إبراهيم بن منصور بن مسلم أبو إسحاق العراقي الفقيه المصري شارع المهذب
إمام الجامع العتيق بمصر وخطيبه
كان في مبدأ عمره يعمل النشاب في القاهرة
قال ابن القليوبي في مناقب الفقيه أبي الطاهر سمعت والدي يقول كان سبب اشتغاله بالعلم أنه اشترى جارية وباتت عنده فلما أصبح أتى إلى حانوته على عادته فقال له بعض جيرانه كيف وجدت جاريتك البارحة فقال له آخر كيف يجتمع معها قبل أن يستبرئها
فقال وما الاستبراء
فقال أن تحيض في ملكك
فتجرد لطلب العلم ورحل إلى العراق وفتح عليه هناك وأقام مدة ثم قدم مصر ومن ثم عرف بالعراقي
قلت تفقه بالعراق على أبي بكر محمد بن الحسين الأرموي صاحب أبي إسحاق الشيرازي وعلى أبي الحسن بن الخل وبمصر علي القاضي مجلي
ولد سنة عشر وخمسمائة من تصانيفه شرح المهذب الذي أشرنا إليه وغيره
وكان معظما في القاهرة وعنه أخذ فقهاؤها منهم الفقيه أبو الطاهر خطيب مصر وغيره
وكان رجلا ورعا ذا حال حسنة
حكى تلميذه الفقيه أبو الطاهر قال اشتهت نفسي ليلة قطائف ولم يكن عندي شيء واشتدت مطالبة النفس بها فقلت لا شيء عندي فقالت البياع الذي تستجر منه مجاور صاحب القطايف يأخذ لك منه ما تحب ويعطيك العسل على جاري عادته فخرجت بهذا القصد لأقول له ذلك فبينا أنا واقف عليه والشهوة تبعث على الطلب والنفس تأبى وإذا بالشيخ أبي إسحاق العراقي ناولني كاغدة وقال لي لطائف أحلى من القطائف
فأخرجت منها ما قضيت به حاجتي
كذا أسند هذه الحكاية ابن القليوبي في مآثر أبي الطاهر
وكان أبو إسحاق العراقي من الفضل بحيث لا يتعجب من مثل هذه الواقعة منه
توفي في إحدى الجماديين سنة ست وتسعين وخمسمائة
وولى الخطابة بعده ولده ولولده ديوان خطب مشهور
قال ابن القليوبي يقال إن ولده كان في جنازة والده ينشئ الخطبة التي يخطب بها وكان مفتتحها الحمد لله الذي شتت بالموت شمل الأحبا وأورث البنين مناصب الآبا
قال وقرأ فيها {إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين}
قلت وولى الخطابة بعد ابن أبي إسحاق الفقيه أبو الطاهر المحلى الرجل الصالح وكان قبل ذلك يؤم بالمسجد المعلق بسوق الغزل بمصر الذي يقال من أم فيه خطب في هذا الجامع
قال ابن القليوبي ورأيت من الاتفاق العجيب أم فيه الشيخ أبو الطاهر فأم بالجامع وخطب وأم فيه الشيخ أبو المجد فأم بالجامع وخطب وأم فيه الكمال عبد الرزاق خليفة الحكم بمصر فأم بالجامع وخطب قال ورأيت من هذا الاستقراء عجبا
ومن الفوائد عن أبي إسحاق
حكى في شرح المهذب في مسألة اشتباه الإناء الطاهر بالنجس وجها أنه يعتبر الملك فإن كان الإناءان ملكا لرجل تحرى فيهما وإن كانا لرجلين لم يجب التحري وجاز لكل واحد أن يتوضأ بإنائه من غير تحر لأن الأصل الطهارة وقد شك في نجاسته فلا يزال تيقن الطهارة بالشك
كما لو قال رجل إن كان هذا الطائر غرابا فأنت طالق وقال آخر إن لم يكن غرابا فامرأتي طالق ثم طار ولم يعلم
وليس بشيء لأن التوضي بملك الغير كالتوضي بملكه فليس يستدعى صحة الوضوء ملكا بخلاف الوطء فإنه لا يحل إلا في ملك فافترقا هذه عبارته في شرح المهذب
وفيها بعض المدافعة فأول كلامه يدل على أن الوجه في تحري الرجلين في إنائهما وهذا غير غريب بل هو الحق فلا يجب على كل واحد أن يتحرى في إناء نفسه لنفسه وآخر يدل على أن مراده أنه في تحري الرجلين في إناءين يملك أحدهما والآخر ملك لغيره فإن كان في هذه الصورة فهو وجه غير بعيد والذي أحسبه أنه سقط من الكلام شيء لعل آفته الناسخ

  • دار هجر - القاهرة-ط 2( 1992) , ج: 7- ص: 37

إبراهيم بن منصور بن مسلم أبو إسحاق المصري ثم العراقي
شارح المهذب، تفقه بمصر على القاضي مجلى، ثم رحل إلى بغداد فتفقه على ابن الخل وغيره، ولقب بالمصرى، فلما رجع إلى مصر لقب بالعراقى، كان خطيب جامع مصر وانتفع الناس به، مات سنة ست وسبعين وخسمائة، وكان مولده سنة عشر وخمسمائة، وولى الخطابة بعده ولده أبو محمد عبد الحكم، وكان فاضلاً نبيلاً، وله خطب جيدة وشعر لطف، ذكره ابن خلكان.

  • دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان-ط 1( 1997) , ج: 1- ص: 1