيها مهيار، واكتفوا بذكر سنة موته (428ه ابن خلكان) وسنة إسلامه (394 المنتظم) وإذا رجعنا إلى شعره رجحنا أنه ولد في العقد السابع من القرن الرابع، أي حوالي السنة 367ه كما يستفاد من قوله في مدح عميد الدولة أبي سعد بن عبد الرحيم سنة 423.
يا قلب من أين على فترة | رد عليك الوله العازب |
أبعد أن مات شباب الهوى | شاورك المحتنك الشائب |
وبعد خمسين قضت ما قضت | وفضلة أنكرها الحاسب |
هبت بأشواقك ’’نجدية’’ | مطعمة أنت لها واجب |
قالت على البيضاء أخت عامر | أسفر في فوديك ذات الغيهب |
ومن بلاياك وإن عبت به | شباب حبي وعذاري الأشهب |
غدرك والخمسون أي روضة | قشيبة بينهما لا تجدب |
طلوع هداه إلينا المغيب | ويوم تمزق عنه الخطوب |
لقيتك في صدره شاحبا | ومن حلية العربي الشحوب |
وعلامة العربي دهمة وجهه | ومن الوجوه البيض غير حسيب |
والبدر أشرف طالع في أفقه | وبياضه المرموق فوق شحوب |
أقريش، لا لفم أراك ولا يد | فتواكلي غاض الندى وخلا الندي |
بكر النعي فقال: أردي خيرها | إن كان يصدق فالشريف هو الردى |
دار التعارف للمطبوعات - بيروت-ط 1( 1983) , ج: 10- ص: 170
مهيار ابن مرزويه، الأديب الباهر، ذو البلاغتين، أبو الحسن الديلمي، الفارسي.
كان مجوسيا، فأسلم، فقيل: أسلم على يد الشريف الرضي فهو شيخه في النظم وفي التشيع، فقال له ابن برهان: انتقلت بإسلامك في النار من زاوية إلى زاوية، كنت مجوسيا، فصرت تسب الصحابة في شعرك.
ولد ديوان، ونظمه جزل حلو، يكون ديوانه مائة كراس.
توفي سنة ثمان وعشرين وأربع مائة.
ابن بكير، ابن غرسية:
دار الحديث- القاهرة-ط 0( 2006) , ج: 13- ص: 164